مقدمة:
بعد تحية السلام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وخير الأنام، نُهدي كتابنا هذا الموسوم بـ:"الطفل بين
التنشئة والنجاح" بالدرجة الأولى للطفل الذي كتبنا من أجل نجاحه ونجاح تنشئته، ولكل قرَّائنا الكرام الأعزَّاء والأوفياء مُتمنِّين أن يكون ما كتبناه من مقالات وأسطر مُوفقًا ومُصيبًا لتحقيق ما نبغي منه إن شاء الله.
لتنشئة وتقوية شخصية الطفل:
إضافة للتربية الدينية من صلاة وصوم وحفظ أو قراءة للقرآن، أمامنا مجموعة من المحطَّات التي هي أيضًا بإمكانها تقوية
الطفل وتنشئته تنشئةً وتكوينًا نفسيًّا واجتماعيًّا صحيحًا وقويًّا، ولعلَّ الرياضة واحدة من أهم تلك الطرق أو الوسائل التي تُسهِم في ذلك؛ نظرًا لكونها تُعلِّم وتُربِّي وتضبط سلوك الطفل، وتنمِّي شخصيته وتُقوِّيها، فلرياضات الفنون مثلًا على غرار الكراتيه،والجودو أو الكيك بوكسينج (الملاكمة التايلاندية) عدة إيجابيات تُسهِم في تقوية شخصية الطفل؛ نظرًا لأنها تُعلِّم
الطفل التحدِّي والصبر، وتطوِّر رُوح الإنجاز والثقة بالنفس لديه؛ لما فيها من تمارين ومُنازلات ذات طرق وقائية، وأوسمة وشهادات المسابقات والملتقيات وغيرها، وهي أيضًا تُعلِّمه الصبر وطول النَّفَس، وتُنمِّي عملية التركيز لديه، وكذا تُسهِم في اتِّساع نظرته للحياة.
إضافة إلى أنها تُعلِّمه تنظيم حياته، والاعتماد على ذاته، وتُكوِّن سلوكه الاجتماعي وتُطوِّره، وكذا أخلاقه، وتجعل منه إنسانًا مُعتمِدًا على نفسه أكثر، إضافة إلى أنها تربطه بالدراسة، وتجعله يُنظِّم حياته من صِغَره بين الدراسة والرياضة والترفيه، والسفر والأصدقاء.
مهمة للطفل:
الطفل لا يحتاج فقط إلى الغذاء والنوم واللباس، فالأمر أوسع من هذا بكثير، فالطفل ككائن وإنسان يحتاج منا إلى رعاية خاصة ذات معايير مدروسة، فهو ذلك الإنسان الصغير أو النَّبْتة الهشَّة التي نريد أن تصير شجرةً وسط هذه الغابة الكبيرة، نريد أن تكون نَبْتةً قويةً مثل باقي أقرانها من حشائش الغابة.
الطفل يتغذَّى من حنان والديه، وكذا من تعريفه بالحياة وثغراتها، بإيجابيَّاتها وسلبيَّاتها وسط جوٍّ من الهدوء والاستقرار النفسي والمعنوي، وكذا المادي.
عدم الحرص على تنشئة
الطفل التنشئة السليمة أو مضاعفة أخطاء عملية التربية ستكون من دون شكٍّ كارثةً بالنسبة له ولنا؛ فالتنشئة هي التي ستُحدِّد إن كان
الطفل مبدعًا أو مضطربًا أو مجرمًا أو عالمًا أو مدمنًا أو معلمًا أو غير ذلك.
المجتمعات المتخلفة تُعَدُّ أكثر استعدادًا لتدمير الطفل، والأُسَر التي تكثر المشاكل الاجتماعية فيها دون مُراعاة الأطفال كذلك؛ حيث إن مشاكل
الطفل قد تتعدَّى أسرته النواة الصغير، وقد تأتي من خارجها سواء من المجتمع أو من أسرته الممتدَّة، وفي الحالتين فإن أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني والعلماء والمختصِّين مسؤولون إما عن إنشاء ذلك
الطفل المستقر والمتعقِّل الرصين، أو تحطيم إنسان أراد أن يكون له نصيب صغير من الحياة كغيره من الناس لا أكثر.
لتنمية وتطوير القدرات الفكرية للطفل:
نجاح
الطفل الفكري أو العلمي المدرسي يتطلَّب بعضًا من المساعدة له بعد برامج المدرسة طبعًا، ويكون ذلك من أجل تطوير قدراته الفكرية والعلمية، وكذا اللُّغوية الكتابية والتعبيرية.
ولا بأس أن يكون في المرحلة الأولى من السنوات الأولى من الابتدائية فيمكن للآباء أن يقتنوا له بعض القصص القصيرة والملوَّنة التي تُنمِّي له القدرات الفكرية اللُّغوية، وكذا تُطوِّر من حجم الخيال العلمي الفكري لديه،وتطوُّر مدى استعداد إبداعه النفسي والاجتماعي، وكذا تُهذِّب سلوكه وتربطه ربطًا إيجابيًّا بما ينفعه؛ ليزيد حبُّه للعلم والمعرفة، ويكون هذا طبعًا في حدود مراعاة راحته، ويترك له مجال اختيار الإقبال في عديد من الأحيان.
وعندما ينتقل
الطفل من المرحلة الابتدائية إلى الإكمالية، يمكن أيضًا أن نقتني له بعضًا من الأطالس العلمية الجغرافية التي من خلالها بإمكانه الاطِّلاع على صور دول العالم والتعرُّف عليها بالألوان بخرائطها وحجم الكثافة السكانية بها، وطبيعة سكانها، وثرواتها، وكذا عادات وتقاليد قاطنيها؛ مما يزيد من طموح وشغف
الطفل أو اليافع، ويملؤه حماسًا لمعرفة المزيد؛ بل وينمِّي الاهتمام بباقي المواد المدرسية، ويسهل عليه أمر فهمها، ويزيده شعورًا بمحبة وراحة للتفوُّق، وكذا تصير الدراسة بالنسبة له متعةً وليست سجنًا؛ ممَّا يُؤدي إلى تضاعف نسب نجاحه وتفوُّقه الدراسي والاجتماعي.
الطفل والتنشئة:
تقوم
التنشئة الاجتماعية بدور مهم في بناء وصناعة الطفل؛ ليكون إنسانًا قادرًا على تحمُّل المسؤولية في المستقبل أو ليكون على الأقل إنسانًا قادرًا على تكوين أسرة وتربية أبنائه أحسن تربية، والسعي للعمل لكي يوفر لأبنائه وأسرته أقصى ما يمكن من ظروف نفسية واجتماعية ملائمة؛ حيث يجب على الوالدين الإحاطة جيدًا بأهمية وضرورة تهيئة كل الظروف أو على الأقل أقصى الظروف من أجل نجاح عملية التربية، ويكون ذلك بداية من قبل الزواج، فعلى الزوج أن يُحسِنَ اختيار الزوجة من أجل أبنائه المستقبليين ونفس الشيء بالنسبة للمرأة.
معايير الزواج ينبغي أن تخضع لمعايير دينية وعقلانية منطقية بعيدة عن العاطفة أو العصبية القبلية وغيرها من رواسب الجاهلية العمياء التي حاربها ديننا الإسلامي العظيم، ورسولنا محمد الكريم صلى الله عليه وسلم، يكفي أن يرضى دِيْنَها وخلقها والعكس كذلك لبناء أسرتهم بمعاييرهم الدينية والاجتماعية وعقلانيتهم النفسية الخاصة بهم لتكوين ابنهم مع مراعاة الطرق الشرعية من مهر وعقد وغيرها.
الطفل والقدوة:
الطفل ذلك الصفحة البيضاء التي تحتاج أن تُملأ بأفضل ما يوجد في الحياة، وذلك الوعاء الفارغ الذي ينبغي أن يُملأ بأحلى السوائل؛ كالعسل، وهو أيضًا الطريق الذي يجب أن نستثمر فيه، ونصنع منه أرضية تأخده وتأخذنا معه إلى الأمان، فهو بطل المستقبل، وصانعه، وحامل المشعل، ومسلِّمه.
ولذا من الضروري جدًّا أن يجد أمامه قدوة يقتدي بها، ويطل من نافذتها على المستقبل، من أوسع أبوابه ولو حتى لم تكمن في والديه، فعلى المحيطين به أن يرسموا له الطريق من خلال تعريفه بالقدوات الناجحة في المجتمع، ويا حبذا أن تكون أمامه وبقُرْبه كأن يكون القدوة واحدًا من أفراد العائلة أو الجيران أو المدرسين أو كبار المسؤولين إن لزم الأمر؛ ليتفاعل ويعيش النجاح أكثر.
ولم لا يحتكُّ بهم ليشعروه بنوع من الثقة التي ستُزيد من ثبات طموحه وإصراره في رسم معالم تألُّقه ونجاحه.
إن
الطفل مثل الرصاصة التي تطلقها أينما شئت لتسقط لك أهدافًا لم تكن تحلم بأن تُحقِّقها، فهو المتفتِّح على المستقبل، المتطلع للأفضل، والمبدي والمدلي بما هو جديد وأفضل.
تفوُّق
الطفل في الدراسة:
الطفل الطبيعي بإمكانيَّاته الفكرية والعقلية بإمكانه التفوُّق في الدراسة وبكل جدارة، وبإمكانه تحصيل وفَهْم كل المواد المطروحة سواء الأدبية أو العلمية؛ بل وحتى اللُّغات، وهذا يعني أنه مؤهل لعدم التراجع أو التأخُّر في أيٍّ منها.
ومن المؤكد أن توفر بعض الظروف ونوع من الوعي يسهل العملية أكثر، ابتداء من الوالدين فهما المسؤولان عن توفير الظروف اللازمة التي تبدأ أولًا من الاستقرار الأسري بكل أنواعه وخاصة المعنوي منه.
ثم يأتي دور المدرسة التي ينبغي أن تكون حريصة جدًّا على الوضعية الاجتماعية والنفسية للتلميذ، وأن تكون المراقبة له مكثَّفةً؛ لتيسير سبل نجاحه، وسد ثغرات المجتمع والعائلة التي حتمًا ستكون موجودة ومُؤثِّرة في الطفل، والشيء الأكيد أن شعور
الطفل بنوع من الشكِّ أو الخوف أو عدم الراحة والاطمئنان ولو بشيء قليل سيُؤثِّر في نجاح عملية التفوُّق الدراسي، إضافة إلى ذلك وجوب حضور الوعي لديه، والتأكيد له أيضًا من جهة أخرى على ضرورة وإمكانية تفوُّقه في كل المواد، والشيء الأكيد أنه كلما سخَّرت إمكانيات ضبط وتوجيه أكبر، أنتجنا طفل وتلميذ ورجل المستقبل.
الطفل ذلك الكائن الهش الحديث زهرة هشَّة صغيرة ينبغي الحفاظ عليها، وسقيها بمياه عذبة ونظيفة دائمة ومستمرة لحين نضجه.
الطفل والتلفاز:
يُعَدُّ التلفاز من أكثر الوسائل التكنولوجية التي تفرض نفسها على حياتنا اليومية، ولعل الأطفال فئة من الناس التي تميل وتحب مشاهدته؛ لما فيه من برامج اجتماعية وترفيهية، يجدون فيها متعتهم.
والأكيد أن الاستفادة منها لتنمية
الطفل في حياته الاجتماعية والنفسية والفكرية أمرٌ جد ممكن، وهو اختيار برامج تمسُّ تطويره وصناعته بشكل هادف ومباشر، ولعلَّ الرسوم المتحركة التي تحمل طابعًا تربويًّا وأخلاقيًّا واحدة منها، إضافة إلى مختلف البرامج والحصص الرياضية والاجتماعية التي قد يبدي
الطفل لما يكبر تدريجيًّا ميولًا لمتابعتها.
الطفل والعطلة الصيفية:
الطفل تلك الزهرة الصغيرة البريئة التي تحبُّ وتريد دخول عالمها بكل شغف وفضول، هو أيضًا بحاجة إلى بعض المستلزمات والظروف للتميُّز
والنجاح وخاصة في مشواره الدراسي أو حتى الرياضي إن صحب هذا بذاك.
ولعل انتظاره للعطلة الصيفية بعد تطلُّع وعمل ونشاط كبير إبان السنة الدراسية أمرٌ مهمٌّ، فهو دون شكٍّ يستحقُّ عطلة كان ينتظرها؛ من أجل شحن بطارياته النفسية، واسترجاع طاقاته الفكرية، وتركيزه من جديد، وتُعَدُّ العطل الصيفية وتغيير الروتين خاصة باتِّجاه البحر والشواطئ أو الغابات وغيرها من أماكن الراحة والاستجمام عنصرَ إضافةٍ معنويًّا ذا أثرٍ كبيرٍ في تقوية ثقته بنفسه نظرًا إلى ما حقَّقه من نجاح في السنة الدراسية، وكذا فإنها تُضيف له حوافز أخرى للنجاح في السنة المقبلة خصوصًا إن كان قد وُعِد بالذَّهاب في العطلة إلى الأما كن التي يحبُّها.
الطفل بطل المستقبل، وشغف الوالدين، وصانع الأمل بما سيُحقِّق، يستحقُّ عطلة صيفية تُريحه وتُعطيه جرعة طاقة تُساعِده في الرجوع إلى مقاعد الدراسة أو ميادين الرياضة إن أحَبَّ مرافقة هذا بذاك.
صناعة الطفل:
الطفل تلك الصفحة البيضاء النظيفة التي أتتْ إلى الحياة لتُملأ بأجمل ما فيها؛ لتسلم نفسها للوالدين بالدرجة الأولى ليرسما ويكتبا عليها أحلى ما يمكن.
الطفل هو الإنسان الكبير ذو العقل الصغير والشغف الكبير الطامح لا كتشاف العالم؛ بل والإضافة إليه، والأكيد أن أهم ما سيُساعد في ذلك هو والداه، فدورهما كبيرٌ جدًّا في تنمية طموحه، وخط طريقه، فهما يعتبران نافذته التي يطلُّ من خلالها على مستقبله، وهما أيضًا المسؤولان عن ملء طموحه؛ بل وعقله الباطن بالرسائل الإيجابية الواجبة والمهمة له؛ حيث لا بد أن يرفعا من سقف تطلُّعاته، وتشجيعه، وتحفيزه دائمًا، وإشعاره بأنه تلك الشعلة أو شخصية المستقبل العظيمة التي لا بد أن تكون مفيدةً وناجحةً كثيرًا، ويكون ذلك من خلال تحفيزه بجوائز في حالة نجاحه في المدرسة أو أن نُبيِّن له أنه دائمًا قادر ومؤهل أيضًا لتحصيل أحسن مما يحصل عليه، والجو المحيط به أيضًا مهم أن يكون مُهيِّئًا لذلك ولتلك العملية، وكلما رأى القدوة أمامه والتجربة أقرب منه، كان ذلك أفضل وأحسن وأنسب، وبهذه العملية والطريقة سيشعُر بصورة مباشرة وغير مباشرة أنه قادر على تحقيق كل ما هو رائع وجميل، وبأنه ناجح، وسينجح دائمًا، ومتحدٍّ، وسيتحدَّى على طول الخط الورقة البيضاء التي تحدَّثنا عنها، ينبغي أن تشعُر أنها من أحسن الأوراق نوعيةً، وأجودها وأنفعها إيضاحًا لما كتب عليها من نور وجمال، فما على الوالدين إلا إشعارها بذلك مع التأكُّد أنها ستكون في يوم من الأيام القريبة شخصيةً ناجحةً وفعَّالةً لا محالة.
الرؤية:
ينتمي ويرتبط المصطلح أو المفهوم المطروح "الرؤية " بمساحة تُسمَّى التنمية البشرية، وفي هذا المقال سوف نتطرَّق لمضمونه؛ حيث يمكننا القول إن الرؤية هي تصوُّر مستقبلي للإنسان عن نفسه، والأمر أيضًا هو عبارة عن قناعة داخلية، ورؤية إيجابية لحالته المستقبلية، ولو ببعض من الغموض، وهي إيمان راسخ وقناعة بالتألُّق
والنجاح منذ الصغر، وتتبلور تدريجيًّا بتداخل عدة عوامل أهمها الإنسان بحدِّ ذاته بالدرجة الأولى أما الظروف والمحيط فيُساعده بنسبة أقل، ولعلَّ بعضًا منها هو تركيز الأب أو الأم أو المربِّي على العقل الباطن للطفل مدى الصغر ومخاطبته بكل ما هو جميل ورائع وإيجابي، وإشعاره بأنه إنسان ناجح ومختلف، وأنه الرمز أو الشعلة التي ينتظرها الآخرون حتى تترسَّخ لديه القناعة، وتحتل جانبًا من نفسيَّته، ويصبح يسعى إليها بكل الطرق المتاحة، وتتطوَّر الرؤية تدريجيًّا مع المدرسة والعلم والرياضة والأسرة إلا أن الأصدقاء والمحيطين من شأنهم أن يرسموا ويخرجوا ما في بواطن صديقهم من تصوُّر لما يحفزونه، ويؤكدون له أن ما يقوم به أو يريدونه أو ما لم يعلمه أصلًا هو شيء إيجابي عظيم، وسيكون أفضل لو ساعدوه على ذلك كل حسب قدرته؛ ولذلك فإن الرُّفقاء الإيجابيِّين الصالحين المحبِّين للخير أحد أهم عوامل اكتمال الرؤية وتحقُّقها لدى الإنسان؛ حيث بإمكانهم أيضًا إخراج ذلك التصوُّر من قوقعته النفسية وخطواته الواقعية اليسيرة لإعطائه دفعًا أكبر.
من يكتب لك المقال قبل أن يتخرَّج من الجامعة، ويبدأ رحلة الكتابة والشهرة أو لنقل نفع الناس، كان مع صديق، فسأله أحد الرجال أو التُّجَّار الذي كان يتعامل معهم عني؛ أي: أنا، فلم يقل له صديقي يدرس في الجامعة فقط؛ بل أجابه بأنه يدرس؛ ولكنه عبقري، فاختر من أصدقائك مَنْ يراك هكذا.
ضرورة الحوار مع الأطفال أو الأبناء:
التحدُّث مع
الطفل وتبادُل الحديث معه أمر ضروري؛ نظرًا إلى ما يُشكِّله من أهمية لمعرفة ما يدور في فكره وما يشغل باله أو يزعجه، وبهذا يكون الأب أو الأم أو حتى المربِّي قادرًا على معرفة وتحديد ذلك النقص أو الفضول لديه وملئه وتوجيهه؛ لأن المجتمع غالبًا ما لا يرحم نموَّه بشكل سليم، خصوصًا إن غلب عليه الجهل والتخلُّف؛ وبالتالي فإن التحدُّث مع
الطفل وجلبه للحوار، وكذا محاولة فهم ما يدور في ذهنه، وما يتلقَّاه من المجتمع بمختلف أماكنه أو حتى مؤسساته وما يُحلِّله ويستنتجه منها مهمٌّقبل أن يضيع أو يتعقَّد ويكون أكثر تهيُّؤًا للانحراف أو ضعف الشخصية؛ ولذا فعلى الوالدين أو المربين له جلبه للحديث والاستقصاء إن صح القول، والجانب الإيجابي الآخر في العملية هو ملء الفراغ العاطفي بالحنان، وحتى عندما يكبر تدريجيًّا ويتجاوز فترة أو مرحلة الطفولة، ويدخل إلى المراهقة - إن صحَّ المرادف - لن يكون مضطرًّا للتوجُّه لملء فراغه بالأمور السلبية مثلًا مما يجعل المراهق أو الابن يتفادى كل أنواع الضياع والانحراف من المواد المخدِّرة أو المهلوسة والضارَّة وغيرها، ويجعل من الابنة أو المراهقة غير مضطرة لملء ذلك الفراغ بالتحدُّث والتعرُّف ووضع علاقات أخرى عبر مواقع التواصُل كالفيسبوك وغيره على سبيل المثال.
الحوار مع
الطفل والإنصات إليه والإجابة عن أسئلته، وكذا توجيهه وتصحيح أفكاره ومعتقداته أمرٌ مهمٌّ لما يضيفه من ثقة في نفسه وغيرها من الإيجابيات المذكورة التي تُسهم في تنشئته أحسن تنشئة.
الآباء وسلوك الطفل:
توفير جوٍّ مناسب لتنشئة
الطفل بطريقة سليمة أمرٌ مهمٌّ من أجل حصد ثمرة طيبة في المستقبل، ويكون ذلك أيضًا باجتماع عدَّة عوامل تصبُّ في نفس الخانة، ذلك أنه من شأن ملاحظة ورؤية بعض السلوكيات والتصرُّفات وغيرها من الصِّغَر لدى
الطفل أمر جد مهم، فما نتركه أو ننظر إليه باستصغار يمكن أن يكبر. وفي مراحل الكبر والنضج يجب على الآباء ملاحظة وتمييز كل صغيرة وكبيرة عند الطفل، فغالبًا ما يكون لعدة سلوكيات تفسير واجب الاطِّلاع عليه، على غرار شرود الذهن مثلًا، أو العدوانية الزائدة، أو الخوف المفرط وتسلُّط الأفكار، ومن شأن التعرُّف على هذه السلوكيات غير الطبيعية أن يكون دافعًا لتحديد الخَلَل أو الإشكال واستشارة المختصِّين للإقبال والتمسُّك بأحسن توجيه وإرشاد أو علاج متاح، وكذا التنبُّؤ بما قد يُزعِج مستقبلًا لتفاديه.
خاتمة:
وفي النهاية لا يسعنا إلا التذكير بضرورة وأهمية الاهتمام والتركيز على دور
التنشئة الاجتماعية والنفسية السليمة لبناء وصناعة شخصية
الطفل مستقبلًا وأهميتها أيضًا في تميُّزه وتحقيقه لإضافات ونجاحات له ولمجتمعه أو بالأحرى لنا.