منتديات تراتيل شاعر

منتديات تراتيل شاعر (http://tra-sh.com/vb/index.php)
-   هدي نبينا المصطفى ▪● (http://tra-sh.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   حاطب بن بلتعه رضي الله عنه (http://tra-sh.com/vb/showthread.php?t=112100)

رحيل المشاعر 08-12-2018 05:07 PM

حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 















طَّلعنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمورٍ عجاب، قلَّ أن يجود الزمان بمثلها! فها هو موقف لرجل أفشى سرًّا عسكريًّا خطيرًا للدولة الإسلامية، كان من الممكن أن يكون له أشدُّ الأثر على أمنها واستقرارها!

إنه موقف حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه[1] الذي أرسل رسالة إلى مشركي مكة يُخبرهم فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهَّز جيشًا لفتحها، مخالفًا بذلك أوامر القائد الأعلى للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومُعرِّضًا جيش المسلمين لخطر عظيم!
كيف يكون ردُّ الفعل المناسب في أية دولة في العالم؟!

إن القتل هنا عقاب مقبول جدًّا مهما كانت ملابسات الحدث.. وهذا ما رأينا بعض الصحابة يقترحه.. لكن ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

إنه بعد أن أمسك بالخطاب الخطير، وعلم ما فيه أرسل إلى حاطب رضي الله عنه، وسأله في هدوء: «‏يَا ‏حَاطِبُ،‏ ‏مَا هَذَا؟» قَالَ حَاطِبُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً ‏مُلْصَقًا [2] ‏فِي ‏قُرَيْشٍ، ‏‏وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ ‏ ‏المُهَاجِرِينَ ‏لَهُمْ قَرَابَاتٌ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏: ‏«لَقَدْ صَدَقَكُمْ». قَالَ‏ ‏عُمَرُ: ‏‏يَا رَسُولَ اللهِ؛ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ. قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ‏ بَدْرًا؛ ‏وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ‏ ‏فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» [3].
إن المبرر الذي ذكره حاطب قد لا يقبله الكثيرون، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكلنا يعلم ورعه وفطنته وعدله لم يقبله، ورأى أن يُقتَل بهذا الجُرم، فكيف يسوغ أن يحاول حماية أهله على حساب جيش كامل، ثم كيف يعصي أمرًا مباشرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ومع كل هذا إلاَّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمه رحمة واسعة، وقَبِلَ منه عذره في صفح عجيب، وعفو نادر، وقدَّر موقفه، وعذره، ولم يُوَجِّه له كلمة لوم أو عتاب، بل إنه رفع من قدره، وعظَّم مكانته، وقال لعمر وعمر يعلم ذلك: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ‏ بَدْرًا؛ ‏وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ‏فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ!!»





إن العدل شيءٌ، والرحمة شيء آخر..

إن العدل قد يقتضي أن يُعَاقَب حاطب بن أبي بلتعة بصورة أو بأخرى، ولكنَّ الرحمة تقتضي النظر إلى الأمر بصورة أشمل، فنرى مَن الذي فعل الفعل، وما تاريخه، وما سوابقه المماثلة، وما أعماله السالفة، وهل هو من أهل الخير أم من أهل الشرِّ، وما الملابسات والخلفيات لهذا الحدث..
إن العلاج العاقل يقتضي كظم الغيظ، والتدبُّر في رويَّة وهدوء..


إن الرحمة تقتضي عدم الانسياق وراء عاطفة العقاب، وتلتزم بالبحث الحثيث عن وسيلة تُخرج صاحب الأزمة من أزمته..

العدل درجة عظيمة.. ولكن الرحمة أعظم!!


الفرق بين الاثنين تلحظه في قول الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر:45]. فمن العدل أن يأخذ الله عباده بذنوبهم، ومن الرحمة أن يؤخِّرهم إلى أجل مسمى..

تلحظ الفرق بين الاثنين في قوله تعالى أيضًا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30]، فمن العدل أن يصيب اللهُ الناسَ بعقابه على كل خطأ يكسبونه، ومن الرحمة أن يعفو عن كثير..


وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَّخذ هذا النهج طريقة ثابتة في حياته.. لقد كان مطبِّقًا لأخلاق القرآن وأوامره دون تفريط ولا تضييع.. فقد كان تمامًا كما وصفته عائشة أم المؤمنين ل عندما سُئِلَتْ عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خُلُقه القرآن، أما تقرأ القرآن قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]» [4].




[1] حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، شهد بدرًا والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وقد شهد الله له بالإيمان في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1]. الاستيعاب1/374، وأسد الغابة1/491.
[2] امرأ ملصقًا في قريش؛ أي: لست من أنفسهم، غريبًا فيهم. ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 7/520.
[3] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس (2845)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر (2494).
[4] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، (746)، وأحمد (25341) واللفظ له، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، والبخاري في الأدب المفرد (308)











الخل الوفي 08-12-2018 07:11 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
فخااامة وابداااع
الله يكتب اجرك ويسعدك
يعطيك العافية

صاحبة السمو 08-12-2018 10:25 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
يعطيك العافيه على الطرح القيم والرائع
جزاك الله كل خير وجعله فى ميزان حسنات
ودي لك

بحـر 08-13-2018 09:50 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
جزاكـ الله خير ع الطرح والانتقاء
الله يعطيك العافيه يارب
دمتي بكل خير
ق1

aksGin 08-13-2018 10:06 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
——————




يعطيك العافية يسلم لنا ذوقك وعطائك السخيق1:137:





αℓмαнα 08-13-2018 10:44 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 

أسْع‘ـدَالله قَلِبِكْ .. وَشَرَحَ صَدِرِكْ ..
وأنَــــآرَدَرِبــكْ .. وَفَرَجَ هَمِكْ ..
يَع‘ـطِيِكْ رِبي العَ‘ــآآإفِيَه عَلىآ الطَرِحْ المُفِيدْ ..~
جَعَ‘ـلَهْ الله فِي مُيزَآإنْ حَسَنَـآتِك يوًم القِيَــآمَه ..
وشَفِيعْ لَك يَومَ الحِسَــآإبْ ..~
شَرَفَنِي المَرٌوُر فِي مُتَصَفِحِكْ العَ ـطِرْ ..~
دُمت بَحِفْظْ الرَحَمَــــن ـآ..
كنت} هنآ
.....

ضوء القمر 08-15-2018 01:26 AM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
_




اثَآبك الله الأجْر
واسْعَد قلبك في الدنيَا والآخره
دُمت بحفظ الرحمن :137:.

a7ases 08-15-2018 08:48 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
*,
جَزَآك الله خَيْر جَزآء..’
وأسْعَدَك الله فِي ....الدآرَيْن ..,
,’
دُمْت بِحِفْظِ البَآرئ
* *,

سالمين 08-17-2018 08:57 PM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
جَزَآك الله خَيْر الجَزآء

شموخ وايليه 08-18-2018 05:46 AM

رد: حاطب بن بلتعه رضي الله عنه
 
,/،
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه


الساعة الآن 07:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.

Security team

mamnoa 4.0 by DAHOM