خـل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
ويحذر صلى الله عليه وسلم زوجه عائشة رضي الله عنها من ذلك قائلاً لها: "يا عائشة،
إياك ومحقرات الأعمال؛ فإن لها من الله طالباً". [رواه ابن ماجه 4243، والدارمي 2626، وقال في الزوائد: إسناده صحيح.رجاله ثقات].
وفي حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع للناس: أي يوم هذا... ألا وإن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم هذه أبدا،ً ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به". [رواه ابن ماجه 3055].
وتتكرر وصايا سلف الأمة في التحذيـر من المحقرات وبيان خطـورة ذلك على المرء.
قال كعب: "إن العبد ليذنب الذنب الصغير ولا يندم عليه ولا يستغفر منه، فيعظم عند الله حتى يكون مثل الطود ويعمل الذنب العظيم فيندم عليه ويستغفر منه، فيصغر عند الله عز وجل حتى يغفر له". [رواه البيهقي في شعب الإيمان 7151].
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "بقدر ما يصغر الذنب عندك كذا يعظم عند الله وبقدر ما يعظم عندك كذا يصغر عند الله". [رواه البيهقي في شعب الإيمان 7152].
وعن الحسن - رحمه الله - أنه قال: "من عمل حسنة وإن صغرت أورثته نوراً في قلبه، وقوة في عمله، وإن عمل سيئة وإن صغرت فاحتقرها أورثته ظلماً في قلبه وضعفاً في عمله". [رواه البيهقي في شعب الإيمان 7219].
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: "إن الرجل ليعمل الحسنة يتكل عليها، ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وقد أخطرته، وإن الرجل ليعمل السيئة فيغرق منها حتى يأتي الله آمناً". [رواه البيهقي في شعب الإيمان 7266، ونسبه ابن حجر في الفتح إلى أسد بن موسى في الزهد].
قال ابن القيم -رحمه الله-: "إذا عرف هذا فاستقلال العبد المعصية عين الجرأة على الله، وجهل بقدر من عصاه، وبقدر حقه؛ وإنما كان مبارزة لأنه إذا استصغر المعصية واستقلها هان عليه أمرها، وخفت على قلبه؛ وذلك نوع مبارزة". [مدارج السالكين 1/ 290].
فكم - أخي الكريم - من كلمة لا نلقي لها بالاً: سخرية بمسلم أو همز له، أو وقوع في عرضه، أو كلمة غير صادقة، نضيف لها نظرة عابرة، وتقصيراً في واجب لا نعبأ به وهكذا حتى يتولد منها سيل جارف. وبعد ذلك نسأل: لماذا قلوبنا قاسية؟!.