اريج المحبة
03-17-2016, 04:57 PM
الشخصيَّة القياديَّة فطرةٌ حَبَا اللهُ بها أشخاصًا معيَّنِين، فكانوا قادة أفذاذًا، وعلى رأس هؤلاء القادة الأفذاذ يأتي أنبياء الله، الذين قادوا الأمم والشعوب إلى طاعة الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u1_20.jpg، وقد تناول القرآن قصصهم مع شعوبهم؛ لتكون نموذجًا ومثالاً يحتذي به كل قائد؛ لذلك قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111]، ثم سار النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg على خُطا هؤلاء الأنبياء، فكان أعظمَ قائدٍ عرفته البشريَّة. رسول الله القائد
وإذا نظرنا إلى سيرة رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg نجده قائدًا محنَّكًا -في كل أمور الحياة؛ إداريَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، وعسكريَّة- يعرف جيِّدًا قيمة جنوده وقدراتهم، فعمل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpghttp://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القدوة والمثل في ذلك فنجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يقول لزعماء قريش عندما عرضوا عليه الدنيا: "مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ، وَلا الشَّرَفَ فِيكُمْ، وَلا الْمُلْكَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولاً، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرْ لأَمْرِ اللهِ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ"[1]. على غرس المبادئ الإسلاميَّة الراسخة في قلوبهم، فكان أوَّلها -وأهمُّها كذلك- غرس الثقة في الهدف الذي يعملون من أجله؛ وهو إخراج العِبَاد من عبادة العِبَاد إلى عبادة الله وحده؛ وكان رسول الله
فالهدف واضح في ذهن رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، وثقته كبيرة بنصر الله له، رغم التكذيب والعناد الذي يلاقيه.
ثم نجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ينقل ثقته إلى أتباعه فيقول لخبَّاب بن الأرتِّ http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg بعدما اشتكى من قسوة تعذيب قريش له: "... وَاللهِ! لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ"[2].
ثم نجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يضع كل رجل مناسب في مكانه المناسب فقد كان الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يعرف جيِّدًا قدرات رجاله، فهم -في نظره- العناصر الرئيسة التي يعتمد عليها القائد، ومعرفتُه بهم تصنع بينهم وبينه انسجامًا متبادَلاً، وتدفعهم لتقديم الجهود؛ بل والإبداع في عملهم، فلننظر إلى سيرته http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg سنجدها خيرَ شاهدٍ على ذلك، ففي غزوة بدر يُشير الحُباب بن المنذر http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg -وهو الخبير بالأمور العسكريَّة- على رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg بقوله: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزلٍ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نغوِّر ما وراءه من القُلُب[3]، ثم تبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً، فنشرب ولا يشربون. فيقول رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg له: "لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ"[4].
http://islamstory.com/sites/default/files/images/stories/articles/1038/11483_image003.jpgونجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يعرف بوضوح إمكانات كل صاحب له http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg؛ حتى لا يتردَّد في وصف كل واحد منهم بوصف يوضِّح تفوُّقه على أقرانه في مجال معيَّن، فأبو بكر أرحم الأُمَّة، وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان أصدقهم حياءً، وعلي بن أبي طالب أقضى الصحابة، وجعفر بن أبي طالب أخير الناس للمسكين، وخالد بن الوليد سيف من سيوف الله، ومعاذ بن جبل أعلمهم بالحلال والحرام، وزيد بن ثابت أعلمهم بالفرائض، وأُبَيّ بن كعب أقرأ الأُمَّة، وحمزة بن عبد المطلب أسد الله[5]. الفاروق،
رسول الله القائد العسكري
كان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg قائدًا فذًّا في كل مجال من مجالات الحياة، ومن أبرز هذه المجالات المجال العسكري، وما حدث في غزوة بدر خير شاهد على هذه العبقرية في القيادة، فقَبْل المعركة بدأ النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في تنظيم صفوف جنوده؛ ليكونوا على استعداد تامٍّ في مواجهة مشركي قريش، ولمَّا ابتدأت المعركة بالمبارزة، اختار رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ثلاثة من جنده الأشدَّاء في مواجهة خصومهم، وقد كان اختياره موفَّقًا لأبعد حدٍّ؛ لِعِلْمِه -وهو القائد- بحقيقة جنده وحالهم، فقال رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: "قُمْ يَا عُبَيْدَة بْنَ الْحَارِثِ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ". فقَتَل اللهُ عتبةَ وشيبةَ ابني ربيعة، والوليدَ بن عتبة، وجُرِحَ عبيدةُ، فسبَّب ذلك هزيمة نفسيَّة للمشركين قبل لقائهم الفعلي مع المسلمين، فقتل المسلمون منهم سبعين، وأسروا سبعين آخرين[6].
رسول الله القائد المبدع
كما غرس رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg فيهم أيضًا مبدأ (المبادرة والإبداع)، وتظهر هذه الصفة جليَّة واضحة في الأمور التي تحتاج إلى قرار سريع حاسم، ونظر ثاقب، وقدَّم رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القدوة والمثل في ذلك، فلننظر إلى صلحه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع مشركي قريش في الحديبية، فهو يدلُّ -ولا شكَّ- على حُنْكَة وحسن سياسة من الرسول القائد؛ إذ كانت من النتائج المترتِّبة على هذا الصلح أن اعْتُبِر المسلمون في درجة مساوية لقريش، وهو أوَّل اعتراف بالدولة الإسلاميَّة من أشدِّ أعدائها وأقواهم في الجزيرة العربية، بل وأدَّى أيضًا إلى محالفة مجموعة من القبائل لرسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، ثم أدَّى كذلك إلى الاستقرار الأمني الذي أعان المسلمين على نشر دعوتهم ودينهم في القبائل والقرى المجاورة؛ فكان هذا الصلح دليلاً على عمق نظرته http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg[7].
ولننظر إلى إبداع رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg وهو يخطِّط للهجرة؛ بداية من اختياره للرفيق وهو خير أصحابه أبو بكر الصديق http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg، ثم للطريق الذي يسلكه؛ حيث اختار رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg طريقًا غير معهود لقريش، وهو طريق السواحل، وكذلك مكثه في غارٍ بجبل ثور ثلاث ليالٍ؛ حتى تهدأ الأمور، ثم اختيار عبد الله بن أُرَيْقِط المشرك دليلاً، وإرساله عبد الله بن أبي بكر ليأتي بخبر قريش، وانتهاءً برعي عامر بن فهيرة للغنم حول الغار حتى يوفِّر الأمان، ثم تتجلَّى عظمته القيادية في توكُّله بعد ذلك على الله، واطمئنانه إلى معيَّته[8]، فيقول لأبي بكر: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟"[9].
رسول الله القائد القدوة
ولم يعمل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg على غرس هذه القيم والمبادئ بالكلمات الجوفاء والأحاديث الرنَّانة، ولكنه كان قدوة ومثلاً في كل شيء، فكان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يؤثِّر في الآخرين بأقواله وأفعاله في تواضعه وحلمه، ورحمته وصبره.. ففي غزوة الأحزاب نجده http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يرفع معنويَّات جنوده، ويُدخل السرور عليهم عندما يشاركهم بنفسه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في حفر الخندق، وهو يرتجز بكلمات ابن رواحةhttp://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg للتراب، وقد وارى التُّراب بياض بطنه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg[10]. أثناء نقله
فكان لهذا التبسُّط والمرح من رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg أثره في التخفيف عن الصحابة ممَّا يعانونه أثناء هذه الغزوة، كما كان له أثره في بعث الهمَّة والنشاط، وإنجاز المهمَّة قبل وصول عدوِّهم، فكان بذلك خير قائد http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg.
رسول الله القائد الحازم العادل
غرس رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في أصحابه مبدأ الحزم، وكان النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القمَّة في هذه الصفة أيضًا؛ فلننظر إلى حزمه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg عندما نادى في صحابته بعد انتهاء غزوة الأحزاب: "أَنْ لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"[11]. فكان قرارًا حازمًا من القائد http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg لجنوده، فخرج الجميع لمواجهة مَنْ خان العهد وتعاون مع الأعداء.
http://islamstory.com/sites/default/files/images/stories/articles/1038/11483_image006.jpgأمَّا عدل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع جنوده فقد ضرب فيه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg المثل الذي لا يُضَاهَى؛ ففي غزوة بدر كان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ينظِّم صفوف أصحابه وفي يده قدح يعدل به القوم، فمرَّ بسواد بن غزيَّة[12]http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg وهو مُسْتَنْتِل[13] من الصفِّ، فطعنه في بطنه بالقدح، وقال: "اسْتَوِ يَا سَوَادُ". فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالحقِّ والعدل. وقال: فأَقِدْنِي[14]. فكشف رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg عن بطنه. وقال: "اسْتَقِدْ"[15]. فاعتنقه فقبَّل بطنه، فقال رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: "مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ؟" قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخرُ العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك. فدعا له رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg بخير[16].
هكذا كانت تعاملات رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع جنوده، فكان بحقٍّ قائدًا إنسانًا في كل موقف من مواقف حياته، وفي كل غزوة من غزواته. فكانت تعاملاته هذه سمة قياديَّة جديدة تستمدُّ عونها وتوفيقها من الله؛ حتى يتأسَّى بها مَنْ يأتي بعده من القادة إلى يوم الدين.
وإذا نظرنا إلى سيرة رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg نجده قائدًا محنَّكًا -في كل أمور الحياة؛ إداريَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، وعسكريَّة- يعرف جيِّدًا قيمة جنوده وقدراتهم، فعمل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpghttp://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القدوة والمثل في ذلك فنجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يقول لزعماء قريش عندما عرضوا عليه الدنيا: "مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ، وَلا الشَّرَفَ فِيكُمْ، وَلا الْمُلْكَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولاً، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرْ لأَمْرِ اللهِ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ"[1]. على غرس المبادئ الإسلاميَّة الراسخة في قلوبهم، فكان أوَّلها -وأهمُّها كذلك- غرس الثقة في الهدف الذي يعملون من أجله؛ وهو إخراج العِبَاد من عبادة العِبَاد إلى عبادة الله وحده؛ وكان رسول الله
فالهدف واضح في ذهن رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، وثقته كبيرة بنصر الله له، رغم التكذيب والعناد الذي يلاقيه.
ثم نجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ينقل ثقته إلى أتباعه فيقول لخبَّاب بن الأرتِّ http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg بعدما اشتكى من قسوة تعذيب قريش له: "... وَاللهِ! لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ"[2].
ثم نجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يضع كل رجل مناسب في مكانه المناسب فقد كان الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يعرف جيِّدًا قدرات رجاله، فهم -في نظره- العناصر الرئيسة التي يعتمد عليها القائد، ومعرفتُه بهم تصنع بينهم وبينه انسجامًا متبادَلاً، وتدفعهم لتقديم الجهود؛ بل والإبداع في عملهم، فلننظر إلى سيرته http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg سنجدها خيرَ شاهدٍ على ذلك، ففي غزوة بدر يُشير الحُباب بن المنذر http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg -وهو الخبير بالأمور العسكريَّة- على رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg بقوله: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزلٍ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نغوِّر ما وراءه من القُلُب[3]، ثم تبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً، فنشرب ولا يشربون. فيقول رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg له: "لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ"[4].
http://islamstory.com/sites/default/files/images/stories/articles/1038/11483_image003.jpgونجد رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يعرف بوضوح إمكانات كل صاحب له http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg؛ حتى لا يتردَّد في وصف كل واحد منهم بوصف يوضِّح تفوُّقه على أقرانه في مجال معيَّن، فأبو بكر أرحم الأُمَّة، وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان أصدقهم حياءً، وعلي بن أبي طالب أقضى الصحابة، وجعفر بن أبي طالب أخير الناس للمسكين، وخالد بن الوليد سيف من سيوف الله، ومعاذ بن جبل أعلمهم بالحلال والحرام، وزيد بن ثابت أعلمهم بالفرائض، وأُبَيّ بن كعب أقرأ الأُمَّة، وحمزة بن عبد المطلب أسد الله[5]. الفاروق،
رسول الله القائد العسكري
كان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg قائدًا فذًّا في كل مجال من مجالات الحياة، ومن أبرز هذه المجالات المجال العسكري، وما حدث في غزوة بدر خير شاهد على هذه العبقرية في القيادة، فقَبْل المعركة بدأ النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في تنظيم صفوف جنوده؛ ليكونوا على استعداد تامٍّ في مواجهة مشركي قريش، ولمَّا ابتدأت المعركة بالمبارزة، اختار رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ثلاثة من جنده الأشدَّاء في مواجهة خصومهم، وقد كان اختياره موفَّقًا لأبعد حدٍّ؛ لِعِلْمِه -وهو القائد- بحقيقة جنده وحالهم، فقال رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: "قُمْ يَا عُبَيْدَة بْنَ الْحَارِثِ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ". فقَتَل اللهُ عتبةَ وشيبةَ ابني ربيعة، والوليدَ بن عتبة، وجُرِحَ عبيدةُ، فسبَّب ذلك هزيمة نفسيَّة للمشركين قبل لقائهم الفعلي مع المسلمين، فقتل المسلمون منهم سبعين، وأسروا سبعين آخرين[6].
رسول الله القائد المبدع
كما غرس رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg فيهم أيضًا مبدأ (المبادرة والإبداع)، وتظهر هذه الصفة جليَّة واضحة في الأمور التي تحتاج إلى قرار سريع حاسم، ونظر ثاقب، وقدَّم رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القدوة والمثل في ذلك، فلننظر إلى صلحه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع مشركي قريش في الحديبية، فهو يدلُّ -ولا شكَّ- على حُنْكَة وحسن سياسة من الرسول القائد؛ إذ كانت من النتائج المترتِّبة على هذا الصلح أن اعْتُبِر المسلمون في درجة مساوية لقريش، وهو أوَّل اعتراف بالدولة الإسلاميَّة من أشدِّ أعدائها وأقواهم في الجزيرة العربية، بل وأدَّى أيضًا إلى محالفة مجموعة من القبائل لرسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، ثم أدَّى كذلك إلى الاستقرار الأمني الذي أعان المسلمين على نشر دعوتهم ودينهم في القبائل والقرى المجاورة؛ فكان هذا الصلح دليلاً على عمق نظرته http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg[7].
ولننظر إلى إبداع رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg وهو يخطِّط للهجرة؛ بداية من اختياره للرفيق وهو خير أصحابه أبو بكر الصديق http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg، ثم للطريق الذي يسلكه؛ حيث اختار رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg طريقًا غير معهود لقريش، وهو طريق السواحل، وكذلك مكثه في غارٍ بجبل ثور ثلاث ليالٍ؛ حتى تهدأ الأمور، ثم اختيار عبد الله بن أُرَيْقِط المشرك دليلاً، وإرساله عبد الله بن أبي بكر ليأتي بخبر قريش، وانتهاءً برعي عامر بن فهيرة للغنم حول الغار حتى يوفِّر الأمان، ثم تتجلَّى عظمته القيادية في توكُّله بعد ذلك على الله، واطمئنانه إلى معيَّته[8]، فيقول لأبي بكر: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟"[9].
رسول الله القائد القدوة
ولم يعمل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg على غرس هذه القيم والمبادئ بالكلمات الجوفاء والأحاديث الرنَّانة، ولكنه كان قدوة ومثلاً في كل شيء، فكان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يؤثِّر في الآخرين بأقواله وأفعاله في تواضعه وحلمه، ورحمته وصبره.. ففي غزوة الأحزاب نجده http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يرفع معنويَّات جنوده، ويُدخل السرور عليهم عندما يشاركهم بنفسه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في حفر الخندق، وهو يرتجز بكلمات ابن رواحةhttp://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg للتراب، وقد وارى التُّراب بياض بطنه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg[10]. أثناء نقله
فكان لهذا التبسُّط والمرح من رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg أثره في التخفيف عن الصحابة ممَّا يعانونه أثناء هذه الغزوة، كما كان له أثره في بعث الهمَّة والنشاط، وإنجاز المهمَّة قبل وصول عدوِّهم، فكان بذلك خير قائد http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg.
رسول الله القائد الحازم العادل
غرس رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg في أصحابه مبدأ الحزم، وكان النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg القمَّة في هذه الصفة أيضًا؛ فلننظر إلى حزمه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg عندما نادى في صحابته بعد انتهاء غزوة الأحزاب: "أَنْ لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"[11]. فكان قرارًا حازمًا من القائد http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg لجنوده، فخرج الجميع لمواجهة مَنْ خان العهد وتعاون مع الأعداء.
http://islamstory.com/sites/default/files/images/stories/articles/1038/11483_image006.jpgأمَّا عدل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع جنوده فقد ضرب فيه http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg المثل الذي لا يُضَاهَى؛ ففي غزوة بدر كان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg ينظِّم صفوف أصحابه وفي يده قدح يعدل به القوم، فمرَّ بسواد بن غزيَّة[12]http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg وهو مُسْتَنْتِل[13] من الصفِّ، فطعنه في بطنه بالقدح، وقال: "اسْتَوِ يَا سَوَادُ". فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالحقِّ والعدل. وقال: فأَقِدْنِي[14]. فكشف رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg عن بطنه. وقال: "اسْتَقِدْ"[15]. فاعتنقه فقبَّل بطنه، فقال رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: "مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ؟" قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخرُ العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك. فدعا له رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg بخير[16].
هكذا كانت تعاملات رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مع جنوده، فكان بحقٍّ قائدًا إنسانًا في كل موقف من مواقف حياته، وفي كل غزوة من غزواته. فكانت تعاملاته هذه سمة قياديَّة جديدة تستمدُّ عونها وتوفيقها من الله؛ حتى يتأسَّى بها مَنْ يأتي بعده من القادة إلى يوم الدين.