منتديات تراتيل شاعر - الأدلة على تحريم القمار 'الميسر'

الدليل الأول: اقتران الميسر بالخمر والأنصاب والأزلام:
قال الله تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
في هذه الآية الكريمة قرن الله تعالى الميسر وهو القمار بالخمر والأنصاب والأزلام، وهذه الأشياء لا شك في حرمتها، فكان هذا دليلا على أن الميسر محرم.
والخمر معروف وهو ما يشربه الإنسان فيسكر فيفقد عقله كليا أو جزئيا، فيتكلم ويتصرف بدون تفكير وبدون عقل، فقد يزني وقد يقتل وقد يحرق وقد يطلق ونحو ذلك. فلهذا السبب جاء الشرع بتحريمه.
أما الأنصاب فإن تعاطيها حرام؛ لأنها وسيلة إلى عبادتها.
فالشيء الذي قرن بالأنصاب، وقرن بالخمر، وقرن بالأزلام، لا شك في حرمته وشدة مأثمه.
الدليل الثاني: تسمية الميسر رجسا:
الرجس هو النجس، أما الرجز فهو الإثم، فالرجز كل ما فيه ضرر، وكل ما فيه مأثم، وقد سمى الله تعالى الأصنام رجسًا في قوله تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif ويقال لها أيضا رجزا، وقد نهى الله عنه في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif بضم الراء، أو: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif على قراءة بالكسر.
الدليل الثالث: أن الميسر من عمل الشيطان:
لقد بين الله تعالى أن الميسر من عمل الشيطان في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وكل شيء من عمل الشيطان فإنه محرم، ذلك أن الشيطان حريص على إغواء بني الإنسان، وعلى إيقاعهم في الضلالات.
فإذا عرفت أن الميسر من عمل الشيطان فاعلم أن الشيطان ما أتاك به إلا ليخدعك وليغريك، ويوقع بينك وبين أخيك الشنآن!
فالشيطان عدو للإنسان، ولقد حذَّرنا الله من هذا العدو أشد التحذير، فقال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
وأخبرنا بأنه كاد لآدم وحواء وكان سببا في إخراجهما من الجنة، وأقسم لهما أنه لهما من الناصحين وهو كاذب، فقال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
وحذرنا الله من هذا العدو في قوله تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
فهذا الشيطان إذن عدو للإنسان وهو حريص على غوايته، فالخمر والميسر والأنصاب والأزلام من عمله يعني هو الذي جاء بهـا، وهو الذي وسوس بها إلى العبد والذي زين له أن يقترفها وأن يقع فيها.
فإذا عرفت الشيء الذي من عمل الشيطان فإن عليك الابتعاد عنه وتركه حتى تسلم فإنه ما يريد إلا إهلاكك، ولا يريد إلا إغواءك!
والشيطان يتصل بقلب الإنسان، ويوسوس في الصدور، وقد أنزل الله فيه سورة، وهي خاتمة السور، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
فالوسواس الخناس هو الشيطان، أمرنا الله بأن نستعيذ برب الناس وملك الناس وإله الناس من شر هذا الشيطان، الذي يصل إلى الصدور ويوسوس فيها ويبني فيها الشر، ويدعو إليه، ويزين الشرور بمظهر الخيرات، ويحبب أفكار الناس إليها، ويدفعهم إليها دفعا.
ولكن قد جعل الله تعالى لحزبه وأوليائه حصنا وملاذا من شره، واصطفى صفوة وأخيارا من عباده سلمهم من شر هذا الشيطان، وأمنهم منه، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif فعباد الله الذين اصطفاهم قد عصمهم منه فليس للشيطان عليهم سلطة، وقد استثناهم الشيطان بنفسه في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
وإذا عرفنا عداوة هذا الشيطان نعرف أنه قد أكد على نفسه أن يأتي بكل حيلة، وأن يأتي بكل وسيلة ليضل بني الإنسان، حتى ذكر الله عنه أنه قال: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وقال تعالى عنه: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif يعني ذرية آدم إلا قليلا، فسلطه الله علينا وأنظره، وقال له: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif يعني من المؤخرين، وقال له: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif يعني ائتهم بكل حيلة، وتسلط عليهم بكل سلطة، واعمل معهم بكل وسيلة تقدرها، فالشيطان حريص على الإضلال وسيبذل كل جهده في إغواء كل إنسان.
وهذا النوع من المخلوقات له مكانة، وله قدرة على الإنسان، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يجري من الإنسان مجرى الدم، يعني أنه يَنْفُذُ في الإنسان ويصل إلى أعضائه فيسري في جسده، كما يسري الدم في جسده، فقال -صلى الله عليه وسلم- https://www.ibn-jebreen.com/images/h2.gif إن الشيطان يجري من بني آدم كما يجري الدم https://www.ibn-jebreen.com/images/h1.gif .
ويوسوس في قلبه وهو لا يراه، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
يعني: هو ومن كان على شكله من الجن ونحوهم https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif ولكن قد جعل الله لنا عصمة وحروزا نعتصم بها منه، فالطاعة مثلا حرز من الشيطان، وذكر الله حرز من الشيطان، والعبادات بأكملها وقراءة القرآن بتدبر، وكذلك الأذكار حرز أيضا من الشيطان والتسبيحات، ونحوها. وهذه الحروز التي تمنعك من الشيطان متى قلتها بإخلاص وصدق فإنها تعيذك وتنفعك بإذن الله تعالى.
والحاصل أن هذه الأشياء التي هي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام قد جعل الله من أسباب تحريمها كونها من عمل الشيطان، يعني هو الذي عملها أو دعا إلى عملها، فهو الذي حرَّض على الأصنام إلى أن عُبدت!! وهو الذي دعا الناس إلى شرب الخمور!! وهو الذي يدعوهم إلى تعاطي هذا القمار!! وهو الذي يدعوهم إلى أن يعملوا الأزلام أو يتعاطوها!! إذن فهي من عمل الشيطان.
فإذا ما عرفت ذلك فتجنبها حتى تسلم من وساوس الشيطان، يقول تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
الدليل الرابع: الأمر باجتناب الميسر:
أمر الله تعالى باجتناب هذه الأربعة، وهي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، والاجتناب أبلغ من الترك، أي: ابتعدوا عنها، وهو أبلغ من أن يقول اتركوها، والترك لا يقتضي المباعدة، ولكن الاجتناب أبلغ، أي اتركوها في جانب، واذهبوا في جانب بعيد عنها. ومن هذه الأربعة الميسر.
فالبعد عن الميسر أسلم، والقرب منها سبب للوقوع فيها أو وسيلة من وسائل الوقوع فيها، لذلك أمرنا الله تعالى بالتجنب يعني الابتعاد، فلا تقرب من أهلها ولا تصاحبهم ولا تصادقهم ولا تعاملهم ولا تحبهم ولا تجالسهم ولا توادهم؛ بل ابتعد عنهم وانج بنفسك حتى تسلم على عِرْضِك، وحتى تسلم على دينك وعلى عقيدتك، فإنه يخاف عليك متى جالست هذه الأشياء، أو متى جالست اللاعبين بالقمار مثلا، أو المتعاطين للخمور، وما أشبهها يخاف عليك أن يتدنس عرضك، ويخاف عليك أن تدانيهم، وأن تقع في شيء منها ولو قليلا، أو أن تحب شيئا من ذلك أو ما أشبه ذلك، فهذا هو السبب في كون الله تعالى أمرنا بالابتعاد، في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif فَاجْتَنِبُوهُ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif يعني ابتعدوا عنه.
الدليل الخامس: حصول الفلاح بترك الميسر:
وذلك في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif والفلاح هو الفوز وهو الظفر وهو السعادة في الدنيا، والسعادة في الآخرة ونيل المراد، والحصول على المطلوب، هذا هو الفلاح، فالمفلح هو الذي يحصل على مطلوبه.
ولكن متى يحصل لك الفلاح؟!
إذا تجنبت هذه الأشياء ومنها الميسر، إذا ابتعدت عنها ومقتها وأبغضت أهلها، فإنك من المفلحين، يعني يُرجى لك أن تكون من أهل الفلاح، فهذا هو السبب في تعليق الله الفلاح على ابتعادك عن هذه الأشياء ومنها الميسر. فالشيء الذي يحصل الفلاح باجتنابه، ويحصل الهلاك بالاقتراب منه، ويحصل الدمار بفعله، ويحصل الضلال بتعاطيه؛ لا شك أنه محرم.
الدليل السادس: أن الميسر يوقع العداوة بين الناس:
يقول تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif يعني أن الشيطان حريص على أن يوقع بين الناس العداوة، والعداوة هي المقاطعة، يعني كون الأخوين يتقاطعان، وكون الصديقين يتقاطعان ويتباغضان، ويتهاجران، فالأخوة ونحوهم يتقاطعون وكل منهم يقاطع الآخر ويمقته ويسبه ويهجوه في غيبته وينتهك عرضه، ويرميه بما يشينه، وذلك كله بأسباب الخمر وبأسباب الميسر، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
الدليل السابع: إن الميسر يوقع البُغض بين الناس:
البغض هو مقت الإنسان للإنسان، وسخطه عليه، وكراهيته لأعماله، فإذا حصلت هذه البغضاء حصل من آثارها التقاطع والتهاجر والتدابر الذي يسبب الفرقة بين المسلمين.
وهنا نذكر بعض الأمثلة التي حدثت بسبب القمار وهو الميسر، فمن الأمثلة تلك الألعاب التي يلعبها الناس ثم يجعلون بينهم لمن غلب عوضا يتعاطونه، فإذا غلب أحدهم أخذ تلك النقود، فإذا كانت هذه النقود كثيرة فإن أصحابه الذين أُخِذَت نقودهم يصبحون بلا مال، وقد تُعوزهم الحاجة، وقد يفتقرون ويحتاجون إلى الاقتراض، ويدفعهم ذلك إلى الحصول على الأموال بوجوه متفرقة!!
وقد يكون بعضهم تعب في جمعها، ثم لعب هذه اللعبة الشيطانية فقامر، فيأخذ غيره تعبه وكد يمينه، فتُؤْخَذُ الأموال منه بدون حق، وهو بلا شك سيمقت هذا الذي قهره ويبغضه، فإذا أبغضه لا بد أن تقع بينهما عداوة، وقد تصل تلك العداوة إلى القتال، فتحدث هذه العداوة قتالا وشجارًا زيادة على التقاطع والتهاجر والتباغض الذي يسبب تفرُّق الكلمة بين المسلمين، وتشتت أمورهم، وذلك مما يسبب قوة أعدائهم عليهم واكتساح أموالهم، وأخذ بلادهم، كل ذلك بسبب هذا الخمر وهذا الميسر!
وقد أمر الله تعالى المسلمين بأن يكونوا إخوة متحابين، وأن يُذْهِبُوا ما بينهم من الشحناء ومن العداوة والبغضاء، وأمرهم بأن يتآلفوا، وسماهم مسلمين، ومَنَّ عليهم بالأخوة الدينية، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
فمَنَّ الله عليهم بجمع كلمتهم بعد التفرق، وبتآخيهم بعد التقاطع، وبتحابهم وتصافيهم بعد أن كانوا أعداء، وبتأليف قلوبهم التآلف الذي لا يقدر عليه إلا علام الغيوب، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif فدلنا على أنه يجب علينا أن نكون متآلفين، ويكره ويبغض أن نكون متعادين متقاطعين، فيجب على المؤمنين أن يكونوا يدا واحدة، وأن يتعاونوا، وقد أمرهم الله تعالى بذلك في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وأمرنا تعالى إذا وقع قتال بين فئتين أن نسعى في الإصلاح بينهما حتى يتآلفوا، قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
فأمرنا الله أن نصلح بينهم، وسماهم إخوة لنا، ولو كانوا يتقاتلون، وأمرهم أن يتصافوا؛ لأنهم إخوة، ولكن هذا الشيء وهو الميسر يزيل تلك الأخوة، ويوقع بدلا منها العداوة والبغضاء والشحناء والتهاجر والتدابر الذي قد نهى الله عنه، ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم .
فإذا عرفنا هذا الشيء، وعرفنا مضاره فيجب علينا أن نتجنبه وأن نبتعد عنه.
الدليل الثامن: أن الميسر يصد عن ذكر الله:
والصد عن ذكر الله تعالى دليل آخر على حرمة الخمر والميسر، وذلك في قوله: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif فهذه اللعبة الشيطانية فيها أكبر مفسدة وهي أنها تصد عن ذكر الله، وهذا مُشاهد فإن أهلها الذين يتعاطونها حتى ولو كانوا على غير عوض لا بد أن يشتغلوا بها وقتا طويلا ويستلذون بتلك اللعبة، ويزعمون أنهم يرفهون عن أنفسهم ويسلونها، فَيُذْهبُوا الوقت الذي هو أنفس الأشياء في هذه اللعبة، فيصدون بذلك عن ذكر الله وينشغلون عنه باللهو واللعب https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
ونقول لهم: كان الأولى بكم في وقتكم هذا الذي ضاع عليكم سبهللا أن تشغلوه بذكر الله، فعندكم الذكر، وعندكم التدبر، وعندكم أشياء كثيرة، يمكن أن تشغلوا الوقت بها بما ينفع، فتلك الألعاب لا فائدة فيها دينا أو دنيا، إنما تشغلكم عن ذكر الله ودعائه وعبادته وتجلب لكم الغفلة وقسوة القلب.
الدليل التاسع: أن الميسر يشغل عن الصلاة:
والانشغال عن الصلاة شيء مشاهد، فالذين يلعبون هذه الألعاب الشيطانية ويشغلون بها أوقاتهم غالبا أنهم يضيعون الصلوات، وينشغلون عن كثير من العبادات، وإن أتاها فمع سهو ووسوسة، وكثيرا ما يسهرون طوال الليل فينامون عن صلاة الصبح أو يفوتهم بعض الصلاة، أو تفوتهم الجماعة!! أفلا يدل ذلك على أنها محرمة؟!
الدليل العاشر: الأمر بالانتهاء عن الميسر:
قال تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وهذا دليل ظاهر على تحريمها، فقد أمرنا الله تعالى أن ننتهي عنها، والانتهاء بمعنى الترك والتوبة، ولهذا لما نزلت هذه الآية قال الصحابة: انتهينا .. انتهينا . يعني انتهينا عن شرب الخمر ولعب الميسر وغير ذلك، فقوله تعالى: https://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ https://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif ؟! الاستفهام هنا ليس على ظاهره، وإنما هو للطلب، يعني فانتهوا، يعني إلى متى لا تنتهون؟! إلى متى تتمادون في هذا اللعب؟! ألم يحن لكم وقت الانتهاء؟
أما عرفتم مضارها؟ ألا تنتهون؟
قالوا: بلى انتهينا.
فهذه عشرة أدلة من الآية الكريمة على تحريم الميسر. والله أعلم.