10-11-2015, 07:11 AM
|
|
|
|
الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
د. محمد بن عبد الرحمن الخميس
الأستاذ المشارك - قسم العقيدة
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض
ملخص البحث
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإن الهدف من هذا البحث هو بيان مدى مشروعية ما يفعله كثير من الناس ، من الاجتماع في البيوت والمساجد في أوقات معينة ، أو مناسبات معينة ، أو بعد الصلوات المكتوبة لذكر الله تعالى بشكل جماعي ، أو يردد أحدهم ويرددون خلفه هذه الأذكار .
ولأن هذا الفعل قد كثر وشاع بين الناس في كثير من بلدان المسلمين ، فقد جاء هذا البحث لبيان حكم الشريعة في مثل هذا الفعل .
وقد اشتمل البحث على مقدمة ، وتمهيد ، وستة مباحث ، وخاتمة .
أما المقدمة : فهي في بيان أسباب اختيار الموضوع ، وبيان خطة البحث ، وكذلك بيان اعتقاد العامة في بعض البلدان وجوب*الذكر*الجماعي*بعد الصلاة وغيرها ، وذلك كمدخل للبحث .
وأما التمهيد : فهو حول بيان منزلة*الذكر*كعبادة عظيمة ، وتوضيح أن العبادات توقيفية لا مجال فيها للرأي ولا للاستحسان .
وأما المبحث الأول : فهو في تعريف*الذكر*لغة وشرعاً .
والمبحث الثاني : حول نشأة بدعة*الذكر*الجماعي*من الناحية التاريخية ، وتوثيق ذلك .
والمبحث الثالث : في بيان حجج من جاز*الذكر*الجماعي*، وقد سقتها مفصلة .
والمبحث الرابع : في بيان حجج المانعين من*الذكر*الجماعي*، وجوابهم على حجج المجيزين ، مع بيان فتاوى للمتقدمين والمعاصرين في هذا .
والمبحث الخامس : في بيان حكم*الذكر*الجماعي*وذلك كنتيجة لهذا البحث .
وأما المبحث السادس : فهو في بيان مفاسد*الذكر*الجماعي*، وآثاره السلبية سواءً على فاعله ، أو على غيره .
وأما الخاتمة : فهي في بيان خلاصة البحث ونتائجه .
فهذا ملخص البحث المذكور ، وأسأل الله المغفرة والقبول ، والحمد لله رب العالمين .
المقدمة :
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [ آل عمران: 102 ] .
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } [ النساء : 1 ] .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [ الأحزاب : 70 ، 71 ] .*
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدي محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار(1) .
وبعد : فقد انتشرت بين الناس بدع كثيرة في دين الله تعالى ، واستبدلوها بسنن النبي r ، حتى كادت معالم السنة تندثر وأصبح الباطل حقاً ، والحق باطلاً . وأضحت البدعة سنة، والسنة بدعة .
ومن صور العبادات التي انتشرت بين عامة المسلمين ، ظاهرة*الذكر*الجماعي*، في المساجد والبيوت ، والمنتديات وغيرها ، وذلك في كثير من البلدان الإسلامية ، حتى عمت بها البلوى .
كما يوجد في بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن الدعاء بعد الصلوات المفروضة بشكل جماعي من مستحبات الصلاة . وهم يعتبرونها مثل الراتبة(2) التي تصلى بعد الفريضة ، أو أكثر منها ، ويحرصون عليها أشد الحرص ، ويواظبون عليها . فإذا لم يدع لهم الإمام بعد الصلاة ولم يجتمع معهم على*الذكر*بصورة جماعية ، رأوا أن صلاتهم ناقصة ، وأساءوا الظن به ، واتهموه بأنواع من التهم ، ولما كان*الذكر*عبادة لله تعالى ، والعبادات توقيفية لا مجال للابتداع فيها ، أو للاستحسان . من أجل هذا كان لابد من بيان حكم هذا العمل ، والكلام عليه ، وذلك كما سيأتي إن شاء الله في مباحث هذا الكتاب .
ولما كان بيان ( السنة ) والذب عنها ، ورد البدعة من أوجب الواجبات على العلماء، وطلبة العلم ، والدعاة إلى الله تعالى . ولما كانت ظاهرة*الذكرالجماعي*مما عمت به البلوى. وشاع بين العامة في كثير من البلدان ، واختلف فيه الناس بين مانع منه ، ومجوِّز له . وقد بحثت عمن ألَّف في هذا الموضوع خصوصاً ، بحيث يستوعبه من جميع جوانبه ، ويبين السنة فيه - لكني لم أقف على كتاب في هذا الموضوع . لذلك رأيت مستعيناً بالله تعالى أن يكون موضوع هذا البحث هو بيان مدى مشروعية*الذكر*الجماعي*، هل يجوز أم لا ؟ وقد جمعت أقوال المانعين منه وأدلتهم ، والمجيزين له وأدلتهم ، في محاولة لاستيعاب هذا الموضوع، والوقوف على مدى مشروعية هذا الفعل . وأسميت هذا البحث ((*الذكر*الجماعي*بين*الاتباع*والابتداع*)) .
خطة البحث :
اشتمل البحث على : خطبة الحاجة ، ومقدمة ، وتمهيد ، وستة مباحث ، وخاتمة .
فأما المقدمة : فهي في أسباب اختيار الموضوع ، مع بيان خطة البحث . وكذلك التنبيه على اعتقاد بعض العامة في بعض البلدان وجوب*الذكرالجماعي*بعد الصلاة وغيرها، وذلك كمدخل للبحث .
وأما التمهيد : فهو حول بيان منزلة*الذكر*كعبادة عظيمة ، وتوضيح أن العبادات توقيفية لا مجال فيها للرأي ولا للاستحسان .
وأما المبحث الأول : فهو في تعريف*الذكر*الجماعي*.
والمبحث الثاني : حول نشأة بدعة*الذكر*الجماعي*.
والمبحث الثالث : حجج المجوزين للذكر*الجماعي*وأدلتهم .
والمبحث الرابع : حجج المانعين من*الذكر*الجماعي*وأدلتهم .
والمبحث الخامس : في حكم*الذكر*الجماعي*.
والمبحث السادس : حول مفاسد*الذكر*الجماعي*.
والخاتمة : في بيان خلاصة البحث ونتائجه .
والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص والتوفيق ، والسداد ، وأن يجنبنا الخطأ والزلل والزيغ، وأن يتقبل منا هذا العمل .*
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
تمهيد : مشروعية*الذكر*ووجوب*الاتباع*في العبادة
من المعلوم أن*الذكر*من أفضل العبادات ، وهو مأمور به شرعاً كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً . وسبحوه بكرةً وأصيلاً } [ الأحزاب : 41 ، 42 ] .
فالمسلم مطالب بذكر الله تعالى في كل وقت ، بقلبه ، وبلسانه ، وبجوارحه ، وهذا*الذكر*من أعظم مظاهر وبراهين التعلق بالله تعالى ، ولاسيما أذكار ما بعد الصلاة ، وطرفي النهار ، والأذكار عند العوارض والأسباب ، فإن*الذكرعبادة ترفع درجات صاحبها عند الله ، وينال بها الأجر العظيم دون مشقة أو تعب وجهد .
لكن ينبغي للمسلم أن يكون في ذكره لله تعالى ملتزماً بحدود الشريعة ونصوصها ، وهدي النبي r ، وصحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وذلك لأن*الاتباع*شرط لصحة العمل ، وقبوله عند الله تعالى ، كما قال r : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))(3) أي باطل مردود على صاحبه .
ومما هو معلوم أن العبادات - ومنها*الذكر*- كلها توقيفية ، أي : لا مجال فيها للاجتهاد ، بل لابد من لزوم سنة النبي r وشريعته فيها ، لأنها شرع من عند الله تعالى ، فلا يجوز التقرب إلى الله بتشريع شيء لم يشرعه الله تعالى ، وإلا كان هذا اعتداءً على حق الله تعالى في التشريع ، ومنازعة لله تعالى في حكمه ، وقد قال تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } [ الشورى : 21 ] .
قال السعدي في تفسير هذه الآية : (( .. { شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } من الشرك والبدع وتحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم الله ، ونحو ذلك ، مما اقتضته أهواؤهم مع أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى ، ليدين به العباد ويتقربوا به إليه . فالأصل : الحجر على كل أحد أن يشرع شيئاً ما جاء عن الله ولا عن رسوله ... )) أهـ(4) .*
فلا ينبغي ، بل ولا يجوز التقرب إلى الله تعالى إلا بما شرع ، وبما بيَّن على لسان رسوله r . ومن هنا كان لازماً على المسلم أن يلزم السنة في كل عباداته ، وألا يحيد عنها قيد أنملة ، وإلا أحبط عمله وأبطله إذا كان مخالفاً هدي رسول الله r في العمل .
ولهذا فإن المسلم ينبغي له ألا يحدث في ذكره لله شيئاً مخالفاً لما كان عليه رسول الله r هو وأصحابه ، وإلا كان مبتدعاً في الدين ، محدثاً في العبادة ما ليس منها .
ومهما استحسن الإنسان بعقله شيئاً في العبادة ، فإنه - أي الاستحسان - ليس دليلاً على مشروعية تلك العبادة ، بل إن هذا الاستحسان قد يكون مصادماً لحكم الله تعالى ، فلا ينبغي أبداً أن يتعبد الإنسان لله تعالى إلا بما شرع الله على لسان رسوله r .
المبحث الأول : تعريف*الذكر*الجماعي
الذكر*الجماعي*يتركب من كلمتين ، وإليك بيان معنى كل منهما :
أولاً ( الذِّكر ) : بالكسر : الشيء الذي يجري على اللسان(5) ، وتارة يقصد به الحفظ للشيء .
قال الراغب في المفردات : ((*الذكر*: تارة يقال ويراد به : هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة ، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتباراً باحترازه ، والذكر يقال اعتباراً باستحضاره . وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول . ولذلك قيل منهما ضربان : ذكر عن نسيان . وذكر لا عن نسيان ، بل عن إدامة الحفظ ))(6) .
وأما معنى*الذكر*في الشرع فهو كل قول سيق للثناء والدعاء . أي ما تعبدنا الشارع بلفظ منا يتعلق بتعظيم الله والثناء عليه ، بأسمائه وصفاته ، وتمجيده وتوحيده ، وشكره وتعظيمه ، أو بتلاوة كتابه ، أو بمسألته ودعائه(7) .
ثانياً : معنى (*الجماعي*) : هو ما ينطق به المجتمعون للذكر بصوت واحد ، يوافق فيه بعضهم بعضاً(8) .
والمقصود بكلامنا وقولنا :*الذكر*الجماعي*هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع أدبار الصلوات المكتوبة ، أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأوراداً وراء شخص معين ، أو دون قائد ، لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية وبصوت واحد ، فهذا هو المقصود من وراء هذا البحث .
المبحث الثاني : نشأة*الذكر*الجماعي
كان مبتدأ نشأة*الذكر*الجماعي*وظهوره في زمن الصحابة رضي الله عنهم كما سيأتي ذلك مفصلاً في المبحث الرابع إن شاء الله وقد أنكر الصحابة هذه البدعة لما ظهرت وقد قل انتشار هذه الظاهرة ، وخبت بسبب إنكار السلف لها . ثم لما كان زمن المأمون ، أمر بنشر تلك الظاهرة . فقد كتب إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير بعد الصلوات الخمس . فقد ذكر الطبري في تاريخه في أحداث عام 216 هـ*
ما نصه : (( وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم يأمره بأخذ الجند بالتكبير إذا صلوا ، فبدؤوا بذلك في مسجد المدينة والرصافة ، يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان ، من هذه السنة )) (9) وجاء في تاريخ ابن كثير : (( وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد ، يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقب الصلوات الخمس )) (10) . فكان هذا مبتدأ عودة ظاهرة*الذكر*الجماعي*إلى الظهور وبقوة ، بسبب مناصرة السلطان لها . ومن المعلوم أن السلطان إذا ناصر أمراً ، أو قولاً ما ، ونشره بالقوة بين الناس ، فلابد أن ينتشر ويذيع ، إذ إن الناس على دين ملوكهم .
واستمرت هذه الظاهرة منتشرةً بين الرافضة والصوفية ومن تأثر بهم(11) .
هذا وقد جمعوا بين أمرين ، هما :*الذكر*الجماعي*، والذكر بالاسم المفرد .
وقد اختلف في جواز*الذكر*بالاسم المفرد ، فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لابد من*الذكر*في جملة لأنها هي المفيدة ولا يصح الاسم المفرد ، مظهراً أو مضمراً ، لأنه ليس بكلام تام ولا جملة مفيدة . ولم ينقل ذلك عن أحد من السلف .
ومن صور هذا*الذكر*كذلك أن يزيدوا ياءً في ( لا إله إلا الله ) بعد همزة لا إله . ويزيدون ألفاً بعد الهاء في كلمـــة ( إله ) فتصبح ( لا إيلاها ) . ويزيدون ياءً بعد همزة إلا وبعد ( إلا ) يزيدون ألفاً فتصبح ( إيلا الله ) وكل ذلك حرام بالإجماع في جميع الأوقات(12).
وكذلك يلحن بعضهم في ( لا إله إلا الله ) . فيمد الألف زيادة على قدر الحاجة ، ويختلس كسرة الهمزة المقصورة بعدها ولا يحققها أصلاً ، ويفتح هاء له فتحة خفيفة كالاختلاس ، ولا يفصل بين الهاء وبين إلا الله(13) .
وكذلك من صوره أنهم يذكرون بالحَلْقِ ، أي يحاولون إخراج الحروف من الحلق ، وهذا يلزمهم بفتح أشداقهم ، والتقعر في الكلام ، والتكلف في النطق ، ومعلوم أن مورد*الذكر*اللسان والحلق والشفتان لأنها هي التي تجمع مخارج الحروف(14) .
وقد تعددت صور ذلك . فمنهم من يجتمعون في بيت من البيوت ، أو مسجد من المساجد فيذكرون الله بذكر معين وبصوت واحد : كأن يقولوا : لا إله إلا الله . مائة مرة(15) . قال الشقيري : (( والاستغفار جماعة على صوت واحد بعد التسليم من الصلاة بدعة . والسنة استغفار كل واحد في نفسه ثلاثاً ، وقولهم بعد الاستغفار : يا أرحم الراحمين - جماعةً - بدعة ، وليس هذا محل هذا*الذكر*))(16) .
ومن صور*الذكر*الجماعي*مما هو موجود عند جماعات من الناس :
1 - الاستغفار عقب الصلاة ، والاتيان بالأوراد الواردة أو غيرها بصوت واحد مرتفع(17) . قال الأذرعي : (( حمل الشافعي رضي الله عنه أحاديث الجهر على من يريد التعليم ))(18) .
2 - أو أن يدعو الإمام دبر الصلاة جهراً رافعاً يديه ، ويؤمن المأمومون على دعائه وبصوت واحد(19) .
3 - ومنه أن يجتمع الناس في مكان - مسجد أو غيره - ويدعون الله ، وبصوت واحد إلى غروب الشمس ويجعلون الاجتماع لهذا*الذكر*شرطاً للطريقة(20) .
وقد قال التيجاني : (( من الأوراد اللازمة للطريقة ذكر الهيللة بعد صلاة العصر يوم الجمعة مع الجماعة ، وإن كان له إخوان في البلد فلابد من جمعهم وذكرهم جماعة . وهذا شرط في الطريقة ))(21) . وقال الرباطي : (( وترك الاجتماع من غير عذر شرعي يعرض في الوقت ممنوع عندنا في الطريقة ، ويعد تهاوناً ، ولا يخفى وخامة مرتع التهاون ))(22) .
وقد أفتى العلماء ببطلان*الذكر*الجماعي*، فقد جاء في بعض الأسئلة الواردة إلى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ما نصه :
قال الســــائل : لنا جماعة هم أصحاب الطريقة التيجانية يجتمعون كل يوم جمعة ويوم الاثنين ويذكرون الله بهذا*الذكر*( لا إله إلا الله ) ، ويقولون في النهاية ( الله الله ... ) بصوت عال . فما حكم فعلهم هذا ؟
الجواب : ( بعد بيان ضلال هذه الطريقة ) . والاجتماع على*الذكر*بصوت جماعي*
لا أصل له في الشرع ، وهكذا الاجتماع بقول : ( الله الله ... ) أو : ( هو هو ... ) والاجتماع بصوت واحد هذا لا أصل له ، بل هو من البدع المحدثة(23) .
4 - ومن صور*الذكر*الجماعي*الموجودة أن يجتمع الناس في مسجد وقد وقع البلاء في بلد فيدعون الله بصوت واحد لرفعه .
5 - ومن هذه الصور كذلك ما يحصل عند بعض الناس في أعمال الحج من الطواف والسعي وغيرها ، حيث إن بعضهم يؤجرون من يدعو لهم ، ويرددون وراءه أدعية معينة لكل شوط ، بدون أن يكون لكل أحد الفرصة للدعاء فيما يتعلق بحاجته الخاصة التي يريدها . وقد يكون بعض هؤلاء المرددين لصوت الداعي لا يعرفون معنى ما يدعو به الداعي : إما لكونهم لا يعرفون اللغة العربية . أو للأخطاء التي تحصل من الداعي ، وتحريفه للكلام . ومع هذا يحاكونه في دعائه ، وهذه الأدعية إنما صارت بدعة من وجهين :
الأول : تخصيص كل شوط بدعاء خاص ، مع عدم ورود ذلك . قال الشيخ*
عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : (( وأما ما أحدثه بعض الناس : من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة ، أو أدعية مخصوصة فلا أصله له ، بل مهما تيسر من*الذكر*والدعاء كافي ))(24) .
الثاني : الهيئة الجماعية ، مع رفع الصوت ، وحكاية ألفاظ بدون تدبر واستحضار معنى .
6 - ومن صور*الذكر*الجماعي*كذلك ما يقع عند الزيارة للقبر النبوي ، أو قبور الشهداء ، أو البقيع ، أو غير ذلك من ترديد الزائرين صوت المزورين ، قال الشيخ الألباني - رحمه الله - عند تعداده لبدع الزيارة في المدينة المنورة : (( تلقين من يعرفون بالمزورين جماعات الحجاج بعض الأذكار والأوراد عند الحجرة ، أو بعيداً عنها بالأصوات المرتفعة ، وإعادة هؤلاء ما لقنوا بأصوات أشد منها ))(25) .
7 - ومن هذه الصور كذلك اجتماع الناس في المساجد وأماكن الصلوات - ولاسيما في العيدين - ليرددوا التكبير جماعة خلف من يتولى التكبير في مكبر الصوت ، ويرددون وراءه جماعة بصوت واحدٍ ، فهذا كذلك من البدع .
المبحث الثالث : حجج المجوزين للذكر*الجماعي*وأدلتهم
احتج المجيزون للذكر*الجماعي*بحجج(26) ، نوجزها فيما يلي :*
أولاً : النصوص الشرعية الواردة في الثناء على أهل*الذكر*بصيغة الجمع بما يدل على استحباب الاجتماع على ذكر الله منها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال : (( إن لله تعالى ملائكة سيارة ، فضلاً يتبعون مجالس*الذكر*، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر ، قعدوا معهم ، وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم ، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا ، فإذا تفرقوا عرجوا ، وصعدوا إلى السماء . قال : فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم : من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عبادك في الأرض ، يسبحونك ، ويكبرونك ، ويهللونك ، ويحمدونك ، ويسألونك ... )) وفي نهاية الحديث يقول الله : (( ... قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا ، وأجرتهم مما استجاروا ... ))(27) .
فيرى المجيزون للذكر*الجماعي*أن هذا الحديث يدل على فضل الاجتماع للذكر ، والجهر به من أهل*الذكر*جميعاً ، لأنه قال : (( يذكرونك ، يسبحونك ، ويكبرونك ، ويمجدونك )) بصيغة الجمع ، ثم استدلوا بقول الحافظ ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري حيث قال : (( المراد بمجالس*الذكر*هي المجالس التي تشتمل على ذكر الله بأنواع*الذكر*الواردة من تسبيح وتكبير وغيرها ، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى ، وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة ، وفي دخول الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر ... والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوها والتلاوة فحسب ، وإن كانت قراءة الحديث ومدارسته ، والمناظرة فيه ، من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى )) (28) . ومن هذه الأحاديث كذلك ما أخرجه أحمد من طريق : إسماعيل بن عياش ، عن راشد بن داود عن يعلى بن شداد ، قال : حدثني أبي شداد بن أوس ، وعبادة بن الصامت حاضر يصدِّقه ، قال : كنا عند النبي r فقــال : (( هل فيكم غريب ؟ )) يعني أهل الكتاب ، فقلنا : لا يا رسول الله ، فأمر بغلق الباب ، وقال : (( ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله )) فرفعنا أيدينا ساعة ، ثم وضع رسول الله r يده ، ثم قال : (( الحمد لله ، بعثتني بهذه الكلمة ، وأمرتني بها ، ووعدتني عليها الجنة ، وإنك لا تخلف الميعاد ، ثم قال : أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم ))(29) .
قلت : الحديث ضعيف . فيه إسماعيل بن عياش . وهو مدلس . ولم يصرح بالسماع ، ومدار هذا الحديث على راشد بن داود ، قال ابن معين : (( ليس به بأس ، ثقة )) ، وقال دحيم : (( هو ثقة عندي )) ، بينما ضعَّفه الإمام البخاري - رحمه الله - فقال : (( فيه نظر ))، وهذا جرح شديد عنده ، بمعنى أنه متهم أو غير ثقة . كما أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي(30) ، وقال الدارقطني : (( ضعيف لا يعتبر به )) ، فاتفق مع البخاري في تضعيفه ، وهو الظاهر من حاله ، فإن في الحكم بالجرح زيادة علم عن الحكم بالتعديل ، فإذا صدر من إمام عالم متمكن غير متشدد كان مقبولاً من غير شك ، هذا من جهة .
ومن ناحية أخرى ، فلو فرضنا جدلاً صحة هذا الحديث فليس فيه دلالة على جواز*الذكر*الجماعي*، فهو صريح الدلالة على أن ذلك كان للبيعة - أو لتجديد البيعة - وليس لمجرد*الذكر*، لاسيما وقد أمرهم النبي r برفع الأيدي ، فهذا للمبايعة ، ولا يشترط - بل ولا يستحب - في*الذكر*.
hg`;v hg[lhud fdk hghjfhu ,hghfj]hu hg`;v hg[lhud fdk
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-11-2015, 09:15 AM
|
#2
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
أسْع‘ـدَالله قَلِبِكْ .. وَشَرَحَ صَدِرِكْ ..
وأنَــــآرَدَرِبــكْ .. وَفَرَجَ هَمِكْ ..
يَع‘ـطِيِكْ رِبي العَ‘ــآآإفِيَه عَلىآ الطَرِحْ المُفِيدْ ..~
جَعَ‘ـلَهْ الله فِي مُيزَآإنْ حَسَنَـآتِك يوًم القِيَــآمَه ..
وشَفِيعْ لَك يَومَ الحِسَــآإبْ ..~
شَرَفَنِي المَرٌوُر فِي مُتَصَفِحِكْ العَ ـطِرْ ..~
دُمت بَحِفْظْ الرَحَمَــــن ـآ..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-12-2015, 07:34 AM
|
#3
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمـــوخ
أسْع‘ـدَالله قَلِبِكْ .. وَشَرَحَ صَدِرِكْ ..
وأنَــــآرَدَرِبــكْ .. وَفَرَجَ هَمِكْ ..
يَع‘ـطِيِكْ رِبي العَ‘ــآآإفِيَه عَلىآ الطَرِحْ المُفِيدْ ..~
جَعَ‘ـلَهْ الله فِي مُيزَآإنْ حَسَنَـآتِك يوًم القِيَــآمَه ..
وشَفِيعْ لَك يَومَ الحِسَــآإبْ ..~
شَرَفَنِي المَرٌوُر فِي مُتَصَفِحِكْ العَ ـطِرْ ..~
دُمت بَحِفْظْ الرَحَمَــــن ـآ..
كل الود والتقدير
لمرورك بمتصفحي
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي لسموك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-11-2015, 10:30 AM
|
#4
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-12-2015, 07:35 AM
|
#5
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة eyes beirut
جزاك الله خير
كل الود والتقدير
لمرورك بمتصفحي
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي لسموك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-11-2015, 11:01 AM
|
#6
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
جزاك الله خيرا
جعله في ميزان حسناتك يارب
على طرحك الرائع والمميز والراقي
انتظر جديدك بكل الشوق
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-12-2015, 07:35 AM
|
#7
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاك الروح
جزاك الله خيرا
جعله في ميزان حسناتك يارب
على طرحك الرائع والمميز والراقي
انتظر جديدك بكل الشوق
كل الود والتقدير
لمرورك بمتصفحي
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي لسموك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-11-2015, 12:21 PM
|
#8
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
بارك الله فيك
وجزاك الله كل خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-12-2015, 07:36 AM
|
#9
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حگـَآيآ آلّمطـرُ
بارك الله فيك
وجزاك الله كل خير
كل الود والتقدير
لمرورك بمتصفحي
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي لسموك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-11-2015, 02:30 PM
|
#10
|
رد: الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
جزاك الله خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك
واثابكك الله عليه بجنانه
لروحكك الورد
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 09:49 AM
| | | | | | | | | |