منتديات تراتيل شاعر

منتديات تراتيل شاعر (http://tra-sh.com/vb/index.php)
-   نفحات آيمانية ▪● (http://tra-sh.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أفلا نكون أمة شكورا (http://tra-sh.com/vb/showthread.php?t=169517)

شموع الحب 07-23-2021 02:36 PM

أفلا نكون أمة شكورا
 


إن الإنسان في زَخم التقلُّبات الحياتية والمِحن والكُربات، يرى الدنيا كلَّها سوداء مُظلمة، ليس فيها أمل
ويرى الأبواب كلها مغلقة، وقد أصبحت الدنيا بسمائها المتسعة وأرضها الممدودة، وكأنها سَمُّ الخياط
كل ذلك لأنه نظر إلى الدنيا بعين واحدة؛ عين الأسى والحزن، والهم والكرب، ولم يَنظر إلى نِعَم الله من حوله
فهو دائم النظر بهذه العين المتشائمة؛ حيث توقَّفت عينه الأخرى - عين رؤية النِّعم - عن العمل
فتناسى وتغافَل نِعم الله التي تُحيطه من كل مكان، فنعمة واحدة من النعم التي أسبَغها الله على الإنسان
لا يستطيع الإنسان عدَّها، فكيف بالنعم التي تسير معه منذ بدايته حتى نهايته، ولكن هذه هي الطبيعة
البشرية المُنحرفة التي تتنكَّر للنِّعم، وهذا الأمر حذَّر منه القرآن، فقال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾ [العاديات: 6 - 7].
قال القرطبي: الكنود: الكفور الجحود لنِعم الله، وهو قول ابن عباس، وقال الحسن:

الكنود: يَذكر المصائب، ويَنسى النِّعم، أخَذه الشاعر فنظَمه:
يا أيُّها الظالِمُ في فعْلهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والظلم مَرْدودٌ على مَن ظلَمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلى متى أنت وحتَّى متَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تَشكو المُصيبات وتَنسى النِّعمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وعن ذي النون: الهلوع والكنود: هو الذي ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ [المعارج: 20 - 21].
هذه أغلب صفات الإنسان؛ أنه يَكفر بالنعم؛ أي: يسترها، ولا يُظهر نعمةَ الله إلا القليلُ

ولا يشكر كذلك إلا القليل؛ قال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
كيف تشكر الأمة ربَّها؟
هذه وسائل لا بد من وضْعها في الاعتبار والأخْذ بها، إذا أرادت الأمة أن تشكر ربَّها شكرًا حقيقيًّا، وهي:

أولا: التحدُّث بنِعم الله واستخدامها في طاعته، وذلك يكون بالاعتقاد والقول والعمل:
1- الاعتقاد: وذلك بتيقُّن العبد أن النعم كلها من الله، وأن يَستشعر من أعماق قلبه أثرَ هذه النعمة عليه
قال تعالى: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20]، وقال داود: إلهي، كيف أشكرك
والشكر نعمة منك؟ قال له: "الآن شكَرتني حين علِمت أن النعم مني"؛ لأن مجرَّد نسبة النعمة للنفس
العاجزة بدايةُ زوال النعمة، فعندما قال قارون - كما حكى القرآن -: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]
وصنَع فرعون ما صنَعه قارون: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]
وقال ثالث الثلاثة من بني إسرائيل: إنما وَرِثته كابرًا عن كابر - زال عنهم ما كانوا فيه من نعم.
هذا بخلاف المسلم، فلا تزيده النعم إلا تواضعًا وشكرًا؛ كما قال نبي الله سليمان:

﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيم ﴾ [النمل: 40]
﴿ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].
وفي العموم قوله: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ

وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15].
2- والشكر قولاً يكون بالثناء على صاحب النعمة، فإذا كان من السُّنة أن تشكر العبد الذي صنَع

إليك المعروف بقولك: "جزاكم الله خيرًا"، فمن باب أولى أن تُثني على من أحسَن إليك بإيجادك من العدم
وإنشائك خلقًا آخرَ، ورعايتك من لحظة وجودك إلى لحظة خروجك من هذه الدنيا؛ من أجل ذلك
كان خير الشاكرين - صلى الله عليه وسلم - يُكثر من الثناء على ربِّه، فمن ثنائه على ربِّه:
• الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
• يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجْهك وعظيم سلطانك.
• الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنعم الله على عبد نعمة، فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطاه

أفضل مما أخَذ))، وورد بلفظ: ((إلا كان الحمد أكثر من النعمة))، وهذا إسناد حسن، إلى غير ذلك.
3- والشكر بالعمل والاجتهاد في هذه الدنيا؛ حتى تصل إلى ربِّك وسَعيُك محمود

وهذا ما طلبه الله من داود - عليه السلام -: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13].
وهذا ما طبَّقه سيِّد الشاكرين عندما تفطَّرت قدماه من كثرة طاعته لله، فقالت له أم المؤمنين الشاكرة:

لِمَ تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟! فقال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا)).
وإن الله - سبحانه وتعالى - يحب من العبد أن يَشكره على أقل الأعمال؛ ليُعطيه أحسن الثواب

فالمؤمن يؤجَر على كل شيء، حتى الأكْلة يرفعها إلى فِيه، وهذا الشكر العملي هو الذي يحقِّق رضا الرب
ففي الحديث الذي رواه مسلم: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة، فيَحمدَه عليها
أو يشرب الشربة، فيَحمدَه عليها)).
ثانيًا: أن تسأل الأمة ربَّها أن يُعينها على شكر النعمة:
لا تستطيع الأمة أن تشكر ربَّها إلا إذا أعانها ربُّها على ذلك، وهذا فقه علَّمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه

حيث قال لمعاذ: ((والله إني لأحبك))، فقال: ((أوصيك يا معاذ، لا تَدعنَّ في كل صلاة أن تقول:
اللهم أعنِّي على ذِكرك وشكرك، وحُسن عبادتك))؛ أخرَجه أبو داود، والنسائي.
وعدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سؤال الله شكر النعمة خيرًا من اكتناز الذهب والفضة

فعن شدَّاد بن أوس، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا شداد بن أوس
إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة، فاكنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر
والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نِعمتك، وحُسن عبادتك
وأسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأسألك خير ما تعلم، وأعوذ بك من شرِّ ما تعلم، وأستغفرك لِما تعلم
إنك أنت علاَّم الغيوب))، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولَم يُخرجاه.
ثالثًا: إيصال النعم إلى المحرومين منها:
لا يُؤمن أحدنا حتى يحبَّ الخير لإخوانه كما يحبه لنفسه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -:

((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))؛ رواه البخاري ومسلم.
وأكبر نعمة يتحتَّم على الأمة الإسلامية القيام بها، هي إيصال نعمة الإسلام إلى العالم كله

حتى يرى العالم كله نورَ الإسلام وعظَمة وحقيقة هذا الدين الذي قال عنه عمر - رضي الله عنه -:
"والله لقد كنَّا أقلَّ الناس، وأذل الناس، وأحقر الناس، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما
ابتَغينا العزة بغير الإسلام، أذلَّنا الله".
فالعالم كله بغير الإسلام لا شيء، فعالم بلا إسلام، أقل وأذلُّ وأحقر، وكيف

نرضى لهم ذلك ونحن أمة تدعو غيرها مهما كانت عقيدته إلى الخير الذي عندنا؟
قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110].
فالأمة الشكور حقًّا هي الأمة التي تسعى بكلِّ ما تَملِك لإخراج الناس من الكفر إلى الإيمان، ومن المعصية

إلى الطاعة، ومن المنكر إلى المعروف، ومن الجهل إلى العلم، ومن ضِيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة.
الأمة الشاكرة هي أمة لا يَقتصر خيرها على أمور الآخرة فحسب، بل تسعى لإصلاح الدنيا والآخرة

تسعى في إطعام المحتاج والمسكين، وتَنصر الضعيف، وتأخذ على يد الظالم، أمة تريد السعادة للعالم كلِّه،
كما تريد السعادة لنفسها، فإذا فعَلت ذلك، فقد حقَّقت شكر ربِّها.

د. خالد راتب




صاحبة السمو 07-23-2021 06:14 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك

صاحبة السمو 07-23-2021 06:15 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك

الجنرال 07-23-2021 08:31 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
جزاك الله خير
وبارك الله فيك ونفع بطرحك
وجعلها الله في موازين حسناتك
مودتي وتقديري

خلود المشاعر 07-24-2021 01:28 AM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
اشكرك على الطرح
والله يجزاك خير الجزاء والمثوبه
بارك الله فيك وفي نقلك القيم
كنت هنا /غزلان

خياط 07-24-2021 03:07 AM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك

وطنَّ ْ 07-24-2021 04:26 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 





الله يجزاك كل خير على مجهودك
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك
ننتظر جديدك

القيصر 07-25-2021 06:16 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
جزاك الله خير على الطرح الجميل
اثابك الله
تحيتي

جنون الحرف 07-25-2021 11:39 PM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
جزاك الله خير الجزاء

صافي الود 07-26-2021 01:13 AM

رد: أفلا نكون أمة شكورا
 
سلمت يداك على الطرح الطيب
لاعدمنـآ هذا التميز
يعطيكـ ربي العآفيهـ
دمت بخير


الساعة الآن 09:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM