الزجاج الرصاصي" عبارة قد لا تكون مألوفة على مسامع الأفراد، بخاصّة المهتمّين بالديكور والأثاث المنزلي.. هذه العبارة هي مرادف للـ"كريستال" الذي يدخل المنازل من أبواب واسعة منذ قديم الأزمان. كان الكريستال علامة فارقة في عالم الزخرفة والديكور، علماً أن أول انتاج حقيقي موثّق للمادة يرجع إلى القرن السابع عشر. آنذاك، دخل عالم الديكور عنصر جديد مضيء، نجح في حجز حضور قوي لمّا يزل ممتدًا حتى اليوم، بسبب فرط جماليته. تطوّرت استخدامات الكريستال وأساليبه، منذ مدارس الديكور الكلاسيكي، فهو لاقى نجاحاً باهراً في مطلع القرن التاسع عشر، إذ طغى حضوره على أثاث قصور الحكّام والأمراء والملوك وكلّ من ارتبط اسمه بالطبقة الأرستقراطيّة.
كان الكريستال في المدرسة الكلاسيكيّة ضخماً ومزخرفاً، وحكراً على الطبقة الغنيّة. ثمّ، هو اقتحم مجال الثريات والأواني والأطباق والتماثيل، وغيرها من الإكسسوارات، فساهم في نهضتها، وأصبح لا غنى عنه في الديكور الكلاسيكي.
لاقت المدرسة الكلاسيكيّة من المجد ما لم ينجح فيه أي مدرسة من المدارس الأخرى حتّى اليوم، الأمر الذي أعطى الكريستال حيّزاً شعبيّاً واسعاً وحيثيّة جماليّة في عالم الأثاث والديكور.
بعد تعاظم قوّة التكنولوجيا الحديثة، والانتقال تدريجيّاً، من التصنيع اليدوي إلى المكننة، بدأت قواعد المدرسة الكلاسيكية، بمفهومها التقليدي، بالتلاشي، وبرزت مدرسة أخرى تعرف بالـ"مودرن"، من دون إهمال مرحلة مهمة بين الحقبتين، عبّدت الطريق أمام مزيج بين القديم والجديد ولاقت رواجاً كبيراً. فعاد الكريستال ليتكئ مجدداً على أسقف غرف الجلوس ومداخل البيوت، لِما يحمل في بريقه من إضاءة واسعة تمتدعلى أكبر مساحة ممكنة، فيشكل حالة درامية راقية أينما يحل.
تأثّر عالم الديكور والأثاث بالعوامل المحيطة والمتغيّرات الصناعيّة والمعماريّة، التي أدّت الى اختلافات بالشكل والمضمون، فكان لا بدّ لها أن تنعكس على تصاميمنا بطريقة جوهرية، فخفتت قوة الألوان والزخرفات، وتقلّصت الأحجام والأوزان، واختفت بعض الأساسيّات، وحلت مكانها المصنوعات الأكثر بساطة والتي بمقدورها الانسجام بطريقة أفضل.
على الرغم من ظهور هذه الثورة التغييرية الجذرية في عالم الديكور، لم يخفت نجم الكريستال، فحافظ على قوة حضوره وإن "بصخبٍ" أقل. إذ عمل المصمّمون جاهدين على إبقائه حيّاً وسط "الزحام" الحديث، حسب تعبيرات داوود. ومن أجل ضمان استمراره، استخدم بطريقة متوازنة، أُدخل الـ"كروم" أو النحاس إلى ثرياته الـ"كروم" لجعلها تطلّ بصورة أكثر حداثةً. أضف إلى ذلك، خطوط رفيعة معدنيّة، مع بعض الكريستال، في غرفة الجلوس الــ"مودرن" مزجت بين الفخامة والحداثة.
أما في تصميم الطاولات في غرف الجلوس، كان الأهم الحفاظ على التوازن من حيث الحجم والوزن والتكوين، فحل الكريستال في تصميم أسطح الطاولات عبر صحن فوق كتاب، أو عبر أواني الزهور متوسّطة الحجم، أو الشمعدانات.
يمكن الجمع بين الكريستال والخشب والمعادن الأخرى في تصميم الأبواب وفواصل الجدران والكراسي وإكسسوارات طاولات الطعام والمصابيح والإطارات والرفوف ومقابض الأبواب، وفق الآتي:
• في ظلّ اعتماد الأثاث الـ"مودرن"، لا يزال بالإمكان إفساح المجال أمام الأناقة التقليديّة لناحية جعل عمود من الكريستال يتألّق في كل زاوية على هيئة شمعدان ليضفي على المكان ضوءاً خافتاً.
• يحلو تزويق القماش بأزرار من الكريستال، سواء في ظهور الكراسي أو أجسام الأرائك، ليتلألأ القماش في الضوء ويجعل الأثاث أكثر جاذبيّة.
• يتخذ الكريستال الشفّاف والملوّن هيئة أحجار صغيرة تلصق على الوسائد، فتحاكي الأخيرة اللوحات.
• المزهريات، هي واحدة من أعرق التحف التي حافظت على وجودها في كلّ زمن. تزيّن أسطح الطاولات وتشكّل محور الانتباه للناظرين.
• تصمّم مادة الكريستال فواصل الجدران العصرية، عند تقسيم أركان المساحات المفتوحة، إذ يعزز الكريستال فسحة المكان ويزيد من إضاءته.
• علب المجوهرات: هذه الفكرة رائجة حالياً، وتتمثل في لصق أحجار الكريستال الملونة على علب المجوهرات البسيطة.