تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كنوزُ ما بين الأذانين


شموع الحب
07-18-2020, 09:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:


حدثني أحدُ شيوخنا الذين درّسونا ـ وهو من بلاد الشام ـ
فقال: كنتُ في صبايَ وشبابي المبكّر شغوفاً جداً بالقراءة،
وكان أبي ممن يصلّي في البيت، وهو ممن يصنَّف في عامّة الناس،
وكان بمجرد ما يدخل الوقتُ يَصُفّ قَدَميه، فيصلي ما شاء الله أن يصلي
حتى يحين وقتُ الإقامة، وكنتُ ـ مِن شغفي بالقراءة ـ
أستمرّ فيها حتى تُقام الصلاة، فلما تكرر ذلك منّي
قال لي والدي: ما هذا الذي تقرأ يا بني؟ قلت: كُتب علْم،
فقال: يا بُنيّ..العلم الذي لا يجعلك تقوم إلى الصلاة فورَ سماع المؤذن "بلاش منّه"!

هكذا بمنطق الفطرة والديانة الصادقة أرسل والدُه
هذه الرسالةَ التي خرجت بلا رتوش، ولا حواشٍ ثقيلة..
إنها كلماتٍ مختصرة تحمل في طياتها رسالةً مفادها: ما قيمةُ العلم بلا عمل؟
وأين أنت من هذه الكنوز التي تنتظرك بين الأذانين؟

الأوقاتُ المهدَرةُ في حياةِ كثيرٍ منا أكثر من أن تُحصَر..
والشكوى من عدم قدرةِ البعض على إكمال حزبه اليوميّ من القرآن
بسببِ المشاغل صارَ قصةُ شبه يومية..!
والألمُ الذي يعتصر قلوبَ الأكثرين مِن عدم ذوق الصلاة،
ورؤيةِ الأثر الذي ينبغي لها في القلوب؛ بات من الأحاديث التي يتهامس
بها بعضُ الصالحين في مجالسهم.

وإذا أردنا أن نُشخّص سببًا من هذه الأسباب فسنجد أن تفريطَنا في تلكم الدقائق المحدودة بين الأذان والإقامة أحدُ الأسباب المهمة.

وقد تأملتُ فيما بين هذين الأذانين من الكنوز فدُهشت!
وتعجبتُ من تفريطنا فيها، وأكبرتُ أولئك ـ المحسوبين على العوام ـ
الذين يُسابقون المؤذنَ للدخول إلى بيت الله!
وقلتُ في نفسي: يا حسرتا على علمٍ لم يدفع إلى هذه المغانم!

إن المبادِر إلى هذه الدقائق بين الأذانين،
بمجرد بقائه ينتظر الصلاةَ فهو في صلاة،
وملائكةُ الرحمن لا تفترُ عن الدعاء والاستغفار له،
كما في الصحيحين عنه
صلى الله عليه وسلم أنه
قال: "وإذا دخل المسجد، كان في صلاة ما كانت تحبسه،
وتصلي -يعني عليه الملائكة-
ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه،
ما لم يُحْدِث فيه"([1]).

والله لو أن أحدنا بلَغَه أن أحدَ الصالحين المعروفين بإجابة الدعاء دعا له؛ لفرح!
فكيف بملائكة الرحمن تدعو له كلما تقدّم لبيت الله،
وانتظر فريضةَ الله!

وليس هذا فحسب، بل هو حين يتقدّم ويصلي ركعتين فقط،
فهو بهذا يصلي أربع سجدات..
وحسبك أن تتأمل في هذا الحديث لترى كم نخسر هذه الفضائل
عندما لا نأتي إلا مع أو بعد الإقامة،
قال صلى الله عليه وسلم: «عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة،
إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة»([2]).

وإذا افترضنا أن هذا المبكّر قرأ خمسةَ أوجه من القرآن فقط ـ
ربع جزء ـ، فكم فيها من حرف؟ وكم في تلك الحروف من حسنات مضاعفة؟
"مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف"([3]).

ومن الناس من يختار الدعاء بين هذين الأذانين؛
رجاء ما ورد في الأثر: "لا يُرد الدعاء بين الأذان والإقامة"([4])،
وللدعاء في هذه الدقائق مذاقٌ خاص، كما حدّث بعضُ من جرّبه..
ومنهم أبو بكر النيسابوري الشافعي الفقيه المعروف بالصبغي(342هـ)،
فقد حدّث عنه من رآه،
أنه إذا أذّن المؤذن يدعو بين الأذان والإقامة ثم يبكي ([5]).


ولك أن تتصور حال هذا المصلّي الذي لم تُقَم الصلاة
إلا وقد تضمّخ بخَلُوق هذه البركات..
استغفار ملائكة.. رفعة درجات.. حطّ سيئات..
آلالاف مؤلّفة من الحسنات جرّاء تلاوة الآيات؟
وسكون نفْسٍ بالدعاء..
لك أن تتصور هذا وهو مُقبِل على صلاة الفريضة،
أيُّ فرقٍ بينه وبين إنسانٍ جاء يسعى سعياً، يلتقط أنفاسَه،
لا يدري ما يقرأ أو يتلوه إمامُه!

اللهم فلا تحرمنا هذه البركات بذنوبنا،
وارزقنا تدارك ما بقي من أعمارنا فيما يقرّبنا لديك،
واجعلنا ممن وُفّق للعمل بما علم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

بقلم : عمر عبدالله المقبل

([1]) البخاري ح(477)، مسلم ح(649).

([2]) مسلم ح(488).

([3]) الترمذي ح(10).

([4]) روي هذا الحديث مرفوعا وموقوفا، وقد صححه ابن خزيمة مرفوعا، قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (21/139): "قد روي من وجوه حسان"ا.هـ.

([5]) تاريخ الإسلام (7/ 776).

طبعي حنون
07-19-2020, 12:14 AM
اختيار موفق
يعطيك العافيه مبدع كعادتك
تقديري و احترامي لك

المحبوب
07-19-2020, 03:39 AM
جزاك الله الف خيررر

عازفة الوتر
07-19-2020, 04:17 AM
بارك الله فيك

صاحبة السمو
07-19-2020, 11:53 AM
جزيت خير الجزاء
على ماخطه لنا قلمك من طرح قيم
وجعله المولى في موازين حسناتك

شموخ وايليه
07-19-2020, 01:13 PM
’،

بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي وتــقديري...

رحيل المشاعر
07-19-2020, 06:33 PM
جزاك الله كل خير
وكتب اجرك
ورفع قدرك

ولد الذيب
07-19-2020, 06:47 PM
عافااك الله على الطرح الرااااائع والجميل :137:






:136:




ونتطلع لجديدك :81:

شموع الحب
07-19-2020, 09:24 PM
طبعي حنون
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:25 PM
المحبوب
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:25 PM
عازفة
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:25 PM
صاحبه
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:25 PM
ولد
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:26 PM
شموخ
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-19-2020, 09:26 PM
رحيل
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

الجنرال
07-21-2020, 10:35 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك ونفع بطرحك
وجعلها الله في موازين حسناتك
مودتي وتقديري

أميرة الورد
07-22-2020, 04:04 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك

شموع الحب
07-22-2020, 02:18 PM
الجنرال
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

شموع الحب
07-22-2020, 02:19 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك

شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن

هيبة مشاعر
07-23-2020, 05:18 AM
جزاك الفردوس الأعلى من الجنان
لروعة طرحك القيم والمفيد
عناقيد من الجوري تطوقك فرحاا
دمت بطاعة الله ,.

شموع الحب
07-24-2020, 11:06 PM
شآكره لحضوركم وطلتكم
فالروحكم النقيه اجمل بإقات الود والعرفإن