تراتيل الحنين
08-31-2020, 05:27 PM
حُفرة الموت
يُحكَى أنَّ أهلَ قريةٍ كانوا يعيشون في سفحِ جبلٍ ،
وكان بجانبِهم حفرةٌ ضخمةٌ على حوافِها حجارةٌ ،
ويتدلَّى منها حبالٌ بالية ، وعروقُ أشجارٍ شبه متحلِّلةٍ ،
ومن سقط فيها ، لا يمكِنُه الخروجُ ، ولا أحد أن يستطيعَ إخراجَه ،
وقد أسمَوْها "حفرة الموت"...
وبينما هم في صباحِ يومٍ مشتغلين بمكاسب عَيشِهم ،
إذْ بهم يسمعون صِياحاً وإستغاثةً : أنقِذُونا... أنجِدونا..
وما زالت هذه العبارةُ تتكرَّرُ وترتفع ، حتى سمِعَها كلُّ أهلِ القرية ،
فما كان لهم بدٌّ من السَّعي إلى نجدة المستنجدين ،
فتفاجأوا أنَّ هذه الأصواتَ إنما هي لرجُلينِ مسافرين
سقطَا من ليلة البارحة في تلك الحفرة ِ،
وكانا جاهدَيْنِ يحاولان الصُّعودَ لعدة ساعاتٍ...،
أقبل عليهما النَّاس ، فلمَّا أبْصَروهما يحاولان التسلقَ عبر تلك الحبالِ ،
ولَم يستطعِ الناسُ أن يفعلوا لهما شيئاً ،
بل على العكسِ من ذلك ، كان مجيءُ الناسِ إعلاناً لهما بوقف سبُلِ النَّجاة ،
وأخذوا يهتفون بهما بأعلى أصواتِهم : لا تفكروا في النَّجاة ؛
أنظروا إلى ما حولكما من العظامِ ؛
إنها لأناسٍ سقطوا فيها من سنتين ،
إعذِرونا لا نستطيع إنقاذَكما ؛ الحفرةُ عميقة ،
لا تحاولا الخروجَ ؛ فجهودُكما سوف تضيع...،
وكلَّما إزدادت محاولاتُ الرَّجُلينِ ،
صرَخوا بهما وأشاروا إليهما بأيديهم وبأعلى أصواتِهم :
أن يكفوا عن محاولاتِهما اليائسة ،
فما كان من أحدِ الرجلين إلا أن سقط على ظهرِه من الإعياءِ ،
ومن فِقدان الأملِ بعد كلام الناس ، حتى مات...
وأما الآخَرُ ، فما زالت محاولاتُه مستمرةً ؛
كلَّما صعد خمسَ خطوات أو ستَّ خطواتٍ ، سقط ،
والنَّاسُ يصيحون به : لا تحاوِل ، أنظر إلى صاحبِك لَم يستطِعْ...،
ولكنه ما زال يحاول ويتمسَّك بتلك الحجارة ، وذلك العِرق ،
ويغيِّرُ مواطئ قدميه ، فيسقطُ ،
والنَّاسُ يتعجبون من صمودِه وقوَّةِ عزيمتِه التي لَم تفتُرْ ،
فما زال يحاولُ حتى شارف على الخروج ،
ثم وثب قبل أن تزلَّ قدمُه ،
فإذا هو بينهم جاثياً على ركبتيه ، وقد أخذ منه التَّعبُ كلَّ مأخذٍ ،
والناسُ في شدة الذُّهول وهم يهنِّئونه مع تعجبهم الشديد ،
ثم سألوه : ألم تكن تسمعُ صياحَنا وكلامنا لك...؟!
يعيدون عليه ذلك السُّؤالَ وهو غير ملتفتٍ إليهم ،
حتى أخبرهم أحدُ الحاضرين أنَّ الرجلَ الآن لا يستطيع الكلامَ من التعب الشديد...
فأتوا بورقةٍ وكتبوا له هذا السُّؤالَ :
كيف إستطعت أن تخرجَ من حفرة الموت ،
ونحن نصرخُ بك - رحمةً وشفقةً عليك - أن تكفَّ عن محاولاتِك اليائسة...؟!
فكتب لهم : أنا رجل أصمُّ ، ولا أسمعُ شيئاً ،
وكنت أراكم ترفعون أيديَكم ، وأنتم تتكلَّمون وأرى أيديَكم ترتفعُ ،
فقلتُ ـ لنفسي ـ : إنَّ هؤلاء يشجِّعونني ،
ويبدو أنني قد تقدَّمت في محاولاتي ،
فتقوّت عزيمتي حتى إستطعتُ الخروجَ بحمد الله...
إذًا ليس عليك إلا أن تُصِمّ أذنيك عن كلامِ الناس المحطِّمين والمثبِّطين ،
وأن تجعل تثبيطَهم تصفيقاً حاراً ، وهُتافاتٍ مدويةً ،
تزيدُك إشتعالاً وتقدُّماً للأمام.
كن أنت . كن كما تريد يا صديقي لا تيأس.
الله معك ، الله معنا
يُحكَى أنَّ أهلَ قريةٍ كانوا يعيشون في سفحِ جبلٍ ،
وكان بجانبِهم حفرةٌ ضخمةٌ على حوافِها حجارةٌ ،
ويتدلَّى منها حبالٌ بالية ، وعروقُ أشجارٍ شبه متحلِّلةٍ ،
ومن سقط فيها ، لا يمكِنُه الخروجُ ، ولا أحد أن يستطيعَ إخراجَه ،
وقد أسمَوْها "حفرة الموت"...
وبينما هم في صباحِ يومٍ مشتغلين بمكاسب عَيشِهم ،
إذْ بهم يسمعون صِياحاً وإستغاثةً : أنقِذُونا... أنجِدونا..
وما زالت هذه العبارةُ تتكرَّرُ وترتفع ، حتى سمِعَها كلُّ أهلِ القرية ،
فما كان لهم بدٌّ من السَّعي إلى نجدة المستنجدين ،
فتفاجأوا أنَّ هذه الأصواتَ إنما هي لرجُلينِ مسافرين
سقطَا من ليلة البارحة في تلك الحفرة ِ،
وكانا جاهدَيْنِ يحاولان الصُّعودَ لعدة ساعاتٍ...،
أقبل عليهما النَّاس ، فلمَّا أبْصَروهما يحاولان التسلقَ عبر تلك الحبالِ ،
ولَم يستطعِ الناسُ أن يفعلوا لهما شيئاً ،
بل على العكسِ من ذلك ، كان مجيءُ الناسِ إعلاناً لهما بوقف سبُلِ النَّجاة ،
وأخذوا يهتفون بهما بأعلى أصواتِهم : لا تفكروا في النَّجاة ؛
أنظروا إلى ما حولكما من العظامِ ؛
إنها لأناسٍ سقطوا فيها من سنتين ،
إعذِرونا لا نستطيع إنقاذَكما ؛ الحفرةُ عميقة ،
لا تحاولا الخروجَ ؛ فجهودُكما سوف تضيع...،
وكلَّما إزدادت محاولاتُ الرَّجُلينِ ،
صرَخوا بهما وأشاروا إليهما بأيديهم وبأعلى أصواتِهم :
أن يكفوا عن محاولاتِهما اليائسة ،
فما كان من أحدِ الرجلين إلا أن سقط على ظهرِه من الإعياءِ ،
ومن فِقدان الأملِ بعد كلام الناس ، حتى مات...
وأما الآخَرُ ، فما زالت محاولاتُه مستمرةً ؛
كلَّما صعد خمسَ خطوات أو ستَّ خطواتٍ ، سقط ،
والنَّاسُ يصيحون به : لا تحاوِل ، أنظر إلى صاحبِك لَم يستطِعْ...،
ولكنه ما زال يحاول ويتمسَّك بتلك الحجارة ، وذلك العِرق ،
ويغيِّرُ مواطئ قدميه ، فيسقطُ ،
والنَّاسُ يتعجبون من صمودِه وقوَّةِ عزيمتِه التي لَم تفتُرْ ،
فما زال يحاولُ حتى شارف على الخروج ،
ثم وثب قبل أن تزلَّ قدمُه ،
فإذا هو بينهم جاثياً على ركبتيه ، وقد أخذ منه التَّعبُ كلَّ مأخذٍ ،
والناسُ في شدة الذُّهول وهم يهنِّئونه مع تعجبهم الشديد ،
ثم سألوه : ألم تكن تسمعُ صياحَنا وكلامنا لك...؟!
يعيدون عليه ذلك السُّؤالَ وهو غير ملتفتٍ إليهم ،
حتى أخبرهم أحدُ الحاضرين أنَّ الرجلَ الآن لا يستطيع الكلامَ من التعب الشديد...
فأتوا بورقةٍ وكتبوا له هذا السُّؤالَ :
كيف إستطعت أن تخرجَ من حفرة الموت ،
ونحن نصرخُ بك - رحمةً وشفقةً عليك - أن تكفَّ عن محاولاتِك اليائسة...؟!
فكتب لهم : أنا رجل أصمُّ ، ولا أسمعُ شيئاً ،
وكنت أراكم ترفعون أيديَكم ، وأنتم تتكلَّمون وأرى أيديَكم ترتفعُ ،
فقلتُ ـ لنفسي ـ : إنَّ هؤلاء يشجِّعونني ،
ويبدو أنني قد تقدَّمت في محاولاتي ،
فتقوّت عزيمتي حتى إستطعتُ الخروجَ بحمد الله...
إذًا ليس عليك إلا أن تُصِمّ أذنيك عن كلامِ الناس المحطِّمين والمثبِّطين ،
وأن تجعل تثبيطَهم تصفيقاً حاراً ، وهُتافاتٍ مدويةً ،
تزيدُك إشتعالاً وتقدُّماً للأمام.
كن أنت . كن كما تريد يا صديقي لا تيأس.
الله معك ، الله معنا