صاحبة السمو
03-15-2022, 10:02 AM
حَمْدُ للهِ كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَمْلَأُ أَرْضَهُ وَسَمَاهُ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى سَوَابِغِ نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ وَطِئَ الثَّرَى وَقَالَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الْمَآلِ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا رَبَّكُمْ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِمَا يُرْضِيهِ، وَاقْنَعُوا مِنْ دُنْياِكُمْ بِالْقَلِيلِ، وَاسْتَعِدُّوا لِيَوْمِ الرَّحِيلِ ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: حَدِيثِي لَكُمُ الْيَوْمَ عَنْ أَمْرٍ مَنْ أَخَذَ بِهِ اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ وَسَكَنَ، وَارْتَاحَ فِي هَذِهِ الدنيا مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ، حَدِيثُنَا عَنِ الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا كَتَبَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا، وكم نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِتَذْكِيرٍ أَنْفُسِنَا بِالْقَنَاعَةِ وَتَطْبِيقِهَا فِي حَيَاتِنَا خَاصَّةً فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ، الَّذِي غَلَّبَ الْكَثِيرَ حبُّهُمْ لِلدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَانْبَهَرُوا بِمَا يَرَوْنَ مِنْ مَتَاعِهَا الزَّائِلِ فِي أَيْدِي الآخَرِينَ، وَغَفَلُوا عَنْ نِعَمٍ بَيْنَ أَيْدِيِهِمْ لَمْ يُؤَدُّوا شُكْرَهَا، وَصَدَقَ مَنْ قَالَ: عَلِّلِ النَّفْسَ بِالْقَنَاعَةِ وَإِلَّا طَلَبَتْ مِنْكَ فَوْقَ مَا يَكْفِيهَا، وَفِي الحديث: " لَوْ أنَّ لابنِ آدمَ وادِيًا من ذَهَبٍ لابْتَغَى إليهِ ثانيًا، ولَوْ أُعْطَى ثانيًا لابْتَغَى إليهِ ثَالِثًا، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابنِ آدمَ إلَّا التُّرَابُ ، ويَتُوبُ اللهُ على مَنْ تابَ".
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: نَحْنُ فِي نِعَمٍ لَمْ يُدْرِكْهَا خَيْرُ الْوَرَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ. فَلَيْتَنَا نَقْنَعُ بِمَا فِي أَيْدِينَا مِنَ النِّعَمِ، لَيْتَنَا نَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَنَا مِنَ الرِّزْقِ. لَيْتَنَا نَشْكُرُ الْمُعْطِي سُبْحَانَهُ عَلَى مَا أَعْطَى، ليتنا نقْتَدُي بِرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنسِيرُ عَلَى نَهْجِهِ وَقَنَاعَتِهِ كَمَا سَارَ الصَّحَابَةُ رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. فَقَدْ كَانُوا عَلَى سُنَّتِهِ سَائِرِينَ وَلِنَهْجِهِ مُقْتَفِينَ، لَمْ يُبَدِّلُوا وَلَمْ يُغَيِّرُوا وَرَضُوا مِنْ دُنْيَاهُمْ بِالْقَلِيلِ، هُوَ الْقَائِلُ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الإِسْلَامِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بِهِ". وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِي أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالِي وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ, إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ". لَقَدْ عَاشَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَيَاةَ الْقَنَاعَةِ وَرَبَّى أَصْحَابَهُ عَلَيْهَا، دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ يَوْمٍ. وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ الشَّرِيفِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَهَمَلَتْ عَيْنَا عُمَرَ، فَقَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمْ فِيهِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: « أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟!»، ثُمَّ قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا». وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ. وتَقُولُ فَاطِمَةُ: نَاوَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَقَالَ: «هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
هَكَذَا كَانَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَانِعًا مِنَ الدُّنْيَا بِالْقَلِيلِ رَاضِيًا مِنْهَا بِالْيَسِيرِ رَغْمَ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ وَهُوَ الَّذِي لَوْ شَاءَ لَحِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، وَلَأَصْبَحَتْ جِبَالها ذَهَبًا وَفِضَّةً بَيْنَ يَدَيْهِ.
وهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَانَ يَخْطُبُ فِي النَّاسِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ غَلِيظٌ، فِيهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً، نَعَمْ، كَانُوا فُقَرَاءً مُعْدَمِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَانُوا مُتَعَفِّفِينَ مُتَكَفِّفِينَ، قَدِ امْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ رِضًا وَاطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ قَنَاعَةً بِمَا قَسَمَ اللَّهُ، فَذَاقُوا حِينَهَا لَذَّةَ الرِّضَا عَنِ اللهِ، وَنَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ بِطَاعَة الله، فلمْ يَكُونُوا رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُتَسَخِّطِينَ مُتَذَمِّرِينَ، وَلَمْ يَكُونُوا مُتَطَلِّعِينَ لِمَا فِي أَيْدِي الآخَرِينَ كَحَالِ بَعْضِنَا الْيَوْمَ، مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِثْلَ فُلَانٍ فِي بَيْتِهِ وَمَلْبَسِهِ فلَمْ يَرْضوا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُمُ، وَانْشَغَلُوا بِمَا عِنْدَ النَّاسِ وتركوا ما بين أيديهم من نعم الله.
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ لَيَأْسَى كُلَّ الْأَسَى لِأَقْوَامٍ مَخْذُولِينَ، يَظَلُّونَ سَاخِطِينَ مِنْ قِلَّةِ أَرْزَاقِهِمْ وأحوالهم، لَا يَذُوقُونَ لِلسُّرُورِ طَعْمًا وَلَا يَعْرِفُونَ لِلْحَيَاةِ مَعْنًى، فَجَعَلُوا حَيَاتَهُمْ سَوَادًا مُمْتَدًّا، وَظَلَامًا مُتَّصِلًا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الرِّضَا وَالْقَنَاعَةِ بِمَا كَتَبَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، قَيلَ لِلْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مِنْ أَيْنَ أَتَى هَذَا الْخُلُقُ؟ قَالَ: مِنْ قِلَّةِ الرِّضَا عَنِ اللهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ قَلَّتْ مَعْرِفَةُ بَعْضِ النَّاسِ بِاللهِ جل وعلا، وَضَعُفَتْ صِلَتُهُمْ بِهِ وَاتِّكَالُهُمْ عَلَيْهِ، فَأَعْرَضُوا عَنْ طَاعَتِهِ وَاعْتَرَضُوا عَلَى قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَلَمْ يَرْضُوا بِأَرْزَاقِهِمْ وَلَمْ يَصْبِرُوا عَلَى أَمْرَاضِهِمْ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، بَلْ تَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ يُمْنَةً وَيسْرَهً فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ، وَلَمْ يَشْكُرِ الْمَوْلَى جَلَّ وَعَلَا عَلَى مَا أَعْطَاهُ مِنْ نِعَمٍ، حِينَهَا عَاقَبَهُم اللهُ بِالْهُمُومِ وَالْغُمُومِ حَتَّى أَصْبَحَتْ مَعِيشَتُهُم ضَنْكًا، وَصَارَتْ حَيَاتُهُم نَكَدًا وَضِيقًا.
فاقنعوا عباد الله: بما قدر لكم من حال ومال. وارضوا بعطاء الله لكم تسعدوا في الدارين. وامتثلوا قول الشاعر يوم قال:
تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي
وأيقنتُ أنَّ اللهَ لا شكٌ رازقي
وما يكُ من رزقي فليسَ يفوتني
وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ العَوامِقِ
سيأتي بهِ اللهُ العظيمُ بفضلهِ
ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ
ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرة ً
وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ؟
رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ الْقَنَاعَةَ وَالرِّضَا، وَبَارَكَ لِي وَلَكُمْ فِيمَا أُعْطَى وَوَهَبَ، وَنَفَعَنَا جَمِيعًا بِهَدْي كِتَابِهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاُسْتَغْفِرُوهُ إِنَّه كَانَ لِلْأوَّابِينَ غَفُورًا.
♦ ♦ ♦
الْحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ الْخَيْرَ كُلَّهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، هُوَ جَلَّ وَعَلَا كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرًا.
أَفَادَتْنِي الْقَنَاعَةُ كُلَّ عِزٍّ
وَأَيُّ غِنًى أَعَزُّ مِنَ الْقَنَاعَةِ
فَصَيِّرْهَا لِنَفْسِكَ رَأْسَ مَالٍ
وَصَيِّرْ بَعْدَهَا التَّقْوَى بِضَاعَةً
تَنَلْ رِبْحَيْنِ: تَغْنَى عَنْ بَخِيلٍ
وَتَنْعَمْ فِي الْجِنَانِ بِفَضْلِ سَاعَةٍ
أَيُّهَا النَّاسُ: احْرِصُوا عَلَى الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا كَتَبَهُ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَالْأَحْوَالِ وَتَفَكَّرُوا فِي نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَاحْذَرُوا مِنَ التَّطَلُّعِ لِمَا تَرْوْنَهُ فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَامْتَثِلُوا أَمْرَ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَمَا قَالَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ».
عِبَادَ اللَّهِ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ حَالِ بَعْضِ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الَّذِينَ سَيْطَرَتِ الْمَادَّةُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَحل عَدَمُ الرِّضَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَأَصْبَحُوا عَلَى الدُّنْيَا يَتَهَافَتُونَ وَمِنْ أَجْلِهَا يَتَقَاطَعُونَ وَبِنَقْصِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ يَحْزَنُونَ، فَأَصْبَحُوا يَعِيشُونَ بِقُلُوبٍ مَرِيضَةٍ، وَأَفْئِدَةٍ هَوَاءٍ، كُلَّمَا حَصَّلُوا حفْنَةً مِنْ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ تَطَلَّعُوا إِلَى الزِّيادَةِ وَلَمْ يُبَالُوا مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أَتَتْ، أَمِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ. وَمَعَ ذَلِكَ لَا يقْنعُونَ وَلَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الرِّزْقِ يَرْضُونَ وَيَشْكُرُونَ.
وختاما صَلُّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى إمَامِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَقَالَ عَزًّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا رَبَّكُمْ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِمَا يُرْضِيهِ، وَاقْنَعُوا مِنْ دُنْياِكُمْ بِالْقَلِيلِ، وَاسْتَعِدُّوا لِيَوْمِ الرَّحِيلِ ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: حَدِيثِي لَكُمُ الْيَوْمَ عَنْ أَمْرٍ مَنْ أَخَذَ بِهِ اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ وَسَكَنَ، وَارْتَاحَ فِي هَذِهِ الدنيا مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ، حَدِيثُنَا عَنِ الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا كَتَبَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا، وكم نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِتَذْكِيرٍ أَنْفُسِنَا بِالْقَنَاعَةِ وَتَطْبِيقِهَا فِي حَيَاتِنَا خَاصَّةً فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ، الَّذِي غَلَّبَ الْكَثِيرَ حبُّهُمْ لِلدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَانْبَهَرُوا بِمَا يَرَوْنَ مِنْ مَتَاعِهَا الزَّائِلِ فِي أَيْدِي الآخَرِينَ، وَغَفَلُوا عَنْ نِعَمٍ بَيْنَ أَيْدِيِهِمْ لَمْ يُؤَدُّوا شُكْرَهَا، وَصَدَقَ مَنْ قَالَ: عَلِّلِ النَّفْسَ بِالْقَنَاعَةِ وَإِلَّا طَلَبَتْ مِنْكَ فَوْقَ مَا يَكْفِيهَا، وَفِي الحديث: " لَوْ أنَّ لابنِ آدمَ وادِيًا من ذَهَبٍ لابْتَغَى إليهِ ثانيًا، ولَوْ أُعْطَى ثانيًا لابْتَغَى إليهِ ثَالِثًا، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابنِ آدمَ إلَّا التُّرَابُ ، ويَتُوبُ اللهُ على مَنْ تابَ".
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: نَحْنُ فِي نِعَمٍ لَمْ يُدْرِكْهَا خَيْرُ الْوَرَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ. فَلَيْتَنَا نَقْنَعُ بِمَا فِي أَيْدِينَا مِنَ النِّعَمِ، لَيْتَنَا نَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَنَا مِنَ الرِّزْقِ. لَيْتَنَا نَشْكُرُ الْمُعْطِي سُبْحَانَهُ عَلَى مَا أَعْطَى، ليتنا نقْتَدُي بِرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنسِيرُ عَلَى نَهْجِهِ وَقَنَاعَتِهِ كَمَا سَارَ الصَّحَابَةُ رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. فَقَدْ كَانُوا عَلَى سُنَّتِهِ سَائِرِينَ وَلِنَهْجِهِ مُقْتَفِينَ، لَمْ يُبَدِّلُوا وَلَمْ يُغَيِّرُوا وَرَضُوا مِنْ دُنْيَاهُمْ بِالْقَلِيلِ، هُوَ الْقَائِلُ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الإِسْلَامِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بِهِ". وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِي أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالِي وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ, إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ". لَقَدْ عَاشَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَيَاةَ الْقَنَاعَةِ وَرَبَّى أَصْحَابَهُ عَلَيْهَا، دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ يَوْمٍ. وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ الشَّرِيفِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَهَمَلَتْ عَيْنَا عُمَرَ، فَقَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمْ فِيهِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: « أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟!»، ثُمَّ قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا». وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ. وتَقُولُ فَاطِمَةُ: نَاوَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَقَالَ: «هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
هَكَذَا كَانَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَانِعًا مِنَ الدُّنْيَا بِالْقَلِيلِ رَاضِيًا مِنْهَا بِالْيَسِيرِ رَغْمَ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ وَهُوَ الَّذِي لَوْ شَاءَ لَحِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، وَلَأَصْبَحَتْ جِبَالها ذَهَبًا وَفِضَّةً بَيْنَ يَدَيْهِ.
وهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَانَ يَخْطُبُ فِي النَّاسِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ غَلِيظٌ، فِيهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً، نَعَمْ، كَانُوا فُقَرَاءً مُعْدَمِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَانُوا مُتَعَفِّفِينَ مُتَكَفِّفِينَ، قَدِ امْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ رِضًا وَاطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ قَنَاعَةً بِمَا قَسَمَ اللَّهُ، فَذَاقُوا حِينَهَا لَذَّةَ الرِّضَا عَنِ اللهِ، وَنَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ بِطَاعَة الله، فلمْ يَكُونُوا رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُتَسَخِّطِينَ مُتَذَمِّرِينَ، وَلَمْ يَكُونُوا مُتَطَلِّعِينَ لِمَا فِي أَيْدِي الآخَرِينَ كَحَالِ بَعْضِنَا الْيَوْمَ، مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِثْلَ فُلَانٍ فِي بَيْتِهِ وَمَلْبَسِهِ فلَمْ يَرْضوا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُمُ، وَانْشَغَلُوا بِمَا عِنْدَ النَّاسِ وتركوا ما بين أيديهم من نعم الله.
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ لَيَأْسَى كُلَّ الْأَسَى لِأَقْوَامٍ مَخْذُولِينَ، يَظَلُّونَ سَاخِطِينَ مِنْ قِلَّةِ أَرْزَاقِهِمْ وأحوالهم، لَا يَذُوقُونَ لِلسُّرُورِ طَعْمًا وَلَا يَعْرِفُونَ لِلْحَيَاةِ مَعْنًى، فَجَعَلُوا حَيَاتَهُمْ سَوَادًا مُمْتَدًّا، وَظَلَامًا مُتَّصِلًا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الرِّضَا وَالْقَنَاعَةِ بِمَا كَتَبَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، قَيلَ لِلْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مِنْ أَيْنَ أَتَى هَذَا الْخُلُقُ؟ قَالَ: مِنْ قِلَّةِ الرِّضَا عَنِ اللهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ قَلَّتْ مَعْرِفَةُ بَعْضِ النَّاسِ بِاللهِ جل وعلا، وَضَعُفَتْ صِلَتُهُمْ بِهِ وَاتِّكَالُهُمْ عَلَيْهِ، فَأَعْرَضُوا عَنْ طَاعَتِهِ وَاعْتَرَضُوا عَلَى قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَلَمْ يَرْضُوا بِأَرْزَاقِهِمْ وَلَمْ يَصْبِرُوا عَلَى أَمْرَاضِهِمْ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، بَلْ تَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ يُمْنَةً وَيسْرَهً فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ، وَلَمْ يَشْكُرِ الْمَوْلَى جَلَّ وَعَلَا عَلَى مَا أَعْطَاهُ مِنْ نِعَمٍ، حِينَهَا عَاقَبَهُم اللهُ بِالْهُمُومِ وَالْغُمُومِ حَتَّى أَصْبَحَتْ مَعِيشَتُهُم ضَنْكًا، وَصَارَتْ حَيَاتُهُم نَكَدًا وَضِيقًا.
فاقنعوا عباد الله: بما قدر لكم من حال ومال. وارضوا بعطاء الله لكم تسعدوا في الدارين. وامتثلوا قول الشاعر يوم قال:
تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي
وأيقنتُ أنَّ اللهَ لا شكٌ رازقي
وما يكُ من رزقي فليسَ يفوتني
وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ العَوامِقِ
سيأتي بهِ اللهُ العظيمُ بفضلهِ
ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ
ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرة ً
وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ؟
رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ الْقَنَاعَةَ وَالرِّضَا، وَبَارَكَ لِي وَلَكُمْ فِيمَا أُعْطَى وَوَهَبَ، وَنَفَعَنَا جَمِيعًا بِهَدْي كِتَابِهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاُسْتَغْفِرُوهُ إِنَّه كَانَ لِلْأوَّابِينَ غَفُورًا.
♦ ♦ ♦
الْحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ الْخَيْرَ كُلَّهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، هُوَ جَلَّ وَعَلَا كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرًا.
أَفَادَتْنِي الْقَنَاعَةُ كُلَّ عِزٍّ
وَأَيُّ غِنًى أَعَزُّ مِنَ الْقَنَاعَةِ
فَصَيِّرْهَا لِنَفْسِكَ رَأْسَ مَالٍ
وَصَيِّرْ بَعْدَهَا التَّقْوَى بِضَاعَةً
تَنَلْ رِبْحَيْنِ: تَغْنَى عَنْ بَخِيلٍ
وَتَنْعَمْ فِي الْجِنَانِ بِفَضْلِ سَاعَةٍ
أَيُّهَا النَّاسُ: احْرِصُوا عَلَى الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا كَتَبَهُ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَالْأَحْوَالِ وَتَفَكَّرُوا فِي نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَاحْذَرُوا مِنَ التَّطَلُّعِ لِمَا تَرْوْنَهُ فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَامْتَثِلُوا أَمْرَ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَمَا قَالَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ».
عِبَادَ اللَّهِ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ حَالِ بَعْضِ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الَّذِينَ سَيْطَرَتِ الْمَادَّةُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَحل عَدَمُ الرِّضَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَأَصْبَحُوا عَلَى الدُّنْيَا يَتَهَافَتُونَ وَمِنْ أَجْلِهَا يَتَقَاطَعُونَ وَبِنَقْصِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ يَحْزَنُونَ، فَأَصْبَحُوا يَعِيشُونَ بِقُلُوبٍ مَرِيضَةٍ، وَأَفْئِدَةٍ هَوَاءٍ، كُلَّمَا حَصَّلُوا حفْنَةً مِنْ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ تَطَلَّعُوا إِلَى الزِّيادَةِ وَلَمْ يُبَالُوا مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أَتَتْ، أَمِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ. وَمَعَ ذَلِكَ لَا يقْنعُونَ وَلَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الرِّزْقِ يَرْضُونَ وَيَشْكُرُونَ.
وختاما صَلُّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى إمَامِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَقَالَ عَزًّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].