02-05-2018, 06:34 AM
|
|
|
|
المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار في السنة النبوية
جاءت الشريعة الإسلامية لعمارة الدارين؛ دار الدنيا ودار الآخرة، وقد جعل الله تبارك وتعالى من مقاصد الخلق عمارة الأرض مصداقا لقوله تبارك وتعالى: ﴿ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61].
وطرق عمارتها كثيرة من جملتها استثمار المال، وقد فتحت الشريعة الإسلامية الباب على مصراعيه لاستحداث أنواع من المعاملات المالية التي تيسر على الناس معاشهم، فلم تقيدهم بلون من التعامل بل أطلقت الحكم بالإباحة، فتقرر عند المحققين من أهل العلم أن الأصل في المعاملات هو الحل.
وهي وإن أرخت العنان في باب التعامل، إلا أنها قيدته بجملة من القيود والضوابط، التي يقصد منها حفظ مصالح المكلفين لا التضييق عليهم؛ لأن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح و تكثيرها وبدرء المفاسد وتقليلها.
والمتأمل في هذه الضوابط الشرعية، يجد أنها تضمنت حِكَمًا أخلاقية، ومقاصد أدبية تكفل للمتعامل دينه وماله، وللمجتمع رقيه وانسجامه، وهذا ما عزمت على إماطة لثامه، وكشف أسراره مستعينا بالله تعالى في ذلك، من خلال هذه المداخلة الموسومة ب -: " المقاصد الأخلاقية من الضوابط الشرعية للاستثمار في السنة النبوية ".
ونظرا لأهمية الموضوع، وطول ذيله، فقد ارتأيت أن أبحث الموضوع مركزا على النقاط الآتية:
أولا: المقصد الأخلاقي من تحريم الاتجار في المحرمات:
أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة، وبيَّن نعته في الكتب السابقة بقوله تبارك وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].
فما من شيء يحله إلا وهو طيب، وما من شيء يحرمه إلا وهو خبيث، فكل شيء محرم فهو مفسدة محضة أو غالبة، وقد وردت في السنة نصوص كثيرة تنهى عن استثمار المال في المحرمات، ولعل من أوعبها حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، الذي لأهميته لم يخل منه كتاب من كتب أدلة الأحكام كمنتقى الأخبار للمجد بن تيمية وعمدة الأحكام للمقدسي وبلوغ المرام لابن حجر، ونصه أنَّ جَابِر رضى الله عنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: " إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ "؛ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؛ فَقَالَ: " لَا هُوَ حَرَامٌ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ ".
فقد تضمن هذا الحديث النهي عن استثمار المال في جملة من المحرمات، وهي الخمر والميتة والخنزير والأصنام، وكل هذه المحرمات ورد تحريمها في نصوص قرآنية.
ولعل أهم مقصد أخلاقي يستفاد من هذا الضابط هو إذكاء خلق الغيرة في قلب المؤمن، فالمؤمن الصادق هو الذي يكون ولاؤه لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، فهو يحب ما يحبه الله تعالى ويبغض ما يبغضه الله تعالى، وإلا فكيف يستقيم الإيمان بالله مع الرضا ببيع الأصنام التي تعبد من دون الله، مهما كان الربح سريعا والغُنم وفيرا.
والناظر في سيرة بعض المستثمرين يرى أنهم لا يراعون هذا المبدأ جهلا أو غفلة وأنا أربأ بهم من الثالثة، وهي طلب المال على حساب الدين، فيخشى على صاحبه أن يكون ممن يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل؛ ومن صور ذلك استيراد ألبسة تتضمن رسوما صليبية أو نجمة سداسية أو صورا لمعبودات وثنية، والأقبح من هذا وذاك أن يتعمد استيراد أحذية يكتب تحتها اسم الجلالة أو اسم الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن الغيرة تقود إلى استشعار الفرد مسؤوليته على الأمة؛ لأنَّه جزء من نسيجها، فهو كالبضعة من الجسد يألم لألمه، ويصح بصحته، أما الفرد الميت فهو الذي لا يستشعر آلام أمته، فهو قطعة ميتة حقيق بها أن تبتر.
ولذلك ورد النهي عن الاتجار في الخمر؛ لأن ترويجها إخلال بواجب الفرد تجاه أمته، وعلامة على ذهاب غيرته، ودليله سعيه إلى الإفساد وإن لم يرده، فالخمر أصل كل بلوى، ومنشأ كل شر، وقد جاء في الأثر ما يبين خطورتها كما في حديث عُثْمَانَ رضى الله عنه يَقُولُ: " اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا فَسَقَتْهُ كَأْسًا قَالَ زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْسَ فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ".
فالمتأمل لهذا الحديث الموقوف، يدرك خطورة الخمر، وسبب تحريمها؛ لأنها تقود إلى كل رذيلة كما هو حاصل في الأثر المتقدم، ولهذا لا نستغرب الحملة الأمريكية الداعية إلى منع الخمر في الثلاثينات من القرن المنصرم، لأن عقولهم وتجربتهم أوصلتهم إلى هذه النتيجة، وإن كان جهدهم لم يكلل بالنجاح، لعدم اقتران وازع السلطان بالإيمان.
هذا، ولخطورة الخمر لعن من أجلها عشرة أشخاص كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ".
والسر في لعنهم أنهم لا غيرة لهم على محارم الله، ومن ثمة فالمستثمر في الخمر عديم الغيرة؛ لأنه يرضى لنفسه أن يتأكَّل بما يغضب الله تعالى وبما يكون داعيا للمسلمين إلى الانحراف عن الصراط المستقيم.
وما قلناه في الخمر يقال مثله في بيع الميتة والخنزير، وقد نص القرآن على تحريمهما، حيث قال الحق تعالى: ﴿ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [ [الأنعام: 145].
وقد نصَّت الآية على علة تحريم الخنزير، وهي النجاسة، يقول القرافي: " والرجس في اللغة القذر؛ فكما أن العذرة لا تقبل التطهير فكذلك الخنزير؛ لأنه سوى بينه وبين الدم ولحم الميتة، وهما لا يقبلان التطهير؛ فكذلك هو ".
وبسبب نجاسته أهدر الشارع مصلحة وفرة لحمة، وغزارة دهنه، وهو ليوم الناس هذا من أبخس الدهون سعرا، وعليه معتمد الشركات الغربية ومن لف لفها في إنتاج الدهون الحيوانية، ومنع المسلم من الاستثمار فيه ترويض له على طلب الطهر في المأكل والمطعم وفي شأنه كله، كما أنه دليل على غيرته على محارم الله، وليس هذا فحسب؛ بل هو تربية له على الغيرة على العرض؛ فمن عجيب ما ذُكِرَ أن الخنزير عديم الغيرة على أنثاه، وأن إدمان أكله يورث الدياثة، والعياذ بالله.
يقول الإمام البقوري مبينا تأثر الآكل بالمأكول: " ومما يقال: إن العرب سرى إليها الكرم والحقد من أكل لحم الإبل، والفرس اكتسبت القساوة من أكل لحم الخيل، والإفرنج اكتسبت عدم الغيرة من أكل الخنزير، والسودان أفادها الرقص أكل لحم القردة، والله أعلم ".
وزبدة القول أن المستثمر بامتناعه عن استثمار ماله في المحرمات، يثبت فعلا غيرته على محارم الله تعالى، وأنعم به من خلق.
ثانيا: المقصد الأخلاقي من تحريم الربا:
يعد الربا أحد أخطر عوائق الاستثمار ولهذا جاءت الشريعة المحمدية بتحريمه، وليست هي بدعا في التحريم، بل هذا ما كانت عليه الشرائع السابقة أيضا، بل توافق معها حتى بعض الفلاسفة الإغريق كأرسطو وأفلاطون.
وقد جاءت نصوص كثيرة تقرر هذا المنع في القرآن والسنة، أكتفي من القرآن بقوله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 278].
أما الأحاديث فكثيرة جدا منها حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قال: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ".
وتحريم الربا أمر معلوم من الدين بالضرورة، وقد تشوَّفَ الشارع في تحريمه إلى عدة مقاصد تشريعية، ويندرج ضمنها مقاصد أخلاقية من أهمها منع الظلم؛ ذلك أن المرابي ظالم لغيره، فهو يبيع الشيء بجنسه متفاضلا، وهو ما يسمى بربا الفضل، وهو ما منعته السنة، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ".
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتساهل مع أصحابه في هذا المنع لانطوائه على الظلم مهما كان التفاضل يسيرا، ومن أدلته أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضى الله عنه قَالَ جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلَالٌ كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ أَوَّهْ أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ ".
بل إن السنة حسمت مادة التفاضل حتى مع الشك في وجوده؛ فجعلت الشك في التماثل كالعلم بالتفاضل، ولهذا منعت المزابنة، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا ".
وسرُّ المنع أن الرطب إذا جف ينقص وزنه، فتنتفي المماثلة بينه وبين اليابس، ولهذا جاء في حديث سَعْدٍ رضى الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنْ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ؛ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: " أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ؛ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ".
لكن هذا المنع للربا يصير مباحا للحاجة في العرية، وهي أن يهب الرجل حائطه لفقير، فيتضرر بدخوله على أهله، فيرخص له أن يشتري منه ذلك الثمر خرصا، فَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ ".
ومدرك الترخيص أن الظلم الذي من أجله منع الربا منتف في هذه المعاملة، بل هي في الأصل معاملة مبنية على التبرع والإحسان.
أما الصورة الثانية من الربا، فهي بيع العرض الربوي بمثله إلى أجل، وهي ظلم واضح، وتجنٍّ فاضح، وإلا فكيف يباع الجنس الربوي بمثله أو أكثر منه إلى أجل، وهو ما يفضي إلى التفاوت بين القيمتين، فيكون سببا في إلحاق الظلم بأحد الطرفين.
ومن صوره أيضا الإقراض بفائدة ربوية!، هذه الصورة القديمة التي لم تزل ترزح بثقلها على البشرية ولا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من ويلاتها إلى يوم الناس هذا.
فالمقرض سواء كان فردا أو بنكا يقرض في مقابل هذه الزيادة، ويزيد فيها كلما تأخر المقترض في دفع المستحقات، فيصير الدين أضعافا مضاعفة ولمَّا يسدَّد بعد، وما تعيشه اليونان - مثلا - في هذه الأيام ما هو إلا أنموذج لهذا الظلم الذي يعانيه الإنسان من أخيه الإنسان.
ولهذا جاء تحريم الربا قطعيا في الكتاب والسنة، وقد صوَّر القرآن هذا النمط من الربا بصورته البشعة؛ فقال الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130].
كما أن السنة حسمت حكمه فمنعته بصورة قاطعة؛ حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم كل عقد ربوي تحت قدمه، فقال: " أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ ".
وإذا كانت الشريعة اليهودية المحرفة قد منعت الربا بين اليهود فقط، وأباحته مع غيرهم بناء على قاعدتهم المشؤومة التي حكاها الحق عنهم؛ فقال: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾[آل عمران: 75]، فإن التحريم ورد في الكتاب والسنة عاما في المتعاملين؛ لأن الإسلام جاء برفع الظلم عن المسلم وغيره، ولم ينازع في هذا إلا أبو حنيفة؛ فأباحه في دار الحرب فقط، ومذهبه مرجوح، وليس هذا مقام تحرير هذا الموضوع.
هذا، وما قرره الإسلام من منعٍ للربا لانطوائه على الظلم، أقر به بعض المخالفين وتوصلوا إليه بعد بحث وتجربة، فمن أشهرهم عالم الاقتصاد الشهير البريطاني لورد كين - ز، الذي دعا إلى إلغاء الفائدة الربوية نهائيا حتى لا يقع الحيف والظلم على المجتمع، وكذلك العالم الاقتصادي موريس آليه الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، وغيرهما كثير.
وزبدة القول أن الشريعة المحمدية حرمت الربا لأنه ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، وما أحوجنا إلى مثل هذا المقصد الأخلاقي الذي لما أهمل استُعْبِدَ الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
ثالثا: المقصد الأخلاقي من تحريم الغرر:
الاستثمار المالي عملية اقتصادية تحتمل الربح والخسارة، وقد أُمِرْنَا بتثمير المال بالطرق المشروعة، أما إتلاف المال في معاملات يغلب عليها فوات المقصد من التجارة، ويدخل النقص على المال، فهذا يدخل في حيِّز الغرر الذي جاء الشرع بالنهي عنه، فورد تحريمه قاطعا عاما في القرآن كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ﴾ [النساء: 29].
وهو ما قررته السنة النبوية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ".
كما وردت عدة نصوص نبوية تضمنت النهي عن آحاد الغرر، فمن ذلك بيع الحصاة الوارد في الحديث السابق وله صور كثيرة في تفسيره ترجع جميعا إلى الجهالة في المبيع، منها قول البائع: بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة، أو بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمى بهذه الحصاة.
ومن صوره بيع حبل الحبلة وقد منعته السنة النبوية؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا ".
وعلة المنع هو جهالة المدة في البيع، قال الإمام مالك: " هذا الحديث أصل في النهى عن البيوع إلى الآجال المجهولة ".
ومن صوره النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ ".
ووجه الغرر فيه هو احتمال طروء الهلاك على الثمار بسبب الجائحة، فيحصل الضرر للمشتري، وهذا ما ورد صريحا في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ "،فَقِيلَ لَهُ وَمَا تُزْهِي؟!، قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟! ".
ومن صوره بيعا المنابذة والملامسة فعن أبي سَعِيدٍ رضى الله عنه: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُنَابَذَةِ وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَنَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ ".
يقول ابن بطال: " لا يجوز بيع الملامسة والمنابذة عند جماعة العلماء، وهو من بيع الغرر والقمار؛ لأنه إذا لم يتأمل ما اشتراه ولا علم صفته فلا يدرى حقيقته، وهو من أكل المال بالباطل، وكان مالك يقول: المنابذة أن ينبذ الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما، ويقول كل واحد منهما لصاحبه: هذا بهذا ".
والذي يستوقفنا ونحن نصغي إلى مضامين هذه الأحاديث هو اهتبال الرسول صلى الله عليه وسلم بالتنصيص على صور الغرر، رغم اندراجها جميعا تحته، ويشير النووي إلى حكمة ذلك؛ فيقول: " واعلم أن بيع الملامسة وبيع المنابذة وبيع حبل الحبلة وبيع الحصاة وعسب الفحل وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة هي داخلة في النهي عن بيع الغرر ولكن أفردت بالذكر، ونهي عنها لكونها من بياعات الجاهلية المشهورة، والله أعلم ".
وفي تقديري أن سبب ذلك أيضا هو ترسيخ منع الغرر في النفوس بذكر آحاد صوره، حتى لا يفهم من سكوته جواز مثل هذه المعاملة، والحاصل أن الشارع حسم مادة الغرر في المعاملات، وخاصة إذا كان فاحشا، فنهى عن هذه البيوع، والعلة في المنع هو ما فيه من أكل لأموال الناس بالباطل، وهو ما يفضي إلى كثرة الخصومة التي تستتبع انتشار البغضاء والقطيعة، وهذا ما يستشف من حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ أَصَابَهُ مُرَاضٌ أَصَابَهُ قُشَامٌ عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ: " فَإِمَّا لَا فَلَا تَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرِ "كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ.
إذن، فالمقصد الخلقي حاضر معنا في هذا الضابط، وهو قطع دابر البغضاء، لأن فشوها في الأمة مؤذن بخرابها؛ لأنه يفضي إلى الاختلاف المؤدي إلى التقاتل والتهارج والتقاطع.
وقد جاءت الشريعة المحمدية بتثبيت أواصر الأخوة، وتوطيد علائقها، ودعت إلى حفظها من جهتي الوجود والعدم، فمن جهة الوجود أمرت بحقوق الأخوة والإحسان إلى الخلق ونحوها من الشرائع، ومن جهة العدم منعت كل وسيلة تفضي إلى الشحناء بين الناس، وهذا ما نستنبطه من تحريم الغرر، لأنَّه ذريعة إلى التنازع والتطاحن.
وانطواء القلب على البغضاء نقص في الدين، كما يدل عليه حديث الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ".
إذن، فالتعامل المالي في السنة ليس عملية اقتصادية صِرْفَةً تتجرد عن القيم والأخلاق، ويقصد منها الربح على كواهل الخلق، بل المقصد من هذه الضوابط استحضار حقوق الأخوة، ومنع الإساءة إلى الخلق، ويتأكد الأمر إذا كان المتعامل مسلما، فهو قبل أن يكون مستثمرا هو مسلم له حقوق الأخوة، وندرك هذا المعنى الخلقي أكثر من خلال هذين المثالين:
الأول: ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ".
فالحديث يحض المسلم على إقالة أخيه، وذلك في حال ندمه على إبرام الصفقة، موعودا بهذا الثواب الجزيل، رغم أن البيع تم باتا ولا خيار للمبتاع في ذلك، ومع هذا فقد استحبت السنة الإقالة لما فيها من إحسان، وزيادة المحبة بين أهل الإيمان.
والثاني: ما جاء عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ ".
فقد تضمَّن الحديث النهي عن البيع على البيع وهذا في حال تراكن المتعاقدين إلى بعضهما، ومكمن النهي هو إفضاؤه إلى البغضاء بين المسلمين.
وصفوة القول أن تحريم الغرر له مقاصد تشريعية من أهمها هذا المقصد الأخلاقي، وهو نفي البغضاء بين المستثمرين، وخاصة إذا كانوا مسلمين.
رابعا: المقصد الأخلاقي من تحريم الغش:
من الضوابط المهمة في الاستثمار تحريم الغش بأنواعه، كأن يكتم البائع عيب السلعة عن المشتري ونحوه، وقد مُنِعَ الغش لأنَّه أكل لأموال الناس بالباطل، وقد نصَّ القرآن على تحريمه.
وقد صح في السنة النهي عنه، بل ورد فيه الوعيد الشديد، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ".
وهذا تهديد خطير للغاش من وجهين:
أحدهما: اقترانه بتحريم حمل السلاح على المسلمين، ووجهه أنَّ حامل السلاح ينتهك حرمة النفس، والغاش ينتهك حرمة المال، وكلاهما مقصدان أطبقت جميع الشرائع على حفظهما.
والثاني: أنَّ الغاش ليس على الطريقة المحمدية، وظاهره الخروج من الملة، والحديث وإن كان محل تأويل عند العلماء؛ إلا أنه يدل على خطورة الغش، ووجوب اجتنابه، ومشروعية محاربته، وهذا ما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله الأسواق، ومن شواهد هذا ما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ؛ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا؛ فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟!"،قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!، قَالَ: " أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ".
ويكون الغش أيضا بكتم السعر الحقيقي للسلعة، ولهذا ورد النهي عن تلقي الركبان؛ لأنه مظنة غش الحضري للبدوي؛ لأنه لا يعرف سعر السوق فيبيعه دون قيمته الحقيقية؛ فيحصل الغبن للبادي من قبل الحاضر.
ولا يقتصر منع الغش على البائع فحسب، بل يطال المنع المشتري أيضا؛ وصورته أن يظهر الرغبة في اقتناء السلعة بقصد رفع سعرها دون أن يشتريها، وهو النجش، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَّجْشِ ".
ودليل المنع أيضا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ ".
إنَّ ما يستوقفنا في هذا الحديث هو الاشتراك بين أكثر أنواع البيوع المذكورة في الغش، فهي في تلقي الركبان بكتم السعر، وفي النجش بإغلاء السعر دون القصد إلى الشراء، وفي المصراة بتصرية ثدي البهيمة تمويها على المبتاع لتظهر أنها حلوب، وهذا تغرير بالناس.
ونظرا لخطورة الغش ثبت الخيار للبائع إذا غبن غبنا فاحشا، وقد اشتكى رجل في زمن النبوة من كثرة انخداعه في البيع، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشترط، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ "، فَكَانَ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ: لَا خِيَابَةَ.
هذا، وإذا أنعمنا النظر في هذا الضابط الشرعي للاستثمار بمنع الغش، نجد أنَّ من أعظم ما قصد منه هو تربية المسلم على خلق النصيحة، لأن مقتضى الغش هو الخديعة وعدم النصح، حتى من جهة اللغة، يقول الإمام الفيروز آبادي مفسرا للغش لغة: " غَشَّهُ لم يَمْحَضْهُ النُّصْحَ، أو أظْهَرَ له خِلافَ ما أضْمَرَهُ ".
والنصيحة من أعظم أخلاق المسلم، بل إنها عماد الدين، يدل على هذا حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ "، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: " لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ".
قال الإمام النووي: " هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام ".
ولخطر النصيحة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع عليها، فعن جَرِيرٍ رضى الله عنه قَالَ: " بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ".
هذا عن أهمية النصيحة، وأما عن معناها فاسمها يدل على معناها، حيث ذكر أهل العلم أنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، وقد اختلف في أصل معناها، فقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط.
والذي يتحرر من هذا المعنى أن مقتضى النصيحة تجنب الغش والخديعة، وأن يحرص الناصح على بذل المعروف للمنصوح له، حتى لو أفضى هذا إلى فوات بعض حظه، ولهذا فسرها الإمام الخطابي بقوله: " النصيحة كلمة جامعة، معناها: حيازة الحظ للمنصوح له ".
ولقائل أن يعترض على ما ذكرناه بأن مبنى البيع على المشاحة والمكايسة وطلب الربح، وقد يظهر لبادئ الرأي أن في النصح فواتا لهذه الغاية من التجارة، والجواب أن الشريعة سامحت في الغبن اليسير واغتفرته إذا التزمت النصيحة، كما أنها لما حظرت الغش في الاستثمار إنما أوصدت الباب أمام إنماء للمال بغير الطريق المشروع، لأنه ظلم للناس وظلم للنفس قبلها بالتسبب في محق بركة الكسب.
وكمال الانتفاع بالمال إنما يحصل بالبركة المقرونة بتقوى الله، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].
فإذا تنكب المستثمر طريق النصح محقت بركة المعاملة، وشاهد هذا حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ".
وهذا ما نراه في واقع الاقتصاد في عالمنا الإسلامي، حيث نرى أنَّ الغش ضرب أطنابه في المعاملات المالية، بل نجد تفننا وإبداعا في ابتكار أنواعه واستحداث أصنافه، ومن نماذجه الغش في التركيبة الكيمائية للأدوية، أو الغش في المواصفات الفنية في إنجاز البنايات والطرقات وهلم جرَّا.
فما هي النتيجة بعدئذ؟! ربح عاجل يلحقه خُسْرٌ لاحق، حيث يؤدي هذا السلوك إلى زوال الثقة من المستهلكين والمتعاملين، فيستعيضون عن المستثمر المسلم بغير المسلم، وعذرهم أن فئاما من المسلمين يغشون، وكثيرا من غير المسلمين ينصحون!، والله المستعان.
خامسا: المقصد الأخلاقي من تحريم الاحتكار:
وردت عدة نصوص تنهى عن الاحتكار إما من طريق العموم؛ بصفته نوعا من الإضرار بالمسلمين وبغيرهم، وإما بالتنصيص عليه، ولعل أخص دليل ورد بشأنه ما رواه مسلم في صحيحه من حديث مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ ".
وقد وردت نصوص أخرى لا تخلو من مقال في أسانيدها، وحتى وإن لم تثبت، فلو لم يصح في الباب إلا هذا الحديث لكفى، فصحة إسناده وقطعية دلالته تفيد حرمة الاحتكار، ووجه الاستدلال منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المحتكر بأنه خاطئ، والخاطئ هو العاصي الآثم، وهذا صريح في تحريم الاحتكار.
ويتأيد هذا الحديث بعمل الخلفاء الراشدين، وهو ما اتكأ عليه الإمام مالك في موطئه؛ فروى بلاغا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قَالَ: " لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا لَا يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ ".
وروى أيضا أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضى الله عنه كَانَ يَنْهَى عَنْ الْحُكْرَةِ ".
وقد أجمع الفقهاء على تحريم الاحتكار، وإن اختلفوا في حدود المنع، والذي ذهب إليه الإمام مالك تحريم احتكار كل سلعة فيها إضرار بالناس سواء كانت طعاما أو غيره، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كل ما تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِمَصَالِحِ النَّاسِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ الْمَضَرَّةِ عليهم فيه.
وبعيدا عن الخلاف الفقهي في الراجح في المسألة، فالذي يعنينا في هذا المقام أن السنة النبوية نهت عن الاحتكار، أما الاختلاف فيما يمنع فيه الاحتكار وما لا يمنع فلا يعني إلغاء هذا الضابط.
والمقصد الخلقي من هذا التشريع، هو التحلي بخلق الرحمة، وأكرم به من خلق، وتدبر معي قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾[الأنبياء: 107]، حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للإنس والجن، وللمؤمن والكافر، وهذا شامل لذاته ولسنته فكله صلى الله عليه وسلم رحمة.
ويوم أن أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال فيهم: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ﴾...الآية [ [الفتح: 29].
إن هذا الخلق له أهمية عظيمة في السنة النبوية، لأن رحمة الله تبارك وتعالى مقرونة برحمة الخلق، وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ ".
فالأمر بالرحمة جاء عاما لكل من فوق الأرض، مهما كان لونه أو جنسه أو دينه، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به المستثمر المسلم، فلا يكون أكبر همه جمع المال حتى ولو كان على حساب بطون الجوعى وأنَّات المرضى وآهات الجرحى.
ومعلوم أنَّ الاحتكار في العصر الحديث بلغ درجة رهيبة من الجشع، فالتحكم في سوق الغذاء العالمي أو غيرها من متطلبات المعيشة كالدواء واللباس يجعل الدول الفقيرة تحت سوط الدول المتقدمة، تفعل بها ما تشاء، فتنهب خيراتها، وتستحوذ على مقدراتها، وتسترق شعوبها.
إن الرحمة في قلب المستثمر المسلم هي التي تجعله رفيقا بالناس، عطوفا عليهم، فالتاجر الرحيم لا يستهويه سراب الربح الخادع الذي يكون على حساب دينه وقربه من ربه والاقتفاء لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قبل أن يكون مستثمرا في سوق الدنيا هو مستثمر في سوق الآخرة، وهو يعلم علم يقين أن عديم الرحمة في القلب عديم من رحمة الله يوم القيامة.
وكيف يحتكر بعد هذا عرضا من أعراض الدنيا ليضر بالناس، وهو يعلم بأن دليل الإيمان هو التألم لحال الضعيف والفقير، وأنَّ غفلة القلب عن هذا الشعور دليل موته؛ وفي حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".
فما أحوجنا إلى خلق الرحمة في تعاملنا المالي، فنظفر بخير الدنيا وخير الآخرة.
هذا، وإن هذه الضوابط على أهميتها قُلٌّ من كُثْرٍ، وقد تغيَّا الشارع منها جملة من المقاصد؛ من أهمها رياضة النفس بالأخلاق الفاضلة، وتزكيتها بالخلال الطاهرة، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في هذه الورقات لعلها تكون سلما للارتقاء إلى غيرها من المعاني الأخلاقية.
والناظر في تاريخ المسلمين يجد أنهم بلغوا بالإسلام أصقاعا بعيدة من الأرض، ما وصلتها جيوش المسلمين ولا وطئتها سنابك خيولهم ولا علاها مسلم بسيفه، بل ورد عليها تجار مسلمون يحملون الإيمان في قلوبهم وأعمالهم، ويترسمون هدي نبيهم في باطنهم وظاهرهم، ما غرتهم الدنيا بزخرفها، ولا فتنتهم ببهرجها، بل قصدوا تنمية أموالهم بتنمية أديانهم، فأصابوا الحسنتين، وربحوا في كلتا التجارتين، ودخل ملايين من الناس في الدين بسببهم، فما أسعدهم بالسنة وما أسعد السنة بهم.
أما نحن في هذا الزمان، فنشكو إلى الله حالنا، فكثير منَّا تنكب عن المنهج النبوي في الاستثمار، فأكبر الهم هو جمع المال ولو من غير حله، وكم طرق أسماعنا من دواهي سببها الإعراض عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاللهَ تبارك وتعالى نسأل أن يردنا إلى السنة النبوية ردا جميلا، وأن يهدينا إلى أحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو وأن يصرف عنَّا سيئها لا يصرف عنَّا سيئها إلا هو، إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل. .
hglrhw] hgHoghrdm lk q,hf' hghsjelhv hglrhw] hghsjelhv
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-05-2018, 07:41 AM
|
#2
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
*,
جَزَآك الله خَيْر جَزآء..’
وأسْعَدَك الله فِي ....الدآرَيْن ..,
,’
دُمْت بِحِفْظِ البَآرئ
* *,
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-05-2018, 09:34 AM
|
#3
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-06-2018, 06:02 AM
|
#4
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
اقتباس:
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-05-2018, 11:58 AM
|
#5
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
جزاك الله خير ونفع بك
وجعله في موآزين حسنآتك
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-06-2018, 06:02 AM
|
#6
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كبرياء أنثى
جزاك الله خير ونفع بك
وجعله في موآزين حسنآتك
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-05-2018, 04:23 PM
|
#7
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
جزاك الله خيير..
بآرگ الله فيككٍ عَ الطررح القيـم ..
دُمْت ب حفظ الرحممن ..~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-06-2018, 06:02 AM
|
#8
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاك الورد
جزاك الله خيير..
بآرگ الله فيككٍ عَ الطررح القيـم ..
دُمْت ب حفظ الرحممن ..~
أشكرك على مرورك الرآآئع
تتعطر وتشرف متصفحي بحضورك
لكِ أعذب زهور اليآسمين
دمتِ بكل خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-06-2018, 04:13 AM
|
#9
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
_
اثَآبك الله الأجْر
واسْعَد قلبك في الدنيَا والآخره
دُمت بحفظ الرحمن .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-06-2018, 06:02 AM
|
#10
|
رد: المقاصد الأخلاقية من ضوابط الاستثمار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضوء القمر
_
| | | | | | | | | | |