قصص - روآيات - حكايات ▪● ┘¬»[ روايات قصيرة | روايات تراثية | قصص حزينه |قصص مضحكة : تنحصُر هِنآ |
|
|
02-19-2018, 04:50 PM
|
|
|
|
|
الطريق إلى العاصفة
عندما كنت طفلاً كنتُ أحب الاستماع إلى أحاديث وحكايات الكبار من ضيوفنا خاصةً تلك الأحاديث التي كانت تحكي الأحداث التي مرّ بها الضيوف أنفسهم . ساعتها كنت أنزوي في ركن قصي وأضع ذقني في راحتيّ وأروح أصغي باهتمام ودقة . وكان أكثر ضيوفنا استحواذاً على إعجابي هو الشيخ عبدالرحمن .. كان الشيخ عبدالرحمن خبيراً ينم على كثرة تجاربه . وكانت تصرفاته ناضجة وأسلوبه رزيناً وقوراً . وكان يخيل إليّ أنني أكثر المستمعين إليه فهماً عميقاً مهما كان موضوع حديثه .. لم يكن الرجل ثرثاراً ؛ بل العكس , كان نادر التحدث , كما كان يعرف جيداً كيف يختار الوقت المناسب الذي يتحدث فيه . كان يتحرك في مكانه قليلاً قبل أن يتكلم , ثم يصمت ثانيتين أو ثلاث .. وكانت هذه المدة البالغة القصر كافيةً لشدّ انتباه الناس واستعدادهم للاستماع إليه .. كان عذباً , ومع ذلك كنت أحس بالخوف في كل حكاية يحكيها لنا .. كنت أتوهم أنه رجل غامض ومخيف . على دراية بكل شيء ويجد حلاً لكل معضلة ! قال له أبي يوماً : ياشيخ عبدالرحمن ! ألم يتولك الخوف أبداً ؟! ابتسم الشيخ ابتسامة واثقة وقال :
- كثيراً . إني أخاف دائماً لكني خفت ذات مرة خوفاً هائلاً لم أحس بمثله أبداً .
رغم اعتراف الشيخ بأنه يخاف إلا أن طريقة أدائه للكلمات تبعث على الاعتقاد بأنه من أشجع الناس , قال : كنت فيما مضى ملاحاً وكان فصل التنقيب عن اللؤلؤ قد انتهى إلى خيرٍ عميم .. فعزمنا على الرجوع مرة ثانية إلى ركوب البحر , وقد أصابنا جميعاً حظ وافر فيما كنا منهمكين فيه للبحث عن الفصوص النادرة , وقرّت عيوننا بما جمعناه .. فأخذنا نزجي الساعات على ظهر المركب في سرور وانشراح
كان المركب ينوء بأثقاله .. وكان المسافرون يفترشون سطح المركب ليلاً وفي جوارهم أكوام مكدسة من البضائع .. وقد شعرنا بعد خمس ساعات تقريباً من الإقلاع بركود الريح كما أن ذلك الهدوء دام طوال ساعات الليل والنهار التالي . كان ركوداً رهيباً منذراً بخطر كبير .. وساطتنا الشمس بوهجها , ومضّنا ركود الريح .. كانت السماء تمطرنا رذاذاً خفيفاً , ثم ينقشع الغمام عن جوٍ محرق , فتتبخر المياه وتتصاعد إلى عنان السماء .. وتتعقّبنا أسماك القرش الشرهة .. ولماذا لاتتعقبنا , وهي تعلم بأننا طعام سائغ شهي , لن تلبث أن تنال منا وطراً ؟ كانت تداعب المركب , ثم تخبط المياه بأذيالها الفولاذية , فيهتز بنا ونهتز بدورنا .. ويصيبنا الغثيان !
وتصرّم أسبوع .. سبعة أيام خلتها سبع سنين وياللهول ففي نهاية الاسبوع كنا في طريقنا إلى العاصفة , اكتشفت ذلك وأيقنت منه لما لاحظت من اشتداد الريح وقد رجوت الربان أن يعدل في خط اتجاهنا ,, ولكنه أبى الاستماع إليّ .. ولم يعبأ بإلحاحي وتوسلاتي . هكذا فشلت في إنقاذ المركب وحمولته , لأن الربان كان خائفاً من كل شيء , ولأن زملائي في تجارة اللؤلؤ لم يؤيدوا وجهة نظري - فمن أنا حتى أعرف من أسرار البحر مايعرفه هذا الربان المحنك الذي كان يشبه القبطان نامق في مسلسل (عدنان ولينا) ؟ أجل من أنا ؟ ألم يتساءلوا في سخرية وتهكم ؟
وارتفع البحر بصورة مرعبة , وسقط المركب بعد أن علا , ثم انحرف ومال , وكانت حبال النجاة المحيطة بنا لاتجدي فتيلاً إلا للقوي المفتول العضلات ..
وتذكرت قول الشاعر :
لا أركبُ البحرَ أخشى** عليّ منهُ المعاطبْ
طينٌ أنا وهو ماءٌ ** والطينُ في الماءِ ذائبْ
وتصاعدت الأنات ومزقت الفضاءَ أصواتُ الاستغاثة والدعاء والعويل والتأوهات ! وعصفت الريح مزمجرةً , فوثب المركب يزأر كأنه طائر وحش يطير , ثم هوى هويّاً
وانحرف ومال .. وتدحرجت الحياة على سطحه , وسقطت في الخضم , لتبتلعها اللجة , وتلتهمها الحيتان وأسماك القرش ! وحاول بعضهم أن يتعلق بالحبال , ولكنها كانت تتحرر من قبضاتهم , وكأنها مشمئزة من خورهم وضعفهم !
ورأيت رجلاً يمسك الحبل بقبضتين قويتين , فقلت في نفسي : " هذا إنسان تغلبت شجاعته على جبنه , انتصرت قوته على وهنه " وأغمضت عيني وفتحتهما .. وبهت ! ياللهول ! شاهدت جسماً حديدياً ضخماً يحط على رأس ذلك الرجل .. ورأيتُ شيئاً داكناً ينتأ من هذا الرأس - رأيت المخيخ يتفجر ويسيل .. وأغمضت عيني كي لا أرى المزيد من هذه الأرزاء , وقلتُ في حشرجة " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وارتفع المركب للمرة الثانية إلى الجو كالقنبلة , فترنحت الأجسام الباقية المتشبثة بالحبال والأعمدة وتماوجت , ثم تراخت قبضاتها بتتابع مذهل .
كانت مياه البحر تفور وتغور .. وكانت الريح تلعب بالأشخاص القلائل الذين ما انفكوا يغالبون الموت بقواهم المنهارة . ورغم تجاربي في الحياة ماكدتُ أصدق ماتبصره عيناي وتسمعه أذناي .. فهل يمكن للريح أن تهب بهذا العنفوان ؟ وهل هناك متسع في نطاق اللغة لوصف دقيق لها ؟ وكيف يتأتى لإنسان أن يصف حلماً تضمّن الهول والموت ؟! اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً .. كانت الريح تمزق ملابسنا ,نعم كانت تمزق ملابسنا .. صدقوا أو لاتصدقوا .. ولا أكتمكم أني أحياناً أشكك في سلامة تفكيري وأنسب هذه الحوادث إلى الأوهام ! لقد قاسيت هولاً الموتُ أهون منه .. تصوروا الريح تريد أن تقتلع البحر , أو تزعزع الكرة الأرضية , تصوروا كل هذا لتدركوا ماهية تلك العاصفة . ولعلكم لاتدركون أنه خُيل لي أنّ العا صفة ابتلعت البحر ثم لفظته دفعة واحدة في ذلك القسم من الفضاء الذي كان يشغله الهواء ! وكنت في حالة ذهول شديد .. كنت كالمشلول من تأثير تلك الريح التي هبّت علينا بصورة هائلة , أشعر بدنو الأجل ويتضاعف شعوري بالقنوط إلا من رحمة ربي وفجأة همدت العاصفة وساد الجو هدوء ..وشعرت أني أكاد أنفجر , وأطير في الفضاء قطعاً وأشلاء وأن كل ذرة من ذرات جسدي كانت تتصادم وتتداخل وتتطاحن مع كل ذرة أخرى ’ لتندفع إلى الفضاء بانفلات وانطلاق ! .. ومع جمود العاصفة انتفض البحر , فشقت المياه طريقها إلى عنان السماء .. وانشق المركب إلى أكثر من نصفين , وتبعثر وتاهت قطعه في بحر مترامي الاطراف . ورأيتني أطفو سابحاً ! فكيف لم أمت ؟ هل غبت عن الوعي ؟ هل فقدت صوابي ؟ هل أنقذني أحد
وعصفت الريح بعد ركود , فتراجع البحر مقهوراً .. وتلفت حولي فلم يقع طرفي على أسماك القرش المنهومة , والأرجح أنها قنعت بالذي استولت عليه .
واصطدمتُ بغتةً بباب خشبي عائم , فتمسكت به وهطلت الأمطار , فآليت أن أصمد حتى النهاية , وجعلت اتجنب طاقتي ابتلاع مياه البحر ومضى يومان وليلتان , قذفتني المياه في كل اتجاه . وأصابني الدوار ولم أشعر إلا وأنا بين أناس بعد أن غبتُ عن الوعي , وكنت أنتبه فأشعر بشيء حلو المذاق يتسرب من فمي إلى حلقي .. كان هؤلاء يقومون برعايتي . مات الجميع ونجوت أنا بفضل الله سبحانه .
hg'vdr Ygn hguhwtm
تسلم يدينك غلاتي امجاد على الأهداء الرائع
اشكرك ياخياط على هذا تكريم الرائع ما قصرت ربي يسعدك
شكرا على تكريم الرائع ما قصرتي شموخي ياقلبي
|
02-19-2018, 08:59 PM
|
#2
|
رد: الطريق إلى العاصفة
تسسسلم الايـآدي
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
لروحك الجوري
وودي
|
|
_______________________
________________
والله لو صحب الإنسانُ جبريلا لن يسلم المرء من قالَ ومن قيلا َ
قد قيل فى الله أقوالٌ مصنفة تتلى لو رتل القرآنُ ترتيلا َ
قالوا إن له ولدًا وصاحبة زورًا عليه وبهتانًا وتضليلا َ
هذا قولهمُفي.. الله خالقهم
فكيف لو قيل فينا بعض ما قيلا ..
***
انا زينـــــــــــــه
|
02-21-2018, 08:49 PM
|
#3
|
رد: الطريق إلى العاصفة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيل المشاعر
تسسسلم الايـآدي
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
لروحك الجوري
وودي
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
02-19-2018, 09:01 PM
|
#4
|
رد: الطريق إلى العاصفة
سلمت الانامل على جمال ما قدمته
بإنتظآر المزيد من عبق عطائك
لروحك إكليل الورد
|
|
|
02-21-2018, 09:22 PM
|
#5
|
رد: الطريق إلى العاصفة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كبرياء أنثى
سلمت الانامل على جمال ما قدمته
بإنتظآر المزيد من عبق عطائك
لروحك إكليل الورد
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
02-20-2018, 07:27 AM
|
#6
|
02-21-2018, 09:23 PM
|
#7
|
رد: الطريق إلى العاصفة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شموع الحب
سلمت الانامل
ويعطيك العافيه على المجهود المبذول
ماننحرم من فيض عطائك وإبداعك
لك تحياتي وفائق شكري
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
02-20-2018, 10:47 AM
|
#8
|
رد: الطريق إلى العاصفة
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماقدمته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي
|
|
|
02-21-2018, 09:23 PM
|
#9
|
رد: الطريق إلى العاصفة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال العمر
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماقدمته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي
منور بمرورك العطر
|
|
|
02-20-2018, 12:08 PM
|
#10
|
رد: الطريق إلى العاصفة
~
طرح متميز وانتقاء زاد به التميز
دوما يحتل صفحاتك عنوان الرقي والابداع
يسلمك ربي ويعطيك العافيه
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 01:36 PM
| | | | | | | | | | |