![]() |
ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحديث القدسي "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ما معنى وشرح هذا الحديث ؟ الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخْتُلِف في معني ذلك ، والسبب فيه . قال الخطّابي : قوله : " كل عمل ابن آدم له " معناه : أن لِنَفسِه مِنه حظّا ، وفيه مَدْخلاً ، وذلك لاطِّلاع الناس عليه ، فهو يتعجّل بِمكانه ثوابا من الناس ، ويحوز حظًّا مِن الدنيا وجَاهًا وتعظيما ، ونحو ذلك من الأمور . وقوله : " الصوم لي " ، أي : خالِص لي ، لا يَطّلع عليه أحد ، فيكون لنفس صاحبه منه حَظّ فيه . وقد قيل معناه : أن الاستغناء عن الطعام صِفة لله تبارك وتعالى ، فإنه يُطعِم ولا يُطعَم ، كأنه قال : إن الصائم إنما يتقرّب إليّ بأمْر هو مُتعلِّق بِصفة مِن صِفاتي ، وهذا على معنى تشبيه الشيء في بعض معانيه ، وإن كان لا يجوز أن يكون لله شَريك في كُنْه صفاته ، كما لا شريك له في ذاته عز وجل . اهـ . وقال ابن عبد البر : فإن قال قائل : وما معنى قوله : " الصوم لي وأنا أجزي به " وقد عُلِم أن الأعمال التي يُراد بها وَجه الله كلها له وهو يجزي بها ؟ فَمَعناه - والله أعلم - أن الصوم لا يَظهر مِن ابن آدم في قول ولا عمل ، وإنما هو نِيّة يَنطوي عليها صاحبها ولا يعلمها إلاّ الله ، وليست مما تَظهر فتَكتبها الحفظة كما تَكتب الذّكر والصلاة والصدقة وسائر الأعمال ؛ لأن الصوم في الشريعة ليس بالإمساك عن الطعام والشراب ، لأن كل ممسك عن الطعام والشراب إذا لم يَنوِ بذلك وَجه الله ولم يُرِد أداء فَرضه أو التطوع لله به فليس بِصائم في الشريعة ، فلهذا ما قلنا إنه لا تطلع عليه الْحَفَظَة ولا تَكتبه ولكن الله يَعلمه ويُجازي به على ما شاء مِن التضعيف والصوم في لسان العرب أيضا الصبر : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وقال أبو بكر بن الأنباري : الصوم يُسمّى صبرا لأنه حَبْس النفس عن المطاعِم والمشارِب والمناكِح والشهوات . اهـ . وقال النووي : اخْتَلَف العلماء في معناه مع كون جميع الطاعات لله تعالى ؛ فقيل : سبب إضافته إلى الله تعالى أنه لم يُعبَد أحدٌ غير الله تعالى به ، فلم يُعظِّم الكفار في عَصر مِن الأعصار مَعبودا لهم بالصيام ، وإن كانوا يُعظمونه بِصورة الصلاة والسجود والصدقة والذِّكر وغير ذلك . وقيل : لأن الصوم بَعيد من الرياء لِخَفائه ، بِخلاف الصلاة والحج والغزوة والصدقة وغيرها من العبادات الظاهرة ... وقيل : معناه : أنا المنفَرِد بِعلْم مقدار ثوابه أو تضعيف حسناته ، وغيره مِن العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها . وقيل : هي إضافة تشريف ، كقوله تعالى : (نَاقَةُ اللهِ) مع أن العالَم كله لله تعالى . وفي هذا الحديث بيان عِظم فضل الصوم وحثّ إليه . اهـ . وقال القرافي : الفرق العشرون بين قاعدة الصوم وقاعدة غيره من الأعمال الصالحة من حيث إن صاحب الشرع خَصص الصوم بإضافته إلى نفسه الموجبة لِتَشرِيفه على غيره ، كما في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " مع أن الصلاة أفضل منه كما عليه الفتاوى ، وحديث : " أفضل أعمالكم الصلاة " ، والأثر المشهور عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى عُمّاله : إن أهَمّ أموركم عندي الصلاة . فاحتيج إلى بيان الفارق الذي أوجب هذه الإضافة والتخصيص واضطراب الناس فيه ؛ فمِن قائل : إن الصوم لَمّا كان أمرا خَفِيا لا يُمكن أن يَطّلع عليه حقيقة إلاّ الله تعالى ، نَبّه على شرفه بخلاف الصلاة والجهاد وغيرهما . اهـ . وقال الزرقاني : وللبيهقي والطبراني عن ابن عمر في حديث : " وأما العمل الذي لا يَعلم مقدار ثواب عامِله إلاّ الله فالصيام " . واتفقوا على أن المراد بالصائم هنا : مَن سَلِم صيامه مِن المعاصي قولا وفعلا . اهـ وقال ابن رجب رحمه الله : اعلم أن المؤمن يَجتمِع له في شهر رمضان جِهادَان لنفسه : جهاد بالنهار على الصيام ، وجهاد بالليل على القيام ؛ فمَن جَمَع بين هذَين الْجِهَادَين وَوَفَّى بِحقوقهما وصبر عليهما وُفِّي أجره بغير حساب . قال كعب : يُنادِي يوم القيامة مُنادٍ بأن كل حارث يُعطى بِحرثه ويُزاد غير أهل القرآن والصيام يُعطَون أجورهم بغير حساب . ويَشْفَعَان له أيضا عند الله عز وجل كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام والقيام يَشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام : أيْ ربّ مَنَعته الطعام و الشراب بالنهار ، ويقول القرآن : مَنَعته النوم بالنهار فشفعني فيه ؛ فيشفعان " فالصيام يَشفع لمن مَنعه الطعام والشهوات الْمُحَرَّمة كلها ، سواء كان تحريمها يَختصّ بالصيام ؛ كَشَهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها ، أوْ لا يَختص ؛ كَشَهوة فضول الكلام الْمُحَرَّم والنظر الْمُحرَّم والسماع الْمُحرَّم والكسب الْمُحرَّم ؛ فإذا مَنَعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه يَشفَع له عند الله يوم القيامة ويقول : يا رب مَنَعته شهواته فشفّعني فيه . فهذا لِمن حَفِظ صيامه وَمَنَعه مِن شَهَواته . اهـ . وقد اجْتَمَع في الصوم ما لم يَجتمع في غيره ؛ مِن كونه سِرا بين العبد وبين ربّه . ومِن حيث إنه لم يُتعبَّد به لغير الله عَزّ وَجَلّ . ومما فيه مِن الصبر ، الذي لا يَعلَم قَدْر جزاء الصبر إلاّ الله . ونحن نرى بعض الناس يُرائي في التصوير في صلاته وفي صدقته وفي حجّه وفي دعوته ، لكنه لا يستطيع أن يُرائي بتصوير صومه !! والله تعالى أعلم . المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
رد: ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
اثَآبك الله الأجْر دُمتي بخير . |
رد: ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
بارك الله فيــــــــــك وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة . أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه .. ورفع الله قدرك في أعلى عليين ... حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك |
رد: ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
اقتباس:
حضور راقى .... سلمت لروعه الاطلاله الرائعه لقلبك السعادة . :81: |
رد: ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
اقتباس:
حضور راقى .... سلمت لروعه الاطلاله الرائعه لقلبك السعادة . :81: |
رد: ما معنى الحديث "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" ؟
|