![]() |
الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
في جوٍ مشحونٍ بزيفِ الباطل وركامِ الجاهلية ، يسوسُ الناسَ جهلهم ، ويحكمُهم عرفُهم وعاداتُهم ، قتلٌ وزنا ، عُهُرٌ وخَنا وأدٌ للبنات ، تفاخرٌ بالأحساب والأنساب ، سادَ في البِقاعِ قانونُ الغاب ، فالبقاءُ للقوي ، والتمكينُ للعزيز ، تُغِيرُ القبيلةُ على الأخرى لأتفهِ الأسباب ، تقومُ الحروبُ الطاحنةُ ، تُزهق الأرواحُ ، وتُهلَك الأموال ، وتُسبى النساءُ والذراري ، وتدومُ السنون وتتعاقبُ الأعوام ، والحربُ يرثها جيلٌ بعد جيلٍ ، وأصلها بعيرٌ عُقْر ، وفرسٌ سبقتْ أخرى ، أو قطيعُ أغنامٍ سيقٌ وسرْق ، ساد في ذلكمُ المجتمعُ عاداتٌ غريبةٌ عجيبة ، فعند الأشراف منهم كانتِ المرأة إذا شاءتْ جمعتِ القبائلَ للسلامِ وإن شاءت أشعلتْ بينهم نارَ الحربِ والقتال ، بينما كان الحالُ في الأوساطِ الأخرى أنواعٌ من الاختلاطِ بين الرجلِ والمرأةِ لا نستطيعُ أن نعبرَّ عنه إلا بالدَعارةِ والمجونِ والسِفاحِ والفاحشةِ ، كانت الخمرُ مُمتَدحُ الشعراء ، ومَفخَرة ُالناس ، فهي عندهم سبيلٌ من سُبُلِ الكرم ، ناهيك عن صورِ الشركِ وعبادةِ الأوثان ، التي تُصوِّرُ كيف كانَ أولئكَ يعيشون بعقولٍ لا يفكرون بها ، وأعينٍ لا يبصرون بها ، وأذانٍ لا يسمعون بها إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَـامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ في هذه الأثناءِ حدث حادثٌ عجيبٌ لمكةَ وحرمِها ، رأى أبرهةُ نائبَ النجاشي على اليمنِ أن العربَ يحجونَ الكعبةَ ، فبنى كنيسةً كبيرةً بصنعاءَ ليصرفَ حجَّ العربِ إليها ، وسمع بذلك رجلٌ من بني كِنانة ، فدخلها ليلاً ولطَّخَ قِبلتها بالعَذِرة ، ولما علم أبرهةُ بذلك ثار غضبه وسارَ بجيشٍ عرمرمٍ عدده ستونَ ألفَ جنديٍ إلى الكعبةِ ليهدمها ، واختار لنفسه فيلاً من أكبرِ الفيلةِ ، وكان في الجيشِ قُرابةَ ثلاثةَ عشر فيلاً ، وتهيأ لدخولِ مكةَ فلما كان في وادي محسِّرٍ بين مزدلفةَ ومنى بركَ الفيلُ ولم يقُم ، وكلما وجهوه إلى الجنوبِ أو الشمالِ أو الشرقِ قام يهرول ، وإذا وجهوه قِبَلَ الكعبةِ بركَ فلم يتحرك ، فبينما هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيرًا أبابيل أمثالُ الخطاطيف مع كل طائرٍ ثلاثةُ أحجارٍ مثلُ الحُمُص ، لا تصيبُ أحدًا منهم إلا تقطعت أعضاؤه وهلك ، وهربَ مَن لم يصبه منها شيءٌ يموجُ بعضهم في بعض ، فتساقطوا بكلِ طريقٍ ، وهلكوا على كل مهلكٍ ، وأما أبرهةُ فبعثَ الله عليه داء تساقطت بسببه أنامِلُه ، ولم يصِل إلى صنعاءَ إلا وهو مثلُ الفرخِ ، وانصدع صدرُه عن قلبِه ثم هلك ، وكانتْ هذه الوقعةْ قبل مولدِ النبي بخمسين يومًا أو تزيد ، فأضحت كالتقْدُمةِ قدَّمها الله لنبيه وبيتِه ، وبعد أيامٍ من هلاكِ ذلكم الجيشِ أشرقت الدنيا وتنادت ربوعُ الكونِ تزُّفُ البشرى بولدِ سيدِ المرسلين ، وإمامِ المتقين ، والرحمةِ للعالمين في شِعْبِ بني هاشمٍ بمكةَ صبيحةَ يومُ الإِثنين التاسعِ من ربيعٍ الأولِ لعامِ الفيل ، وُلد خيرُ البشر ، وسيدُ ولدِ آدم ، ولد الرحيمُ الرفيقُ بأمته ، أطلَّ على هذه الحياةِ محمدُ بنُ عبد الله بنُ عبد المطلبِ الهاشميِ القرشي ، أرسله الله إلى الناس جميعا ليقول للناس " إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون " جاء النبيُ صلى الله عليه وسلم يدعوا الناسَ إلى شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله بكل ما تضمنته هذه الشهادة من معنى ، جاء نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يدعو الناسَ إلى العفافِ والطهرِ والخلقِ الكريم والاستقامةِ وصلةِ الأرحام وحسنِ الجوار والكفِّ عن المظالم والمحارم ، يدعوهم إلى التحاكمِ إلى الكتابِ العزيز لا إلى الكهان وأمرِ الجاهلية ، وجعْلِ الناس كلهم أمام شريعةِ الله سواءً يتفاضلون بالتقوى ، روى ابنُ جريرٍ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال " لما مرِضَ أبو طالبٍ دخلَ عليه مشيخةٌ من قريشٍ فيهم أبو جهلٌ فقالوا : إنَّ ابنَ أخيك يشتُمُ آلهتَنَا ويفعلُ ويفعلُ ويقولُ ويقولُ فأنْصِفْنَا من ابنِ أخيك ، فلْيَكُفَّ عن شتمِ آلهتِنا وندَعُهُ وإلهُهُ ، فقال أبو طالبٍ : يا ابنَ أخي ما بالُ قومِكَ يشكُونَكَ ويزعُمُون أنكَ تشتُمُ آلهتَهم ..؟ قال يا عم : أريد أن يقولوا كلمةً تَدِينُ لهم بها العربُ ، وتؤدي لهم بها العجم الجزية ، فقال أبو جهل : نقولُها وعشرًا ، فقال عليه الصلاة والسلام : قولوا لا إله إلا الله ، ففزِعوا وولوا مدبرينَ وهم ينفُضُون ثيابَهم ويقولون : أجعل الآلهةَ إلهً واحدًا إنّ هذا لشيء عجاب " نعم .. لقد دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ كلَّهم إلى هذا المعنىَ العظيم ، وقام بهذا الواجبِ الكبيرِ الذي هو أكبرُ واجبٍ في تأريخ البشريةِ كلها ، دعا إلى دينٍ قويمٍ يرقى به الإنسانُ إلى أعلى المنازلِ ، ويسْعَدُ به في الآخرةِ سعادةً أبديةً في النعيمِ المقيم ، فاستجاب له القلة المؤمنة المستضعفة في مكة ، فأذاقَهُمُ المشركونَ أنواعَ العذاب ، ووقف في وجههِ ثلاثةُ أنواعٍ من الناس : المستكبرونَ الجاحدونَ العالمونَ بالحق ، والحاسِدونَ المحترقون ، والجهالُ الضالون ، وكوّنَ هذا الثالوثُ جبهةً عنيدةً وحربًا وحزبًا شيطانيًا لا يترُكُ من سبيلٍ ولا وسيلةٍ إلا سلكها للصد عن سبيل الله ) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ( واشتدَّ الكربُ بمكةَ وضُيِّقَ الخِناقُ على الدينِ الإسلامي ، وائتمرَ المشركونَ بمكةَ أن يقتلوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال جبريل عليه السلام " إن الله أذن لك يا محمد بالهجرةِ إلى المدينةِ فلا تَبِتْ هذه الليلةَ في فراشك " ورصده المشركونَ عند بابه ليضربوه ضربةَ رجلٍ واحدٍ ليتفرقَ دمَه بين القبائلِ ، فخرج عليه الصلاةُ والسلام عليهم وهو يتلو صدرَ سورةِ يس وذرى على رؤوسهمُ الترابَ وأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يروه ، وأخذهمُ النعاسَ ، واختبأ هو وصاحبَه أبو بكر الصديقِ في غارِ ثورٍ ثلاثةَ أيامٍ حتى هدأ الطلبُ ، ففتشتْ عنه قريشٌ في كلِ وِجْهَةٍ، وتتبعوا الأثرَ حتى وقفوا على الغارِ فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسولَ الله لو أن أحدَهم نظر إلى موضعِ قدميه لأبصرنا ، فقال " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " ولقيا الدليلَ بعد ثلاثٍ براحلتْيَهما ، ويمّما المدينة َفكانت هجرةُ المصطفى صلى الله عليه وسلم نصرًا للإسلام والمسلمين حيثُ أبطلَ الله مكرَ المشركينَ وكيدَهم في تفكيرهِمُ القضاءَ على الإسلامِ بمكةَ وظنهَّمُ القدرةَ على قتلِ رسول الله
|
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله خير وجعله الله في ميزان حسناتك |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله خيرا لما نقلت لنا من دُرر
اللهم ارزقنا لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا دمت برضى الله وفضله |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
نقل قيم جزاك الله خير |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله خيرا جعله في ميزان حسناتك على طرحك القيم والمفيد انتظر جديدك بكل الشوق |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
يعطيك العافيه
على طرحك الجميل والرائع وتسلم يدينك الموضوع المميز ابداع غير منقطع وتواجد حلو ارق تحيه |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
تسسسلم الايـآدي الله يعطيك الف عافيه يـآرب لروحك الجوري وودي |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك واثابكك الله عليه بجنانه لروحكك الورد |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جمل الله قلبك بنور الإيمآن
ومتعك بروعة الجنآن وكتب لك الأجر و الثوآب لك جزيل الشكر و خآلص الدعآء باالتوفيق |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
بارك الله فيك على طرحك القيم
اسال الله العظيم ان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة دمتى بحفظ الرحمن |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
^
جزاك الله خير غلاتي :137:ق1 |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
^
جزاك الله خير غلاتي :137:ق1 |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله خير
الله يكتب لك الاجر ودي وتقديري |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
جزاك الله كل خير
إنتقاء جمبل سلمت الأيادي وبارك الله فيك لاخلا ولاعدم لقلبك الفرح |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
همس مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
ملاك مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
آكسجين مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
آنثى مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
الم مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
اسيره مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
ثناء مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
رحيل مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
شموع مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
فاتن مُمتنه لعبْقك , آنرتِ :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
القيصرر مُمتنه لعبْقك , آنرت :137: . |
رد: الَفوائد الجَنية منَ الهجَرة النبَوية (1)
_
عنيزآوي مُمتنه لعبْقك , آنرت :137: . |
الساعة الآن 07:26 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
mamnoa 4.0 by DAHOM