سراج المحبة
01-26-2015, 11:20 AM
من وحي الهجرة
يمر بنا نسيم ذكرى عاطرة اختارها الفاروق رضي الله عنه قبل ما يزيد على أربعة عشر قرناً بداية للتأريخ الإسلامي، ألا وهي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ لم يختر عمر مولده، ولا وفاته، ولا بعثته صلى الله عليه وسلم لما للهجرة من دلالات عميقة في تاريخ الإسلام، والمسلمين.
وهانحن نمر على بعض تلك المعالم، علنا نأخذ بعض العبر والعظات:
الوقفة الأولى: نفر من الخزرج وبداية الانفراج
بعد محاولات مضنية وشاقة لمدة 11 سنة، تنسم الحبيب صلى الله عليه وسلم رياح القبول من نفر من الخزرج، فقد روت كتب السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ستة نفر من الخزرج، فقال لهم: من أنتم؟
قالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم، قال: أتجلسون أكلمكم؟ قالوا بلى، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ثم قالوا: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك. فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدقوا.
هكذا يأتي الفرج من الله؛ فبعد الصبر والتضحية يكون الفرج والنصر والتمكين، وهذا ما ينبغي أن يعيه الدعاة والمصلحون في هذه الأيام بحيث لا ينتظرون أن يكون نصراً بلا تمحيص، ولا تضحية.
الوقفة الثانية: السفير الأول للإسلام والفقه والحكمة:
بعد بيعة العقبة الأولى، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاب مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة ليعلِّم الناس الإسلام والقرآن. وكان نعم السفير رضي الله عنه فكان أن دخل الإسلام كل بيت من بيوت الأوس والخزرج، ورجع مصعب في العام التالي مع ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين، بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية (أو بيعة الحرب).
وليت شعري: ماذا يفعل شبابنا، بل رجالنا وعجائزنا عندما يذهبون إلى بلاد الغرب أو الشرق، ولعلهم يذهبون إلى بلادهم ثم يكون منهم مايندى له الجبين أو في أحسن الأحوال يتقوقعون على أنفسهم، فلا يدعون إلى الإسلام، ولا يعلمون الناس أمور دينهم!
أين هم من ذلك الشاب مصعب الذي كان من الشباب المترف المنعم في الجاهلية ثم انقلب إلى سفير وداعية وزاهد من أبطال المسلمين، وانتهى أمره شهيداً في أحد عندما نظر إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو مجندل على الأرض بعد غزوة أحد، وبكى عندما رآه لا يملك المسلمون كفنه رضي الله عنه وأرضاه؟
الوقفة الثالثة: بيعة العقبة الثانية وسريَّة التحرك والتنظيم:
قال كعب بن مالك رضي الله عنه : خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا.
وكان عددهم ثلاثمائة شخص ومع ذلك فقد رتب الأنصار اللقاء زماناً ومكاناً مع الحبيب ص، ولم يشعر أحد بذلك. والأدهى منه خروج ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين من بين هؤلاء الثلاثمائة، ورجوعهم في جوف الليل، ولم يشعر بهم أحد. حتى صاح الشيطان بالمشركين يريد أن يكشف أمرهم، ولم يفلح.
لننظر إلى قمة السرية والتنظيم: ثلاثة وسبعون رجلاً يتحركون، ومعهم امرأتان ولا يحس بهم أحد.
ألا ليت شعري أين المسلمون اليوم من هذه الآثار؟.. أين من لا يستطيعون الوقوف في طابور للنظام ومن لا يستطيعون قضاء حوائجهم بالكتمان، ومن معظم أمورهم تسير بالفوضى، وبلا ترتيب، ولاتخطيط؟
أين هم من سير أولئك النجباء الذين تربوا في كنف رسول الله، واستقوا من معينه؟ ألم يأن الأوان أن يرتب المسلمون والدعاة منهم خاصة أمور دعوتهم بالترتيب والتنظيم والتخطيط السليم؟ وأن يتفيأوا من سير السلف كما ينبغي؟
الوقفة الرابعة: مكانة المرأة وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم :
ذكرت السيرة أن المرأتين اللتين شاركتا في بيعة العقبة الثانية هما: أم عمارة، نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو بن عدي. ولنستمع إلى ما أورده صاحب كتاب [ المنهج الحركي في السيرة النبوية ] ، قال جابر: فقمنا إليه أي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعة يعطينا بذلك الجنة"؛ وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاًفما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أجنبية قط.
وقبل المفاوضون بالبيعة وبايعوه جميعاً دون أن يتخلف أحد، حتى المرأتان بايعتا بيعة الحرب، وصدقتا عهدهما، فلقد سقطت أم عمارة في غزوة أحد جريحة، في جسدها اثنا عشر جرحاً، وقد قطَّع فيما بعد مسيلمة الكذاب ابنها إرباً إرباً فما وهنت، وماستكانت.
ألا ليت شعري من دعاوى تحرير المرأة والمساواة التي ترمي إلى استغلال عفاف النساء، وإسقاطهن في أحضان الرذيلة.
نعم شاركت المرأة الرجال في المواقف، ولكن بحدود واعتبارات وقيم؛ فلقد رأينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماصافح المرأتين في ذلك الموقف الذي هو أعظم من أي موقف آخر يتذرع به من يصافح النساء، ويريد لهن الاختلاط والتبرج.
إن حقوق المرأة محفوظة جليلة مقدرة في الإسلام، ومن يتبعون الغرب في أفكاره، وترهاته هم من الذين لم يعرفوا، ولم يقرأوا تاريخ رسولنا صلى الله عليه وسلم ، ولا سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم
يمر بنا نسيم ذكرى عاطرة اختارها الفاروق رضي الله عنه قبل ما يزيد على أربعة عشر قرناً بداية للتأريخ الإسلامي، ألا وهي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ لم يختر عمر مولده، ولا وفاته، ولا بعثته صلى الله عليه وسلم لما للهجرة من دلالات عميقة في تاريخ الإسلام، والمسلمين.
وهانحن نمر على بعض تلك المعالم، علنا نأخذ بعض العبر والعظات:
الوقفة الأولى: نفر من الخزرج وبداية الانفراج
بعد محاولات مضنية وشاقة لمدة 11 سنة، تنسم الحبيب صلى الله عليه وسلم رياح القبول من نفر من الخزرج، فقد روت كتب السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ستة نفر من الخزرج، فقال لهم: من أنتم؟
قالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم، قال: أتجلسون أكلمكم؟ قالوا بلى، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ثم قالوا: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك. فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدقوا.
هكذا يأتي الفرج من الله؛ فبعد الصبر والتضحية يكون الفرج والنصر والتمكين، وهذا ما ينبغي أن يعيه الدعاة والمصلحون في هذه الأيام بحيث لا ينتظرون أن يكون نصراً بلا تمحيص، ولا تضحية.
الوقفة الثانية: السفير الأول للإسلام والفقه والحكمة:
بعد بيعة العقبة الأولى، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاب مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة ليعلِّم الناس الإسلام والقرآن. وكان نعم السفير رضي الله عنه فكان أن دخل الإسلام كل بيت من بيوت الأوس والخزرج، ورجع مصعب في العام التالي مع ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين، بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية (أو بيعة الحرب).
وليت شعري: ماذا يفعل شبابنا، بل رجالنا وعجائزنا عندما يذهبون إلى بلاد الغرب أو الشرق، ولعلهم يذهبون إلى بلادهم ثم يكون منهم مايندى له الجبين أو في أحسن الأحوال يتقوقعون على أنفسهم، فلا يدعون إلى الإسلام، ولا يعلمون الناس أمور دينهم!
أين هم من ذلك الشاب مصعب الذي كان من الشباب المترف المنعم في الجاهلية ثم انقلب إلى سفير وداعية وزاهد من أبطال المسلمين، وانتهى أمره شهيداً في أحد عندما نظر إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو مجندل على الأرض بعد غزوة أحد، وبكى عندما رآه لا يملك المسلمون كفنه رضي الله عنه وأرضاه؟
الوقفة الثالثة: بيعة العقبة الثانية وسريَّة التحرك والتنظيم:
قال كعب بن مالك رضي الله عنه : خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا.
وكان عددهم ثلاثمائة شخص ومع ذلك فقد رتب الأنصار اللقاء زماناً ومكاناً مع الحبيب ص، ولم يشعر أحد بذلك. والأدهى منه خروج ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين من بين هؤلاء الثلاثمائة، ورجوعهم في جوف الليل، ولم يشعر بهم أحد. حتى صاح الشيطان بالمشركين يريد أن يكشف أمرهم، ولم يفلح.
لننظر إلى قمة السرية والتنظيم: ثلاثة وسبعون رجلاً يتحركون، ومعهم امرأتان ولا يحس بهم أحد.
ألا ليت شعري أين المسلمون اليوم من هذه الآثار؟.. أين من لا يستطيعون الوقوف في طابور للنظام ومن لا يستطيعون قضاء حوائجهم بالكتمان، ومن معظم أمورهم تسير بالفوضى، وبلا ترتيب، ولاتخطيط؟
أين هم من سير أولئك النجباء الذين تربوا في كنف رسول الله، واستقوا من معينه؟ ألم يأن الأوان أن يرتب المسلمون والدعاة منهم خاصة أمور دعوتهم بالترتيب والتنظيم والتخطيط السليم؟ وأن يتفيأوا من سير السلف كما ينبغي؟
الوقفة الرابعة: مكانة المرأة وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم :
ذكرت السيرة أن المرأتين اللتين شاركتا في بيعة العقبة الثانية هما: أم عمارة، نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو بن عدي. ولنستمع إلى ما أورده صاحب كتاب [ المنهج الحركي في السيرة النبوية ] ، قال جابر: فقمنا إليه أي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعة يعطينا بذلك الجنة"؛ وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاًفما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أجنبية قط.
وقبل المفاوضون بالبيعة وبايعوه جميعاً دون أن يتخلف أحد، حتى المرأتان بايعتا بيعة الحرب، وصدقتا عهدهما، فلقد سقطت أم عمارة في غزوة أحد جريحة، في جسدها اثنا عشر جرحاً، وقد قطَّع فيما بعد مسيلمة الكذاب ابنها إرباً إرباً فما وهنت، وماستكانت.
ألا ليت شعري من دعاوى تحرير المرأة والمساواة التي ترمي إلى استغلال عفاف النساء، وإسقاطهن في أحضان الرذيلة.
نعم شاركت المرأة الرجال في المواقف، ولكن بحدود واعتبارات وقيم؛ فلقد رأينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماصافح المرأتين في ذلك الموقف الذي هو أعظم من أي موقف آخر يتذرع به من يصافح النساء، ويريد لهن الاختلاط والتبرج.
إن حقوق المرأة محفوظة جليلة مقدرة في الإسلام، ومن يتبعون الغرب في أفكاره، وترهاته هم من الذين لم يعرفوا، ولم يقرأوا تاريخ رسولنا صلى الله عليه وسلم ، ولا سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم