اضطراب التعلق الانفعالي (Reactive attachment disorder) هو حالة مرضية تحدث لدى
الأطفال الذين لم يحظوا بالرعاية والاهتمام والعاطفة اللازمة من الوالدين أو القائمين على رعايتهم.
وعادة ما يشاهد الاضطراب لدى الأطفال الأقل من سن الخامسة.
حيث تتطور العاطفة عند الطفل من الساعات الأولى التي يهدهد فيها الوالدان رضيعهما
ويسهران على رعايته وتلبية احتياجاته بشكل متكرر، ليتعلم الطفل الصغير حب الآخرين
والثقة بهم، وإدراك مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، وتنظيم عواطفهم، وتطوير علاقات صحية
وصورة إيجابية عن الذات. لكن، يمكن لـغياب الدفء العاطفي خلال السنوات القليلة الأولى
من الحياة أن يؤثر سلبًا على مستقبل الطفل.
* أعراض اضطراب التعلق الانفعالي
يمكن أن يؤثر الاضطراب على كل جانب من جوانب حياة الطفل ونموه. وتشمل الأعراض ما يلي:
- لا يستجيب الطفل للمشاعر التي يبديها الآخرون نحوه كما يفترض.
- لا يعبر عن مشاعر الضمير، مثل الندم أو الذنب أو الحزن.
- يتجنب التواصل البصري.
- يتجنب الاتصال الجسدي، وخاصة من مقدمي الرعاية.
- يعاني من نوبات غضب أو يكون أكثر انفعالًا أو تمردًا أو عرضة للجدل
مما قد تتوقعه بالنسبة لعمره وحالته.
- يكون غير سعيد أو حزينا بدون سبب واضح.
ومع تقدم الأطفال في السن، يميل الاضطراب إلى اتخاذ نمطين، مثبط
وغير مثبط. وتشمل الأعراض الشائعة مع النمط المثبط:
- الانفصال.
- عدم الاستجابة أو المقاومة عندما يحاول الآخرين تهدئته.
- الانسحاب وعدم السعي لكسب المودة من مقدمي الرعاية والأشخاص الآخرين.
وتشمل الأعراض الشائعة مع النمط غير المثبط ما يلي:
- عدم التمييز بين الأشخاص مثل الأهل والآخرين (العشوائية)، بحيث
لا يوجد تفضيل لمقدمي الرعاية الأساسيين على الأشخاص الآخرين..
- الميل إلى التصرف كأنه في سن أصغر والبحث عن المودة بطرق يحتمل أن تكون خطرة.
* أسباب اضطراب التعلق الانفعالي
يحتاج الرضع والأطفال الصغار إلى بيئة مستقرة ومليئة بالرعاية كي يشعروا بـالأمان
وينمو إحساسهم بالثقة، كما يجب العمل دومًا على تلبية احتياجاتهم الأساسية
من الناحية العاطفية والجسدية، فعلى سبيل المثال، عندما يبكي الطفل الرضيع
لا بد من تلبية حاجته إلى الرضاعة أو إلى تغيير الحفاض بقدر من التفاعل العاطفي
الذي يتضمن التواصل البصري والابتسام والمداعبة.
وعندما يتعرض الطفل لتجاهل احتياجاته ممن يرعاه أو تتم تلبية احتياجاته دون أي استجابة
عاطفية، فلن ينتظر هذا الطفل الرعاية أو الراحة من جانبهم ولن يكون تعلقه وارتباطه بهم مستقرَين.
ويتميز معظم الأطفال بقدرتهم الطبيعية على التكيف، وحتى أولئك الذين عانوا من الإهمال
أو عاشوا في دور الأيتام أو تعدد القائمون على رعايتهم، فإنهم يتمكنون من تكوين علاقات صحية.
وليس من الواضح سبب ظهور اضطراب التعلق الانفعالي لدى بعض الرضع والأطفال
وعدم ظهوره لدى البعض الآخر.
وهناك نظريات مختلفة بشأن اضطراب التعلق الانفعالي وأسبابه
ولا يزال الأمر بحاجة لإجراء المزيد من البحوث للوصول إلى فهم أفضل
ولتحسين طرق التشخيص والخيارات العلاجية لهذه الحالة.
* من هم الأطفال الأكثر عرضة لاضطراب التعلق الانفعالي؟
قد تزداد مخاطر الإصابة باضطراب التعلق الانفعالي من جراء الإهمال العاطفي
والاجتماعي الجسيم، أو غياب الفرصة لتكوين روابط مستقرة لدى الأطفال الذين:
- ولدوا لآباء تنقصهم الخبرة.
- عانوا من الانفصال الممتد عن آبائهم أو القائمين على رعايتهم بسبب
الحجز في المستشفى لأسباب صحية.
- ولدوا لأمهات عانين من اكتئاب ما بعد الولادة.
- ولدوا في عائلات كبيرة للغاية، بحيث يكون الوقت الذي يقضونه
مع آبائهم ضئيلًا أو لا يُوزع بالتساوي أو لا يتاح إلا نادرًا.
- يعيشون في دور رعاية الأطفال أو غيرها من المؤسسات.
- يتكرر تغيير الملاجئ التي يعيشون فيها أو يتكرر تغيير القائمين على رعايتهم.
ومع ذلك، لا يصاب معظم الأطفال الذين عانوا من الإهمال الشديد باضطراب التعلق الانفعالي.
ودون تلقي العلاج، يمكن أن يستمر اضطراب التعلق الانفعالي لعدة أعوام وقد تستمر عواقبه
مدى الحياة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة لإجراء المزيد من البحوث لتحديد ما إن كانت
المشاكل لدى الأطفال الأكبر سنًا والبالغين مرتبطة بمعاناتهم من اضطراب التعلق الانفعالي
في سن الرضاعة والطفولة المبكرة.
* كيفية تشخيص اضطراب التعلق الانفعالي
كما هو الحال مع البالغين، يتم تشخيص الاضطرابات النفسية عند الأطفال بناءً على العلامات
والأعراض التي تشير إلى حالة معينة. وإذا ظهرت أعراض على الطفل، فقد يقوم الطبيب
بإجراء تاريخ طبي كامل وفحص جسدي، بما في ذلك مراجعة معالم نمو الطفل.
ولا توجد فحوصات مخبرية لتشخيص اضطراب التعلق الانفعالي، ولكن قد يستخدم الطبيب
اختبارات مختلفة لمعرفة ما قد يكون سببًا للأعراض. وقد تشمل الاختبارات تصوير الأعصاب
أو اختبارات الدم، لمعرفة ما إذا كان المرض الجسدي أو الأدوية تسبب الأعراض.
إذا لم يتمكن الطبيب من العثور على سبب جسدي للأعراض، فمن المحتمل أن يحيل الطفل
إلى طبيب نفسي أو طبيب نفسي للأطفال والمراهقين. وقد تم تدريب اختصاصيي الصحة
العقلية هؤلاء بشكل خاص على تشخيص وعلاج الأمراض العقلية لدى الأطفال والمراهقين.
وهم من سيقيمون الطفل لاستبعاد الأسباب الأخرى لسلوكه غير المعتاد، مثل اضطراب طيف التوحد.
وقد يستخدم الأطباء النفسيون وعلماء النفس أدوات مقابلة وتقييم مصممة خصيصًا لتقييم
الاضطرابات النفسية لدى الأطفال. يعتمدون في تشخيصهم على ما قيل لهم عن الأعراض
وعلى ملاحظة مواقف وسلوكيات الأطفال.
* طرق علاج اضطراب التعلق الانفعالي
علاج اضطراب التعلق الانفعالي له هدفان مهمان.
- الأول هو التأكد من أن الطفل في بيئة آمنة. هذا مهم بشكل خاص
في الحالات التي يتعرض فيها الطفل لسوء المعاملة أو الإهمال.
- الهدف الثاني هو مساعدة الطفل على تطوير علاقة صحية مع مقدم
الرعاية سواء كان الوالدين أو غيرهم. وتشمل استراتيجيات العلاج ما يلي:
- تشجيع نمو الطفل عن طريق رعايته والاهتمام به والاستجابة لاحتياجاته.
- عدم تغيير القائمين على الرعاية وذلك لتشجيع الطفل على الشعور بارتباط مستقر.
- توفير بيئة إيجابية وتحفيزية وتفاعلية للطفل.
- تلبية احتياجات المسكن والأمن والسلامة والاحتياجات الطبية للطفل بالقدر المناسب. وتتضمن الخدمات الأخرى التي قد تفيد الطفل والعائلة ما يلي:
- الاستشارات النفسية الفردية والعائلية.
- توعية الوالدين والقائمين على الرعاية بشأن الحالة.
- حضور دورات خاصة بتعليم مهارات رعاية الأطفال.
ويجب عدم اتباع الأساليب القسرية وإجبار الطفل على كسر الحواجز بينه وبين مقدمي الرعاية
فهذه الممارسات المثيرة للجدل يمكنها أن تكون مدمرة من الناحية النفسية والجسدية
وأن تؤدي إلى حالات وفاة عرضية، لذا، احذر من مقدمي خدمات الصحة النفسية الذين يروجون
لطرق متطرفة أو غير قويمة، وقد يقدم البعض منهم بعض البحوث على سبيل الأدلة التي تدعم
أساليبهم، لكن لم يُنشر أي منها في مجلات الصحة النفسية أو المجلات الطبية الشهيرة.