أيلُول .
10-19-2017, 04:44 PM
ـــ
كانت زوجتي ذات يوم تحكي لابني عن فضائل النمل وغباء الصرصار الذي يغنّي، الصرصار يغنّي لأنّه يريد أن يكون بلبلاً، تصوّري يريدُ أن يكون بلبلًا ولا يفهمه أحد،
ويشنّعون عليه بأنه عاطل عن العمل. ويقولون له: انظر النمل، النمل العظيم الذي يكدّ
ويشتغل من أجل مؤونة الشتاء
صحيح ولكن النمل ليس مثل أعلى، الصرصار لديه مثل أعلى، يريدُ أن يكون بلبلًا،
والنمل لا يريدُ أن يكون إلا نملًا. انظري إلى هذا النمل، انظروا كلكم إلى هذا النمل.
مَن منكم يستطيع أن يُميّز نملة عن أخرى؟
النمل كله متشابه، النمل رتيب، بليد، قطيع، ولا نملة تختلف عن الأخرى، ولا نملة تريدُ أن تختلف عن الأخرى، ولا نملة عندها مثل أعلى، ولا نملة تريدُ أن تكون أكثر من نملة، ولا نملة لديها طموح إلا أن تسير باللقمة إلى وكرها.
النمل يريد أن يأكل فقط، والمخلوقات كلها تريدُ أن تأكل. لكن الحياة لم تتطور بالذين يأكلون أو بالذين لا همّ لهم إلا أن يأكلوا.
الحياة تتطور بالذين يمسكون ما يجدونه فيصنعون منه شيء آخر بدل أن يأكلوه،
بالذين يحوّلون شيئًا إلى شيء، بالذين يحوّلون الجلد إلى آلة موسيقية،
الذين يحوّلون الكلام إلى شعر، الذين يحوّلون الرحيق إلى عسل، لماذا خطر لكِ أن تحوّلي انتباه الولد إلى النمل
ولم تحوّليه إلى النحل؟
تجيب الزوجة باكية: لأن الحكاية هكذا. فيردُ المتنبي: حتى الحكاية يجب أن لا نقبلها كما هي، حتى الحكاية يجب أن نُغيّرها، تعلّمي أن تُغيري الحكايات لكي تكوني زوجة صالحة لأبي الطيب المتنبي، أسمعتِ؟ أنا أبو الطيب المتنبي ولستُ أحمد.
إن في هذه الدنيا المسلمة آلاف الآلاف ممن اسمهم أحمد ولكن لن يكون فيهم إلا واحد،
واحد فقط لا شبيه له، واحد قادر على الحلم بالمستحيل، وقادر أن يحققه،
واسمه أبو الطيب المتنبي، إنه الصرصار الذي يحلم أن يكون بلبلًا.
ممدوح عدوان، المتنبي في ضوء الدراما.
كانت زوجتي ذات يوم تحكي لابني عن فضائل النمل وغباء الصرصار الذي يغنّي، الصرصار يغنّي لأنّه يريد أن يكون بلبلاً، تصوّري يريدُ أن يكون بلبلًا ولا يفهمه أحد،
ويشنّعون عليه بأنه عاطل عن العمل. ويقولون له: انظر النمل، النمل العظيم الذي يكدّ
ويشتغل من أجل مؤونة الشتاء
صحيح ولكن النمل ليس مثل أعلى، الصرصار لديه مثل أعلى، يريدُ أن يكون بلبلًا،
والنمل لا يريدُ أن يكون إلا نملًا. انظري إلى هذا النمل، انظروا كلكم إلى هذا النمل.
مَن منكم يستطيع أن يُميّز نملة عن أخرى؟
النمل كله متشابه، النمل رتيب، بليد، قطيع، ولا نملة تختلف عن الأخرى، ولا نملة تريدُ أن تختلف عن الأخرى، ولا نملة عندها مثل أعلى، ولا نملة تريدُ أن تكون أكثر من نملة، ولا نملة لديها طموح إلا أن تسير باللقمة إلى وكرها.
النمل يريد أن يأكل فقط، والمخلوقات كلها تريدُ أن تأكل. لكن الحياة لم تتطور بالذين يأكلون أو بالذين لا همّ لهم إلا أن يأكلوا.
الحياة تتطور بالذين يمسكون ما يجدونه فيصنعون منه شيء آخر بدل أن يأكلوه،
بالذين يحوّلون شيئًا إلى شيء، بالذين يحوّلون الجلد إلى آلة موسيقية،
الذين يحوّلون الكلام إلى شعر، الذين يحوّلون الرحيق إلى عسل، لماذا خطر لكِ أن تحوّلي انتباه الولد إلى النمل
ولم تحوّليه إلى النحل؟
تجيب الزوجة باكية: لأن الحكاية هكذا. فيردُ المتنبي: حتى الحكاية يجب أن لا نقبلها كما هي، حتى الحكاية يجب أن نُغيّرها، تعلّمي أن تُغيري الحكايات لكي تكوني زوجة صالحة لأبي الطيب المتنبي، أسمعتِ؟ أنا أبو الطيب المتنبي ولستُ أحمد.
إن في هذه الدنيا المسلمة آلاف الآلاف ممن اسمهم أحمد ولكن لن يكون فيهم إلا واحد،
واحد فقط لا شبيه له، واحد قادر على الحلم بالمستحيل، وقادر أن يحققه،
واسمه أبو الطيب المتنبي، إنه الصرصار الذي يحلم أن يكون بلبلًا.
ممدوح عدوان، المتنبي في ضوء الدراما.