منتديات تراتيل شاعر - ليتني كنت سجـآنـآ

كان وما زال وسيظل رجلاً مدّعياً، لقد طال به الزمان ولم يتزوج، وكان يؤكد على الدوام أن «عمر بن ربيعة» هو جده الأول، وأنه من سلالته وأحفاده، وان «كازانوفا» هو مثله الأعلى، وان النساء لم تعشق أو تتهافت على «فلنتينو»، مثلما عشقن وتهافتن عليه هو، وأن جميع مواصفات «الدون جوان» تنطبق عليه من تسريحة شعره إلى رباط حذائه، مروراً بملابسه الداخلية.. وأن، وأن، وما أكثر ما صمّخ آذاننا بـ«أن» هذه، وأريد أن أنبه هنا، إنني لا أغار منه أبداً.

المهم انه دعانا إلى حفلة مختصرة لعقد قرانه، وبينما كان يتحدث متصدراً مزهواً ونافشاً ريشه، «تنهد» تنهيدة طويلة، ثم تساءل بغرور واضح، موجهاً السؤال لنا وقال: ترى كم فتاة في هذا اليوم سوف تصاب بالحرمان والخيبة والحسرة، بسبب زواجي هذا؟!، فران صمت عميق على الجميع، قطعته أنا عندما قلت، إنها واحدة، واحدة فقط.
ففوجئ بجوابي وتملكه الغضب، بينما كان كل واحد من الحضور تقريباً يهتز في مكانه من جراء ضحكة مكبوتة.
وبعد أسبوع من عقد قرانه تزوج، ودعا الجميع لحفلة زواجه ما عدا أنا.. «طز».
* *
كان هناك حاكم إداري يحضر محاكمات الشرطة أحياناً، التي يحاكمون بها المجرمين والمخلين بالنظام، واتوا يوماً برجل فقير يرتعد من شدة البرد، وتهمته انه سرق رغيفاً من الخبز، ودافع العجوز عن نفسه بأنه سرق ذلك لكي يطعم أسرته التي تتضور جوعاً، فما كان من الحاكم إلا أن قال له: سوف أحكم عليك بغرامة مائة دينار، فالقانون لا يستثني أحداً، ثم ادخل الحاكم يده في جيبه وأخرج مائة دينار ومدها إليه قائلاً: هاك هذه لتوفي بها غرامتك، ثم أردف قائلاً: والآن أعفيك أنا من تلك الغرامة، لأن ذلك من صلاحياتي، وأمره أن يخلع طاقيته التي على رأسه، ولما خلعها قال له: مر فيها على الجميع، ثم خاطب الحاكم كل من كان حاضراً في المحكمة قائلاً: على كل واحد منكم أن يضع في طاقية ذلك الفقير عشرة دنانير، وسأفرض عليكم ذلك كغرامة، لأنكم رضيتم أن تعيشوا في مدينة يلجأ فيها مثل هذا الرجل المسكين للسرقة لإطعام عائلته. ودار الرجل بطاقيته على الحاضرين، وعندما انتهى، وإذا بها ممتلئة بما لا يقل عن ألف دينار، وخرج والنور يشع من عينيه حبوراً، وسط تصفيق الحاضرين.
* *
«تفعل بعض النساء من اجل مظهرهن ما لو فعله تجار السيارات المستعملة في سياراتهم، لألقي بهم في السجون» ـ ويا ليتني كنت أنا السجّان، والسوط في يدي