![]() |
دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
تأملات في سورة يوسف (1)
دكتور عثمان قدري مكانسي 1- التخطيط واتخاذ الأسباب : العمل الارتجالي لا يُؤتي أُكُلَه كما لو كان مُعَدّاً إعداداً جيداً ومدروساً دراسة وافية ، معروفة أبعادُه وجدواه ومراحلُه . وكل عمل أو فكرة تخطر على البال لا بد أن تُخطط له تخطيطاً جيداً تراعي فيه الهدف منه وبدايتَه وإتمامَه وإيجابياتِه وسلبياتِه ، وإلا كان عملاً عشوائياً قد ينجح وقد يفشل . واحتمالات فشله أكبر .. وإن نجح فنجاحه مرحليّ أو غير مكتمل . وسورة يوسف تضع بين أيدينا نماذج من التخطيط الذي يؤدي إلى الوصول إلى الهدف المنشود ، سواء كان طيباً أم خبيثاً ، منها : |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
ما فعله إخوة يوسف حين شعروا أن أباهم يحبه أكثر مما يحبهم ، ويفضله عليهم ، فدبت الغَيرة في نفوسهم وقرروا التخلص منه ، فماذ يفعلون ؟! .. تدارسوا الأمر بينهم وقلّبوا الوجوه ، فقال بعضهم : " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخْلُ لكم وجهُ أبيكم ، وتكونوا من بعده قوماً صالحين " .. تفكير شيطاني سهل لهم فكرة القتل ، فبعد جريمتهم يعودون أتقياء أنقياء! .. وكأن القتل لا يترك في القلب نكتة سوداء تؤرق صاحبَها إلى أن يموت .
|
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
قال بعضهم : " لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين " .. وهذه الفكرة أخف من القتل ، وإن كانت في حق الأخوّة قاسية جداً .. قلبوا وجوه الأمر فرأوا أن إلقاءه في الجب أسلمُ لهم ، ولن يؤرقهم كما لو أنهم قتلوه ... ثم جاءوا أباهم يقنعونه أن يسمح لهم باصطحاب يوسف في رحلة برية يتريّضون ويصطادون . وأكدوا له حرصَهم على أخيهم .. فلما أظهر الأب تخوّفه أن يتركوه – وهو صغير – فيعدو عليه الذئب في غفلة منهم فيأكله أقسموا أنهم لن يتركوه ، وإلا كانوا خاسرين، ليست فيهم صفات الرجولة والنباهة ... وكأن يعقوب عليه السلام لقّنهم حجّة هم بحاجة إليها يتعللون بها عند أبيهم ... وهكذا كان .
|
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
قالوا : يا أبانا ، مالك لا تأمنّا على يوسف ! وإنا له لناصحون ،
أرسلْه معنا غداً يرتع ويلعب ْ ، وإنا له لحافظون . قال : إنني ليَحزُنني أن تذهبوا به ، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون . قالوا لئن أكله الذئب – ونحن عصبة – إنا إذاً لخاسرون " وحبكوا قصتهم ، ورتبوا مكرهم " وجاءوا أباهم عشاءً يبكون ، قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق ، وتركنا يوسف عند متاعنا ، فأكله الذئب ، وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ." فقد : |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
- جاءوا أباهم عشاءً فلا يرى الغدر في عيونهم ، والكذب في أقوالهم .
2- بدأوا يبكون ، فشعر بالخطب الجسيم قبل أن يُلقوه على سمعه . 3- هيّأه بكاؤهم لتقبل المصيبة ، التي سيسمعها منهم . 4- تلطفوا له بالقول " يا أبانا " ولهذا فائدتان : الفائدة الأولى أن هذه الكلمة للاستعطاف ليرق قلبه لهم فلا يعاقبهم . الفائدة الثانية : إيهامه صدقهم وحرصهم على أخيهم . 5- أسمعوه العذر الذي سمعوه منه في اعتذاره عن إرسال يوسف معهم " أكله الذئب " 6- أنت لا تصدقنا مع أننا صادقون . 7- جاءوا بقميص يوسف ملطخاً بدم للتأكيد على أكل الذئب له . |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
لكن هذا التخطيط المحكم نقضه خطأ كبير وقعوا فيه دون أن يشعروا حين "
وجاءوا على قميصه بدم كذب . قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ." كان القميص ملوثاً بدم لكنه لم يكن ممزقاً ، فالذئب الذي أكله كان ذكياً ! إذ جعله يخلع قميصه قبل أكله كي يستفيد منه إخوته! ... لقد كان التخطيط ناقصاً فيه ثغرة فضحتهم وعرف الأب ذلك ، فقال : هذا مكر دفعه إليكم نفوسكم الخبيثة . - وهذه امرأة العزيز تراود يوسف عن نفسه حين بلغ مبلغ الرجال ، وكان جميلاً وسيماً ، تتفجر الدماء من عروقه ، ويطفح وجهه إشراقاً ، فيأبى ذلك ويقول : " معاذ الله ، إنه ربي أحسن مثواي ، إنه لا يُفلح الظالمون . " فزوْجُها أكرمَ يوسفَ وتعهده بالرعاية ، فكيف يسيء إليه في عرضه وشرفه؟ ! لا يفعل ذلك إلا الخائنون الذين يجازون الإحسان بالسوء ، ويوسفُ ليس منهم . وانتشر الخبر بين نساء المدينة |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
1- امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه .
2- امتنع عليها وأذلّ كبرياءَها . والأمران وصمة عار عليها ، فأرادت أن تلجم أفواههنّ ، فماذا فعلتْ؟ 1- دعتهنّ إلى قصرها . 2- أكرمتهنّ بالطعام والفاكهة . 3- أمرت يوسف أن يخرج عليهنّ ، فخرج . 4- رأينه فائق الجمال ملَكاً يمشي على الأرض ، فدُهشن لهذا الجمال الأخّاذ . 5- لم يشعرن إلا والدماء تسيل من أصابعهنّ ، فقد أخذهنّ الإعجاب بجماله والدهشة لوسامته كل مأخذ فجرحن أيديَهنّ . 6- شعرت بالانتصار عليهنّ ، فعاتبتهنّ على ما قلن في حقها من تجريح لكرامتها وكبريائها . 7- حين رأت نفسها منتصرة عليهنّ ازدادت وقاحتها ، وباحت بمكنون صدرها لهنّ ، وأصرّت على تعلقها به والرغبة في وصاله ، وسيفعل ذلك شاء أم أبى ، وإلا كان السجن مصيره . |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
وهذه خطة جهنّمية لا يفعلها إلا صاحب الكيد الذكي . "
فلما سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متكأً ، وآتت كل واحدة منهنّ سكّيناً ، وقالت اخرج عليهنّ . فلما رأينه أكبرْنه وقطّعن أيديَهنّ . وقلن حاش لله ، ما هذا بشراً ، إن هذا إلا ملك كريم . قالت فذلكنّ الذي لمتنّني فيه . ولقد راودتُه عن نفسه فاستعصم . ولئن لم يفعل ما آمره ليُسْجنَنّ ، وليكونً من الصاغرين ." - ثم تأمل معي كيف خطط يوسف عليه الصلاة والسلام للخروج من السجن . بل كيف خطط الله تعالى له : |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
- " وقال الملك ائتوني به " وذلك بعد أن فسر حلم الملك في سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات .
2- فهل أسرع يوسف عليه السلام للخروج من السجن إلى قصر الملك دون أن يظهر الحق ؟ إنه لا يريد أن يعفو عنه أحد إنما يريد أن يخرج من السجن ببراءته من كل اتهام ينقص قدره ، " فلما جاءه الرسول قال : ارجع إلى ربك فاسأله : ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديَهنّ ؟ إن ربي بكيدهنّ عليم . " 3- وعاد الرسول إلى القصر يخبر الملك أن يوسف مظلوم يريد أن يخرج من سجنه بريئاً والدليل عند النساء اللاتي دعتهنّ امرأة العزيز إلى قصرها قبل سبع سنوات فدعاهن الملك قائلاً " .. : ما خطبُكن إذ راودْتُنّ يوسفَ عن نفسه؟ " 4- فأقررْن بصدقه وبراءته حين " قلْنَ : حاش لله ، ما علمنا عليه من سوء . " 5- وهنا اعترفت امرأة العزيز بخطئها إذ " قالت امرأة العزيز : الآن حصحص الحق . أنا راودتُه عن نفسه ، وإنه لمن الصادقين . " |
رد: دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام
4- فأقررْن بصدقه وبراءته حين " قلْنَ : حاش لله ، ما علمنا عليه من سوء . "
5- وهنا اعترفت امرأة العزيز بخطئها إذ " قالت امرأة العزيز : الآن حصحص الحق . أنا راودتُه عن نفسه ، وإنه لمن الصادقين . " 6- في المرة الأولى طلب الملك أن يراه فقط : أما حين ظهرت براءته عرف قدره وأكرمه وجعله مستشاره الخاص . فقد قال في الأولى " ا يتوني به " وزاد في الثانية " أستخلصه لنفسي " 7- فلما رآه وكلمه عليه السلام أعجب الملك به – فلا بد من الاختبار . " فلما كلمه قال : إنك اليوم لدينا مكين أمين . " 8- وهنا حين يكون المرء بريئاً وقدره عظيما يسعى أن ينتفع الناس بعلمه وقدراته ، فالمسلم خير وبركة للناس أجمعين . ومن رأى في نفسه المقدرة على خدمة الناس فليقدم نفسه دون خجل ولا مباهاة " قال اجعلني على خزائن الأرض ، إني حفيظ عليم ." وهكذا كان تخطيط الله تعالى له فأخرجه من السجن إلى الصدارة . - وتعال معي نقف على التخطيط في استقدام يوسف أخاه" بنيامين" إلى مصر : من بلاد الشام – فلسطين – |
الساعة الآن 12:54 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
mamnoa 4.0 by DAHOM