aksGin
01-15-2021, 05:10 AM
جمال الظاهر وجمال الباطن
الحمد لله رب العالمين،
لا نظير ولا شبيه ولا مثيل له،
منزه عن الآفات والعيوب، له الصفات العلى والأسماء الحسنى، سبحانه وتعالى،
والصلاة والسلام على أشرف الخلق الذي أكرَمه الله بأفضل وأجمل الصفات الخَلقيَّة والخُلُقية، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد ثبَت في الحديث الصحيح الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جميل يُحبُّ الجمال)؛ [أخرجه مسلم]، فله جلَّ جلاله جمالُ الذات، وجمالُ الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فله الجمال التام الكامل من جميع الوجوه.
إن القلوب مفطورة على حبِّ الجمال، ولكن إذا ذُكِرَ الجمالُ انصرفت الأذهانُ إلى جمال الصورة الظاهر، ولهذا نبَّه الشارع أن من الخير ظفرُ المسلم بالجميلة في باطنها، وهي: ذات الدين، فقال علية الصلاة والسلام: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبت يداك)؛ [متفق عليه].
ومَن قدَّم جميلة الدين على جميلة الشكل، فليبشر بكل خير، يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: اعلم أنك اخترت ذات الدين استرشادًا بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، واخترتها من أجل ذلك، والله عز وجل قد يقلِب الجميل قبيحًا، والقبيح جميلًا، حتى فيما يتصوره الإنسان أمامه، فقد يرى مثلًا زوجةً له غير جميلة، ولكن يُبَهِّيها الله عز وجل في عين زوجها ويُجمِّلها، حتى يرى أنها أجمل نساء العالمين، والله سبحانه وتعالى سيجعل في قلبك لها مودة ومحبة تُنسيك جمال الأخرى؛ لأنك فعلت ذلك امتثالًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل شيء تفعله لله عز وجل، فإن العاقبة فيه حميدة، وكم من امرأة جميلة يتزوجها الإنسان رغبة في جمالها، ثم تكون نكبة، تدل عليه بالجمال وتفخر عليه، وتعلو عليه، وتكون الحياة بعد ذلك نكدًا وتنغيصًا، لكن امرأة ديِّنة - أضِف إلى ذلك أن تكون ودودًا - فلا تسأل عن حياتهما الزوجية، فالمرأة الديِّنة تُعينه على طاعة الله، وتقوم بحق الزوج على الوجه الأكمل، وتسايره في أموره، فإذا أخذت بهذه الوصية فالعاقبة بلا شك حميدة؛ لأنك كأنك تستشير الرسول علية الصلاة والسلام، فيشير عليك بأن تتزوج امرأة ذات دين".
لقد غاب عن كثيرين أن الجمال الحقيقي هو: الجمال المعنوي، فالجمال الحسي طال الزمان أو قصر، فمآله إلى الزوال، والجمال المعنوي دائم ما بقِي صاحبه متمسكًا به، والجمال الحسي وإن كسا صاحبه منظرًا جميلًا، فإنه لا يجعله محبوبًا في قلوب ناظريه، بخلاف الجمال المعنوي الذي يُرزَقُ صاحبُه محبةً في أعين الناس جميعًا، وجمال الظاهر قد يجعل صاحبه يغتر به ويزهو به، وجمال الباطن يقود إلى التواضع، والناس مع ذلك أصناف:
فمنهم: من أُعطي جمال الظاهر مع جمال الباطن، فنبي الله يوسف عليه السلام كان له الجمال الظاهر والباطن؛ قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء عن جماله الظاهر: (فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم، إذا هو قد أُعطي شطر الحسن)؛ [أخرجه مسلم].
أما جماله الباطن، فهو العفة العظيمة عن المعصية، مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها
شكرا لمتابعتكم :137:
الحمد لله رب العالمين،
لا نظير ولا شبيه ولا مثيل له،
منزه عن الآفات والعيوب، له الصفات العلى والأسماء الحسنى، سبحانه وتعالى،
والصلاة والسلام على أشرف الخلق الذي أكرَمه الله بأفضل وأجمل الصفات الخَلقيَّة والخُلُقية، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد ثبَت في الحديث الصحيح الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جميل يُحبُّ الجمال)؛ [أخرجه مسلم]، فله جلَّ جلاله جمالُ الذات، وجمالُ الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فله الجمال التام الكامل من جميع الوجوه.
إن القلوب مفطورة على حبِّ الجمال، ولكن إذا ذُكِرَ الجمالُ انصرفت الأذهانُ إلى جمال الصورة الظاهر، ولهذا نبَّه الشارع أن من الخير ظفرُ المسلم بالجميلة في باطنها، وهي: ذات الدين، فقال علية الصلاة والسلام: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبت يداك)؛ [متفق عليه].
ومَن قدَّم جميلة الدين على جميلة الشكل، فليبشر بكل خير، يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: اعلم أنك اخترت ذات الدين استرشادًا بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، واخترتها من أجل ذلك، والله عز وجل قد يقلِب الجميل قبيحًا، والقبيح جميلًا، حتى فيما يتصوره الإنسان أمامه، فقد يرى مثلًا زوجةً له غير جميلة، ولكن يُبَهِّيها الله عز وجل في عين زوجها ويُجمِّلها، حتى يرى أنها أجمل نساء العالمين، والله سبحانه وتعالى سيجعل في قلبك لها مودة ومحبة تُنسيك جمال الأخرى؛ لأنك فعلت ذلك امتثالًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل شيء تفعله لله عز وجل، فإن العاقبة فيه حميدة، وكم من امرأة جميلة يتزوجها الإنسان رغبة في جمالها، ثم تكون نكبة، تدل عليه بالجمال وتفخر عليه، وتعلو عليه، وتكون الحياة بعد ذلك نكدًا وتنغيصًا، لكن امرأة ديِّنة - أضِف إلى ذلك أن تكون ودودًا - فلا تسأل عن حياتهما الزوجية، فالمرأة الديِّنة تُعينه على طاعة الله، وتقوم بحق الزوج على الوجه الأكمل، وتسايره في أموره، فإذا أخذت بهذه الوصية فالعاقبة بلا شك حميدة؛ لأنك كأنك تستشير الرسول علية الصلاة والسلام، فيشير عليك بأن تتزوج امرأة ذات دين".
لقد غاب عن كثيرين أن الجمال الحقيقي هو: الجمال المعنوي، فالجمال الحسي طال الزمان أو قصر، فمآله إلى الزوال، والجمال المعنوي دائم ما بقِي صاحبه متمسكًا به، والجمال الحسي وإن كسا صاحبه منظرًا جميلًا، فإنه لا يجعله محبوبًا في قلوب ناظريه، بخلاف الجمال المعنوي الذي يُرزَقُ صاحبُه محبةً في أعين الناس جميعًا، وجمال الظاهر قد يجعل صاحبه يغتر به ويزهو به، وجمال الباطن يقود إلى التواضع، والناس مع ذلك أصناف:
فمنهم: من أُعطي جمال الظاهر مع جمال الباطن، فنبي الله يوسف عليه السلام كان له الجمال الظاهر والباطن؛ قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء عن جماله الظاهر: (فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم، إذا هو قد أُعطي شطر الحسن)؛ [أخرجه مسلم].
أما جماله الباطن، فهو العفة العظيمة عن المعصية، مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها
شكرا لمتابعتكم :137: