المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حب الدنيُا وكراهية المـوت..!


حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-24-2015, 06:40 AM
http://cdn.top4top.net/i_c8d89d3b452.png


*بسم الله الرحمن الرحيم*

**من سُنَّة الله تعالى في عباده أنه سبحانه يبوِّئ أهل اﻹ‌يمان إمامة البشر، ويرفعهم إلى مراقي الكرامة والعزة، ويظهرهم على غيرهم، وينصرهم على أعدائهم، ولو كانوا أقل من غيرهم؛**{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 249]،**وتاريخ المعارك يثبت غلبة أهل اﻹ‌يمان ولو كانوا أقل عددًا وأضعف عدة.**
*ولكن هذا القانون الرباني القدريّ له أسباب شرعية ﻻ‌ يتحقق إﻻ‌ بها، وهذه اﻷ‌سباب تتمثل في إقامة دين الله تعالى، وأخذه كامﻼ‌ً دون تجزئة وﻻ‌ انتقاء.*
*وغالب ما يحصل من ترك الدين أو بعضه سببه الهوى، والهوى يكون في الناس بسبب اﻻ‌فتتان بالدنيا وزينتها، وتعظيم حظوظ النفس وشهواتها؛ ولذا كان تقديم اﻵ‌خرة على الدنيا أهم سبب للتوفيق والنصر والعزة، كما كان التعلق بالدنيا أهم سبب للخذﻻ‌ن والذل والهزيمة، والوحي والتاريخ والواقع المعاصر كلها تشهد بهذه الحقيقة التي ينبغي أن ﻻ‌ يجادل فيها مجادل.*
*أما الوحي، فقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}*[محمد: 7]، فجعل -سبحانه- نصره لعباده وتأييده لهم مشروطًا بنصر دينه وإقامته في اﻷ‌رض، وجعله حكمًا على الناس.*
*وأما التاريخ فما عزَّ الصحابة -رضي الله عنهم- وﻻ‌ انتصروا هم ومَن بعدهم من قادة المسلمين وجندهم على أعتى أمم اﻷ‌رض بعُدَّة وﻻ‌ عتاد، وإنما بإيمانٍ مﻸ‌ قلوبهم، فأزاح منها الدنيا وزينتها وملذاتها، فما وقفت أمامهم قوة.*
*ولما حاصر المسلمون بﻼ‌د فارس وكان الفرس أقوى أمة آنذاك، جرت لقاءات ومفاوضات بين قادة المسلمين وقادة فارس، أراد رستم أن يُظهِر قوة الفرس وغناهم أمام ضعف العرب وفقرهم، فأمر بفرش البسط والنمارق، ووُضع له سريرٌ من ذهب، وأحاط به حاشيته وهم في كمال زينتهم وأبهتهم وسﻼ‌حهم، فتعاقب ثﻼ‌ثة من المفاوضين المسلمين على رستم يفاوضونه؛ فما غرتهم دنيا الفرس، وﻻ‌ نظروا إليها إﻻ‌ نظرة ازدراء واحتقار، فكان أولَ الداخلين ربعيُّ بن عامر، دخل بفرسه يطأ بها بسطهم ووسائدهم، حتى ربط فرسه ببعضها، ونزل يتكئ بسيفٍ لم يجد له غمدًا فلفه بخرقة، حتى بلغ سرير رستم، وجلس على اﻷ‌رض ولم يجلس على زينتهم؛ عزة وإباءً، وبلّغه بما جاء به.*
*وفي اليوم الثاني جاء للمفاوضة سعد بن حذيفة بن محصن، ورفض النزول عن فرسه حتى بلغ بها سرير رستم، فكلمه برسالته وهو على فرسه.*
*وفي اليوم الثالث جاءهم المغيرة بن شعبة، فجلس مع رستم على سريره غير آبهٍ به، فهرع إليه جنده حتى أنزلوه، فعرض رستم على المغيرة شيئًا من الدنيا له وللمسلمين؛ ليرجعوا عن غزو فارس، ولكن المغيرة عرض عليه اﻹ‌سﻼ‌م أو الجزية أو السيف بكل عزة وإباء.*
*فما غرَّت جند اﻹ‌سﻼ‌م بهرجة فارس ودنياها وقوتها وغناها؛ ﻷ‌ن الدنيا ما كانت في قلوبهم، فسقطت بﻼ‌د الفرس في أيديهم، ونُقل ذهبها إلى المدينة.*
*وأما الواقع فإن اﻷ‌عداء ما تمكنوا من المسلمين في العصور المتأخرة، وﻻ‌ ضاعت الحقوق، واحتلت البلدان، ونهبت الثروات، وامتهنت الكرامة - إﻻ‌ بعد أن عظمت الدنيا عند كثير من المسلمين، وتمكنت من قلوبهم، فتنافسوها واختلفوا عليها، واقتتلوا من أجلها، ووجد اﻷ‌عداء مداخل عليهم من قِبَلِها؛ حتى كان في المسلمين من خان دينه وأمته ووطنه وأهله لمصلحة أعدائه من أجل شيء من الدنيا.*
*ووقع ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حين أقسم فقال: "فَوَالله ﻻ‌ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ"[1]. وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: "تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ"[2].*
*إن الله عز وجل جعل الذل والهوان في الكافرين {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ}*[اﻷ‌نفال: 18]، ونهى المؤمنين عن الهوان؛ ﻷ‌نهم اﻷ‌علون {وَﻻ‌ تَهِنُوا وَﻻ‌ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ اﻷ‌َعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 139]، ونُهوا عن الهوان؛ ﻷ‌ن الله تعالى معهم {فَﻼ‌ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ اﻷ‌َعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ}*[محمد: 35]؛ وﻷ‌نهم يرجون ثواب الله تعالى، وغايتهم اﻵ‌خرة وليست الدنيا {وَﻻ‌ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا ﻻ‌َ يَرْجُونَ}*[النساء: 104]؛ وﻷ‌نهم يعلمون أن الله تعالى يحب الثابتين على دينه، الصابرين في مواجهة أعدائه {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}*[آل عمران: 146].*
*إن من تعلق قلبه بالدنيا أخلد إلى اﻷ‌رض، ورضي بالذل، وأصابه الهوان والخذﻻ‌ن ولو كان مؤمنًا، وقد عاتب الله تعالى من أقعدهم حبُّ الدنيا عن الهجرة إليه، والجهاد في سبيله، والتضحية لدينه، وتوعدهم على ذلك {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ ﻻ‌ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ}[التوبة: 24]. وﻻ‌ يعوق عن النفير في سبيل الله تعالى، وابتغاء مرضاته إﻻ‌ حب الدنيا، كما في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى اﻷ‌َرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ اﻵ‌َخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي اﻵ‌َخِرَةِ إِﻻ‌َّ قَلِيلٌ}*[التوبة: 38].*
*وهو واقع المسلمين اليوم.. والهزيمة التي حاقت بالفئة المؤمنة في أُحد إنما كان سببها حب الدنيا المتمثل في الغنائم. ونجد في اﻵ‌يات التي عرضت للهزيمة في أحد قول الله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ اﻵ‌َخِرَةَ}*[آل عمران: 152].*
*وجاء في السنة النبوية ما يدل على أن حب الدنيا يقود إلى أكل الحرام، والرضا بالملذات، وهجر مواطن العزة واﻹ‌باء، فتضرب الذلة والهوان على اﻷ‌مة بسبب ذلك؛ كما في حديث ابن عُمَرَ -رضي الله عنه- قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُﻻ‌ًّ ﻻ‌ يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ"[3].*
*ومهما بلغت كثرة المسلمين وعدتهم فلن تنفعهم شيئًا إذا امتﻸ‌ت قلوبهم بحب الدنيا واﻹ‌خﻼ‌د إليها، كما في حديث ثَوْبَان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ اﻷ‌ُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى اﻷ‌َكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا". فقال قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ". فقال قَائِلٌ: يا رَسُولَ الله، وما الْوَهْنُ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"[4].*
*فبان بذلك أن من أعظم أسباب الذل والهوان والخذﻻ‌ن - حب الدنيا، وتعلق القلوب بها، واﻹ‌خﻼ‌د إلى زخرفها وزينتها، وقد قال الله تعالى عن الكفار: {وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي اﻵ‌َخِرَةِ إِﻻ‌َّ مَتَاعٌ}*[الرعد:26]. وقال العبد الصالح يحذِّر قومه: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ اﻵ‌َخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ}*[غافر: 39]*
*

اميرة الاحساس
02-24-2015, 04:18 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
وبارك الله فيك
على الجهد المميز
ننتظر قادمك بكل شوق
دمت ودام لنا روعه مواضيعك
احترامي

لبنى
02-24-2015, 06:44 PM
طرح بمنتهى الروعهـ
سلمت يدآك على هذآ الإبدآع
لاعدمنـآ هذا التميز
بـ إنتظارجديدك بكل شوق
مع خالص شكري وتقديري

ڤَيوُلـآ
02-24-2015, 07:18 PM
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء

وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَسنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِـي الْدُنَيــا وَالْآخــــــرَّة
وَأَجْزَل لَك الْعَـــــــطـاء
وَدُي قبَلْ رَديُ
http://www.tra-sh.com/up/uploads/142159620221.png

شموخ وايليه
02-24-2015, 09:25 PM
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه

طيف الامل
02-24-2015, 09:30 PM
يعطيك العافيه على الطرح القيم والمفيد
جزاك الله (http://tra-sh.com/vb/showthread.php?t=22489) كل خير وجعله فى ميزان
حسناتك يوم القيامه تسلم
الايادى وبارك الله (http://tra-sh.com/vb/showthread.php?t=22489) فيك
دمت بحفظ الرحمن ....
http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1385129266_674.gif

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-25-2015, 07:11 PM
اميرة الاحساس
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-25-2015, 07:11 PM
لبنى
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-25-2015, 07:12 PM
عزوف
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-25-2015, 07:12 PM
شموخ وايليه
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-25-2015, 07:13 PM
طيف الامل
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير

الأوُركيديآ❀
02-26-2015, 11:02 AM








جزاك الله خيـــر 00
اثابك الــرحمــ‘ن 00
وفي ميــزان حسناتــك 00



~ 0

حگـَآيآ آلّمطـرُ
02-27-2015, 06:30 AM
الاوركيديا
اسعدني مرورك الراقي
دمت بالف خير