حكايتنا اليوم تنقلنا إلى إحدى المزارع حيث يعيش فلاح غبي طمّاع متسرّع، لا يشغّل عقله أبداً. كل همه أن يصبح غنيا وبسرعة.
عندها سمعوا صوت إوزة: كواك، كواك، كواك.
هذه إوزة جاءت إلى المزرعة من حيث لا يدري الفلاح.
فقال الفلاح: كيف جاءتني هذه الإوزة الجميلة؟ ومن أين جاءت ؟ كيف دخلت مزرعتي؟ هل طارت فوق السياج وحطت عندي؟ أم هبطت على من السماء؟
الحقيقة أنه لا يعرف كيف جاءت الإوزة إليه، ولكنه في صباح اليوم التالي سمعها تقوقئ، فتوجه إليها.
– كواك، كواك، كواك…
– ما بك يا إوزتي الحلوة اليوم؟ لماذا هذه القوقأة؟ هل وضعت لي بيضة.
– كواك، كواك، كواك. لقد بضت لك بيضة ذهبية اليوم يا صاحبي.
– ماذا تقولين؟
– أقول إني وضعت لك بيضة ذهبية.
– ذهبية؟
– نعم ذهبية!
– هذا أمر لا يصدق! إوزة وتبيض بيضة ذهبية؟
– إذا كنت لا تصدق تعال وانظر!
ونهضت الإوزة عن بيضها فإذا تحتها بيضة ذهبية. وكاد الفلاح أن يفقد عقله، وراح يصيح: بيضة ذهبية؟ هذه ثروة هبطت علي من السماء.
لكنه تمالك، فهو لا يريد أن يكشف سر هذه الظاهرة الفريدة وقرر أن يخفي الأمر عن الناس جميعاً خوفاً من أن يسرقوا الإوزة منه.
مضت بضعة أيام والإوزة تستمر في وضع بيضة ذهبية كل يوم. وذات يوم خاطب الفلاح نفسه قائلاً: إوزتي تبيض بيضة واحدة كل يوم، فلماذا لا تبيض البيض كله في يوم واحد فأصبح أغنى أغنياء العالم دفعة واحدة بين ليلة وضحاها؟
– كواك، كواك, كواك.
– يا لك من إوزة عظيمة! إنك لو فعلت ذلك لجعلتني من أغنى أغنياء الدنيا على الإطلاق!
– كواك، كواك، كواك.
– بيضي، بيضي يا إوزة، بيضي يا إوزة. بيضي الآن، أرجوك! هيا..
لم يقتنع الفلاح بنصيبه. كان يفكر كل الوقت كيف يمكنه أن يحصل على كل البيض الذي في بطن الإوزة دفعة واحدة. فقال في نفسه: لا بد أن أذبح هذه الإوزة لآخذ ما في بطنها فأبيعه ويتم لي ما أبتغي.
وهكذا في صباح أحد الأيام بعدما أمضى الفلاح ليلته وهو يفكر في الموضوع، أحضر الجاهل سكيناً حادة ونادى الإوزة:
– تعالي، تعالي يا إوزتي. يجب أن يتم ما قررته بشأنك.
– ماذا تريد يا فلاحي الذي أعماه الطمع، ماذا تريد؟
– ماذا أريد؟ كم مرة قلت لك ضعي بيضك كله مرة واحدة فلم تقبلي؟
– المال الذي يأتيك يوما بعد يوم أيها الفلاح الجاهل هو خير من المال الذي يأتيك دفعة واحدة وينقطع عنك.
– اسمعوا يا ناس!( يضحك ساخرا)، إوزة تريد أن تعلمني الحكمة! وتتفلسف علي! أسكتي. سأذبحك الآن والسكين بيدي.
– حرام عليك يا صاحبي! أتركني أعيش لأبيض لك كل يوم بيضة.
– لا، لا، لا يا إوزة! هذا لا يكفي! أريد أن أستولي على كل ما في بطنك من بيض ذهبي!
– اسمع مني، إنك إذا ذبحتني فلن تجد في جوفي بيضاً ذهبياً.
– ماذا أجد إذن؟
– البيضة لا تنمو ولا تكبر إلا يوماً بعد يوم. وفي كل يوم أضعها لك حين تكبر.
– أنت لا تفهمين شيئا.
– أنا أفهم أكثر منك يا فلاحي القاسي القلب.
– لا تتكلمي أيتها الإوزة الفيلسوفة، لا بد من ذبحك!
– فكّر! فكّر! فكر يا صاحبي الكريم في عاقبة عملك! فإن البيض الذهبي يأتي كل يوم، وليس في بطني كنز من البيض.
– أنت لا تعرفين شيئاً.
توسلت الإوزة إليه قائلة: اسمع مني، لا تقدم على عمل قد تندم عليه. أنت اليوم تأخذ بيضة ذهبية كل يوم، وغداً إن قتلتني فلن تأتيك البيضة الذهبية كالمعتاد.
– ولكني سأجد كل البيض في داخلك يا إوزة. يكفي، يكفي، لن أتراجع عن قراري.
وأخذ الفلاح السكين يريد أن يقربها من الإوزة، فانتفضت بين يديه وهربت، ثم خفقت جناحيها وطارت.
– إلى أين ستذهبين؟ لا يمكنك أن تطيري، سأمسك بك وأقضي عليك!
– كواك، كواك، كواك.
– انتهى الأمر! سأستولي على كل البيض الذي في داخلك.
– كواك، كواك، كواك.
– أنت لن تفلتي من يدي، أمسكت بك يا خبيثة!
– كواك، كواك، كواك.. ( تكاد تبكي ) صدقني. لا تقتلني! لن تجد فيّ شيئا!
– الفلاح (يضحك): لا تحاولي أن تقنعيني. انتهى كل شيء، الآن ستكون نهايتك.
وبلمحة عين قبض عليها بيديه وقضى عليها. وحين فتح بطنها لم يجد إلا بيضة واحدة صغيرة جداً. فوقف الفلاح حزينا يائسا يقول: يا لغبائي! ذبحت إوزتي المسكينة بيدي! ولم أجد فيها بيضا. أين البيض الذهبي الذي وعدت نفسي به لأبيعه وأصبح غنيا؟
بكى طويلاً وهو يقول: ما أغباني! لقد عدت كما كنت فقيراً. ليتني صدقت كلامها ولم أقض عليها.
ابك! ابك! ابك. فما فات مات أيها الأحمق الجشع المتسرع!!..