![]() |
على عتبات السنين
الْيَوْم أَقِف عَلَى عَتَبَات السِّنين مِن الْعُمْر أَقِف وَأَنَا مُدْرِكَة أَن مَا بَقِي لِي قَلِيْل وَأَن مَا مَر مِن عُمْرِي مَدِيْد وَطَوِيْل أَنْظُر نَظْرَة إِلَى الْأَمَام فَأَرَى أَن عِنْدِي الْكَثِير مِن الْمَهَام ، وَهِي مَهَام لَيْسَت بِالهِينَة كَيْف أَخْرُج مِن هَذِه الْحَيَاة بِشَهَادَة الْتَّوْحِيْد ؟ وَكَيْف أَنْجُو مِن عَذَاب الْقَبْر ؟ وَكَيْف أَجْتَاز أَجْوِبَة الْأَسْئِلَة الْأَرْبَعَة بِنَجَاح ( الْشَبَاب _ الْمَال _ الْعُمْر _ الْعِلْم ) ؟ أَمَّا الْشَّبَاب فَأَحْمَد الْلَّه أَن هَدَانِي إِلَى الِالْتِزَام فِي هَذِه الْمَرْحَلَة الْعُمْرِيَّة وَأَنْقِذْنِي مِن الْغَفْلَة الَّتِي كُنْت فِيِهَا وَأَمَّا الْمَال فَالْحَمْد لِلَّه اكْتَسَبْتَه مِن كَد وَتَعَب وَبَذَلْت فِيْه مَا فِي الْوُسْع مِن الْجَهْد وَأَنْفَقَتْه فِي أُمُوْر مَشْرُوْعَة وَأَمَّا الْعُمِر فَعَلَى اخْتِلَاف الْمَرَاحِل وَتَنَوُّع الْأَحْدَاث كَان الْقُرْآَن مُرْشِدِي وَالْسَّنَة دَلِيْلِي وَأَمَّا الْعِلْم فَكُنْت أَطْلُبُه بِمَا أَحْتَاج إِلَيْه تَارَة بِالْسَّمَاع وَأُخْرَى بِالْسُّؤَال وَثَالِثَة بِالْبَحْث وَالْقِرَاءَة مَع حِرْصِي عَلَى نَشْر مَا أَتَعْلَم . وَلَكِن هَل كُنْت أَسْعَى فِي هَذِه الْأُمُور بَاذِلَّة طَاقَتِي ؟ وَهَل كُنْت فِي هَذِه الْأُمُوْر عَلَى وَتَيْرَة وَاحِدَة ؟ وَهَل حَرَصْت عَلَى الْتَّنَافُس مَع غِيَرْي لِأَكُوْن مَن الْسَّابِقِيْن ؟ وَهَل مَا فَعَلَت مَقْبُوْل ؟ هُنَا سَيَكُوْن الْحِسَاب ... إِن الْإِنْسَان فِي هَذِه الْحَيَاة _ كَمَا أَرَى _ يَلِيْق عَلَيْه أَسْمَاء كَالخُسر وَالْتَّحَسُّر وَالْضَّعْف أَمَّا الْخُسْر فَيُذَكِّرُنِي بِه قَوْلُه تَعَالَى : وَالْعَصْر إِن الْإِنْسَان لَفِي خُسْر إِلَّا الَّذِيْن آَمَنُوْا عَمِلُوٓا الْصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَق وَتَوَاصَوْا بِالْصَّبْر ) فَأَتَساءَل : مَا رَصِيْدِي مِن هَذَا الإِيْمَان وَمَا رَصِيْدِي مِن هَذَا الْتَّوَّاصِي ؟ فَهَل أَنَا مِن الْخَاسِرِيْن عِلْمَا بِأَن الْخَسَارَة نِسْبِيَّة فَهُنَاك خَسَارَة فَادِحَة وَهُنَاك رَبِح وَبَيْنَهُمَا مَدَارِج لَسْت أَدْرِي أَيْن أَنَا مِنْهَا ؟ أَمَّا التَحَسْرِفَمَصَدْرِه قَوْلُه تَعَالَى (يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد ) وَيُسَاوّرَنِي شُعُور وَأَتَسَاءَل : مَا نَصِيْبِي مِن هَذَا الْتَحَسُّر ؟ وَأَحْسَب أَن مُعْظَم الْنَّاس يَتَحَسَّرُون وَلَكِن عَلَى دَرَجَات فَبِأَي دَرَجَة مِّن الْتَحَسُّر سَأَكُوْن ؟ وَأَمَّا الْضَعْف فَهُنَاك مَوَاقِف يُضْعِف فِيْهَا الْإِنْسَان ويَكْتَنْفَه نَوْع مِن الْنِّسْيَان ثُم يَتَذَكَّر فَيَعُوْد وَيَقْوَى كُلَّمَا قَوَّى صِلَتِه بِالْلَّه . وَمَع كُل مَا سَبَق أَعْرِف أَن مَع هَذَا الْتَّقْصِير هُنَاك رَحْمَة الْلَّه الَّتِي إِذَا شَمِلَت عَبْدِا أَنْقَذْتَه وَلِذَا فَأَنَا أَبْتَهِل إِلَى الْلَّه أَن يَرْحَمُنِي وَأَقِف مُتَذّكرّة الْنَّاس مِن حَوْلِي وَعَلَى رَأْس الْقَائِمَة أَتَذَكَّر وَالِدَي وَفِي كُل مَرْحَلَة أُكْتُشِف مَدَى تَضَحِيَّتِهُما فِي الْمَرْحَلَة الْسَّابِقَة وَأَلْمَس مَدَى حُبِّهِمَا فَأَقِف فِيْهَا عَاجِزَة عَن شَكَرَهُمَا كَمَا يَنْبَغِي و مُتَأَلِّمَة مِن نَفْسِي الَّتِي مَا كَانَت تُدْرِك ذَلِك إِلَا بَعْد أَن عَدَّت الْمَرْحَلَة وَمَر الْزَّمَن وَتَعَرَّفْت عَلَى الْحَيَاة أَكْثَر فَأَسْتَصْغِر عَمَلِي تُجَاهَهُمَا حِيْن أُقَارِنُه بِمَا قَدَمَاه فَأَقُوْل : مَالِي إِلَّا الْدُّعَاء ب( رَب ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيْرَا ) . وَأَتَذَكَّر ذَوِي رَحِمِي وَكَيْف حَرَصْت عَلَى عَدَم الْقَطِيْعَة فَكَان هَذَا خَيْرَا لِي وَأَتَذَكَّر حَيَاتِي الْزَّوْجِيَّة وَكُلِّي أَمَل أَن أَكُوْن مِمَّن تُدْخِل الْجَنَّة لِأَدَاء الْفَرَائِض مَع تَحْصِيْل رِضَى الْزَّوْج ، وَلَكِن هَل تَحْصِيْل رِضَى الْزَّوْج بِالْأَمْر الْهَيِّن ؟ وَهَل يُمْكِن لِلْزَّوْج أَن يَكُوْن رَاضِيَا إِلَا إِذَا امْتَلَك الْنَّفْس الْرَّاقِيَة مِن تَجَاوُز عَن الْهَفَوَات وَالْمُبَادَرَة بِالْخَيْرَات وَالْحِرْص عَلَى تَوْفِيْر الْمَسَرَّات وَأَنْظُر إِلَى عِنَايَتِي بِالذُّرِّيَّة الَّتِي وَهَبَهَا الْلَّه لِي فَيَبْدُو لِي لَيِّن الْجَانِب وَالْصَّبْر وَالْمُتَابَعَة مِن سِمَات تَرْبِيَتَي وَأَقُوْل صَحِيْح أَنَّهَا مُؤَشِّرَات مُطْمَئِنَّة لَكِنَّنِي أَخْشَى مِن الْمُحَاسَبَة عَلَى الْتَّقْصِير وَبِاخْتِصَار إِنَّهَا أَطْوَل فَتْرَة يُمْكِن أَن أَعِيِشُهَا مَع إِنْسَان ، وَأَكْثَر حُقُوْق وَوَاجِبَات يُمْكِن أَن أَحَاسِب عَلَيْهَا إِنَّهَا مَسْؤُوْلِيَّة بَيْت وَأَوْلَاد وَمَال نَسْأَل الْلَّه الْسَّلَامَة . وَأَتَذَكَّر وَاجِبِي نَحْو أُمَّتِي وَدُوْرِي فِي الْنُّهُوْض بِهَا فَأَقِيْس مَا قَدَّمَت بِمَن حَوْلِي فَأَسْتَصْغِر عَمَلِي . أَنْظُر إِلَى الْمَاضِي فَأَرَى قَنَادِيْل تُضِيْء عَتَمَة الْطَّرِيْق وَأَحْمَد الْلَّه أَن طَرِيْقِي لَم يَكُن مُظْلِمَا وَهَذِه الْقَنَادِيْل هِي هُدِي آَيَات الْلَّه تَعَالَى وَأَحَادِيْث رَسُوْلِه الْكَرِيْم ثُم أَنْظُر إِلَى الْقَادِم مِن الْأَيَّام فَيَتمْلَكِنِي شُعُور بِحُب الْحَيَاة وَالاسْتِمْرَار فِيْهَا لِأَجْل أَن أَسْتَدْرِك مَا فَات وَأَمْلَأ الْصَّفَحَات بِالْذِّكْر وَالِاسْتِغْفَار وَالْدُّعَاء وَاكْتِسَاب الْحَسَنَات وَأَجُوْب الْأَمَاكِن أَدْعُو إِلَى الْلَّه لِيَكُوْن لِي رَصِيْد يَسْتَمِر خَيْرِه بَعْد الْمَمَات . وقـــــــــــــــفه عَلَى كُل مُسْلِم أَن يَقِفَهَا بَيْن فَيْنَة وَأُخْرَى لِيُرَاجِع حِسَابِاتِه وَيُصَحِّح مَسَارِه إِن كَان هُنَاك تَقْصِيْر وَنَسْأَل الْلَّه الْعَظِيْم ان يَجْعَلْنِي وَإِيَّاكُم مِن اهْل الْقُرْان الَّذِيْن هُم أَهْل الْلَّه وَخَاصَّتُه وَمِمَّن كَان لَهُم الْقُرْان رُوْحَا |
رد: على عتبات السنين
,‘✽
شُكراً يَ ألق لـ جمال الآطَروحهَ الآنيقَهَ أطيب التحايا وارق المنى |,‘:118: |
رد: على عتبات السنين
|
رد: على عتبات السنين
سلمت يداك على الطرح
تحيتي |
رد: على عتبات السنين
سلمت يديكـ ع عطائكـ
مانحرم من جهودكـ وتميزكـ يارب.. دمت بخير |
رد: على عتبات السنين
|