شموع الحب
01-17-2017, 04:05 AM
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ:
تهاون بعض المرضى بالصلاة:
س: كثير من المرضى يتهاون بالصلاة ويقول: إذا شفيت قضيت الصلاة، وبعضهم يقول: كيف أصلي وأنا لا أستطيع الطهارة ولا التنزه من النجاسة، فبم توجهون هؤلاء؟
جـ: المرض لا يمنع من أداء الصلاة بحجة العجز عن الطهارة مادام العقل موجوداًً، بل يجب على المريض أن يصلي حسب طاقته، وأن يتطهر بالماء إذا قدر على ذلك، فإن لم يستطع استعمال الماء تيمم وصلَّى، وعليه أن يغسل النجاسة من بدنه وثيابه وقت الصلاة، أو يبدل الثياب النجسة بثياب طاهرة وقت الصلاة، فإن عجز عن غسل النجاسة وعن إبدال الثياب النجسة بثياب طاهرة سقط عنه ذلك، وصلَّى حسب حاله؛ لقول الله : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16 )
وقول النبيr: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (من حديث أبي هريرة متفق عليه)
وقوله r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ لما شكا إليه المرض، قال r:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"
(رواه البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين)
ورواه النسائي بإسناد صحيح، وزاد: " فإن لم تستطع فمستلقياً"
المريض يصلي على قدر طاقته:
س: مريض أدخل المستشفي لإجراء عملية جراحية في البطن، ومكث بعد إجراء العملية حوالي يوم ونصف وهو مخدر من أثر البنج، ثم بقي بعد أن صحا من المخدر أسبوعاً لا يقدر أن ينحني لأداء الصلاة، ولا يستطيع الغسل الكامل لجسمه فكيف يصلي هذا الشخص؟
جـ: الواجب على المريض أن يؤدي الصلاة المفروضة حسب طاقته
لقول النبي r لما سأله بعض المرضى عن ذلك:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" (أخرجه البخاري في صحيحه)،
زاد النسائي ـ رحمه الله ـ في روايته: " فإن لم تستطع فمستلقياً"
ولو عجز عن الركوع انحنى قدر ما يستطيع لقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }(التغابن: 16)
ومتى زال شعوره بسبب البنج أو شدة المرض، قضى الصلوات التي فاتته ـ من حيث يرجع إليه شعوره ـ مرتبة، وبادر بذلك حسب طاقته
لقول النبي r: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"
(البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك)
ولاشك أن المغمى عليه بسبب المرض أو البنج يوماً أو يومين أو ثلاثة في حكم النائم، ولا يؤخر الصلوات التي عليه حتى يصلِّيها مع مثيلاتها، بل عليه أن يبادر بذلك من حيث يرجع إليه شعوره كالنائم إذا استيقظ والناسي إذا ذكر، وإذا لم يستطع استعمال الماء أجزأه التيمم للآية السابقة.
والله ولي التوفيق. (الفتاوي لابن باز:2/137)
المريض طريح الفراش هل يصلي ويصوم ؟
س: المريض طريح الفراش نتيجة حادث في أي الحالات يصلي ويصوم؟
جـ: طريح الفراش نتيجة حادث، عليه أن يصوم إن كان يستطيع الصوم، وأما إن قرر الأطباء أن الصوم يضره بسبب المرض الحاضر فإنه لا يصوم، وإذا قرر أنه لا يرجى برؤه في المستقبل برءاً يمكنه من الصوم فإنه لا يصوم أيضاً، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذين لا يستطيعان الصوم فإنهما يكفران بإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً، أما إن كان يُرجى برؤه ولكنه يضره الصوم فإنه لا يصوم حينئذٍ ولكن متى برئ وعافاه الله فإنه يصوم ولا يطعم.
أما الصلاة فإنه يصلي حسب حاله، وذلك بأن يقرب إليه الماء، ويتوضأ إن استطاع، وإن لم يقدر فيتيمم بعد أن يمسح ويصلي في الوقت ويجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أما صلاة الفجر فيصليها في وقتها حسب الطاقة سواء كان في الفراش على جنبه أو مستلقياً أو قاعداً...
يقول الله تعالي:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16 ).
والنبي r قال للمريض:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" (البخاري من حديث عمران بن حصين )
" فإن لم تستطع فمستلقياً"
وعندما تكون مستلقياً تجعل رجليك جهة القبلة وتشير بيدك، وإذا أردت الصلاة فإنك تنوي وتكبر تكبيرة الإحرام رافعاً يديك، ثم تأتي بالمشروع من دعاء الاستفتاح والقراءة، ثم تنوي الركوع وتكبر وتأتي بأذكار الركوع، ثم تنوي الرفع، وتقول: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" إلى آخره،
ثم تنوي السجود وتكبر وتأتي بأذكار السجود، ثم تنوي وتكبر للجلوس بين السجدتين، وتدعو بما تيسر ثم تنوي وتكبر للسجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام، والله تعالي يقول:
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَاْ} (البقرة: 286 )، ويقول : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن: 16 )
س: هل يجوز للمريض جمع الصلوات؟
جـ: لا يجوز ذلك، لكن له أن يقوم بجمع الصلوات جمعاً صورياً، أي يصلى الظهر في آخر وقته والعصر في أول وقته، ويصلى المغرب في آخر وقته والعشاء في أول وقته.
صلاة كبار السن الذين لا يستطيعون السجود:
س: بعض الناس ـ وخاصة كبار السن ـ لا يستطيعون السجود والجلوس للتشهد، ولذلك نراهم يصلون قائمين ثم عند السجود يجلسون على كرسي أو على الجدار الحاجز بين الصفوف، فما حكم فعلهم هذا ؟
جـ: لا أعلم حرجاً فيما ذكره السائل، إذا كان لا يستطيع سوى ذلك، لقول الله :
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16) وقوله سبحانه :{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَاْ } (البقرة: 286 )
ولقول النبي r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً"
(أخرجه البخاري في صحيحه، والنسائي في سننه، وهذا لفظ النسائي، والله ولي التوفيق) (ابن باز ـ رحمه الله ـ )
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
س: متى يسقط القيام في الصلاة هل هو بالعجز أو بالمشقة؟
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب:
" نقول: هو بهما جميعاً، إذا عجز عن القيام سقط عنه، وإذا كان يشق عليه مشقة تمنعه من الخشوع في الصلاة ويكون كالذي يدافع الأخبيثين ـ مثلاً ـ، فإن القيام يسقط عنه في هذه الحال،
لعموم قوله تعالي: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16)
وقول النبي r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب"
س: مريض بسلس البول إذا صلى قائماً نزل منه البول وإذا جلس لم ينزل منه شيئاً فهل يترك ركن القيام أم يجلس؟
جـ: إذا علم المريض من حاله أنه لو صلَّى قائماً نزل منه البول، وإذا صلى قاعدأً بقي على طهارته، فإنه يصلى قاعداً.
س: إذا لم يستطع الإيماء برأسه هل يومئ بطرفه؟
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب:
" لم يرد سنة صحيحة في أن مَنْ لا يستطيع الإيماء برأسه يومئ بطرفه. والحديث الذي استدل به الفقهاء ـ رحمهم الله ـ ضعيف، ولهذا لم ير شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ الصلاة بالطرف، لأن الصلاة عبادة، فلابد أن يكون فيها إذن من الشرع، وبناءً على هذا القول نقول:
إذا لم يستطع أن يومئ برأسه فإنه تسقط عنه الحركة بالصلاة ويصلي بقلبه".
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ:
كيف يصلى من وافق وقت غسيل الكلى وقت الصلاة؟
س: أنا شخص مصاب بمرض الكلى وأغسل في الأسبوع ثلاث مرات، وعندما أنام على سرير الغسيل وتشد فيَّ ليَّات الغسيل أمكث تحت الغسيل أربع ساعات، ويكون أذان المغرب في بعض المرات وأنا في الغسيل، ولا أستطيع التحرك من مكاني، ولا أستطيع الوضوء وأنا بالحالة هذه،
فهل أعتبر معذوراً إذا أخَّرت الصلاة حتى يخرج وقتها، أو أصلي وأنا على حالتي وبدون وضوء مع أنني حسب حالة الكرسي قد أكون متجهاً لغير القبلة؟ أفتوني مأجورين عما يجب على.
جـ: المشروع في مثل هذه الحال جمع التقديم أو التأخير، فإن كان إجراء العملية في وقت الأولى شرع لكم الجمع؛ جمع تقديم بين المغرب والعشاء، أما إن أجريت العملية قبل دخول وقت المغرب، أو في أوله ولم يمكن جمع التقديم فإن السنة تأخير المغرب مع العشاء جمع تأخير، لأنك مريض وهكذا حكم المريض، وهكذا المسافر إذا كان على ظهر سير فإنه يجمع جمع تقديم إذا كان يرتحل من مكانه في وقت الأولى، أما إن كان ارتحاله قبل دخول وقت الأولى فإنه يجمع جمع تأخير، وهذا هو الثابت عن النبي r.
وهكذا حكم الظهر والعصر في حق المريض والمسافر.
نسأل الله لك ولجميع المسلمين الشفاء والعافية من كل سوء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل لمن قال بسقوط الصلاة عن المشلول دليل؟
س: بعض أهل العلم يرى أن المصاب بالشلل العام تسقط عنهم الصلاة، فهل لهم حجة في ذلك؟
جـ: ليس عليه دليل.
صلاة المصاب بالشلل الكامل أو الجزئي:
س: ما حكم الصلاة، وما كيفيتها في الحالتين:
الحالة الأولى: من أصيب بشلل رباعي ولا يستطيع إلا تحريك عضلات رأسه ورقبته؟
جـ: يصلى بالكلام والنية.
الحالة الثانية: شلل عام لا يحرك إلا عينيه وجفنيه؟
جـ: أيضاً بالكلام والنية.
من فتاوى ابن بازـ رحمه الله ـ
يصلى المريض قبل العملية أم بعدها:
س: من المعلوم يا سماحة الشيخ أن المريض بعد إجراء العملية يبقى مخدراً وبعد الإفاقة يبقي متألماً عدة ساعات، فهل يصلي قبل إجراء العملية والوقت لم يدخل بعد ؟ أم يؤخر الصلاة حتى يكون قادراً على أدائها بحضور حسي ولو تأخر ذلك يوماً فأكثر؟ أفتونا مأجورين.
جـ: الواجب على الطبيب أن ينظر في الأمر، فإذا أمكن أن يتأخر بدء العملية حتى يدخل الوقت مثل الظهر فيصلى المريض الظهر والعصر جمعاً إذا دخل وقت الظهر وهكذا في الليل يصلى المغرب والعشاء جمعاً إذا غابت الشمس قبل بدء العملية، أما إذا كان العلاج ضحى فإن المريض يكون معذوراً، فإذا أفاق قضى ما عليه، ولو بعد يوم أو يومين، متى أفاق قضى ما عليه والحمد لله
ولا شيء عليه مثل النائم، إذا أفاق وانتبه ورجع إليه وعيه صلى الأوقات التي فاتته على الترتيب، يرتبها ظهراً ثم عصراً وهكذا حتى يقضي ما عليه،
لقول النبي : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، ولا كفارة لها إلا ذلك"
(متفق عليه من حديث أنس بن مالك t)
والإغماء بسبب المرض أو العلاج حكمه حكم النوم إذا طال، فإن طال فوق ثلاث أيام سقط عنه القضاء وصار في حكم المعتوه حتى يرجع إليه عقله فيبتدئ فعل الصلاة بعد رجوع عقله إليه
لقول النبي : " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق" (النسائي وابن ماجة من حديث عائشة وصححه الألبانى في الإرواء:2043)
ولم يذكر القضاء في حق الصغير والمجنون، وإنما ثبت عنه الأمر بالقضاء في حق النائم والناسي، والله ولي التوفيق.
الإغماء لمدة طويلة وقضاء الصلاة:
س: يتعرض البعض من جراء حوادث السيارات ونحوها لارتجاج في المخ أو الإغماء لمدة أيام، فهل يجب علي هؤلاء قضاء الصلاة إذا أفاقوا؟
جـ: إن كانت المدة قليلة مثل ثلاثة أيام أو أقل وجب القضاء، لأن الإغماء في المدة المذكورة يشبه النوم فلم يمنع القضاء، وقد روي عن جماعة من الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ أنهم أصيبوا ببعض الإغماء لمدة أقل من ثلاثة أيام فقضوا. أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء، لقول النبي :
"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق"
والمغمي عليه في المدة المذكورة يشبه المجنون بجامع زوال العقل. والله ولي التوفيق.
(فتاوى مهمة تتعلق بالصلاة صـ27،28)
س: مريض الأعصاب لا ترفع عنه التكاليف مادام عقله باقياً:
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ؟
" شخص مصاب بمرض أعصاب مزمن حسب كلام الطبيب، وسبب له هذا المرض كثيراً من المشاكل، منها: رفع الصوت على الوالدين وقطيعة الرحم ووجود القلق والخجل والخوف، فهل ترفع عنه التكاليف الشرعية، وهل عليه شيء في أعماله تلك ؟ وبماذا تنصحونه ؟
فأجاب ـ رحمه الله ـ:لا ترفع عنه الأحكام الشرعية مادام عقله باقياً، أما لو فقد عقله ولم يستطع السيطرة على عقله حينئذِ يكون معذوراً، والذي أنصحه به أن يكثر من الدعاء، ومن ذكر الله ، ومن الاستغفار، ومن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عندما يثور غضبه، لعل الله أن يكشف عنه"
(مجلة الدعوة، عدد: 1418، بتاريخ 12/9/1414هـ)
س: كيف يصلي المريض إذا كانت أسِرَّة المرضى (السرائر) إلى غير القبلة؟
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن ذلك، فأجاب بقوله:
" يجب أن ينتبه المسئولين في المستشفيات إلى هذه المسألة، وأن يحاولوا أن تكون وجوه الأسِرَّة إلى القبلة، حتى لا يحرجوا المرضى، وإن كان المريض يتمكن من توجيه السرير بمعونة من حوله فليفعل، وإن لم يستطع هو بنفسه أن يتجه إلى القبلة فإنه يصلي حيث كان وجهه، ويكون هذا داخلاً في عموم قوله تعالي: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (البقرة:115)
س: إذا كانت فُرُش المرضى لينة فهل تصح الصلاة عليه؟
جـ: سُئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب بقوله:
" إذا كانت الفرش لينة فلا يضر ذلك إذا كبس عليها يعني إذا اتكأ بجبهته عليها وبيديه أيضاً فلا بأس، لأنها إذا كبس عليها انكبست وصارت شديدة. أما لو كان يضع جبهته على هذه الفرش اللينة وضعاً دون أن يتمكن من ذلك فإنه لا يصح السجود على هذه الحال"
من فاتته عدة فروض كيف يقضيها ؟
س: سُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن مريض أجرى عملية جراحية، وبالتالي فاتتة عدة فروض من الصلوات، فهل يصليها مجتمعة بعد شفائه، أم يصليها كل وقت بوقته، أي: يصلى صبحاً مما فاته مع الصبح الذي يصليه حاضراً، وظهراً مع الظهر، وهكذا ؟
فأجاب: " عليه أن يصليها جميعاً في آن واحد، لأن النبي لما فاتته صلاة العصر في غزوة الخندق صلاها قبل المغرب، وعلى الإنسان إذا فاتته بعض فروض الصلاة أن يصليها جميعاً ولا يؤخرها " (فتاوى إسلامية جمع المسند:1/409)
ثالثاً: الأحكام الخاصة بصيام المريض
صيام المريض:
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
قال الله تعالي:{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
(البقرة:185)
والمريض على قسمين:
أحدهما: من كان مرضه لازماً مستمراً لا يُرجى زواله، كالسرطان فلا يلزمه الصوم، لأنه ليس له حال يرجى فيها أن يقدر عليه، ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكيناً، إما بأن يجمع مساكين بعدد الأيام فيُعشِّيهم أو يُغدِّيهم، كما كان أنس بن مالك t يفعله حين كبر، وإما بأن يفرق طعاماً على مساكين بعدد الأيام، لكل مسكين ربع صاع نبوي أي ما يزن نصف كيلو وعشرة غرامات من البر الجيد، ويحسن أن يجعل معه ما يأدمه من لحم أو دهن، ومثل ذلك الكبير العاجز عن الصوم فيطعم عن كل يوم مسكيناًِ.
الثـانـي: من كان مرضه طارئاً غير ميئوس منه زواله كالحمى وشبهها
وله ثلاث حالات:
الحال الأولـى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم، لأنه لا عذر له.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيكره له الصوم، لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالي مع الاشقاق على نفسه.
الحال الثالثة: أن يضره الصوم فيحرم عليه أن يصوم، لما فيه من جلب الضرر على نفسه،
وقد قال تعالي: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }(النساء:29)
وقال:{ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } (البقرة:195)
وفي الحديث عن النبي قال:" لا ضرر ولا ضرار"
(أخرجه ابن ماجة والحاكم، قال النووى: وله طرق يقوى بعضها بعضاً)
ويعرف ضرر الصوم على المريض، إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به. ومتى أفطر المريض في هذا القسم فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه القضاء، لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام أخر ولم يدركها.
صوم فاقد العقل:
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في حديثه عن أقسام الناس في الصيام:
القسم الثالث: المجنون وهو فاقد العقل فلا يجب عليه الصيام، لما سبق من قول النبي :
"رُفع القلم عن ثلاثة"... الحديث، ولا يصح منه الصيام؛ لأنه ليس له عقل يعقل به العبادة وينويها، والعبادة لا تصح إلا بنية، لقول النبي :"إنما الأعمال بالنيِّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى"
( البخاري )
فإن كان يُجن أحياناً، لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه، وإن جٌن في أثناء النهار لم يبطل صومه، كما لو أغمي عليه بمرض أو غيره، لأنه نوى الصوم وهو عاقل بنيةٍ صحيحة، ولا دليل على البطلان خصوصاً إذا كان معلوماً أن الجنون ينتابه في ساعاتٍ معينةٍ، وعلى هذا فلا يلزم قضاء اليوم الذي حصل فيه الجنون. وإذا أفاق المجنون أثناء نهار رمضان لزمه إمساك بقية يومه؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه قضاؤه كالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم"
(مجالس رمضان ـ المجلس السادس صـ31).
وسُئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن قوله تعالي:
{وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }(البقرة: 184)
فأجاب فضيلته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد ،،،
فأشير إلى سؤالكم الشفهي عن تفسير قوله تعالي: { وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ( البقرة: 184)
ورغبتكم في أن يكون الجواب خطياً، وأفيدكم أن علماء التفسير ـ رحمهم الله ـ ذكروا أن الله سبحانه لما شرع صيام شهر رمضان شرعه مخيراً بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم أفضل، فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام ستين مسكين، وإن أطعم أكثر فهو خير له، وليس عليه القضاء، وإن صام فهو أفضل؛ لقوله :{وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
( البقرة: 184)
فأما المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا؛ لقوله سبحانه:
{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
ثم نسخ الله ذلك وأوجب الصيام على المكلف الصحيح المقيم، ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء، وذلك بقوله سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة:185)
وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وعن أنس بن مالك t وجماعة من الصحابة والسلف
ـ رضي الله عنهم ـ
وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع t معنى ما ذكرنا من النسخ للآية المذكورة، وهى قوله تعالي: { وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } (البقرة: 184)
وروي ذلك عن معاذ بن جبل t وجماعة من السلف ـ رحمهم الله ـ ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره ( )، أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام إلا أن يشق عليهما فإنه يشرع لهما الإفطار وعليهما القضاء كالمريض والمسافر، هذا هو الصحيح من قول العلماء في حقهما، وذهب ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ إلى أنهما عليهما الإطعام دون القضاء.
وقال جماعة من السلف:
يطعمان ولا يقضيان كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، والصحيح أنهما كالمريض والمسافر تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر، وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتاوى الخاصة بصيام المريض
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ
صيام كبير السن المصاب بالشلل:
س: كتابكم الكريم وصل ـ وصلكم الله بهداه ـ وما تضمنه من الإفادة أنك كبير السن، وأصبت بمرض الشلل في نصف جسمك، ولا تقدر على الصيام، وإذا صمت اشتد عليك المرض إلى آخر ما ذكرت، ورغبتك في الفتوى كان معلوماً؟
جـ: إذا قرر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يُرجى برؤها فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، وإذا غدَّيته أو عشيته كفي ذلك، أما إن قرروا أنه يرجى برؤه فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض
لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وأسأل الله أن يمن عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل والاحتساب، إنه خير مسئول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يستطيعان الصوم:
س: رجل يبلغ من السن 75 سنة ويشق عليه الصوم... إلخ من أجل القرحة فما حكمه؟
جـ: إذا كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يشق عليهما الصوم فلهما الإفطار ويطعمان عن كل يوم مسكيناً إما بتشريكه معهما في الطعام، أو دفع نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز للمسكين كل يوم، فإذا كانا مع ذلك مريضين بقرحة أو غيرها، تأكد عليهما الفطر ولا إطعام عليهما ؛ لأنهما حينئذ إنما أفطرا من أجل المرض لا من أجل الكبر، فإذا شفيا قضيا عدد الأيام التي أفطراها، فإن عجزا عن القضاء بسبب الكبر أطعما عن كل يوم مسكيناً كما تقدم
هكذا أفتى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره من أهل العلم، وأدلة ذلك معلومة منها:
قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 185)
والعاجز الكبير لا يستطيع القضاء فوجب عليه الإطعام بدلاً من ذلك، وكان أنس بن مالك t خادم النبي لما كبرت سنه وشق عليه الصوم أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً، والله الموفق.
صيام من يفقد وعيه:
س: مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال، هل يقضي عنه أبناؤه
لو توفي؟ بارك الله فيكم.
جـ: ليس عليه القضاء إذا أصابه بعض ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء، فإنه إذا استرد وعيه
لا قضاء عليه، فمثله مثل المجنون والمعتوه، لا قضاء عليه، إذا كان الإغماء مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر فلا بأس بالقضاء احتياطاً، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل.
ولا علي أبنائه ـ لو مات أن يقضوا عنه ـ نسأل الله العافية والسلامة.
للمريض الإفطار إذا شق عليه الصيام:
س: أنا في السادسة عشرة من عمري وأعالج في مستشفي الملك فيصل التخصصي من حوالي خمس سنوات إلي الآن وفي شهر رمضان من العام الماضي أمر الدكتور بإعطائي علاجاً كيماوياً في الوريد وأنا صائم وكان العلاج قوياً ومؤثراً على المعدة وعلى جميع الجسم وفي نفس اليوم الذي أخذت فيه العلاج جعت جوعاً شديداً ولم يمض من الفجر إلا حوالي سبع ساعات وفي حوالي العصر تألمت منه وكدت أموت ولم أفطر حتى أذان المغرب، وفي شهر رمضان هذا العام ـ إن شاء الله ـ سيأمر الدكتور بإعطائي ذلك العلاج، هل أفطر في ذلك اليوم أم لا ؟ وإذا لم أفطر فهل علي قضاء ذلك اليوم؟ وهل أخذ الدم من الوريد يفطر أم لا ؟ وكذلك العلاج الذي ذكرت؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
جـ: المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضره، أو يشق عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب
لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
ولقول النبي : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته"
(أحمد من حديث ابن عمر _ صحيح الجامع: 1886)
وفي رواية أخرى: كما يحب أن تُؤتى عزائمه"
(ابن حبان والطبراني في الكبير من حديث ابن عباس وهو صحيح الجامع:1885)
أما أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غيره فالصحيح أنه لا يفطر الصائم، لكن إذا كثر فالأولى تأجيله إلى الليل فإن فعله في النهار فالأحوط القضاء تشبيهاً له بالحجامة.
المريض يقض ما أفطر بعد الشفاء:
س: أصابني مرض في البطن مما جعلني لا أقدر على صوم رمضان كاملاً ماذا أصنع؟
جـ: إذا أصاب المسلم مرضاً في البطن أو غيره فلا يستطيع معه الصوم أو يشق عليه الصوم، فإنه يفطر ثم يقضي بعد الشفاء، لقول الله في سورة البقرة:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185)
والله ولي التوفيق.
أفطرت من رمضان ولم تقدر على القضاء لمرضها:
س: أنا سيدة مريضة وقد أفطرت بعض الأيام في رمضان الماضي ولم أستطع قضاءها لمرضي، فما هي كفارة ذلك ؟ كذلك فإنني لن أستطيع صيام رمضان هذا العام فما هي كفارة ذلك أيضاً ؟
جـ: المريض الذي يشق عليه الصيام، يشرع له الإفطار، ومتى شفاه الله قضى ما عليه
لقوله سبحانه وتعالي: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وليس عليك أيتها السائلة حرج في الإفطار في هذا الشهر ما دام المرض باقياً، لأن الإفطار رخصة من الله للمريض والمسافر، والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته، وليس عليك كفارة ولكن متى عافاك الله فعليك القضاء، شفاك الله من كل سوء، وكفر عنَّا وعنك السيئات.
الفرق بين المريض الذي يرجى برؤه والذي لا يرجى برؤه:
س: أنا رجل مصاب بمرض أعصاب وقد راجعت مستشفي الأمراض النفسية وصرف لي علاج مستمر طول اليوم ثلاث مرات وإذا تركته اشتد المرض بي حتى أسقط على الأرض بدون شعور وأرغب أن أصوم ولكني خائف إذا انقطع عنى هذا العلاج الذي أتناوله في اليوم يعود لي هذا المرض؟
جـ: لا تصم بارك الله فيك، يقول الله سبحانه:{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
(البقرة: 185)
ما دام الحال على ما ذكرت؛ فتناول الحبوب كل يوم ولا تصم حتى يشفيك الله،
واسأل الأطباء الذين أعطوك الدواء، فإن كان هذا المرض في اعتقادهم وتجاربهم يستمر، فأطعم عن كل يوم مسكيناً ويكفي، مثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، أطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع تمر أو أرز تدفع للفقراء، فقير واحد أو أكثر، في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره تجمعه وتعطيه بعض الفقراء ويكفي إن شاء الله، أما إن قال الأطباء: إن هذا يرجى زواله إن شاء الله بعد سنتين أو ثلاث فإنك تؤجل، فإذا عافاك الله تقضي.
لا تستطيع الصوم بسبب مرض السكر والقرحة:
س: إنني مريضة بالسكر والقرحة فإذا لم أستطع الصوم فماذا يجب علي أن أفعل؟
جـ: عليك مراجعة الطبيب المختص فإن قرر الطبيب المختص أن الصوم يضرك فأفطري، فإذا عافاك الله فاقضي بعد ذلك.
وإن قرر الأطباء المختصون أن هذا المرض يضره الصوم دائماً وأنه فيما يعلمون أن المرض سوف يستمر ولا يرجى برؤه فإنك تفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف تقريباً ـ والحمد لله ـ وليس عليك صيام
لقول الله سبحانه وتعالي: { َفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } ( التغابن: 16)
صوم مريض الصرع:
س: سـائل يقـول: إني مصاب بمرض الصرع ولم أتمكن من صوم شهر رمضان المبارك وذلك لاستمراري على العلاج ثلاثة أوقات يومياً وقد جربت صيام يومين ولم أتمكن، علماً بأنني متقاعد وتقاعدي يصل إلى ثلاثة وثمانين دينـاراً شهرياً وصاحب زوجة وليس لي أي وارد غير تقاعدي،
فمـا حكم الشرع في حالتي إذا لم أتمكن من إطعام ثلاثين مسكيناً خلال شهر رمضـان ؟
وما هو المبلغ الذي أدفعه؟
جـ: إذا كان هذا المرض الذي ألمّ بك يرجى زواله في يوم من الأيام، فإن الواجب عليك أن تنتظر حتى يزول هذا المرض ثم تصوم؛ لقول الله تعالي: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
(البقرة: 185)
أما إذا كان هذا المرض مستمراً لا يرجي زواله فالواجب عليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، ويجوز أن تصنع غداء أو عشاء وتدعو إليه مساكين بعدد أيام الشهر وتبرأ ذمتك، ولا أظن أحداً يعجز عن هذا إن شاء الله تعالي، ولا حرج عليك إذا كنت لا تستطيع أن تطعم هؤلاء المساكين في شهر واحد، ولا حرج عليك أن تطعم بعضهم في شهر وبعضهم في شهر وبعضهم في شهر حسب ما تقدر عليه.
والله أعلم.
الحامل والمرضع لهما الفطر إذا شق عليهم الصوم وتقضيان:
س: امرأة حامل ولا تطيق الصوم فماذا تفعل؟
جـ: حكم الحامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصوم تفطران وتقضيان، لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وذهب بعض أصحاب النبي إلى أن عليهما الإطعام فقط والصواب الأول؛ لأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه.
ومما يدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك العجبي t عن النبي أنه قال:
"إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع"
(رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد حسن وهو في صحيح الجامع:1835 )
فدل على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان، أما القصر فهو حكم يختص بالمسافر
لا يشاركه فيه أحد وهو صلاة الرباعية ركعتين. وبالله التوفيق.
به مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم فشفي بعد خمس سنوات:
س: شخض أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصيام دائماً، ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي ـ بإذن الله ـ بعد خمس سنوات، وقد مر عليه خمسة رمضانات وهو لم يصمها،
فماذا يفعل بعد أن شفاه الله، هل يقضيها أم لا ؟
جـ: إذا كان الأطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائماً أطباء من المسلمين الموثوقين العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا أنه لا يرجى برؤه، فليس عليه القضاء ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلاً.
حكم استعمال العلاجات اللاصقة أثناء الصوم:
س: خلال الصيام ما حكم استعمال الدهانات أو العلاجات اللاصقة على الجلد مع العلم أن مادة الدواء تصل للدم ؟
جـ: العلاجات الملاصقة للجلد لا يحصل بها الفطر، كل علاج ملاصق كالعجين والمراهم وما شابهه لا يفطر الصائم سواء في بطنه أو ظهره، أو يداه أو رأسه أو رجله وكل الدهانات في ظاهر الجلد لا تفطر.
استعمال الأدوية السائلة والتحاميل عن طريق الممر البولي أو التناسلي:
س: ما حكم استعمال الأدوية في الصيام عن طريق القُبُل ويشمل الممر البولي أو التناسلي كالتحاميل أو الأدوية السائلة مع العلم أن مادة الدواء تصل للدم ؟
جـ: الصحيح أنه ما كان من طريق القبل أو الدبر هذا لا يحصل به الإفطار.
سئل الشيخ ابن عثيمين عن استعمال التحاميل:
قال الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ: " لا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضاً، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب"
(سائل عن الصيام صـ74)
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ:
استعمال قطرات العين والأنف والأذن؟
س: ما حكم استعمال القطرات أو المراهم في العين إذا وجد طعماً في حلقه، وما حكم استعمال القطرات في الأذن مع العلم أن السائل هنا لا يصل للحلق إلا إذا كان غشاء الطبلة مثقوباً؟
جـ: القطرات في العين والكحل لا يفطر الصائم لأنها ليست منفذ معتاد، وكذلك القطرة في الأذن؛ لكن إذا قطر في عينه ووجد طعمها في حلقه فالقضاء من باب الاحتياط، وإلا فالتقطير في العين والكحل فيها لا يفطر الصائم والأذن كذلك كلاهما ليس بمنفذ لكن إذا وجد شيء في حلقه فهذا من باب الاحتياط والخروج من خلاف العلماء.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
وضع الدواء أو الكحل في العين
وضع الدواء أو الكحل في العين ولو وجد طعمه في الحلق، وكذا تقطير الدواء في الأذن، ووضع الدواء في جرح ولو وجد طعم الدواء في حلقه لا يفطر بذلك كله؛ لأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب" (مجالس رمضان صـ 75)
استعمال حبة تحت اللسان لمريض القلب:
س: ما حكم استعمال الحبة تحت اللسان لأمراض القلب؛ حيث إن المريض يستطيع أن يصوم بنصيحة الطبيب، ولكن ربما قبل الإفطار بدقائق يحصل له آلام في القلب فيأخذ الحبة تحت اللسان لتريحه من الألم ؟
جـ: الحبة تحت اللسان تفطر لأنه يذهب طعمها للحلق عمداً.
استعمال بخاخ الربو:
س: ما حكم استعمال بخاخ الربو؟
جـ:إذا كان يحصل به النفع كما يحصل في الغذاء، يعني: يستفيد منه المريض فائدة الماء والشراب في فمه أو حلقه؛ فحكمه حكم الطعام والشراب، أما بخاخ مجرد هواء يريح الناس وما فيه غذاء فلا يضر.
استعمال بخاخ الأنف:
س: ما حكم استعمال بخاخات الأنف أو قطرات الأنف مع العلم أنه قد يصل شيئاً منه للحلق ؟
جـ:مثلما تقدم بخاخ الجوف وبخاج الأنف طريقهما واحد، إذا كان مجرد هواء يحصل به تفريج كربة فليس بطعام، ولا شراب، إذ المقصود منها علاج موضعي للأنف، وإن ذهب شيء إلى حلقه من غير تعمد فيجزئه صيامه وإن كان الأحوط قضاءه.
استعمال بخاج الربو والبودرة:
س: ما حكم بخاخ الربو من البودرة المسمى روتاكاب؟
جـ: الله أعلم، فيه شبهة والأحوط قضاء اليوم.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
ما حكم استعمال بخاج ضيق التنفس أثناء الصيام؟
أجاب الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن سؤال ورده عن استعمال هذا البخاج للصائم ـ بقوله: " لا بأس أن تستعمل هذا البخاج وأنت صائم ولا تفطر بذلك؛ لأنه لا يدخل منه إلى المعدة أجزاء، لأنه شيء يتطاير ويتبخر ويزول، ولا يصل منه جرم إلى المعدة، حتى نقول إن هذا مما يوجب الفطر، فيجوز لك أن تستعمله وأنت صائم، ولا يبطل الصوم بذلك "
(مسائل عن الصيام صـ90).
الحقنة الشرجية للصائم:
س: ما حكم أخذ الصائم الحقنة الشرجية للحاجة ؟
جـ: حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء؛ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وجمع كثير من أهل العلم، لعدم مشابهتها للأكل والشرب.
حكم حشو وتنظيف وخلع الأسنان:
س: إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب وعمل له تنظيفاً أو حشواً أو خلع أحد أسنانه، فهل يؤثر ذلك على صيامه ؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنة، فهل لذلك أثر على الصيام ؟
ج: ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم لكونها ليست في معني الأكل والشرب. والأصل صحة الصوم وسلامته.
استعمال الإبر المغذية:
س: قرأت في بعض الكتب الفقيهة ومنها كتاب فقه السنة لمؤلفه الشيخ/ سيد سابق أن الإبر المغذية وغيرها التي لا تدخل عن طريق الجوف أو الفم ليست مفطرة، وأعلم أن هناك رأياً لبعض الفقهاء يقضي بغير ذلك، فما الرأي المعروف لدى جمهور العلماء ؟ جزاكم الله خيراً.
ج: الصواب أن الإبر المغذية تفطر الصائم، إذا تعمد استعمالها، أما الإبر العادية فلا تفطر الصائم،
والله ولي التوفيق.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
الإبر المغذية التي يكتفى بها عن الأكل والشرب، فإذا تناولها أفطر لأنها وإن لم تكن أكلاً وشرباً حقيقية، فإنها بمعناهما، فثبت لها حكمهما " (مجالس رمضان صـ70).
الإبر غير المغذية، سواء تناولها عن طريق العضلات أو عن طريق العروق، حتى ولو وجد حرارتها في حلقه؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعناهما فلا يثبت لها حكمهما، ولا عبرة بوجود الطعم في الحلق في غير الأكل والشرب" (مجالس رمضان صـ70).
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ
استعمال الإبر في العضل والوريد:
س: ما حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل، وما الفرق بينهما، وذلك للصائم؟
جـ: الصحيح أنهما لا تفطران، وإنما التي تفطر هي إبر التغذية خاصة، وهكذا أخذ الدم للتحليل
لا يفطر به الصائم؛ لأنه ليس مثل الحجامة، أما الحجامة فيفطر بها الحاجم والمحجوم في أصح أقوال العلماء لقول النبي :" أفطر الحاجم والمحجوم " (أبو داود والترمذي وصحيح الجامع:1136)
سحب الدم من الصائم:
س: ما حكم من سحب منه دم وهو صائم في رمضان، وذلك بغرض التحليل من يده اليمني ومقداره ( برواز) متوسط ؟
جـ: مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه؛ لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر.
تغيير الدم لمريض الكلي وهو صائم:
س: ما حكم تغيير الدم لمريض الكلي وهو صائم، هل يلزمه القضاء أم لا ؟
جـ: يلزمه القضاء بسبب ما يزود به من الدم النقي، فإن زود مع ذلك بمادة أخرى فهي مفطر آخر.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
حقن الدم في الصائم
مثل أن يصاب بنزيف، فيحقن به دم، فيفطر بذلك؛ لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
قد حصل ذلك بحقن الدم فيه" (مجالس رمضان ـ العدد السادس صـ 31-23)
خــروج الــدم
خروج الدم بالرعاف، أو السعال أو الباسور، أو قلع السن أو شق الجرح، أو تحليل الدم، أو غرز الإبرة ونحوها كل ذلك لا يفطر؛ لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها، إذ لا يؤثر في البدن كتأثير الحجامة.
(مجالس رمضان صـ71)
استعمال دواء الغرغرة.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ هل يبطل الصوم باستعماله؟
فأجاب: " لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة ولا تفطر به إذا لم يدخل جوفك شيء منه" (فتاوى إسلامية: 2/122)
ومن المفطرات إخراج الدم بالحجامة، لقوله عليه الصلاة والسلام: " أفطر الحاجم والمحجوم"
(أخرجه الترمذي وأبو داود ـ وهذا مذهب أحمد وأكثر فقهاء الحديث). (مجالس رمضان صـ70)
ما كان بمعنى الحجامة كإخراج الدم بالفصد ونحوه، مما يؤثر على البدن كتأثير الحجامة، وكذا إخراج الدم الكثير للتبرع به، لكن إذا وجد مضطر إليه لا تندفع ضرورته إلا به، ولا ضرر على الصائم بسحب الدم منه، فإنه يجوز أن يتبرع له الصائم ويفطر ذلك اليوم ويقضي.
(مجالس رمضان صـ 70)
ملحوظة:
ذهب الشيخ مذهب من قال أن الحجامة تفطر الصائم، لكن الراجح في المسألة هو قول جمهور أهل العلم (أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم) إلى أن الحجامة لا يفطر بها الحاجم ولا المحجوم
وقالوا إن حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ.
وممـا يدل على هذا مـا أخرجه النسـائي في الكبرى والدارقطني بسند صحيـح
عن أبي سعيد الخدري t قال: "أرخص النبي في الحجامة للصائم "
ومن المعلوم أن الرخصة تكون بعد النهى.
ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن النبي احتجم وهو صائم".
لكن يحمل كلام الشيخ ابن عثيمين وغيره من العلماء إلى أن من احتجم وكانت حجامته سبب لضعفه حتى اضطر إلى الإفطار فهذا الذي يحرم ودليل ذلك ما أخرجه البخاري أن ثابت قال لأنس بن مالك: أكنتم كارهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله ؟
قال: لا. إلا من أجل الضعف.
من ذرعه القيء وهو صائم:
س: ما حكم من ذرعه القيء وهو صائم، هل يقضي ذلك اليوم أم لا ؟
جـ: حكمه أنه لا قضاء عليه، أما إن استدعى القيء فعليه القضاء لقول النبي :
" من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء"
(أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة t وهو في صحيح الجامع:6243)
ويقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
"التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم، لقول النبي :
" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض" ومعنى ذرعه: غلبه ويفطر إذا تعمد القيء، إما بالفعل كعصر بطنه أو غمز حلقه، أو بالشم مثل أن يشم شيئاً ليقيئ به،
أو بالنظر كأن يتعمد النظر إلى شيء ليقيء به، فيفطر بذلك كله " (مجالس رمضان صـ71).
ويقول الشيخ أيضاً:
" إذا حصل له القيء بدون سبب منه، فلا يفطر بذلك، إذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء؛ لأن ذلك يضره، ولكن يتركه، فلا يحاول القيء ولا منعه " (مجالس رمضان صـ71)
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ :
لا كفارة على من أخَّر القضاء من أجل المرض:
س: مرضت ولم أتمكن من صيام شهر رمضان فأخرته إلى رمضان من السنة القادمة هل يجزئ الصوم فقط ؟ أم هناك كفارة وما هي ؟
جـ: إذ كنت أخرته من أجل المرض كفاك القضاء فقط، إذا كان المرض استمر معك إلى رمضان الآخر، فإنه يكفيك القضاء ـ والحمد لله ـ ولا شيء عليك،
أما إن كنت تساهلت وأنت طيب ولم تقض إلا بعد رمضان آخر، فإنك تجمع بين الأمرين، تقضي الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع بصاع النبي ومقداره كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد، من تمر أو أرز أو حنطة أو نحو ذلك، تجمعه وتعطي بعض الفقراء ( ).
تهاون بعض المرضى بالصلاة:
س: كثير من المرضى يتهاون بالصلاة ويقول: إذا شفيت قضيت الصلاة، وبعضهم يقول: كيف أصلي وأنا لا أستطيع الطهارة ولا التنزه من النجاسة، فبم توجهون هؤلاء؟
جـ: المرض لا يمنع من أداء الصلاة بحجة العجز عن الطهارة مادام العقل موجوداًً، بل يجب على المريض أن يصلي حسب طاقته، وأن يتطهر بالماء إذا قدر على ذلك، فإن لم يستطع استعمال الماء تيمم وصلَّى، وعليه أن يغسل النجاسة من بدنه وثيابه وقت الصلاة، أو يبدل الثياب النجسة بثياب طاهرة وقت الصلاة، فإن عجز عن غسل النجاسة وعن إبدال الثياب النجسة بثياب طاهرة سقط عنه ذلك، وصلَّى حسب حاله؛ لقول الله : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16 )
وقول النبيr: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (من حديث أبي هريرة متفق عليه)
وقوله r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ لما شكا إليه المرض، قال r:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"
(رواه البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين)
ورواه النسائي بإسناد صحيح، وزاد: " فإن لم تستطع فمستلقياً"
المريض يصلي على قدر طاقته:
س: مريض أدخل المستشفي لإجراء عملية جراحية في البطن، ومكث بعد إجراء العملية حوالي يوم ونصف وهو مخدر من أثر البنج، ثم بقي بعد أن صحا من المخدر أسبوعاً لا يقدر أن ينحني لأداء الصلاة، ولا يستطيع الغسل الكامل لجسمه فكيف يصلي هذا الشخص؟
جـ: الواجب على المريض أن يؤدي الصلاة المفروضة حسب طاقته
لقول النبي r لما سأله بعض المرضى عن ذلك:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" (أخرجه البخاري في صحيحه)،
زاد النسائي ـ رحمه الله ـ في روايته: " فإن لم تستطع فمستلقياً"
ولو عجز عن الركوع انحنى قدر ما يستطيع لقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }(التغابن: 16)
ومتى زال شعوره بسبب البنج أو شدة المرض، قضى الصلوات التي فاتته ـ من حيث يرجع إليه شعوره ـ مرتبة، وبادر بذلك حسب طاقته
لقول النبي r: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"
(البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك)
ولاشك أن المغمى عليه بسبب المرض أو البنج يوماً أو يومين أو ثلاثة في حكم النائم، ولا يؤخر الصلوات التي عليه حتى يصلِّيها مع مثيلاتها، بل عليه أن يبادر بذلك من حيث يرجع إليه شعوره كالنائم إذا استيقظ والناسي إذا ذكر، وإذا لم يستطع استعمال الماء أجزأه التيمم للآية السابقة.
والله ولي التوفيق. (الفتاوي لابن باز:2/137)
المريض طريح الفراش هل يصلي ويصوم ؟
س: المريض طريح الفراش نتيجة حادث في أي الحالات يصلي ويصوم؟
جـ: طريح الفراش نتيجة حادث، عليه أن يصوم إن كان يستطيع الصوم، وأما إن قرر الأطباء أن الصوم يضره بسبب المرض الحاضر فإنه لا يصوم، وإذا قرر أنه لا يرجى برؤه في المستقبل برءاً يمكنه من الصوم فإنه لا يصوم أيضاً، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذين لا يستطيعان الصوم فإنهما يكفران بإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً، أما إن كان يُرجى برؤه ولكنه يضره الصوم فإنه لا يصوم حينئذٍ ولكن متى برئ وعافاه الله فإنه يصوم ولا يطعم.
أما الصلاة فإنه يصلي حسب حاله، وذلك بأن يقرب إليه الماء، ويتوضأ إن استطاع، وإن لم يقدر فيتيمم بعد أن يمسح ويصلي في الوقت ويجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أما صلاة الفجر فيصليها في وقتها حسب الطاقة سواء كان في الفراش على جنبه أو مستلقياً أو قاعداً...
يقول الله تعالي:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16 ).
والنبي r قال للمريض:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" (البخاري من حديث عمران بن حصين )
" فإن لم تستطع فمستلقياً"
وعندما تكون مستلقياً تجعل رجليك جهة القبلة وتشير بيدك، وإذا أردت الصلاة فإنك تنوي وتكبر تكبيرة الإحرام رافعاً يديك، ثم تأتي بالمشروع من دعاء الاستفتاح والقراءة، ثم تنوي الركوع وتكبر وتأتي بأذكار الركوع، ثم تنوي الرفع، وتقول: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" إلى آخره،
ثم تنوي السجود وتكبر وتأتي بأذكار السجود، ثم تنوي وتكبر للجلوس بين السجدتين، وتدعو بما تيسر ثم تنوي وتكبر للسجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام، والله تعالي يقول:
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَاْ} (البقرة: 286 )، ويقول : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن: 16 )
س: هل يجوز للمريض جمع الصلوات؟
جـ: لا يجوز ذلك، لكن له أن يقوم بجمع الصلوات جمعاً صورياً، أي يصلى الظهر في آخر وقته والعصر في أول وقته، ويصلى المغرب في آخر وقته والعشاء في أول وقته.
صلاة كبار السن الذين لا يستطيعون السجود:
س: بعض الناس ـ وخاصة كبار السن ـ لا يستطيعون السجود والجلوس للتشهد، ولذلك نراهم يصلون قائمين ثم عند السجود يجلسون على كرسي أو على الجدار الحاجز بين الصفوف، فما حكم فعلهم هذا ؟
جـ: لا أعلم حرجاً فيما ذكره السائل، إذا كان لا يستطيع سوى ذلك، لقول الله :
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16) وقوله سبحانه :{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَاْ } (البقرة: 286 )
ولقول النبي r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً"
(أخرجه البخاري في صحيحه، والنسائي في سننه، وهذا لفظ النسائي، والله ولي التوفيق) (ابن باز ـ رحمه الله ـ )
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
س: متى يسقط القيام في الصلاة هل هو بالعجز أو بالمشقة؟
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب:
" نقول: هو بهما جميعاً، إذا عجز عن القيام سقط عنه، وإذا كان يشق عليه مشقة تمنعه من الخشوع في الصلاة ويكون كالذي يدافع الأخبيثين ـ مثلاً ـ، فإن القيام يسقط عنه في هذه الحال،
لعموم قوله تعالي: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن: 16)
وقول النبي r لعمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ:
" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب"
س: مريض بسلس البول إذا صلى قائماً نزل منه البول وإذا جلس لم ينزل منه شيئاً فهل يترك ركن القيام أم يجلس؟
جـ: إذا علم المريض من حاله أنه لو صلَّى قائماً نزل منه البول، وإذا صلى قاعدأً بقي على طهارته، فإنه يصلى قاعداً.
س: إذا لم يستطع الإيماء برأسه هل يومئ بطرفه؟
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب:
" لم يرد سنة صحيحة في أن مَنْ لا يستطيع الإيماء برأسه يومئ بطرفه. والحديث الذي استدل به الفقهاء ـ رحمهم الله ـ ضعيف، ولهذا لم ير شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ الصلاة بالطرف، لأن الصلاة عبادة، فلابد أن يكون فيها إذن من الشرع، وبناءً على هذا القول نقول:
إذا لم يستطع أن يومئ برأسه فإنه تسقط عنه الحركة بالصلاة ويصلي بقلبه".
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ:
كيف يصلى من وافق وقت غسيل الكلى وقت الصلاة؟
س: أنا شخص مصاب بمرض الكلى وأغسل في الأسبوع ثلاث مرات، وعندما أنام على سرير الغسيل وتشد فيَّ ليَّات الغسيل أمكث تحت الغسيل أربع ساعات، ويكون أذان المغرب في بعض المرات وأنا في الغسيل، ولا أستطيع التحرك من مكاني، ولا أستطيع الوضوء وأنا بالحالة هذه،
فهل أعتبر معذوراً إذا أخَّرت الصلاة حتى يخرج وقتها، أو أصلي وأنا على حالتي وبدون وضوء مع أنني حسب حالة الكرسي قد أكون متجهاً لغير القبلة؟ أفتوني مأجورين عما يجب على.
جـ: المشروع في مثل هذه الحال جمع التقديم أو التأخير، فإن كان إجراء العملية في وقت الأولى شرع لكم الجمع؛ جمع تقديم بين المغرب والعشاء، أما إن أجريت العملية قبل دخول وقت المغرب، أو في أوله ولم يمكن جمع التقديم فإن السنة تأخير المغرب مع العشاء جمع تأخير، لأنك مريض وهكذا حكم المريض، وهكذا المسافر إذا كان على ظهر سير فإنه يجمع جمع تقديم إذا كان يرتحل من مكانه في وقت الأولى، أما إن كان ارتحاله قبل دخول وقت الأولى فإنه يجمع جمع تأخير، وهذا هو الثابت عن النبي r.
وهكذا حكم الظهر والعصر في حق المريض والمسافر.
نسأل الله لك ولجميع المسلمين الشفاء والعافية من كل سوء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل لمن قال بسقوط الصلاة عن المشلول دليل؟
س: بعض أهل العلم يرى أن المصاب بالشلل العام تسقط عنهم الصلاة، فهل لهم حجة في ذلك؟
جـ: ليس عليه دليل.
صلاة المصاب بالشلل الكامل أو الجزئي:
س: ما حكم الصلاة، وما كيفيتها في الحالتين:
الحالة الأولى: من أصيب بشلل رباعي ولا يستطيع إلا تحريك عضلات رأسه ورقبته؟
جـ: يصلى بالكلام والنية.
الحالة الثانية: شلل عام لا يحرك إلا عينيه وجفنيه؟
جـ: أيضاً بالكلام والنية.
من فتاوى ابن بازـ رحمه الله ـ
يصلى المريض قبل العملية أم بعدها:
س: من المعلوم يا سماحة الشيخ أن المريض بعد إجراء العملية يبقى مخدراً وبعد الإفاقة يبقي متألماً عدة ساعات، فهل يصلي قبل إجراء العملية والوقت لم يدخل بعد ؟ أم يؤخر الصلاة حتى يكون قادراً على أدائها بحضور حسي ولو تأخر ذلك يوماً فأكثر؟ أفتونا مأجورين.
جـ: الواجب على الطبيب أن ينظر في الأمر، فإذا أمكن أن يتأخر بدء العملية حتى يدخل الوقت مثل الظهر فيصلى المريض الظهر والعصر جمعاً إذا دخل وقت الظهر وهكذا في الليل يصلى المغرب والعشاء جمعاً إذا غابت الشمس قبل بدء العملية، أما إذا كان العلاج ضحى فإن المريض يكون معذوراً، فإذا أفاق قضى ما عليه، ولو بعد يوم أو يومين، متى أفاق قضى ما عليه والحمد لله
ولا شيء عليه مثل النائم، إذا أفاق وانتبه ورجع إليه وعيه صلى الأوقات التي فاتته على الترتيب، يرتبها ظهراً ثم عصراً وهكذا حتى يقضي ما عليه،
لقول النبي : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، ولا كفارة لها إلا ذلك"
(متفق عليه من حديث أنس بن مالك t)
والإغماء بسبب المرض أو العلاج حكمه حكم النوم إذا طال، فإن طال فوق ثلاث أيام سقط عنه القضاء وصار في حكم المعتوه حتى يرجع إليه عقله فيبتدئ فعل الصلاة بعد رجوع عقله إليه
لقول النبي : " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق" (النسائي وابن ماجة من حديث عائشة وصححه الألبانى في الإرواء:2043)
ولم يذكر القضاء في حق الصغير والمجنون، وإنما ثبت عنه الأمر بالقضاء في حق النائم والناسي، والله ولي التوفيق.
الإغماء لمدة طويلة وقضاء الصلاة:
س: يتعرض البعض من جراء حوادث السيارات ونحوها لارتجاج في المخ أو الإغماء لمدة أيام، فهل يجب علي هؤلاء قضاء الصلاة إذا أفاقوا؟
جـ: إن كانت المدة قليلة مثل ثلاثة أيام أو أقل وجب القضاء، لأن الإغماء في المدة المذكورة يشبه النوم فلم يمنع القضاء، وقد روي عن جماعة من الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ أنهم أصيبوا ببعض الإغماء لمدة أقل من ثلاثة أيام فقضوا. أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء، لقول النبي :
"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق"
والمغمي عليه في المدة المذكورة يشبه المجنون بجامع زوال العقل. والله ولي التوفيق.
(فتاوى مهمة تتعلق بالصلاة صـ27،28)
س: مريض الأعصاب لا ترفع عنه التكاليف مادام عقله باقياً:
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ؟
" شخص مصاب بمرض أعصاب مزمن حسب كلام الطبيب، وسبب له هذا المرض كثيراً من المشاكل، منها: رفع الصوت على الوالدين وقطيعة الرحم ووجود القلق والخجل والخوف، فهل ترفع عنه التكاليف الشرعية، وهل عليه شيء في أعماله تلك ؟ وبماذا تنصحونه ؟
فأجاب ـ رحمه الله ـ:لا ترفع عنه الأحكام الشرعية مادام عقله باقياً، أما لو فقد عقله ولم يستطع السيطرة على عقله حينئذِ يكون معذوراً، والذي أنصحه به أن يكثر من الدعاء، ومن ذكر الله ، ومن الاستغفار، ومن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عندما يثور غضبه، لعل الله أن يكشف عنه"
(مجلة الدعوة، عدد: 1418، بتاريخ 12/9/1414هـ)
س: كيف يصلي المريض إذا كانت أسِرَّة المرضى (السرائر) إلى غير القبلة؟
سُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن ذلك، فأجاب بقوله:
" يجب أن ينتبه المسئولين في المستشفيات إلى هذه المسألة، وأن يحاولوا أن تكون وجوه الأسِرَّة إلى القبلة، حتى لا يحرجوا المرضى، وإن كان المريض يتمكن من توجيه السرير بمعونة من حوله فليفعل، وإن لم يستطع هو بنفسه أن يتجه إلى القبلة فإنه يصلي حيث كان وجهه، ويكون هذا داخلاً في عموم قوله تعالي: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (البقرة:115)
س: إذا كانت فُرُش المرضى لينة فهل تصح الصلاة عليه؟
جـ: سُئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فأجاب بقوله:
" إذا كانت الفرش لينة فلا يضر ذلك إذا كبس عليها يعني إذا اتكأ بجبهته عليها وبيديه أيضاً فلا بأس، لأنها إذا كبس عليها انكبست وصارت شديدة. أما لو كان يضع جبهته على هذه الفرش اللينة وضعاً دون أن يتمكن من ذلك فإنه لا يصح السجود على هذه الحال"
من فاتته عدة فروض كيف يقضيها ؟
س: سُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن مريض أجرى عملية جراحية، وبالتالي فاتتة عدة فروض من الصلوات، فهل يصليها مجتمعة بعد شفائه، أم يصليها كل وقت بوقته، أي: يصلى صبحاً مما فاته مع الصبح الذي يصليه حاضراً، وظهراً مع الظهر، وهكذا ؟
فأجاب: " عليه أن يصليها جميعاً في آن واحد، لأن النبي لما فاتته صلاة العصر في غزوة الخندق صلاها قبل المغرب، وعلى الإنسان إذا فاتته بعض فروض الصلاة أن يصليها جميعاً ولا يؤخرها " (فتاوى إسلامية جمع المسند:1/409)
ثالثاً: الأحكام الخاصة بصيام المريض
صيام المريض:
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
قال الله تعالي:{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
(البقرة:185)
والمريض على قسمين:
أحدهما: من كان مرضه لازماً مستمراً لا يُرجى زواله، كالسرطان فلا يلزمه الصوم، لأنه ليس له حال يرجى فيها أن يقدر عليه، ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكيناً، إما بأن يجمع مساكين بعدد الأيام فيُعشِّيهم أو يُغدِّيهم، كما كان أنس بن مالك t يفعله حين كبر، وإما بأن يفرق طعاماً على مساكين بعدد الأيام، لكل مسكين ربع صاع نبوي أي ما يزن نصف كيلو وعشرة غرامات من البر الجيد، ويحسن أن يجعل معه ما يأدمه من لحم أو دهن، ومثل ذلك الكبير العاجز عن الصوم فيطعم عن كل يوم مسكيناًِ.
الثـانـي: من كان مرضه طارئاً غير ميئوس منه زواله كالحمى وشبهها
وله ثلاث حالات:
الحال الأولـى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم، لأنه لا عذر له.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيكره له الصوم، لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالي مع الاشقاق على نفسه.
الحال الثالثة: أن يضره الصوم فيحرم عليه أن يصوم، لما فيه من جلب الضرر على نفسه،
وقد قال تعالي: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }(النساء:29)
وقال:{ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } (البقرة:195)
وفي الحديث عن النبي قال:" لا ضرر ولا ضرار"
(أخرجه ابن ماجة والحاكم، قال النووى: وله طرق يقوى بعضها بعضاً)
ويعرف ضرر الصوم على المريض، إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به. ومتى أفطر المريض في هذا القسم فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه القضاء، لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام أخر ولم يدركها.
صوم فاقد العقل:
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في حديثه عن أقسام الناس في الصيام:
القسم الثالث: المجنون وهو فاقد العقل فلا يجب عليه الصيام، لما سبق من قول النبي :
"رُفع القلم عن ثلاثة"... الحديث، ولا يصح منه الصيام؛ لأنه ليس له عقل يعقل به العبادة وينويها، والعبادة لا تصح إلا بنية، لقول النبي :"إنما الأعمال بالنيِّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى"
( البخاري )
فإن كان يُجن أحياناً، لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه، وإن جٌن في أثناء النهار لم يبطل صومه، كما لو أغمي عليه بمرض أو غيره، لأنه نوى الصوم وهو عاقل بنيةٍ صحيحة، ولا دليل على البطلان خصوصاً إذا كان معلوماً أن الجنون ينتابه في ساعاتٍ معينةٍ، وعلى هذا فلا يلزم قضاء اليوم الذي حصل فيه الجنون. وإذا أفاق المجنون أثناء نهار رمضان لزمه إمساك بقية يومه؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه قضاؤه كالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم"
(مجالس رمضان ـ المجلس السادس صـ31).
وسُئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن قوله تعالي:
{وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }(البقرة: 184)
فأجاب فضيلته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد ،،،
فأشير إلى سؤالكم الشفهي عن تفسير قوله تعالي: { وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ( البقرة: 184)
ورغبتكم في أن يكون الجواب خطياً، وأفيدكم أن علماء التفسير ـ رحمهم الله ـ ذكروا أن الله سبحانه لما شرع صيام شهر رمضان شرعه مخيراً بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم أفضل، فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام ستين مسكين، وإن أطعم أكثر فهو خير له، وليس عليه القضاء، وإن صام فهو أفضل؛ لقوله :{وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
( البقرة: 184)
فأما المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا؛ لقوله سبحانه:
{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
ثم نسخ الله ذلك وأوجب الصيام على المكلف الصحيح المقيم، ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء، وذلك بقوله سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة:185)
وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وعن أنس بن مالك t وجماعة من الصحابة والسلف
ـ رضي الله عنهم ـ
وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع t معنى ما ذكرنا من النسخ للآية المذكورة، وهى قوله تعالي: { وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } (البقرة: 184)
وروي ذلك عن معاذ بن جبل t وجماعة من السلف ـ رحمهم الله ـ ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره ( )، أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام إلا أن يشق عليهما فإنه يشرع لهما الإفطار وعليهما القضاء كالمريض والمسافر، هذا هو الصحيح من قول العلماء في حقهما، وذهب ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ إلى أنهما عليهما الإطعام دون القضاء.
وقال جماعة من السلف:
يطعمان ولا يقضيان كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، والصحيح أنهما كالمريض والمسافر تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر، وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتاوى الخاصة بصيام المريض
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ
صيام كبير السن المصاب بالشلل:
س: كتابكم الكريم وصل ـ وصلكم الله بهداه ـ وما تضمنه من الإفادة أنك كبير السن، وأصبت بمرض الشلل في نصف جسمك، ولا تقدر على الصيام، وإذا صمت اشتد عليك المرض إلى آخر ما ذكرت، ورغبتك في الفتوى كان معلوماً؟
جـ: إذا قرر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يُرجى برؤها فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، وإذا غدَّيته أو عشيته كفي ذلك، أما إن قرروا أنه يرجى برؤه فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض
لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وأسأل الله أن يمن عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل والاحتساب، إنه خير مسئول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يستطيعان الصوم:
س: رجل يبلغ من السن 75 سنة ويشق عليه الصوم... إلخ من أجل القرحة فما حكمه؟
جـ: إذا كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يشق عليهما الصوم فلهما الإفطار ويطعمان عن كل يوم مسكيناً إما بتشريكه معهما في الطعام، أو دفع نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز للمسكين كل يوم، فإذا كانا مع ذلك مريضين بقرحة أو غيرها، تأكد عليهما الفطر ولا إطعام عليهما ؛ لأنهما حينئذ إنما أفطرا من أجل المرض لا من أجل الكبر، فإذا شفيا قضيا عدد الأيام التي أفطراها، فإن عجزا عن القضاء بسبب الكبر أطعما عن كل يوم مسكيناً كما تقدم
هكذا أفتى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره من أهل العلم، وأدلة ذلك معلومة منها:
قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 185)
والعاجز الكبير لا يستطيع القضاء فوجب عليه الإطعام بدلاً من ذلك، وكان أنس بن مالك t خادم النبي لما كبرت سنه وشق عليه الصوم أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً، والله الموفق.
صيام من يفقد وعيه:
س: مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال، هل يقضي عنه أبناؤه
لو توفي؟ بارك الله فيكم.
جـ: ليس عليه القضاء إذا أصابه بعض ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء، فإنه إذا استرد وعيه
لا قضاء عليه، فمثله مثل المجنون والمعتوه، لا قضاء عليه، إذا كان الإغماء مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر فلا بأس بالقضاء احتياطاً، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل.
ولا علي أبنائه ـ لو مات أن يقضوا عنه ـ نسأل الله العافية والسلامة.
للمريض الإفطار إذا شق عليه الصيام:
س: أنا في السادسة عشرة من عمري وأعالج في مستشفي الملك فيصل التخصصي من حوالي خمس سنوات إلي الآن وفي شهر رمضان من العام الماضي أمر الدكتور بإعطائي علاجاً كيماوياً في الوريد وأنا صائم وكان العلاج قوياً ومؤثراً على المعدة وعلى جميع الجسم وفي نفس اليوم الذي أخذت فيه العلاج جعت جوعاً شديداً ولم يمض من الفجر إلا حوالي سبع ساعات وفي حوالي العصر تألمت منه وكدت أموت ولم أفطر حتى أذان المغرب، وفي شهر رمضان هذا العام ـ إن شاء الله ـ سيأمر الدكتور بإعطائي ذلك العلاج، هل أفطر في ذلك اليوم أم لا ؟ وإذا لم أفطر فهل علي قضاء ذلك اليوم؟ وهل أخذ الدم من الوريد يفطر أم لا ؟ وكذلك العلاج الذي ذكرت؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
جـ: المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضره، أو يشق عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب
لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
ولقول النبي : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته"
(أحمد من حديث ابن عمر _ صحيح الجامع: 1886)
وفي رواية أخرى: كما يحب أن تُؤتى عزائمه"
(ابن حبان والطبراني في الكبير من حديث ابن عباس وهو صحيح الجامع:1885)
أما أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غيره فالصحيح أنه لا يفطر الصائم، لكن إذا كثر فالأولى تأجيله إلى الليل فإن فعله في النهار فالأحوط القضاء تشبيهاً له بالحجامة.
المريض يقض ما أفطر بعد الشفاء:
س: أصابني مرض في البطن مما جعلني لا أقدر على صوم رمضان كاملاً ماذا أصنع؟
جـ: إذا أصاب المسلم مرضاً في البطن أو غيره فلا يستطيع معه الصوم أو يشق عليه الصوم، فإنه يفطر ثم يقضي بعد الشفاء، لقول الله في سورة البقرة:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185)
والله ولي التوفيق.
أفطرت من رمضان ولم تقدر على القضاء لمرضها:
س: أنا سيدة مريضة وقد أفطرت بعض الأيام في رمضان الماضي ولم أستطع قضاءها لمرضي، فما هي كفارة ذلك ؟ كذلك فإنني لن أستطيع صيام رمضان هذا العام فما هي كفارة ذلك أيضاً ؟
جـ: المريض الذي يشق عليه الصيام، يشرع له الإفطار، ومتى شفاه الله قضى ما عليه
لقوله سبحانه وتعالي: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وليس عليك أيتها السائلة حرج في الإفطار في هذا الشهر ما دام المرض باقياً، لأن الإفطار رخصة من الله للمريض والمسافر، والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته، وليس عليك كفارة ولكن متى عافاك الله فعليك القضاء، شفاك الله من كل سوء، وكفر عنَّا وعنك السيئات.
الفرق بين المريض الذي يرجى برؤه والذي لا يرجى برؤه:
س: أنا رجل مصاب بمرض أعصاب وقد راجعت مستشفي الأمراض النفسية وصرف لي علاج مستمر طول اليوم ثلاث مرات وإذا تركته اشتد المرض بي حتى أسقط على الأرض بدون شعور وأرغب أن أصوم ولكني خائف إذا انقطع عنى هذا العلاج الذي أتناوله في اليوم يعود لي هذا المرض؟
جـ: لا تصم بارك الله فيك، يقول الله سبحانه:{ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
(البقرة: 185)
ما دام الحال على ما ذكرت؛ فتناول الحبوب كل يوم ولا تصم حتى يشفيك الله،
واسأل الأطباء الذين أعطوك الدواء، فإن كان هذا المرض في اعتقادهم وتجاربهم يستمر، فأطعم عن كل يوم مسكيناً ويكفي، مثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، أطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع تمر أو أرز تدفع للفقراء، فقير واحد أو أكثر، في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره تجمعه وتعطيه بعض الفقراء ويكفي إن شاء الله، أما إن قال الأطباء: إن هذا يرجى زواله إن شاء الله بعد سنتين أو ثلاث فإنك تؤجل، فإذا عافاك الله تقضي.
لا تستطيع الصوم بسبب مرض السكر والقرحة:
س: إنني مريضة بالسكر والقرحة فإذا لم أستطع الصوم فماذا يجب علي أن أفعل؟
جـ: عليك مراجعة الطبيب المختص فإن قرر الطبيب المختص أن الصوم يضرك فأفطري، فإذا عافاك الله فاقضي بعد ذلك.
وإن قرر الأطباء المختصون أن هذا المرض يضره الصوم دائماً وأنه فيما يعلمون أن المرض سوف يستمر ولا يرجى برؤه فإنك تفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف تقريباً ـ والحمد لله ـ وليس عليك صيام
لقول الله سبحانه وتعالي: { َفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } ( التغابن: 16)
صوم مريض الصرع:
س: سـائل يقـول: إني مصاب بمرض الصرع ولم أتمكن من صوم شهر رمضان المبارك وذلك لاستمراري على العلاج ثلاثة أوقات يومياً وقد جربت صيام يومين ولم أتمكن، علماً بأنني متقاعد وتقاعدي يصل إلى ثلاثة وثمانين دينـاراً شهرياً وصاحب زوجة وليس لي أي وارد غير تقاعدي،
فمـا حكم الشرع في حالتي إذا لم أتمكن من إطعام ثلاثين مسكيناً خلال شهر رمضـان ؟
وما هو المبلغ الذي أدفعه؟
جـ: إذا كان هذا المرض الذي ألمّ بك يرجى زواله في يوم من الأيام، فإن الواجب عليك أن تنتظر حتى يزول هذا المرض ثم تصوم؛ لقول الله تعالي: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
(البقرة: 185)
أما إذا كان هذا المرض مستمراً لا يرجي زواله فالواجب عليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، ويجوز أن تصنع غداء أو عشاء وتدعو إليه مساكين بعدد أيام الشهر وتبرأ ذمتك، ولا أظن أحداً يعجز عن هذا إن شاء الله تعالي، ولا حرج عليك إذا كنت لا تستطيع أن تطعم هؤلاء المساكين في شهر واحد، ولا حرج عليك أن تطعم بعضهم في شهر وبعضهم في شهر وبعضهم في شهر حسب ما تقدر عليه.
والله أعلم.
الحامل والمرضع لهما الفطر إذا شق عليهم الصوم وتقضيان:
س: امرأة حامل ولا تطيق الصوم فماذا تفعل؟
جـ: حكم الحامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصوم تفطران وتقضيان، لقول الله سبحانه: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (البقرة: 185)
وذهب بعض أصحاب النبي إلى أن عليهما الإطعام فقط والصواب الأول؛ لأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه.
ومما يدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك العجبي t عن النبي أنه قال:
"إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع"
(رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد حسن وهو في صحيح الجامع:1835 )
فدل على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان، أما القصر فهو حكم يختص بالمسافر
لا يشاركه فيه أحد وهو صلاة الرباعية ركعتين. وبالله التوفيق.
به مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم فشفي بعد خمس سنوات:
س: شخض أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصيام دائماً، ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي ـ بإذن الله ـ بعد خمس سنوات، وقد مر عليه خمسة رمضانات وهو لم يصمها،
فماذا يفعل بعد أن شفاه الله، هل يقضيها أم لا ؟
جـ: إذا كان الأطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائماً أطباء من المسلمين الموثوقين العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا أنه لا يرجى برؤه، فليس عليه القضاء ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلاً.
حكم استعمال العلاجات اللاصقة أثناء الصوم:
س: خلال الصيام ما حكم استعمال الدهانات أو العلاجات اللاصقة على الجلد مع العلم أن مادة الدواء تصل للدم ؟
جـ: العلاجات الملاصقة للجلد لا يحصل بها الفطر، كل علاج ملاصق كالعجين والمراهم وما شابهه لا يفطر الصائم سواء في بطنه أو ظهره، أو يداه أو رأسه أو رجله وكل الدهانات في ظاهر الجلد لا تفطر.
استعمال الأدوية السائلة والتحاميل عن طريق الممر البولي أو التناسلي:
س: ما حكم استعمال الأدوية في الصيام عن طريق القُبُل ويشمل الممر البولي أو التناسلي كالتحاميل أو الأدوية السائلة مع العلم أن مادة الدواء تصل للدم ؟
جـ: الصحيح أنه ما كان من طريق القبل أو الدبر هذا لا يحصل به الإفطار.
سئل الشيخ ابن عثيمين عن استعمال التحاميل:
قال الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ: " لا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضاً، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب"
(سائل عن الصيام صـ74)
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ:
استعمال قطرات العين والأنف والأذن؟
س: ما حكم استعمال القطرات أو المراهم في العين إذا وجد طعماً في حلقه، وما حكم استعمال القطرات في الأذن مع العلم أن السائل هنا لا يصل للحلق إلا إذا كان غشاء الطبلة مثقوباً؟
جـ: القطرات في العين والكحل لا يفطر الصائم لأنها ليست منفذ معتاد، وكذلك القطرة في الأذن؛ لكن إذا قطر في عينه ووجد طعمها في حلقه فالقضاء من باب الاحتياط، وإلا فالتقطير في العين والكحل فيها لا يفطر الصائم والأذن كذلك كلاهما ليس بمنفذ لكن إذا وجد شيء في حلقه فهذا من باب الاحتياط والخروج من خلاف العلماء.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
وضع الدواء أو الكحل في العين
وضع الدواء أو الكحل في العين ولو وجد طعمه في الحلق، وكذا تقطير الدواء في الأذن، ووضع الدواء في جرح ولو وجد طعم الدواء في حلقه لا يفطر بذلك كله؛ لأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب" (مجالس رمضان صـ 75)
استعمال حبة تحت اللسان لمريض القلب:
س: ما حكم استعمال الحبة تحت اللسان لأمراض القلب؛ حيث إن المريض يستطيع أن يصوم بنصيحة الطبيب، ولكن ربما قبل الإفطار بدقائق يحصل له آلام في القلب فيأخذ الحبة تحت اللسان لتريحه من الألم ؟
جـ: الحبة تحت اللسان تفطر لأنه يذهب طعمها للحلق عمداً.
استعمال بخاخ الربو:
س: ما حكم استعمال بخاخ الربو؟
جـ:إذا كان يحصل به النفع كما يحصل في الغذاء، يعني: يستفيد منه المريض فائدة الماء والشراب في فمه أو حلقه؛ فحكمه حكم الطعام والشراب، أما بخاخ مجرد هواء يريح الناس وما فيه غذاء فلا يضر.
استعمال بخاخ الأنف:
س: ما حكم استعمال بخاخات الأنف أو قطرات الأنف مع العلم أنه قد يصل شيئاً منه للحلق ؟
جـ:مثلما تقدم بخاخ الجوف وبخاج الأنف طريقهما واحد، إذا كان مجرد هواء يحصل به تفريج كربة فليس بطعام، ولا شراب، إذ المقصود منها علاج موضعي للأنف، وإن ذهب شيء إلى حلقه من غير تعمد فيجزئه صيامه وإن كان الأحوط قضاءه.
استعمال بخاج الربو والبودرة:
س: ما حكم بخاخ الربو من البودرة المسمى روتاكاب؟
جـ: الله أعلم، فيه شبهة والأحوط قضاء اليوم.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
ما حكم استعمال بخاج ضيق التنفس أثناء الصيام؟
أجاب الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن سؤال ورده عن استعمال هذا البخاج للصائم ـ بقوله: " لا بأس أن تستعمل هذا البخاج وأنت صائم ولا تفطر بذلك؛ لأنه لا يدخل منه إلى المعدة أجزاء، لأنه شيء يتطاير ويتبخر ويزول، ولا يصل منه جرم إلى المعدة، حتى نقول إن هذا مما يوجب الفطر، فيجوز لك أن تستعمله وأنت صائم، ولا يبطل الصوم بذلك "
(مسائل عن الصيام صـ90).
الحقنة الشرجية للصائم:
س: ما حكم أخذ الصائم الحقنة الشرجية للحاجة ؟
جـ: حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء؛ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وجمع كثير من أهل العلم، لعدم مشابهتها للأكل والشرب.
حكم حشو وتنظيف وخلع الأسنان:
س: إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب وعمل له تنظيفاً أو حشواً أو خلع أحد أسنانه، فهل يؤثر ذلك على صيامه ؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنة، فهل لذلك أثر على الصيام ؟
ج: ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم لكونها ليست في معني الأكل والشرب. والأصل صحة الصوم وسلامته.
استعمال الإبر المغذية:
س: قرأت في بعض الكتب الفقيهة ومنها كتاب فقه السنة لمؤلفه الشيخ/ سيد سابق أن الإبر المغذية وغيرها التي لا تدخل عن طريق الجوف أو الفم ليست مفطرة، وأعلم أن هناك رأياً لبعض الفقهاء يقضي بغير ذلك، فما الرأي المعروف لدى جمهور العلماء ؟ جزاكم الله خيراً.
ج: الصواب أن الإبر المغذية تفطر الصائم، إذا تعمد استعمالها، أما الإبر العادية فلا تفطر الصائم،
والله ولي التوفيق.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
الإبر المغذية التي يكتفى بها عن الأكل والشرب، فإذا تناولها أفطر لأنها وإن لم تكن أكلاً وشرباً حقيقية، فإنها بمعناهما، فثبت لها حكمهما " (مجالس رمضان صـ70).
الإبر غير المغذية، سواء تناولها عن طريق العضلات أو عن طريق العروق، حتى ولو وجد حرارتها في حلقه؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعناهما فلا يثبت لها حكمهما، ولا عبرة بوجود الطعم في الحلق في غير الأكل والشرب" (مجالس رمضان صـ70).
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ
استعمال الإبر في العضل والوريد:
س: ما حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل، وما الفرق بينهما، وذلك للصائم؟
جـ: الصحيح أنهما لا تفطران، وإنما التي تفطر هي إبر التغذية خاصة، وهكذا أخذ الدم للتحليل
لا يفطر به الصائم؛ لأنه ليس مثل الحجامة، أما الحجامة فيفطر بها الحاجم والمحجوم في أصح أقوال العلماء لقول النبي :" أفطر الحاجم والمحجوم " (أبو داود والترمذي وصحيح الجامع:1136)
سحب الدم من الصائم:
س: ما حكم من سحب منه دم وهو صائم في رمضان، وذلك بغرض التحليل من يده اليمني ومقداره ( برواز) متوسط ؟
جـ: مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه؛ لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر.
تغيير الدم لمريض الكلي وهو صائم:
س: ما حكم تغيير الدم لمريض الكلي وهو صائم، هل يلزمه القضاء أم لا ؟
جـ: يلزمه القضاء بسبب ما يزود به من الدم النقي، فإن زود مع ذلك بمادة أخرى فهي مفطر آخر.
من فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
حقن الدم في الصائم
مثل أن يصاب بنزيف، فيحقن به دم، فيفطر بذلك؛ لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
قد حصل ذلك بحقن الدم فيه" (مجالس رمضان ـ العدد السادس صـ 31-23)
خــروج الــدم
خروج الدم بالرعاف، أو السعال أو الباسور، أو قلع السن أو شق الجرح، أو تحليل الدم، أو غرز الإبرة ونحوها كل ذلك لا يفطر؛ لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها، إذ لا يؤثر في البدن كتأثير الحجامة.
(مجالس رمضان صـ71)
استعمال دواء الغرغرة.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ هل يبطل الصوم باستعماله؟
فأجاب: " لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة ولا تفطر به إذا لم يدخل جوفك شيء منه" (فتاوى إسلامية: 2/122)
ومن المفطرات إخراج الدم بالحجامة، لقوله عليه الصلاة والسلام: " أفطر الحاجم والمحجوم"
(أخرجه الترمذي وأبو داود ـ وهذا مذهب أحمد وأكثر فقهاء الحديث). (مجالس رمضان صـ70)
ما كان بمعنى الحجامة كإخراج الدم بالفصد ونحوه، مما يؤثر على البدن كتأثير الحجامة، وكذا إخراج الدم الكثير للتبرع به، لكن إذا وجد مضطر إليه لا تندفع ضرورته إلا به، ولا ضرر على الصائم بسحب الدم منه، فإنه يجوز أن يتبرع له الصائم ويفطر ذلك اليوم ويقضي.
(مجالس رمضان صـ 70)
ملحوظة:
ذهب الشيخ مذهب من قال أن الحجامة تفطر الصائم، لكن الراجح في المسألة هو قول جمهور أهل العلم (أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم) إلى أن الحجامة لا يفطر بها الحاجم ولا المحجوم
وقالوا إن حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ.
وممـا يدل على هذا مـا أخرجه النسـائي في الكبرى والدارقطني بسند صحيـح
عن أبي سعيد الخدري t قال: "أرخص النبي في الحجامة للصائم "
ومن المعلوم أن الرخصة تكون بعد النهى.
ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن النبي احتجم وهو صائم".
لكن يحمل كلام الشيخ ابن عثيمين وغيره من العلماء إلى أن من احتجم وكانت حجامته سبب لضعفه حتى اضطر إلى الإفطار فهذا الذي يحرم ودليل ذلك ما أخرجه البخاري أن ثابت قال لأنس بن مالك: أكنتم كارهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله ؟
قال: لا. إلا من أجل الضعف.
من ذرعه القيء وهو صائم:
س: ما حكم من ذرعه القيء وهو صائم، هل يقضي ذلك اليوم أم لا ؟
جـ: حكمه أنه لا قضاء عليه، أما إن استدعى القيء فعليه القضاء لقول النبي :
" من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء"
(أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة t وهو في صحيح الجامع:6243)
ويقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
"التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم، لقول النبي :
" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض" ومعنى ذرعه: غلبه ويفطر إذا تعمد القيء، إما بالفعل كعصر بطنه أو غمز حلقه، أو بالشم مثل أن يشم شيئاً ليقيئ به،
أو بالنظر كأن يتعمد النظر إلى شيء ليقيء به، فيفطر بذلك كله " (مجالس رمضان صـ71).
ويقول الشيخ أيضاً:
" إذا حصل له القيء بدون سبب منه، فلا يفطر بذلك، إذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء؛ لأن ذلك يضره، ولكن يتركه، فلا يحاول القيء ولا منعه " (مجالس رمضان صـ71)
من فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ :
لا كفارة على من أخَّر القضاء من أجل المرض:
س: مرضت ولم أتمكن من صيام شهر رمضان فأخرته إلى رمضان من السنة القادمة هل يجزئ الصوم فقط ؟ أم هناك كفارة وما هي ؟
جـ: إذ كنت أخرته من أجل المرض كفاك القضاء فقط، إذا كان المرض استمر معك إلى رمضان الآخر، فإنه يكفيك القضاء ـ والحمد لله ـ ولا شيء عليك،
أما إن كنت تساهلت وأنت طيب ولم تقض إلا بعد رمضان آخر، فإنك تجمع بين الأمرين، تقضي الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع بصاع النبي ومقداره كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد، من تمر أو أرز أو حنطة أو نحو ذلك، تجمعه وتعطي بعض الفقراء ( ).