سراج المحبة
01-15-2015, 12:06 PM
آيات منيرة في أحداث السيرة (8)
استمرَّت الدعوة في السرِّ قرابة ثلاث سنوات، وكان أولَ مَن انضم لركب الفلاح والفالحين:
• أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها.
• والصاحب الأمين أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه.
• وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه.
• وزيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
ومن هؤلاء بدأ نور الوحي ينتشر عبيرُه في أنحاء مكة؛ ليبدد ظلماتِ الكفر؛ فقد كان كل واحد من أوائل الصحابة الذين كان لهم فضل السبق، يعد نفسه رسالةً تروح هنا وهناك، فأسلم بإسلامهم عددٌ من الصحابة، وبدأ ركب الصالحين يسطع نوره، وتبزغ شمسه.
ولا شك أن سلعة الله غالية؛ ولذا تعرَّض المسلمون الأوائل للتعذيب، وصبَّ عليهم المشركون من أهل مكة العذابَ صبًّا، فما نجا منهم إلا القليل، ممن كانتْ له عشيرة تحميه، وقوم تهابهم قريش.
وقد ضرب آل ياسر أروع الأمثلة في التضحية، وقوة الإيمان، والثبات الراسخ، الذي لا تزعزعه عذابات، ولا تهزه تهديدات.
وقد مرَّ بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يُعَذَّبون، ورأى صبرهم وتجلُّدهم، فقال لهم: ((صبرًا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة))؛ صححه الألباني.
وكان من السابقين الأولين أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - كان من البادية، فلما بلغه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأخيه:
اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي عِلمَ هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيٌّ يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني.
فانطلق وأتاه بما رأى، فقال: ما شفيتَني مما أردتُ.
فتزوَّد وحمَل قِربة له فيها ماء، حتى ذهب إلى مكة فأتى المسجد، فالتمس النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعرفه، وخشيَ أن يسأل عنه؛ لما يعرفه من كراهة قريش له، ولما أدركه الليل رآه علي - رضي الله عنه - فعرف أنه غريب، فأضافه عنده، ولم يسألْه عن أمْره، وبقي على حاله حتى قال له علي: ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟
قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني.
ففعل، فأخبره، قال: فإنه حق، وهو رسول الله، فإذا أصبحتَ فاتبعني، فإنِّي إن رأيت شيئًا أخافه عليك، قمتُ كأنِّي أريق الماء، فإن مضيتُ فاتبعني حتى تدخل مدخلي.
ففعل، فانطلق يتبع أثره حتى دخل على النبي ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)).
قال: والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم.
فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
فقام القوم فضربوه حتى أضجعوه.
وأتى العباس فأكبَّ عليه وقال: ويلكم! أوَلستم تعلمون أنه من غفار؟ وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليه؟ فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكبَّ العباس عليه.
وبعد أن استمرت الدعوة في السرِّ، وأراد الله - تعالى - أن يخرجها إلى النور، نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، وبادَرَ - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم ما سيَلقى من قومه، وما ينتظره من الشدة والصدود منهم.
لكن الله - تعالى - أنزل عليه من آيات التثبيت ما يقرُّ عينه، فنزلتْ عليه قصة موسى وما فيها من بلاءٍ وشدة، وما لاقى من آل فرعون وشدة عصيان بني إسرائيل، فكان له ذلك كالبلسم الشافي.
وقام على الصفا، فعَلا أعلاها حجرًا ثم نادى: يا صباحاه!
فقالوا: من هذا؟ وجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج يرسل رسولاً؛ لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فاجتمعوا إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنْ أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل تريد أن تغيرَ عليكم، أكنتم مصدقيّ؟))، قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا.
فقال: ((يا معشر قريش، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدمناف، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإني لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدشمس، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنقذ نفسك من النار؛ فإنِّي لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد أنقذا أنفسكما من النار؛ فإنِّي لا أملك لكما من الله شيئًا، غير أن لكما رحمًا سأبلها ببلالها، إنِّي لكم نذير بين يدي عذاب شديد))، فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟! فنزلتْ فيه سورة كاملة.
استمرَّت الدعوة في السرِّ قرابة ثلاث سنوات، وكان أولَ مَن انضم لركب الفلاح والفالحين:
• أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها.
• والصاحب الأمين أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه.
• وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه.
• وزيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
ومن هؤلاء بدأ نور الوحي ينتشر عبيرُه في أنحاء مكة؛ ليبدد ظلماتِ الكفر؛ فقد كان كل واحد من أوائل الصحابة الذين كان لهم فضل السبق، يعد نفسه رسالةً تروح هنا وهناك، فأسلم بإسلامهم عددٌ من الصحابة، وبدأ ركب الصالحين يسطع نوره، وتبزغ شمسه.
ولا شك أن سلعة الله غالية؛ ولذا تعرَّض المسلمون الأوائل للتعذيب، وصبَّ عليهم المشركون من أهل مكة العذابَ صبًّا، فما نجا منهم إلا القليل، ممن كانتْ له عشيرة تحميه، وقوم تهابهم قريش.
وقد ضرب آل ياسر أروع الأمثلة في التضحية، وقوة الإيمان، والثبات الراسخ، الذي لا تزعزعه عذابات، ولا تهزه تهديدات.
وقد مرَّ بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يُعَذَّبون، ورأى صبرهم وتجلُّدهم، فقال لهم: ((صبرًا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة))؛ صححه الألباني.
وكان من السابقين الأولين أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - كان من البادية، فلما بلغه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأخيه:
اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي عِلمَ هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيٌّ يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني.
فانطلق وأتاه بما رأى، فقال: ما شفيتَني مما أردتُ.
فتزوَّد وحمَل قِربة له فيها ماء، حتى ذهب إلى مكة فأتى المسجد، فالتمس النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعرفه، وخشيَ أن يسأل عنه؛ لما يعرفه من كراهة قريش له، ولما أدركه الليل رآه علي - رضي الله عنه - فعرف أنه غريب، فأضافه عنده، ولم يسألْه عن أمْره، وبقي على حاله حتى قال له علي: ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟
قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني.
ففعل، فأخبره، قال: فإنه حق، وهو رسول الله، فإذا أصبحتَ فاتبعني، فإنِّي إن رأيت شيئًا أخافه عليك، قمتُ كأنِّي أريق الماء، فإن مضيتُ فاتبعني حتى تدخل مدخلي.
ففعل، فانطلق يتبع أثره حتى دخل على النبي ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)).
قال: والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم.
فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
فقام القوم فضربوه حتى أضجعوه.
وأتى العباس فأكبَّ عليه وقال: ويلكم! أوَلستم تعلمون أنه من غفار؟ وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليه؟ فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكبَّ العباس عليه.
وبعد أن استمرت الدعوة في السرِّ، وأراد الله - تعالى - أن يخرجها إلى النور، نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، وبادَرَ - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم ما سيَلقى من قومه، وما ينتظره من الشدة والصدود منهم.
لكن الله - تعالى - أنزل عليه من آيات التثبيت ما يقرُّ عينه، فنزلتْ عليه قصة موسى وما فيها من بلاءٍ وشدة، وما لاقى من آل فرعون وشدة عصيان بني إسرائيل، فكان له ذلك كالبلسم الشافي.
وقام على الصفا، فعَلا أعلاها حجرًا ثم نادى: يا صباحاه!
فقالوا: من هذا؟ وجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج يرسل رسولاً؛ لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فاجتمعوا إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنْ أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل تريد أن تغيرَ عليكم، أكنتم مصدقيّ؟))، قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا.
فقال: ((يا معشر قريش، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدمناف، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإني لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدشمس، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنِّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنقذ نفسك من النار؛ فإنِّي لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد أنقذا أنفسكما من النار؛ فإنِّي لا أملك لكما من الله شيئًا، غير أن لكما رحمًا سأبلها ببلالها، إنِّي لكم نذير بين يدي عذاب شديد))، فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟! فنزلتْ فيه سورة كاملة.