إنها سبب عظيم لمحبة الله سبحانه وتعالى للعبد، ولو أحب الله عبدًا لإنتهت جميع مشاكله في الدنيا والآخرة،
ولصارت حياته في منتهى السعادة ولحلَّت البركة عليه ولوقاه الله شر الفتن ونجاه منها ..
إنها من أعظم مقامات الإيمان ومن أعظم القُربات إلى الرحمن ..
إنها التقـــــوى
والتقوى من الوقاية .. أي ما تحمي به نفسك من عذاب الله وسخطه ..
وقال العلماء في التقوى إنها أن تدع ما لا بأس به خشية أن تقع فيما فيه بأس ..
وأفضل تعريف للتقوى إنها:: أن تعمل بطــاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله،
وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله.
والتقوى هي أعظم ثمرة من ثمرات الصيام ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
[البقرة: 183] ..
فلابد أن تحرص على أن تخرج من رمضان كل عام وقد كُتِبت من المُتقين ..
واكتب جميع آيات التقوى التي تمر عليك وتدبَّرها، لكي تستشعر الثمرة العظيمة التي قد أعدَّها الله تعالى للمُتقين
وقد ورد في فضائل التقوى آيات كثيرة .. منها أنها ..
1) موجبة محبة الله عز وجلَّ للعبــد ..
قال تعالى { بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}
[آل عمران: 76]
وسببًا للوصول إلى منزلة الولايـــة ..
يقول الله عز وجلَّ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}
[يونس: 62,63] ..
ويقول تعالى {..وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}
[الجاثية: 19] ..
فأبشِّر بكل خير إن صرت من أولياء الله المُتقين، فهؤلاء
{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
[يونس: 64] ..
وحينها ستعيش حياتك بمنتهى السعادة، في راحة وطمأنينة وسكينة.
2) صفوة خلق الله في الأرض هم المتقون ..
والمرء بطبيعته يحب التميز ونيل المنازل العالية،
وقد قال تعالى {..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] ..
فالأزيد في التقوى هو الأعلى في المنزلة عند الله تعالى، وكلما زاد رصيدك في التقوى
علَّت درجتك في الجنة واقتربت أكثر من رفقة النبي محمد في الفردوس الأعلى لإنه أكثر الناس تقوى،
كما قال "أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله"
[صحيح الجامع (1448)]
3) مصدر للرزق الحلال الطيب المُبارك ..
يقول الله جلَّ وعلا {..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ..}
[الطلاق: 2,3] ..
فإلى كل من يشكو من تأخُر الرزق عنه إلى الآن، عليك بتقوى الله عز وجلَّ حتى يرزقك من حيث لا تحتسب.
4) أعظم أسباب نزول البركات من السماوات ..
والجميع يعاني من قلة البركة في كل شيء هذه الأيام،
والله عز وجلَّ يقول {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..}
[الأعراف: 96] ..
ولكن مُحقِّت البركة بقلة التقوى وانتشار المعصية. ولو استقام الإنسان واتقى الله عز وجلَّ لأغدق عليه من التعيم ..
قال تعالى {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}
[الجن: 16]
5) أعظم أسباب مُضاعفة الحسنات وتكفير السيئات ..
يقول تعالى {..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}
[الطلاق: 5] ..
فليس المهم هو صورة العمل فقط، مهما كان عظيمًا .. وإنما عليك أن تجوِّد أعمالك بالتقوى،
كي يُضاعف الله لك أجرك ويُكفِّر عنك ذنبك.
6) سببًا لأن يشملك الله عز وجلَّ بستره الجميل ..
فكلنا أصحاب ذنوب ومعاصي، والتقوى هي خير ساتر وزينة لباطنك السيء ..
يقول تعالى {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ
مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}
[الأعراف: 26] ..
نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ويسترنا بسترهالجميل.
7) من أعظم أسباب تيسير الأمور ..
يقول الله عز وجلَّ {.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}
[الطلاق: 4].
Cool سببًا لأن يرزقك الله تعالى البصيرة والقدرة على التفريق بين الحق والباطل ..
ففي زمن كثُرت فيه الأباطيل وصار المرء مُشتتًا ولا يملك القدرة على التفريق بين الحق والباطل .. عليك بالتقوى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
[الأنفال: 29] ..
كي يُريك الله الحق حقًا ويرزقك إتباعه.
9) السبيل إلى العلم النافع ..
يقول تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[البقرة: 282] ..
فيمُنَّ الله عز وجلَّ عليك بنعمة الفهم فيصل إلى قلبك العلم النافع الذي تُرزق به الخشية من الله عز وجلَّ،
كما في قوله تعالى {.. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ..}
[فاطر: 28]
10) سببًا لأن ينصرك الله عز وجل ويحفظك ويجعلك في معيته ..
قال تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}
[البقرة: 194] ..
فإن كنت في معية الله عز وجلَّ، سينصرك ويؤيدك ويُسددك.
11) يحفظ الله تعالى عليك أولادك بالتقوى ..
قال تعالى { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}
[النساء: 9] ..
فإن كنت تخشى على أولادك وتقلق على مستقبلهم، فالسبيل إلى حفظهم هو التقوى لأن الله
عز وجلَّ هو الذي يُربيهم ويحفظهم.
12) الأمان من كيد الأعداء ..
يقول تعالى {.. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}
[آل عمران: 120] ..
فبالتقوى يحفظك الله عز وجلَّ من تكالب الأعداء عليك، سواء كانوا من شياطين الإنس
أو الجن أو نفسك التي بين جنبيك.
13) سبب للنجاة من عذاب الدنيا ..
فعند حلول العذاب بالظالمين، يُنجي الله المُتقين ..
قال تعالى { وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}
[فصلت: 18]...
والنجاة من عذاب النار في الآخرة ..
يقول الله عز وجلَّ
{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}
[مريم: 71,72]
14) العز والرفعة يوم القيـامة بالتقوى ..
يقول تعالى {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
[البقرة: 212]
15) الجنة مُفتحة الأبواب لأهل التقوى ..
قال تعالى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
[آل عمران: 133] ..
وهؤلاء المُتقين لن يدخلوا الجنة سائرين، وإنما يدخلونها ركبانًا في وفدٍ مُكرمين ..
كما قال تعالى { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}
[مريم: 85]
بعد كل هذا الفضل العظيم، ألا تريد أن تكون من المُتقين؟
ولكي تكون من عباد الله المُتقين عليك بالآتي ..
1) اترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في المكروهات أو المحرمات ..
قال رسول الله "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس"
[رواه الترمذي وحسنه الألباني] ..
وقال الإمام أحمد رحمه الله "التقوى هي ترك ما تهوى لما تخشى " ..
فعليك أن تُجاهد نفسك في ترك بعض ما تهواه من المباحات، حتى تنال منزلة التقوى.
2) المراقبة وتحسُس الله بقلبك ..
فقد أوصى النبي معاذ بن جبل رضي الله عنه بذلك، فقال " اتق الله حيثما كنت .."
[رواه الترمذي وحسنه الألباني] ..
فاجعل هذا شعارك وردده على لسانك لكي تستشعره بقلبك::
اتقِ الله حيثما كــنت
وكلما دعتك نفسك للمعصية تذكر أن الله تعالى بصير جليل ينظر إليك ويطلِّع إلى فعلك ..
فتُعظِّم الله عز وجلَّ في قلبك، وتستحي من معصيته في السر والعلن.
3) كثرة الدعاء ..
فعليك بلزوم دعاء النبي "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها"
[رواه مسلم] ..
ومن دعاءه أيضًا "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى"
[رواه مسلم]
7) رفقة الصـالحين ..
فلا تُفارق الصالحين وابتعد عن أصدقاء السوء، لكي تنال منزلة التقوى ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
[التوبة: 119]
نسأل الله تعالى أن يُبلِّغنا منزلة التقوى وأن يجعلنا من المُتقين الأبرار،،
Hu/l lrhlhj hghdlhk lrhghj