رحيل المشاعر
11-06-2021, 05:15 AM
التفكير عن طريق الفن
هناك خلط بين مفهومي “التفكير في الفن” و”التفكير عن طريق الفن”. فالأول قديم. ذلك أن كل رسام حقيقي على سبيل التخصيص لا بد أن يملك طريقة خاصة في التفكير بسبل وتقنيات ووسائل الوصول إلى عالمه، أما المفهوم الثاني فإنه حديث وهو يتعلق بالمستوى التفاعلي الذي يقف عنده الفنان البصري ومتلقي عمله على حد سواء.
ذلك ما يمكن تبينه في الفنون المعاصرة، حيث يكون العمل الفني مناسبة لإجراء حوار تفاعلي مفتوح بين طرفي العملية الإبداعية ويكون المشاهد بمثابة طرف إيجابي في تلك العملية.
فلو وضعنا إحدى لوحات رينيه ماغريت إلى جانب عمل لأنش كابور فإن سبل التفكير أمامهما لدى المتلقي لا بد أن تكون مختلفة. يساعد ماغريت المتلقي على التفكير في أحواله النفسية والطرق والسبل التي اجتازها وهو يخطط لحياته. ما فاته وما ينتظره. ما يفتنه في حياته اليومية ويعيده إلى أحلامه. ما تحقّق منها وما فلت كالبخار.
في تلك الحالة لا يشارك المتلقي الفنان التفكير في فنه. لقد أنجز الفنان لوحته ومضى. كان الفنان وحده مسؤولا عن التفكير في لوحته.
أما إذا وقف المتلقي أمام عمل لأنش كابور فإن أول ما يخطر له سؤال من نوع “لمَ لم أصبح فنانا إذا كان الفن يسيرا إلى هذه الدرجة؟”، فمرآة كابور في شيكاغو هي مجرد مرآة تم تكبيرها.
لقد حرّض الفنان المتلقي على التفكير بطريقة تخرجه من دائرة عاداته. إنه الآن يفكر عن طريق الفن، وهو ما فعله الفنان من قبل حين أعاد النظر في مسألة التعامل مع الأشياء الاستعمالية عن طريق تكبيرها. حيلة تبدو ممكنة التنفيذ مع أشياء أخرى كثيرة. وهو ما فعله فنانون آخرون حين لجأوا إلى تكبير الأشياء من أجل النظر إليها بطريقة مختلفة. ذلك ما فعلته منى حاطوم في غير عمل من أعمالها.
ما جرى أن العمل الفني لم يعد كيانا يكتفي الفنان بصناعته ويقع على المتلقي واجب التفكير فيه بل صار المتلقي يكتشف في نفسه القدرة على أن يكون فنانا بعد أن تحوّل العمل الفني إلى فكرة. تساوي الفنون المعاصرة بين الفنان والمتلقي من جهة إقبالهما على التفكير عن طريق الفن في ما يقع إلى جواره
هناك خلط بين مفهومي “التفكير في الفن” و”التفكير عن طريق الفن”. فالأول قديم. ذلك أن كل رسام حقيقي على سبيل التخصيص لا بد أن يملك طريقة خاصة في التفكير بسبل وتقنيات ووسائل الوصول إلى عالمه، أما المفهوم الثاني فإنه حديث وهو يتعلق بالمستوى التفاعلي الذي يقف عنده الفنان البصري ومتلقي عمله على حد سواء.
ذلك ما يمكن تبينه في الفنون المعاصرة، حيث يكون العمل الفني مناسبة لإجراء حوار تفاعلي مفتوح بين طرفي العملية الإبداعية ويكون المشاهد بمثابة طرف إيجابي في تلك العملية.
فلو وضعنا إحدى لوحات رينيه ماغريت إلى جانب عمل لأنش كابور فإن سبل التفكير أمامهما لدى المتلقي لا بد أن تكون مختلفة. يساعد ماغريت المتلقي على التفكير في أحواله النفسية والطرق والسبل التي اجتازها وهو يخطط لحياته. ما فاته وما ينتظره. ما يفتنه في حياته اليومية ويعيده إلى أحلامه. ما تحقّق منها وما فلت كالبخار.
في تلك الحالة لا يشارك المتلقي الفنان التفكير في فنه. لقد أنجز الفنان لوحته ومضى. كان الفنان وحده مسؤولا عن التفكير في لوحته.
أما إذا وقف المتلقي أمام عمل لأنش كابور فإن أول ما يخطر له سؤال من نوع “لمَ لم أصبح فنانا إذا كان الفن يسيرا إلى هذه الدرجة؟”، فمرآة كابور في شيكاغو هي مجرد مرآة تم تكبيرها.
لقد حرّض الفنان المتلقي على التفكير بطريقة تخرجه من دائرة عاداته. إنه الآن يفكر عن طريق الفن، وهو ما فعله الفنان من قبل حين أعاد النظر في مسألة التعامل مع الأشياء الاستعمالية عن طريق تكبيرها. حيلة تبدو ممكنة التنفيذ مع أشياء أخرى كثيرة. وهو ما فعله فنانون آخرون حين لجأوا إلى تكبير الأشياء من أجل النظر إليها بطريقة مختلفة. ذلك ما فعلته منى حاطوم في غير عمل من أعمالها.
ما جرى أن العمل الفني لم يعد كيانا يكتفي الفنان بصناعته ويقع على المتلقي واجب التفكير فيه بل صار المتلقي يكتشف في نفسه القدرة على أن يكون فنانا بعد أن تحوّل العمل الفني إلى فكرة. تساوي الفنون المعاصرة بين الفنان والمتلقي من جهة إقبالهما على التفكير عن طريق الفن في ما يقع إلى جواره