الم ونظرة امل
07-29-2016, 03:16 PM
د مصطفى محمود واحدى روائعه
د مصطفى محمود واحدى روائعه
د مصطفى محمود واحدى روائعه
http://up3.up-images.com/up//uploads/images/images-0da8a9d66f.jpg
العذاب ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن المدن الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم والسكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال
الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق
اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير
و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ
كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب
برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم
مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى
الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
http://www.iraqni.com/up/uploads/1419248237295.jpg
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك
نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس
مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك
نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي
النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا
مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن
ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و
ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في
الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض
فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و
يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و
النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم
الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و
إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
http://24.media.tumblr.com/tumblr_m4dn0iX1qo1r6xpiko1_500.jpg
د مصطفى محمود واحدى روائعه
د مصطفى محمود واحدى روائعه
http://up3.up-images.com/up//uploads/images/images-0da8a9d66f.jpg
العذاب ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن المدن الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم والسكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال
الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق
اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير
و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ
كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب
برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم
مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى
الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
http://www.iraqni.com/up/uploads/1419248237295.jpg
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك
نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس
مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك
نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي
النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا
مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن
ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و
ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في
الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض
فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و
يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و
النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم
الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و
إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
http://24.media.tumblr.com/tumblr_m4dn0iX1qo1r6xpiko1_500.jpg