الناحية التي تقوي المحبة في
رسول الله ، فهي الصلاة
عليه ، فإذا كنا نصلي
عليه ؛ فينبغي أن نزيد
جرعة الصلاة
عليه الآن ، ويكفينا قول الرسول صلى
الله عليه وسلم {مَنْ صَلَّىَ عَلَيَّ عَشْرَاً حِينَ يُصْبِحُ وَعَشْرَاً حِينَ يُمْسِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ}[1]
عشر مرات فقط؟ ، نعم ، الذي يصلي في الصباح عشر مرات ، وفي المساء عشر مرات ، قال : هذا وجبت له شفاعته يوم القيامة ، أظن أن الذي لا يستطيع أن يصلي في الصباح عشراً ، وفي المساء عشراً ، فهو عاجز جداً ، لأنها بأي صيغة ، وبأي كيفية ، وأنت متوضأ أفضل ، ولكن وأنت على غير وضوء يجوز ، لذلك فطالما أنت ماشي ، أو جالس ، في العمل ، أو في أي مكان فاشغل لسانك بالصلاة على
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
ولتعلموا علم اليقين : أن الصلاة على
رسول الله هي أيضاً ذكر لله ، لأنك تقول : " اللهم صلِّ " ، أليس هذا ذكر لله؟ وهل أحد منا يصلي عليه؟ نحن لا نعرف أن نصلي
عليه ، فنقول له : يا رب أو {اللهم} أي ياالله ، صلِّ أنت
عليه ، لأننا لا نعرف كيف نصلي
عليه {يا رب صلي على
رسول الله} ، ورسول
الله لا يحتاج إلى صلاتنا ، فلا يظن بعضنا أنه يحتاج لها ، لأن ربنا صلَّى
عليه والذي صلى
عليه الله ، هل يحتاج لصلاة أحد آخر؟ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب56
فإذا كان
الله والملائكة ، ولم يقل صلى ولكن قال {يُصَلُّونَ} أي إلى الآن يصلُّون ، فإذا كان
الله يصلي على
رسول الله ، والملائكة تصلي على
رسول الله ، فمن الذي يحتاج إلى الصلاة على
رسول الله؟ نحن الذين نحتاج ، ما أحوجنا إلى الصلاة على
رسول الله صلى
الله عليه وسلم؟ لذلك يجب أن نكثر من الصلاة على
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
وعندنا من ضمن أورادنا ؛ ورد هو ذكر لله بأفضل الأذكار ، وهو في نفس الوقت صلاة لنا على
رسول الله ، فنقول في الصباح مائة مرة ، وفي المساء مائة مرة {لا إله إلا
الله محمد
رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، لا إله إلا
الله محمد
رسول الله صلى
الله عليه وسلم} لأن الرسول صلى
الله عليه وسلم يقول {أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهَ}[2]
فنحن نقول : لا إله إلا
الله محمد
رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فنكون جمعنا الحسن كله ، وليس الحسنيين فقط ، لكن جمعنا الحسن كله ، فذكرنا
الله بأفضل الأذكار ، ومعه
رسول الله بالصلاة على
رسول الله في نفس الوقت ، لا إله إلا
الله محمد
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
كم تأخذ المائة مرة؟ عشر دقائق ، لا تستغرق عشر دقائق ، وأنا ماشي في الطريق ، أو راكب في القطار ، أو في العمل ، أو قبل النوم ، فالواحد منا يتقلَّب في مضجعه ربع ساعة ، أو ثلث ساعة قبل أن يأتي النوم ، فأظلُّ أقول فيها ، حتى يغلبني النوم ، لأن هذا بمثابة الطلب الذي أقدمه لرسول
الله ، حتى أمنح من المنح التي يتفضل بها
عليه الله ، وأنال قسطاً من العطاء الذي يهبه له الله
فالذي يريد علاوة ، يقدم طلبا؟ والطلب الذي أقدمه إلى
الله حتى أحصل على علاوة من العلاوات التشجيعية التي يشجع بها العمال في
محبة رسول الله ؛ هي الصلاة على
رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فالذي يكثر من الصلاة على رسـول
الله صلى
الله عليه وسلم ، مع مطالعة سيرته وصفاته وكمالاته ، وأصبح مشغولاً به على الدوام ، لا بد أن يكرم ، ولا يحرم ، لابد أن يكرم
لأنه سر الجود ، والإكرام ، وإن كان الإكرام من الكريم سبحانه وتعالى ، فيكرم
الله جميع المؤمنين المحبين له صلى
الله عليه وسلم ، لأجله صلوات
الله وسلامه
عليه ، ويقول أحد الصالحين {إعلم أن الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم تتأكد في حق السالك في ابتداء أمره على سبيل المداومة ليلاً ونهاراً ، وذلك عوناً له على سلوكه في الطريق ، وطلب القرب من ربِّ الأرباب دون غيرها من الأذكار ، فإن ذلك فتح لباب الهداية إلى
الله تعالى
فالصلاة
عليه من أعظم العون للتقرب إلى
الله تعالى ورسوله ، وبها يكتسب النور ، ولا تزول الظلمة إلا بالنور ، ومعنى الظلمة ما يتعلق بهذه النفس من الأدناس ، وما بالقلب من الصدأ ، فإذا تطهرت النفس من الدنس ، والقلب من الصدأ ، زالت العلل المانعة للخير ، وذلك كله ببركته صلى
الله عليه وسلم ، والإكثار من الصلاة
عليه صلى
الله عليه وسلم يثمر تمكن محبته من القلب
ولما علمنا أنه لا يتوصل لاكتساب إتباع أفعاله وأخلاقه صلى
الله عليه وسلم إلا بعد شدة الاعتناء به ، ولا يتوصل لشدة الاعتناء به ، إلا بالمبالغة في حبه ، ولا يتوصل للمبالغة في حبه إلا بكثرة الصلاة
عليه صلى
الله عليه وسلم ، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره ، فلذلك بدأ السالك بالصلاة
عليه صلى
الله عليه وسلم ، فإن لها في تنوير الباطن ، وتزكية النفس ، عجائب يجدها السالك ذوقاً ، سوى ما تضمنته من الأسرار والفوائد ، التي يعجز عنها الحصر والاستقصاء
فحسب السالك إخلاص القصد في التوجه إلى
الله تعالى بالصلاة على نبيه صلى
الله عليه وسلم ، حتى يجني ثمرتها ، وتلوح له بركاتها ، وما هي في جميع منازل الطريق ؛ إلا مصباح يهتدى به ، ونور يستضاء به ، فمن عمر قلبه بالصلاة
عليه صلى
الله عليه وسلم ، أطلع بأنوارها على أسرار حقائق التوحيد}
وقال أحد الصالحين أيضاً {أخذ علينا العهد العام من
رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة والتسليم على
رسول الله ليلاً ونهاراً ، ونذكر لإخواننا ما في ذلك من الأجر والثواب ، ونرغبهم فيه كل الترغيب ، إظهاراً لمحبته صلى
الله عليه وسلم ، وإن جعلوا لهم ورداً كل يوم وليلة ، صباحاً ومساءً ، من ألف صلاة إلى عشرة آلاف صلاة ، كان ذلك من أفضل الأعمال ، ومن واظب على ذلك ؛ كان له أجر عظيم ، وهو من أولى ما يتقرب به إليه صلى
الله عليه وسلم
وما في الوجود ؛ من جعل
الله تعالى له الحل والربط دنيا وأخرى مثله صلى
الله عليه وسلم ، فمن خدمه على الصدق ، والمحبة ، والصفاء ، دانت له رقاب الجبابرة ، وأكرمه جميع المؤمنين}