منتديات تراتيل شاعر

منتديات تراتيل شاعر (http://tra-sh.com/vb/index.php)
-   هدي نبينا المصطفى ▪● (http://tra-sh.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   رسول الله ومصارعة ركانة (http://tra-sh.com/vb/showthread.php?t=163419)

رحيل المشاعر 03-18-2021 05:39 AM

رسول الله ومصارعة ركانة
 




لعلَّ ما حدث مع ضماد رضي الله عنه من كونه أَسْلَم في موقف غريب، حيث لم يكن في نيَّته ولا عزمه -كما رأينا- أن يسأل عن الإسلام، حدث -أيضًا- مع رجل آخر جاء لهدف عجيب! إنه جاء ليُصَارِع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ليسأله عن الإسلام! إن الرجل -في منظورنا- من أبعد الناس عن الإيمان، فماذا حدث في هذا الموقف؟!

لقد سمع بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من أهل البادية اشتُهر بالقوَّة الجسدية، والعنفوان المفرِط، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدَّاه، لا في أمر الإيمان، أو أمر الحجج والأدلَّة والبراهين؛ ولكن في أمر الصراع والمنازلة الجسدية!

وواضح أن الرجل لا دراية له بالمناقشات العقلية، أو الحوارات الجدلية، إنما فقط يُتقن فنَّ المصارعة! ومع ذلك لم يُفَوِّت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الفرصة، إنما أعطاه من وقته، لعلَّه يستنقذه من النار بهذا الباب من أبواب الرياضة والقتال!

وردت هذه القصة بسند صحيح -ولكنه مرسل- عند أبي داود والبيهقي، ووردت بسند جيد متصل يصلح كشاهد عند أبي بكر الشافعي([1])، ووردت كذلك بإسناد ضعيف عند الترمذي والحاكم وغيرهما([2])، وسنكتفي هنا بذكر الروايتين الصحيحتين.

عن سعيد بن جبير رحمه الله: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ رُكَانَةَ، أَوْ رُكَانَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَعَهُ أَعْنُزٌ([3]) لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِي؟ فَقَالَ: «مَا تَسْبِقُنِي» قَالَ: شَاةٌ مِنْ غَنَمِي. فَصَارَعَهُ، فَصَرَعَهُ، فَأَخَذَ شَاةً، قَالَ رُكَانَةُ: هَلْ لَكَ فِي الْعَوْدِ؟ قَالَ: «مَا تَسْبِقُنِي» قَالَ: أُخْرَى. ذَكَرَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللهِ مَا وَضَعَ أَحَدٌ جَنْبِي إِلَى الأَرْضِ، وَمَا أَنْتَ الَّذِي تَصْرَعُنِي. يَعْنِي: فَأَسْلَمَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَنَمَهُ»([4]).

وفي رواية نقلها الألباني عن ابن كثير في صحيح السيرة النبوية أن الصراع كان على مائة شاة في المرَّة الواحدة! قال ابن كثير: روى أبو بكر الشافعي

من تصانيفه: الفوائد المنتخبة العوالي عن الشيوخ، المشهورة بالغيلانيات. انظر: الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 3/483، والذهبي: تاريخ الإسلام 8/76. أبو بكر الشافعي بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن يزيد بن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرَّة على مائة من الغنم، فلما كان في الثالثة قال: يَا مُحَمَّدُ مَا وَضَعَ ظَهْرِي إِلَى الأَرْضِ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْكَ. وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردَّ عليه غنمه([5]).

إن هذه المواقف الثمينة لتوضِّح لنا جانبًا رائعًا من جوانب فنِّ الدعوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يُخاطب كل شريحة بما يُناسبها، ويتعامل مع كبار المفكِّرين بما يفهمونه ويُقَدِّرونه، ويتعامل كذلك مع عامَّة الناس وبسطائهم بما يُمكن أن يستوعبوه، وقد رأيناه في هذا الموقف يُجاري ركانة فيما يُريد، ويلعب معه لعبته المفضَّلة؛ بل ينتصر عليه، وعندما تمَّ هذا الانتصار أدرك ركانة أن هذا أمر خارق للعادة، خاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في هيئة المصارعين، وليس كبير الحجم كركانة، فشعر ركانة أن هذه معجزة، وكانت هذه الهزيمة التي تعرَّض لها هي مفتاح قلبه!

إن هذه المرونة التي رأيناها في طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهي من ألزم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتَّصف بها، فليس كل الناس صورة واحدة، وليست العقول متساوية، وهذا المنهج هو الذي فتح الله به قلوب العباد، فلا مناص من تعلمه، وقد رأينا آثاره في حياته صلى الله عليه وسلم.

[1] «عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة، عن أبيه، أَنَّ رُكَانَةَ صَارَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم». أخرجه البخاري: التاريخ الكبير 1/82، 338، وأبو داود (4078)، والترمذي (1784)، وأبو يعلى (1412)، والحاكم (5903).

[2] أَعْنُز؛ جمع العَنْز والماعِزَة: وهي الأُنثى من المعز والأَوْعال (جنس من المعز الجبلية) والظِّباءِ.

[3] أبو داود: المراسيل (308)، والبيهقي: السنن الكبرى (20255)، وقال البيهقي: وهو مرسل جيد. وعن رواية أبي داود قال ابن حجر: إسناده صحيح إلى سعيد بن جبير، إلا أن سعيدًا لم يدرك ركانة. انظر: التلخيص الحبير 4/397، وحسنه الألباني، انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 5/329.

[4] ابن كثير: البداية والنهاية 3/129، والألباني: صحيح السيرة النبوية ص217



عزتي ماتهابك 03-18-2021 06:25 AM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
جزاك الله خير

الجنرال 03-18-2021 07:56 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
جزاك الله خير
وبارك الله فيك ونفع بطرحك
وجعلها الله في موازين حسناتك
مودتي وتقديري

صاحبة السمو 03-18-2021 08:40 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك

جنون الحرف 03-18-2021 10:01 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
جزاك الله خير الجزاء على كل
ماقدمتي

شموع الحب 03-18-2021 10:07 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
سلمت اياديك لجمآل الطرح
يعطيك العافية ع المجهود المميز

وآفر الشكر
http://www.7ophamsa.com/vb/images/icons/wilted_rose.gif..،

طبعي حنون 03-19-2021 01:18 AM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
طرح في غايه آلروعه وآلجمال
سلمت آناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
ولاحرمنا جديدك القادم والشيق
ونحن له بالإنتظار,,~

بحـر 03-19-2021 09:20 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
اثابك الله الآجر
دمتي بخير

هيبة مشاعر 03-19-2021 11:40 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
http://www.tra-sh.com/up/uploads/1616185777531.gif

المحبوب 03-19-2021 11:47 PM

رد: رسول الله ومصارعة ركانة
 
جزاك الله الف خيررر


الساعة الآن 11:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM