صاحبة السمو
09-09-2019, 02:40 PM
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/3/38/PalestineAndTransjordan-ar.png
إمارة شرق الأردن هي كيان سياسي ذو حكم ذاتي كان موجوداً ضمن منطقة فلسطين الانتدابية رسمياً منذ 1921 ولغاية تاريخ إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 1946. وشملت معظم الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن، ومنه أخذت هذه التسمية.
بعد نهاية الحرب العالمية الاولى سعت كل من فرنسا وبريطانيا الى تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بينهما عام 1916 والقاضية باقتسام الهلال الخصيب بينهما، على أن تشمل السيطرة الفرنسية منطقة الدولة السورية الحالية ولبنان وجزءا من العراق، والسيطرة البريطانية مجمل المناطق العراقية وفلسطين وشرق الاردن، فيما سمي بعد ذلك بالانتداب.
وكانت جيوش الدولتين قد دخلت بعد هزيمة تركيا في الحرب الى بعض هذه المناطق. كما كان التواجد البريطاني مقبولا الى حد ما في الاوساط الشعبية كنتيجة للوعود البريطانية المعقودة للحسين بن علي بالمساعدة عل استقلال سورية موحدة، بناء على مطالب المؤتمر السوري .
وكان الحكم الفيصلي قد بدأ يضع قواعده في دمشق . ولكن الجيوش الفرنسية دخلت دمشق بعد معركة ميسلون ووضعت حدا هذا الحكم لتقيم سلطتها الانتدابية تنفيذا لاتفاقية سايكس - بيكو. وانتشرت في الاوساط الشعبية فكرة بان الجيوش الفرنسية قد تتابع زحفها الى شرقي الاردن لتضمها الى منطقة نفوذها تعويضا عن الجزء العراقي الذي لم تمكنها بريطانيا من السيطرة عليه (بحسب تقسيمات سايكس - بيكو الاولى). وعم الخوف في شرقي الاردن من الاحتلال الفرنسي خصوصا وان الادارة البريطانية قد وعدت الاهالي بادارة محلية منفصلة عن فلسطين (وغير مشمولة بوعد بلفور)، كما وعدتهم بعدم تجنيدهم في الجيش وبعدم نزع السلاح منهم، وبامكانية تنصيب احد ابناء الحسين بن علي على المنطقة.
وفي 2 سبتمبر 1920 اجتمع رؤساء القبائل في أم قيس مع احد الضباط البريطانيين وقدموا له مذكرة خطية بما يطالبون بريطانيا به . واجابهم المسؤول البريطاني خطيا. ومن أهم مطالبهم
اقامة حكومة وطنية تضم لوائي الكرك والسلط وفضائي جرش وعجاون (مجمل اراضي المملكة حاليا) وحوران وقضاء القنيطرة، وقبول الانتداب البريطاني على هذه الدولة .
أن يرأس هذه الحكومة امير عربي وان لا تكون لها علاقة بحكومة فلسطين البريطانية وان تمنع الهجرة اليهودية الى اراضيها ويمنع بيع اراضيها لليهود.
ان يكون لها جيش وطني تدعمه بريطانيا بالسلاح، وتمنع الفرنسيين من احتلال اراضيها. وان تحافظ هذه الدولة على ايواء جميع السياسين السوريين اللاجئين اليها.
وان يكون لها تمثيل خارجي كامل كدولة مستقلة
وعلى اثر ذلك تألفت في شرق الاردن حكومات محلية استعانت بمستشارين بريطانيين .
وكانت المقاومة الشعبية للاحتلال الفرنسي في مناطق تواجده قد بلغت اوجها. وكتب عدد من المواطنين الى الملك حسين بن علي يطلبون اليه ايفاد احد انجاله لمتابعة المقاومة استمرارا لقناعتهم بخط الثورة العربية الكبرى. واخبر الملك حسين الجنرال البريطاني اللنبي بهذه الرسائل. واستقر رأيه على ارسال نجله الامير عبدالله ليترأس المقاومة، وأوعز اليه بالتوجه الى مدينة معان . ووصل الامير عبد الله معان في 21 نوفمبر 1920. ، وكانت بريطانيا في ذلك الوقت تهيء قواتها في العراق لاسترجاع مراكزها بعد الثورة العراقية. واهتمت بريطانيا وفرنسا بقدوم الامير عبد االله، وجرت بينهما اتصالات بهذا الشأن. واحتجت فرنسا عل قدومه خصوصا وانه اعلن نفسه نائبا عن اخيه فيصل ملك سوريا المنفي في ذلك الحين. ووجه الدعوة الى جميع اعضاء المؤتمر السوري المنحل للالتحاق به . واعلن عزمه عل متابعة النضال وتأليف حكومة سورية وحدوية. واصدر منشور «الى اهالي سورية» يعلن ما جاء من اجله. ويبدو ان الاستجابة لم تكن كافية. كا تبين للامير ان القيام باعباء هذه الحركة بحتاج الى المال، وهو لا يملك مالا. حتى انه اضطر ان يقترض ثلاثة الاف دينار من عودة ابو تايه.
تخوف البريطانيون والفرنسيون من قدوم الامير عبدالله، ومن ان يؤدي ذلك الى ارتفاع حدة المقاومة وتوسيعها ضد نفود الدولتين، فنشطت الاتصالات بينهما مجددا حول المسألة السورية وضرورة تهدئة الاوضاع في سورية كلها. واستعجلت المحافل الدولية في وضع الاطر «الشرعية» والتنظيمية لانتداب الدولتين عل سوريا وتثبيت تقسيمها. خصوصا وان اتصالات جرت بين الامير عبدالله ومصطفى كال اتاتورك بواسطة غالب الشعلان اثارت تخوف بعض الخبراء البريطانيين من ان يكون وراءها خطط وحركات مرتبطة بسياسات دول اخرى. وقد قدر بعض هؤلاء الخبراء ان يكون لهذه الاتصالات علاقة بالسياسة البلشفية .
طلبت الدوائر السياسية في لندن من الملك فيصل الاتصال بوالده لايقاف اي حركات عدائية لبريطانيا في شرقي الاردن. وبعد عدة اتصالات اوفد الملك فيصل سبحى الخضرا احد اعوانه الى عمان بحمل توصيات لاخيه الأمير عبدالله وبدأت المفاوضات بين الملك فيصل والبريطانيين في لندن بتاريخ 23 ديسمبر 1920.
واستمرت هذه المفاوضات الى ان تسلم تشرشل وزارة المستعمرات اللريطانية التى انيط با حل المسألة السورية. وأثناء هذه المفاوضات حاول المندوب السامي على فلسطين صموئيل (وهو يهودي) ان يقنع حكومته على احتلال شرقي الأردن احتالا كاملا ليطبق عليها ما يطبق على فلسطين. وقد فشل صموئيل في ذلك نتيجة لجهود الملك فيصل الذي كان يلح عل الوزارة البريطانية بضرورة التفاهم مع ابيه وتسوية القضيه السورية تسويةة مرضية للجانبين . وتم الاتفاق مبدئيا عل انشاء حكومتين وطنيتين في العراق وشرقي الاردن.
يبدو ان بريطانيا قد ارادت بذلك فعالا ان تهدئ الأمور «وتعوض» بهذا الاتفاق عن سياستها في فلسطين
واتصل تشرشل بالامير عبدالله من القاهرة وابلغه رغبته بالاجتماع به في القدس . وتم الاجتماع في 28 و 29 و 30 مارس 1921. وكانت نتيجة المحادثات ما يلي ،
- تؤسس في شرقي الاردن حكومة وطنية برئاسة الامير عبدالله .
- تكون هذه الحكومة مستقلة استقلالا تاما
- تساعد بريطانيا هذه الحكومة ماديا لسد نفقات اقامة قوة عسكرية غايتها توطيد الامن .
- تسترشد هذه الحكومة برأي مندوب بريطاني يقيم في عمان .
- يتعهد الامير عبدالله بمنع "الاعتداءات من شرقي الاردن عل سورية وفلسطين".
- تسعى بربطانيا لتحسين العلاقات بين الامير عبدالله والسلطة الفرنسية في سورية .
- تنشىء بريطانيا مهبطي طائرات في عمان وزيزيا.
- يعتبر مشروع الاتفاق بمثابة تجربة مدتها ستة اشهر. فان كان ملائا للطرفين استمر العمل به، والا يعاد النظر فيه.
وقد اعلن الامير عبدالله اثناء المحادثات عن اعتقاده بان افضل سبيل لحل مشاكل المنطقة هو اقامة حكم واحد في فلسطين وشرقي الاردن برئاسة عربي فرفض تشرشل ذلك لان حكومته تريد تنفيذ وعودها لليهود.
وعاد الامير عبدالله الى عمان. وهكذا تأسسست امارة شرقي الاردن. وقد رأى الأمير عبدالله ومرافقوه ان مبادىء الاتفاق ستشكل خطوة ايجابية اولية في مصلحة المنطقة فوافقوا عليها. وتحقق بذلك اساس للاستقرار ولمسيرة الاستقلال، في حين بقيت مناطق اخرى من سورية الطبيعية (لبنان وسورية وفلسطين) تعان من مظالم الحكم الاجنبي .
وقد استعان الأمير عبدالله في ادارة دفة الحكم برجال اكفاء ومخلصين. وكانت اول حكومة اردنية بعد عودة الامير من القدس وتأسيس الامارة في 11 نيسان 1921.
علم امارة شرق الأردن منذ 1928 الذي أصبح فيما بعد علم المملكة الأردنية الهاشمية بعد الاستقلال عام 1946
خريطة إمارة شرق الأردن، الجزء الأحمر كان تحت السيادة الأردنية أيام الإمارة وأصبح سعوديا، الجزء الأخضر كان يتبع للسعودية وأصبح أردنيا في عهد المملكة، بموجب اتفاقية تبادل أراضي بين الدولتين، سمحت للأردن بزيادة طول خطه الشاطئي على خليج العقبة عدة أميال.
محتويات
الأردن قبل عهد الإمارة
تعود جذور الحياة السياسية في الأردن والتي عرفت سابقاً باسم شرقي الأردن إلى فترة الحكم العثماني باعتبارها جزء من بلاد الشام وفي أواخر العهد العثماني وتحديداً في عام 1908 مثلت شرق الأردن بنائب في مجلس المبعوثان ضمن ولاية سوريا، حيث مثل المنطقة عن لواء الكرك في الجنوب والشمال عن لواء عجلون وبعد انتهاء الحكم العثماني وباعتبار شرقي الأردن جزء لا يتجزأ من الدولة الشامية التي أعلنها الأمير فيصل بن الحسين شاركت الأردن في المؤتمر العام الذي عقده الأمير فيصل عام 1919 لتدارس وضع دستور للدولة وكذلك المشاركة في الانتخابات التي تم بموجبها انتخاب أعضاء المؤتمر ومثل الأردن فيها عشرة أعضاء منتخبين باستثناء الشمال الأردني وركزت قرارات المؤتمر على الاستقلال ووحدة سوريا والاتحاد مع العراق وشاركت الأردن بالمؤتمر الثاني أيضا الذي عقد في سنة 1920 ولكن لم يكتب لهذا المؤتمر النجاح بسبب البدء بتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو من قبل بريطانيا وفرنسا لتصبح سوريا تحت الانتداب الفرنسي بعد معركة ميسلون(23/7/1920) وسقوط الحكومة العربية التي أسسها الملك فيصل (حيث طلبت القوات الفرنسية منه المغادرة ،فغادر إلى درعا ثم إلى شرق الأردن ثم واصل المساعي السياسية في أوروبا) في دمشق اما شرقي الأردن فقد وقعت تحت النفوذ الإنجليزي بعد أن أوعزت الحكومة البريطانية لمندوبها السامي في فلسطين هربرت صموئيل التوجه نحو شرق الأردن لامتلاك زمام المبادرة حيث قامت بتشكيل حكومتين محليتين الأولى في الكرك والأخرى في عمان وتم تشكيل حكومة ثالثة فيما بعد في صما تضم كافة مناطق شمال الأردن وأصبح الأردن يخضع للنفوذ البريطاني بناءً على الاتفاق السابق مع الفرنسيين في عام 1916.
الأمير عبد الله بن الحسين - الذي أصبح فيما بعد الملك عبد الله الأول
الحكومات المحلية
لم تكن الحكومات المحلية وليدة صدفة أو أمر رفاهي بقدر الضرورة لوجود كيان يتولى شؤون الحكم في شرقي الأردن. في 21 أغسطس 1920 اجتمع المندوب السامي هربرت صموئيل (الذي تم تعيينه في حزيران 1920) مع زعماء شرقي الأردن (زعماء الكرك وعمان وعجلون والسلط والطفيلة والولايه الصماويه) في السلط، حيث خلص المجتمعون إلى تأسيس الحكومات الآنفة الذكر مع وجود عدد من 4 إلى 5 ضباط سياسيين، وقد كان السبب في تعدد الحكومات المحلية هو (صعوبة المواصلات والخصومات بين القبائل) <برقية للمندوب السامي>، وتم تشكيل الحكومات في مدن السلط واربد والكرك.
حكومة إربد:
تم في ام قيس عقد اجتماع بوجود الضابط البريطاني في 2/9/1920 مع اعيان المنطقة قدم الحاضرون مطالبهم في عريضة قام بصياغتها القائم مقام علي خلقي الشرايري منها : وجود أمير عربي للحكومة ومجلس عام لسن القوانين ومنع الهجرة اليهودية والعفو عن المجرمين السياسيين داخل المنطقة ووتولي إدارة سكة حديد الحجاز وان يكون شعار هذه الحكومة العلم السوري وغيرها ،، حيث وافق الضابط البريطاني على بعضها واحال المطالب الأخرى للمندوب السامي، وظهرت عدد من الحكومات الخاصة منها:
حكومة صما: والفها ابن العريض 3 يوليو 1920.
حكومة دير يوسف : ألفها الشيخ كليب الشريدة زعيم الكورة مقرها دير يوسف واختير نجيب الشريدة قائم مقام لها.
حكومة عجلون : أسسها الشيخ راشد الخزاعي سنجق جبل عجلون وعين علي نيازي التل كقائم مقام لها.
حكومة الرمثا أسسها فواز باشا البركات الزعبي.
حكومة جرش : ضمت قضاء جرش وعشائر بني حسن وناحية المعراض وتم تعيين محمد علي المغربي كقائم مقام لها.[1]
حكومة الكرك : وقد كان الاتفاق بين زعماء القبائل على بقاء رفيفان باشا المجالي متصرفا لها، ثم في 19 سبتمبر 1920 تم إجراء الانتخابات لاختيار ما أطلق عليه " المجلس العالي ".
حكومة ولاية الطيبة : الفها عبد الرحمن العلي ثم انشقت بعد أشهر عن الكيان الإنجليزي مع تاليف حكومة من كافة عشائر الشمال.
حكومة السلط: تألف مجلس الشورى في لواء البلقاء لكي يساعد المتصرف في شؤون الإدارة.
الضباط البريطانيين المبتعثين
أما الضباط البريطانيون المبتعثون، فهم:
في السلط :الميجر كامب
في عمان : كابتن برانتون ثم كابتن ألن كركبرايد
في الطيبة : ميجر سمرست ثم فتل فيها ومن معه
في الكرك : ميجر كلينفيك ثم كابتن ألن كركبرايد
في جرش :كابتن مونكتون
قائد قوة الاحتياط في عمان :كابتن بيك
عن الحكومات
باختصار لم تكن الفترة للحكومات طويلة حيث كانت 7 إلى 8 أشهر ،لتستطيع أن تخلق الحد المعقول من الاستقرار والامن، ومن الأسباب ضعف الحكومات المحلية
الروح القبلية والعصبية العشائرية.
عدم وجود شخصية اعظم شأن من الزعماء المحليين.
عدم وجود قوة عسكرية كافية.
عدم تأليف حكومة مركزية واحدة بل حكومات متعددة.
تأسيس إمارة شرقي الأردن
يرتبط تأسيس امارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغل منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعوات التي وجهت للشريف الحسين بن علي من قبل اعيان ووجهاء مناطق شرقي الأردن وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد وصول الأمير عبد الله إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلة شاقة لمدة 27 يوم مع حاشيته و500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوة أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحلية للالتفاف حوله مما حذا بالفرنسيين اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن امراً خطيراً يهدد وجودها في سوريا وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله انه جاء لاحياء الثورة التي اخمدت في حوران، وان قدومه للمشاركة في الدفاع عن أوطانهم، واعلن نفسه وكيلا للامير فيصل، وفكر في أن تكون معان العاصمة المؤقتة لحكومة سوريا في المنفى ((إن قدوم الأمير إلى معان كان على أنها جزء من أرض الحجاز هي والعقبة، بالرغم من أن بريطانيا كانوا يعتبروها من ضمن اتفاقية سايكس_بيكو)) ودعا أعضاء المؤتمر السوري للحضور إلى معان، وارسل علي بن الحسين الحارثي ممثلا له في عمان.
وبعد مبايعة الأمير في معان أو في عمان (بيد علي بن الحسين الحارثي)،طلب الزعماء من الأمير التوجه إلى عمان، وبعد مباحثات سافر الأمير إلى عمان في 29/2/1920 ووصل في2/3/1920 ،وقبل ذلك قام تشرشل بعقد مؤتمر القاهرة لإيجاد أقتراحات لعرضها على الأمير.
وخاطبت الحكومة الفرنسية الحكومة البريطانية لممارسة ضغوطها على الشريف حسين لاتخاذ الخطوات الكفيلة بايقاف ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمر ذلك، وفعلاً قامت بريطانيا بالتوسط لدى الشريف حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابل ان تحقق بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكماً لانفسهم تحت حكم الأمير عبد الله، وعليه تم ايفاد وزير المستعمرات ((تشرتشل)) لمقابلة الأمير عبد الله في اذار عام 1921 وتم الاتفاق على تاسيس الإمارة وإنشاء حكومة دستورية اعلن عنها في 11/4/1921 وكان أول رئيس لها رشيد طليع، وبذلك اختفت الحكومات المحلية واندمجت في حكومة واحدة هي حكومة امارة شرقي الأردن وماطلت بريطانيا بالاعتراف في حكومة شرق الأردن حتى 25 ايار 1923 بعد الاعتراف الرسمي من قبل المندوب السامي البريطاني بالحكومة الأردنية شريطة تمكن حكومة الإمارة من الايفاء بالتزاماتها العهدية عن طريق معاهدة نفذت بين الطرفين(صك الانتداب) الذي اعطى الإمارة حق الاستقلال بعد مضي خمس سنوات شريطة توفر المقومات اللازمة لذلك بمعنى تثبيت الوضع الدستوري للامارة.
مصاعب وعقبات
حيث واجه تأسيس الأمارة بعض المستجدات كان على الأمير وحكومته مواجهتها تدور حول التمرد والعصيان والاعتداءات وامخاطر الخارجية أذكر منها :
1. ثورة الكورة 1921-1922 2. مهاجمة المجاهدين السوريين الجنرال غورو 1921 3. تمرد عشائر الصماويه في جمهوريه صما 1923 4. غزوات الإخوان الوهابيين 1922-1924 5. تمرد عشائر بني حسن 1922
الاستقلال الأول 15 ايار 1923
في 15 ايار 1923 م أقيم حفل رسمي شارك فيه رجالات الأردن وفلسطين وأيضا السير هربرت صموئيل ومعه الجنرال كلايتون الذي يعمل في المكتب العربي في القاهرة والذي كان له دور كبير خلال عمليات الثورة العربية الكبرى، وقد ألقى سمو أمير البلاد خطبة طويلة استهلها بمقدمة تاريخية عن مجد الأمة العربية وما اصاب هذه الأمة بعد العهد العباسي من تغييب وطمس، حيث قال سموه" فوقعت النهضة العربية المباركة على يد من اختاره الله سبحانه وتعالى قواما لها وقائدا لأمورها". ويتحدث سمو أمير البلاد عن مفاوضاته مع جلالة ملك بريطانيا مثمناً اعتراف جلالته باستقلال هذا القسم من المملكة العربية وان الحكومة ستشرع بتعديل قانون الانتخاب ووضع القانون الأساسي لشرق الأردن.
وشكر سموه كل الذين ساهموا في إنجاز المعاهدة أو في خطوات الاستقلال وارساء قواعد الدولة، وخص بالشكر المندوب السامي في فلسطين وكبير المعتمدين المستر فلبي (Velbi) وتناول فرنسا في حديثهِ حيث يقول: " اني لآمل ان يكون موقف الدولة الفرنسية الفخيمة تجاه قضيتنا العربية المقدسة وتجاه القسم الشمالي الباقي من وطننا المحبوب آخذ بها إلى عهد جديد كاف للدلالة على احترام أبناء الثورة الفرنسية لحرية الاقوام واستقلالها...." ويضيف سموه عن يوم الاستقلال: " واني آمل ان يكون هذه اليوم سعيداً للامة تتخذه عيداً تظهر فيه سرورها وحبورها ومنه تعالى نستمد العون ونسأله ان يطيل بقاء وتوفيق جلالة أمير المؤمنين مولانا الحسين بن علي بن محمد بن عون والله ولي التوفيق...."
الإصلاحات السياسية في بدء عهد الإمارة 1923
بعد أن تم تشكيل أول حكومة في عهد الإمارة شهدت الإمارة أول محاولات الإصلاح في نيسان عام 1923 عندما قرر الأمير عبد الله تاليف مجلس أطلق عليه اسم (مجلس الشورى) ومع ان هذا المجلس لم يعبر عن الحياة الديمقراطية والبرلمانية بمفهومها الكامل إلا أنها كانت اللبنة الأولى لإنشاء مجلس نيابي منتخب، واستمر العمل بهذا المجلس حتى عام 1927 وقد تركزت جهود الأمير والقوى السياسية في تلك الفترة على الاستقلال التام ووضع دستور للامارة بعد توفر الشرط الذي طالبت به يريطانيا وهو وجود مجلس نواب وحكومة، لإعطاء حق الاستقلال التام للامارة إلا أن بريطانيا استمرت بوضع العراقيل امام الأمير عبد الله وكان الهدف من وراء ذلك هو كسب الوقت حتى يتسنى لها الحصول على اتفاق مكتوب مع الإمارة يضمن مصالحها وبالمقابل لم تتوقف محاولات الأمير عبد الله بتنظيم الحياة السياسية رغم العراقيل البريطانية لإفشال مشروع دستور 1928، حيث ساد السخط الشعبي، وتم رفع شكوى إلى عصبة الأمم من قبل الوفود الشعبية للمطالبة بايفاد لجنة نزيهة للنظر في تحقق المطالب الوطنية مما دفع بريطانيا إلى الغاء مشروع دستور 1928، وكذلك قانون الانتخاب وتقليص السيادة باتباع القوات العسكرية المحلية لاوامر التفتيش في جيوش الإمبراطورية البريطانية، وكذلك قيامها بسلسلة من الإجراءات وتقييد الحريات السياسية الممنوحة للامارة، وتقليص المساعدات المالية المقدمة للامارة، الأمر الذي وضع البلاد في حالة هياج عام.
حاولت بريطانيا بعدها تهدئة الأمور بطريقة الترهيب والترغيب إلى أن بريطانيا وتحت الضغط الشعبي وافقت على بعض الإصلاحات ومن أهمها منح الإمارة مجلس تشريعي منتخب في عام 1928، والسماح بتشكيل حكومة وطنية ولكن بقاء هذه الحكومة والمجلس كان مرهون بالتوقيع على المعاهدة البريطانية مع الأردن، وهذا ما تم بالفعل في 16/4/1928 ولكن ليس بالسهولة المتوقعة، حيث تمت المساومة أيضاً مقابل التوقيع على انتزاع العديد من الحقوق لصالح البلد وكان من أهمها : أن المعاهدة بينت شرق الأردن دولة ذات كيان معترف به ومستقل، ويتولى السلطة أمير للبلاد، وكذلك تحسين الأوضاع وعلى الاخـص في المجالات التالية :-
أولاً : التعليـم، حيث تم زيادة نفقات التعليم وزيادة عدد المدارس في الإمارة وزيادة عدد المعلمين.
ثانياً : الزراعـة، العمل على توجيه الناس للعمل في الزراعة، وتوسيع الرقعة الزراعية، ومنح القروض للمزارعين، وصرف التعويضات عن الاضرار الناجمة عن مواسم القحط التي مرت بها الإمارة، واستيراد البذور المحسنة وتوزيعها على المزارعين.
ثالثاً: انصاف الأردنييـن في الوظائف العامة مقابل المهاجرين العرب الموجودين في الإمارة وعلى الأخص الذين قدموا بعد معركة ميسلون في سوريا، وكذلك التخلص من الموظفين المعارين من الحكومات المجاورة واستبدالهم بالأردنيين.
إلحاق معان والعقبة إلى الإمارة في حزيران 1925
لقد أخذت الإمارة الأردنية شكلها الجغرافي بعد هذا الحدث حيث، تأخر إلحاق ولاية الطيبة بالإمارة لـ 4 سنوات وذلك لأسباب تعود لثورة عبد الرحمن العلي على الإنجليز إضافة لغزواته على الفرنسيين في حوران، حيث كانت تابعة لسوريا في العهد العثماني، ومن 1918-1920، ولكن وفي زيارة للشريف الحسين أقتنع الأمير بالتنازل عن مبادرته تجاهها، فقبل الشريف بشرط أن يكون التنازل ضمن اتفاق مع الوالي حينها عبد الرحمن العلي، على أن تبقى السيادة لدولة الحجاز، وتم ذلك في 18/3/1924، ولكن بعد الهجوم السعودي على الحجاز في منتصف ايلول 1924 وتنازل الشريف عن العرش ومبايعة نجله الأول علي، ومن جملة نتائج ذلك أن تنازل الملك علي عن المنطقتان للأمير عبد الله في 25/6/1925 ،وبعد 20 وقد تم حينها القضاء على شعلان في زيارة له في عجلون من قبل الإنجليز.
حكومة عبد الله سراج 1931
تم حل مجلس النواب في عام 1931، وانتخاب مجلس جديد في نفس العام وشكل الشيخ عبد الله سراج الحكومة الجديدة، وشهدت الإمارة في تلك الفترة زيادة ملحوظة في عدد السكان، مما حذا بالحكومة تطوير قانون الانتخاب ليتلاءم مع هذه الزيادة، وكانت الإمارة في تلك الفترة مقسمة إلى ثلاث دوائر انتخابية هي الكرك، البلقاء وعجلون، وتضم تلك الدوائر كافة المناطق والالوية الأخرى فيها، وبالمقابل لم يغب عن ذهن الأردنيين في هذه الفترة سواء عبر المجلس المنتخب أو من خلال الضغوط الشعبية كما كان هو عليه الحال سابقاً المطالبة بالغاء المعاهدة البريطانية أو تعديلها في أسوء الأحوال من خلال فتح باب المفاوضات مع الحكومة البريطانية، ولكن كما هي العادة لم تصغ بريطانيا لهذه المطالب بل قامت بالتشدد وتضيق الحريات، حيث عمدت إلى تعطيل الصحف الصادرة بالإمارة أو الداخلة إليها من الأقطار المجاورة لما لها من دور فاعل في إثارة الرأي العام.
ونظراً لمرور البلاد في مواسم قحط فقد أصبحت الحالة سيئة، وزاد التذمر والضغط الشعبي مما حذا بالحكومة البريطانية إلى تخفيف القيود والايعاز للحكومة المشكلة إلى اعفاء المزارعين من من جزء كبير من الضرائب والقروض الزراعية المستحقة عليهم، والقيام بالعديد من المشاريع، وفتح الطرق وقام المجلس المنتخب بالضغط على الحكومة وتعديل العديد من المواد في قانون المطبوعات وبشكل خاص ما يتعلق بإنشاء الصحف.
فصل السلطات
لقد أصبح هناك وعي لدى الأردنيين في مفاهيم الديمقراطية وأهمها الفصل التام بين السلطات الثلاثة وكان ذلك واضحاً في محاولة مجلس النواب إسقاط حكومة عبد الله سراج، إلا أن عدم وجود التجربة الكافية للمجلس جعل الحكومة تكمل مدتها الدستورية عام 1934.
إمارة شرقي الأردن 1934-1942
تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم هاشم في عام 1934، ثم أجريت انتخابات نيابية في نفس العام، وتميز الوضع في تلك الفترة بالهدوء النسبي. إلا أن ما يحدث في فلسطين والخطر الصهيوني طغى على أفكار الناس وعلى الأخص مشروع جوتمبرغ الذي سهل إطلاق يد الصهيونية في الشرق وبشكل خاص في فلسطين.
في أعقاب ذلك طالبت القوى الوطنية الأهالي بعدم بيع أو تأجير أراضيهم دون علم الحكومة، استمر الحال حتى عام 1937 ليتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم هاشم حيث شهدت هذه الفترة زيادة في تعداد سكان الإمارة وهجرة العديد إليها من الدول المجاورة بسبب ظروف الاستعمار في تلك الدول.
أما على الصعيد السياسي فقد تم ترخيص حزب سياسي جديد سُمـي حزب الإخاء الأردني في 1937 واعتبر أول حزب شرق أردني بعد توقف حزب الشعب في 1933 والذي تأسس في عام 1927 برئاسة هاشم خير، وكذلك أحزاب أخرى مثل الحزب المعتدل في 1930، وحزب اللجنة الوطنية للمؤتمر الأردني في 1933، وكذلك حزب الاستقلال والذي كان أغلب اعضاؤه غير أردنيين من الثوار السوريين الذين جاؤا للأردن بعد هزيمة الثورة في سوريا. وعندما نجح الأمير المؤسِّـس عبد الله الأول بن الحسين في إقناع الإنجليز باستثناء شرقي الأردن من وعد بلفور بقي اليهود على قناعتهم بأن شرقي الأردن جزء من أرض إسرائيل المزعومة، فأخذت الوكالة اليهودية التي كانت بمثابة القيادة العامة ليهود العالم تخطط لاختراق شرقي الأردن على أصعدة كثيرة منها شراء الأراضي بواسطة قلة من العملاء والسماسرة، ولكن الصعيد الأهم الذي حاولت الوكالة اليهودية اختراقه كان محاولة اختراق الحياة السياسية وخاصة الأحزاب الأردنية التي كانت ناشطة في تلك المرحلة، وكانت أول محاولة يهودية في هذا المجال محاولة اختراق الحزب الحر المعتدل الذي أعلن عن تأسيسه في 24 يونيو 1930 من خلال تسريب أحد السياسيين الذين كانت تحوم حوله شبهات التعامل مع الوكالة اليهودية ليكون أحد مؤسِّـسي الحزب، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل أمام وعي رجالات الحركة الوطنية الأردنية وخاصة الزعيم الشركسي القبرطاي سعيد المفتي حبجوقة الذي ما أن اكتشف وجود اسم محمد الأنسي بين أسماء المؤسِّـسين حتى بادر في اليوم التالي 25 يونيو إلى الانسحاب من الحزب مُشكـِّكاً بأهداف الحزب ومبدياً خشيته من أن تكون الغاية من تأسيس الحزب محاربة الأحزاب الوطنية بما يخدم أهداف المستعمرين الإنجليز للأردن آنذاك وبما يخدم الأطماع الصهيونية التي كان الوزير الأنسي متهماً بإقامة علاقات مع قيادتها المسمَّاة بالوكالة اليهودية، ولم تلبث أن توالت الانسحابات في نفس اليوم الذي أعلن فيه المفتي انسحابه حيث قدم الشيخ رفيفان المجالي والشيخ هاشم خير والشيخ محمد الحسين العواملة والأستاذ نظمي عبد الهادي استقالاتهم من الحزب الحر المعتدل فانفرط عقد الحزب ولمَّـا يُـكمل اليومين من العمر. ضم حزب الإخاء أهم الزعامات الأردنية في تلك الفترة والتي كان لها أيضاً تجربة نيابية بممارستها للحياة البرلمانية في المجلس سابقاً ومنهم رفيفان المجالي، وماجد العدوان، ومثقال الفايز، واعترف بابن العريض زعيما لولايه صما شمالا وفاز من الحزب في الانتخابات التي عقدت في عام 1937 ثمانية نواب.
شهدت فترة ما بعد عام 1937 توترات داخلية وصدام مع الحكومة المعينة للمطالبة بالمزيد من الحريات العامة ومعارضة الشعب للنفوذ البريطاني وكذلك وهو الأهم كان هناك دعم شعبي حقيقي للثوار في فلسطين، وتطوع العديد للقتال هناك، ونتيجة لهذه الظروف تجاوبت الحكومة في تعديل بعض القوانين ومنها : قانون البلديات، قانون الملكية، الأحوال الشخصية.
على المستوى الدولي
لقد كان دخول امارة شرق الأردن إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية (1945) هو أحد أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة برئاسة إبراهيم هاشم آنذاك، وقامت الحكومة باستخدام قانون الدفاع الصادر في عام 1935 بإعلان الاحكام العرفية واعتبرت ألمانيا وإيطاليا دول معادية، وتم تمديد عمر المجلس المنتخب خمس سنوات أخرى اضافية بمقتضى قانون خاص وقد تجاوبت القوى الوطنية مع وقوف الإمارة في الحرب مع بريطانيا أملاً بان يحتسب هذا الموقف لدى البريطانيين للحصول على الاستقلال التام بعد انتهاء الحرب.
امارة شرق الأردن 1942-1947
تم تشكيل حكومة جديدة عام 1942 برئاسة توفيق أبوالهدى وتم تعديل قانون الانتخاب لتصبح الإمارة أربعة دوائر انتخابية هي (الكرك، البلقاء، معان، اربد)
أهم الأحداث التي واكبت تلك الفترة
على الصعيد الداخلي :-
العمل على رفع مستوى التعليم من خلال زيادة المخصصات المالية للمعارف، وفتح المدارس في أغلب مناطق الإمارة.
دعم القطاع الزراعي وتخفيف أعباء القروض الزراعية.
على الصعيد الخارجي :
استمر وقوف الإمارة إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية على امل حصول الإمارة على الاستقلال من وراء ذلك وقد كان هناك وعود بريطانية سابقه تعد الأردن بالاستقلال بعد انتهاء الحرب.
تأييد الوحدة الشاملة مع الأقطار العربية :- وقد ترافق ذلك مع المفاوضات العربية التي بدأت من أجل إنشاء الجامعة العربية والتي انتهت بتصديق الأردن على ميثاق جامعة الدول العربية بتاريخ 22 اذار 1945 وكان ذلك في عهد رئيس الوزراء آنذاك سمير الرفاعي.
النتائـج
بناءً على موقف الإمارة في الحرب العالمية الثانية ونظراً لضغوط القوى الوطنية بالمطالبة بالاستقلال، فقد تم دعوة الأمير عبد الله إلى لندن والدخول في مفوضات انتهت بعقد معاهدة تحالف جديدة بتاريخ 22 اذار 1946 تلغي معاهدة 1928 واعتراف بريطانيا بالإمارة دولة مستقلة كاملة الاستقلال، والأمير عبد الله ملكاً عليها، ورفع مستوى التمثيل بين البلدين إلى مستوى سفارة، وعلى اثر ذلك تم دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد حيث ألغى العمل بالقانون الأساسي لعام 1928 واعلن الأردن مملكة مستقله ذات سياده في عام 1946 وتم تعديل الدستور، الذي أصبح يعرف فيما بعد بـ دستور 1947.
إمارة شرق الأردن هي كيان سياسي ذو حكم ذاتي كان موجوداً ضمن منطقة فلسطين الانتدابية رسمياً منذ 1921 ولغاية تاريخ إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 1946. وشملت معظم الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن، ومنه أخذت هذه التسمية.
بعد نهاية الحرب العالمية الاولى سعت كل من فرنسا وبريطانيا الى تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بينهما عام 1916 والقاضية باقتسام الهلال الخصيب بينهما، على أن تشمل السيطرة الفرنسية منطقة الدولة السورية الحالية ولبنان وجزءا من العراق، والسيطرة البريطانية مجمل المناطق العراقية وفلسطين وشرق الاردن، فيما سمي بعد ذلك بالانتداب.
وكانت جيوش الدولتين قد دخلت بعد هزيمة تركيا في الحرب الى بعض هذه المناطق. كما كان التواجد البريطاني مقبولا الى حد ما في الاوساط الشعبية كنتيجة للوعود البريطانية المعقودة للحسين بن علي بالمساعدة عل استقلال سورية موحدة، بناء على مطالب المؤتمر السوري .
وكان الحكم الفيصلي قد بدأ يضع قواعده في دمشق . ولكن الجيوش الفرنسية دخلت دمشق بعد معركة ميسلون ووضعت حدا هذا الحكم لتقيم سلطتها الانتدابية تنفيذا لاتفاقية سايكس - بيكو. وانتشرت في الاوساط الشعبية فكرة بان الجيوش الفرنسية قد تتابع زحفها الى شرقي الاردن لتضمها الى منطقة نفوذها تعويضا عن الجزء العراقي الذي لم تمكنها بريطانيا من السيطرة عليه (بحسب تقسيمات سايكس - بيكو الاولى). وعم الخوف في شرقي الاردن من الاحتلال الفرنسي خصوصا وان الادارة البريطانية قد وعدت الاهالي بادارة محلية منفصلة عن فلسطين (وغير مشمولة بوعد بلفور)، كما وعدتهم بعدم تجنيدهم في الجيش وبعدم نزع السلاح منهم، وبامكانية تنصيب احد ابناء الحسين بن علي على المنطقة.
وفي 2 سبتمبر 1920 اجتمع رؤساء القبائل في أم قيس مع احد الضباط البريطانيين وقدموا له مذكرة خطية بما يطالبون بريطانيا به . واجابهم المسؤول البريطاني خطيا. ومن أهم مطالبهم
اقامة حكومة وطنية تضم لوائي الكرك والسلط وفضائي جرش وعجاون (مجمل اراضي المملكة حاليا) وحوران وقضاء القنيطرة، وقبول الانتداب البريطاني على هذه الدولة .
أن يرأس هذه الحكومة امير عربي وان لا تكون لها علاقة بحكومة فلسطين البريطانية وان تمنع الهجرة اليهودية الى اراضيها ويمنع بيع اراضيها لليهود.
ان يكون لها جيش وطني تدعمه بريطانيا بالسلاح، وتمنع الفرنسيين من احتلال اراضيها. وان تحافظ هذه الدولة على ايواء جميع السياسين السوريين اللاجئين اليها.
وان يكون لها تمثيل خارجي كامل كدولة مستقلة
وعلى اثر ذلك تألفت في شرق الاردن حكومات محلية استعانت بمستشارين بريطانيين .
وكانت المقاومة الشعبية للاحتلال الفرنسي في مناطق تواجده قد بلغت اوجها. وكتب عدد من المواطنين الى الملك حسين بن علي يطلبون اليه ايفاد احد انجاله لمتابعة المقاومة استمرارا لقناعتهم بخط الثورة العربية الكبرى. واخبر الملك حسين الجنرال البريطاني اللنبي بهذه الرسائل. واستقر رأيه على ارسال نجله الامير عبدالله ليترأس المقاومة، وأوعز اليه بالتوجه الى مدينة معان . ووصل الامير عبد الله معان في 21 نوفمبر 1920. ، وكانت بريطانيا في ذلك الوقت تهيء قواتها في العراق لاسترجاع مراكزها بعد الثورة العراقية. واهتمت بريطانيا وفرنسا بقدوم الامير عبد االله، وجرت بينهما اتصالات بهذا الشأن. واحتجت فرنسا عل قدومه خصوصا وانه اعلن نفسه نائبا عن اخيه فيصل ملك سوريا المنفي في ذلك الحين. ووجه الدعوة الى جميع اعضاء المؤتمر السوري المنحل للالتحاق به . واعلن عزمه عل متابعة النضال وتأليف حكومة سورية وحدوية. واصدر منشور «الى اهالي سورية» يعلن ما جاء من اجله. ويبدو ان الاستجابة لم تكن كافية. كا تبين للامير ان القيام باعباء هذه الحركة بحتاج الى المال، وهو لا يملك مالا. حتى انه اضطر ان يقترض ثلاثة الاف دينار من عودة ابو تايه.
تخوف البريطانيون والفرنسيون من قدوم الامير عبدالله، ومن ان يؤدي ذلك الى ارتفاع حدة المقاومة وتوسيعها ضد نفود الدولتين، فنشطت الاتصالات بينهما مجددا حول المسألة السورية وضرورة تهدئة الاوضاع في سورية كلها. واستعجلت المحافل الدولية في وضع الاطر «الشرعية» والتنظيمية لانتداب الدولتين عل سوريا وتثبيت تقسيمها. خصوصا وان اتصالات جرت بين الامير عبدالله ومصطفى كال اتاتورك بواسطة غالب الشعلان اثارت تخوف بعض الخبراء البريطانيين من ان يكون وراءها خطط وحركات مرتبطة بسياسات دول اخرى. وقد قدر بعض هؤلاء الخبراء ان يكون لهذه الاتصالات علاقة بالسياسة البلشفية .
طلبت الدوائر السياسية في لندن من الملك فيصل الاتصال بوالده لايقاف اي حركات عدائية لبريطانيا في شرقي الاردن. وبعد عدة اتصالات اوفد الملك فيصل سبحى الخضرا احد اعوانه الى عمان بحمل توصيات لاخيه الأمير عبدالله وبدأت المفاوضات بين الملك فيصل والبريطانيين في لندن بتاريخ 23 ديسمبر 1920.
واستمرت هذه المفاوضات الى ان تسلم تشرشل وزارة المستعمرات اللريطانية التى انيط با حل المسألة السورية. وأثناء هذه المفاوضات حاول المندوب السامي على فلسطين صموئيل (وهو يهودي) ان يقنع حكومته على احتلال شرقي الأردن احتالا كاملا ليطبق عليها ما يطبق على فلسطين. وقد فشل صموئيل في ذلك نتيجة لجهود الملك فيصل الذي كان يلح عل الوزارة البريطانية بضرورة التفاهم مع ابيه وتسوية القضيه السورية تسويةة مرضية للجانبين . وتم الاتفاق مبدئيا عل انشاء حكومتين وطنيتين في العراق وشرقي الاردن.
يبدو ان بريطانيا قد ارادت بذلك فعالا ان تهدئ الأمور «وتعوض» بهذا الاتفاق عن سياستها في فلسطين
واتصل تشرشل بالامير عبدالله من القاهرة وابلغه رغبته بالاجتماع به في القدس . وتم الاجتماع في 28 و 29 و 30 مارس 1921. وكانت نتيجة المحادثات ما يلي ،
- تؤسس في شرقي الاردن حكومة وطنية برئاسة الامير عبدالله .
- تكون هذه الحكومة مستقلة استقلالا تاما
- تساعد بريطانيا هذه الحكومة ماديا لسد نفقات اقامة قوة عسكرية غايتها توطيد الامن .
- تسترشد هذه الحكومة برأي مندوب بريطاني يقيم في عمان .
- يتعهد الامير عبدالله بمنع "الاعتداءات من شرقي الاردن عل سورية وفلسطين".
- تسعى بربطانيا لتحسين العلاقات بين الامير عبدالله والسلطة الفرنسية في سورية .
- تنشىء بريطانيا مهبطي طائرات في عمان وزيزيا.
- يعتبر مشروع الاتفاق بمثابة تجربة مدتها ستة اشهر. فان كان ملائا للطرفين استمر العمل به، والا يعاد النظر فيه.
وقد اعلن الامير عبدالله اثناء المحادثات عن اعتقاده بان افضل سبيل لحل مشاكل المنطقة هو اقامة حكم واحد في فلسطين وشرقي الاردن برئاسة عربي فرفض تشرشل ذلك لان حكومته تريد تنفيذ وعودها لليهود.
وعاد الامير عبدالله الى عمان. وهكذا تأسسست امارة شرقي الاردن. وقد رأى الأمير عبدالله ومرافقوه ان مبادىء الاتفاق ستشكل خطوة ايجابية اولية في مصلحة المنطقة فوافقوا عليها. وتحقق بذلك اساس للاستقرار ولمسيرة الاستقلال، في حين بقيت مناطق اخرى من سورية الطبيعية (لبنان وسورية وفلسطين) تعان من مظالم الحكم الاجنبي .
وقد استعان الأمير عبدالله في ادارة دفة الحكم برجال اكفاء ومخلصين. وكانت اول حكومة اردنية بعد عودة الامير من القدس وتأسيس الامارة في 11 نيسان 1921.
علم امارة شرق الأردن منذ 1928 الذي أصبح فيما بعد علم المملكة الأردنية الهاشمية بعد الاستقلال عام 1946
خريطة إمارة شرق الأردن، الجزء الأحمر كان تحت السيادة الأردنية أيام الإمارة وأصبح سعوديا، الجزء الأخضر كان يتبع للسعودية وأصبح أردنيا في عهد المملكة، بموجب اتفاقية تبادل أراضي بين الدولتين، سمحت للأردن بزيادة طول خطه الشاطئي على خليج العقبة عدة أميال.
محتويات
الأردن قبل عهد الإمارة
تعود جذور الحياة السياسية في الأردن والتي عرفت سابقاً باسم شرقي الأردن إلى فترة الحكم العثماني باعتبارها جزء من بلاد الشام وفي أواخر العهد العثماني وتحديداً في عام 1908 مثلت شرق الأردن بنائب في مجلس المبعوثان ضمن ولاية سوريا، حيث مثل المنطقة عن لواء الكرك في الجنوب والشمال عن لواء عجلون وبعد انتهاء الحكم العثماني وباعتبار شرقي الأردن جزء لا يتجزأ من الدولة الشامية التي أعلنها الأمير فيصل بن الحسين شاركت الأردن في المؤتمر العام الذي عقده الأمير فيصل عام 1919 لتدارس وضع دستور للدولة وكذلك المشاركة في الانتخابات التي تم بموجبها انتخاب أعضاء المؤتمر ومثل الأردن فيها عشرة أعضاء منتخبين باستثناء الشمال الأردني وركزت قرارات المؤتمر على الاستقلال ووحدة سوريا والاتحاد مع العراق وشاركت الأردن بالمؤتمر الثاني أيضا الذي عقد في سنة 1920 ولكن لم يكتب لهذا المؤتمر النجاح بسبب البدء بتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو من قبل بريطانيا وفرنسا لتصبح سوريا تحت الانتداب الفرنسي بعد معركة ميسلون(23/7/1920) وسقوط الحكومة العربية التي أسسها الملك فيصل (حيث طلبت القوات الفرنسية منه المغادرة ،فغادر إلى درعا ثم إلى شرق الأردن ثم واصل المساعي السياسية في أوروبا) في دمشق اما شرقي الأردن فقد وقعت تحت النفوذ الإنجليزي بعد أن أوعزت الحكومة البريطانية لمندوبها السامي في فلسطين هربرت صموئيل التوجه نحو شرق الأردن لامتلاك زمام المبادرة حيث قامت بتشكيل حكومتين محليتين الأولى في الكرك والأخرى في عمان وتم تشكيل حكومة ثالثة فيما بعد في صما تضم كافة مناطق شمال الأردن وأصبح الأردن يخضع للنفوذ البريطاني بناءً على الاتفاق السابق مع الفرنسيين في عام 1916.
الأمير عبد الله بن الحسين - الذي أصبح فيما بعد الملك عبد الله الأول
الحكومات المحلية
لم تكن الحكومات المحلية وليدة صدفة أو أمر رفاهي بقدر الضرورة لوجود كيان يتولى شؤون الحكم في شرقي الأردن. في 21 أغسطس 1920 اجتمع المندوب السامي هربرت صموئيل (الذي تم تعيينه في حزيران 1920) مع زعماء شرقي الأردن (زعماء الكرك وعمان وعجلون والسلط والطفيلة والولايه الصماويه) في السلط، حيث خلص المجتمعون إلى تأسيس الحكومات الآنفة الذكر مع وجود عدد من 4 إلى 5 ضباط سياسيين، وقد كان السبب في تعدد الحكومات المحلية هو (صعوبة المواصلات والخصومات بين القبائل) <برقية للمندوب السامي>، وتم تشكيل الحكومات في مدن السلط واربد والكرك.
حكومة إربد:
تم في ام قيس عقد اجتماع بوجود الضابط البريطاني في 2/9/1920 مع اعيان المنطقة قدم الحاضرون مطالبهم في عريضة قام بصياغتها القائم مقام علي خلقي الشرايري منها : وجود أمير عربي للحكومة ومجلس عام لسن القوانين ومنع الهجرة اليهودية والعفو عن المجرمين السياسيين داخل المنطقة ووتولي إدارة سكة حديد الحجاز وان يكون شعار هذه الحكومة العلم السوري وغيرها ،، حيث وافق الضابط البريطاني على بعضها واحال المطالب الأخرى للمندوب السامي، وظهرت عدد من الحكومات الخاصة منها:
حكومة صما: والفها ابن العريض 3 يوليو 1920.
حكومة دير يوسف : ألفها الشيخ كليب الشريدة زعيم الكورة مقرها دير يوسف واختير نجيب الشريدة قائم مقام لها.
حكومة عجلون : أسسها الشيخ راشد الخزاعي سنجق جبل عجلون وعين علي نيازي التل كقائم مقام لها.
حكومة الرمثا أسسها فواز باشا البركات الزعبي.
حكومة جرش : ضمت قضاء جرش وعشائر بني حسن وناحية المعراض وتم تعيين محمد علي المغربي كقائم مقام لها.[1]
حكومة الكرك : وقد كان الاتفاق بين زعماء القبائل على بقاء رفيفان باشا المجالي متصرفا لها، ثم في 19 سبتمبر 1920 تم إجراء الانتخابات لاختيار ما أطلق عليه " المجلس العالي ".
حكومة ولاية الطيبة : الفها عبد الرحمن العلي ثم انشقت بعد أشهر عن الكيان الإنجليزي مع تاليف حكومة من كافة عشائر الشمال.
حكومة السلط: تألف مجلس الشورى في لواء البلقاء لكي يساعد المتصرف في شؤون الإدارة.
الضباط البريطانيين المبتعثين
أما الضباط البريطانيون المبتعثون، فهم:
في السلط :الميجر كامب
في عمان : كابتن برانتون ثم كابتن ألن كركبرايد
في الطيبة : ميجر سمرست ثم فتل فيها ومن معه
في الكرك : ميجر كلينفيك ثم كابتن ألن كركبرايد
في جرش :كابتن مونكتون
قائد قوة الاحتياط في عمان :كابتن بيك
عن الحكومات
باختصار لم تكن الفترة للحكومات طويلة حيث كانت 7 إلى 8 أشهر ،لتستطيع أن تخلق الحد المعقول من الاستقرار والامن، ومن الأسباب ضعف الحكومات المحلية
الروح القبلية والعصبية العشائرية.
عدم وجود شخصية اعظم شأن من الزعماء المحليين.
عدم وجود قوة عسكرية كافية.
عدم تأليف حكومة مركزية واحدة بل حكومات متعددة.
تأسيس إمارة شرقي الأردن
يرتبط تأسيس امارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغل منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعوات التي وجهت للشريف الحسين بن علي من قبل اعيان ووجهاء مناطق شرقي الأردن وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد وصول الأمير عبد الله إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلة شاقة لمدة 27 يوم مع حاشيته و500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوة أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحلية للالتفاف حوله مما حذا بالفرنسيين اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن امراً خطيراً يهدد وجودها في سوريا وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله انه جاء لاحياء الثورة التي اخمدت في حوران، وان قدومه للمشاركة في الدفاع عن أوطانهم، واعلن نفسه وكيلا للامير فيصل، وفكر في أن تكون معان العاصمة المؤقتة لحكومة سوريا في المنفى ((إن قدوم الأمير إلى معان كان على أنها جزء من أرض الحجاز هي والعقبة، بالرغم من أن بريطانيا كانوا يعتبروها من ضمن اتفاقية سايكس_بيكو)) ودعا أعضاء المؤتمر السوري للحضور إلى معان، وارسل علي بن الحسين الحارثي ممثلا له في عمان.
وبعد مبايعة الأمير في معان أو في عمان (بيد علي بن الحسين الحارثي)،طلب الزعماء من الأمير التوجه إلى عمان، وبعد مباحثات سافر الأمير إلى عمان في 29/2/1920 ووصل في2/3/1920 ،وقبل ذلك قام تشرشل بعقد مؤتمر القاهرة لإيجاد أقتراحات لعرضها على الأمير.
وخاطبت الحكومة الفرنسية الحكومة البريطانية لممارسة ضغوطها على الشريف حسين لاتخاذ الخطوات الكفيلة بايقاف ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمر ذلك، وفعلاً قامت بريطانيا بالتوسط لدى الشريف حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابل ان تحقق بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكماً لانفسهم تحت حكم الأمير عبد الله، وعليه تم ايفاد وزير المستعمرات ((تشرتشل)) لمقابلة الأمير عبد الله في اذار عام 1921 وتم الاتفاق على تاسيس الإمارة وإنشاء حكومة دستورية اعلن عنها في 11/4/1921 وكان أول رئيس لها رشيد طليع، وبذلك اختفت الحكومات المحلية واندمجت في حكومة واحدة هي حكومة امارة شرقي الأردن وماطلت بريطانيا بالاعتراف في حكومة شرق الأردن حتى 25 ايار 1923 بعد الاعتراف الرسمي من قبل المندوب السامي البريطاني بالحكومة الأردنية شريطة تمكن حكومة الإمارة من الايفاء بالتزاماتها العهدية عن طريق معاهدة نفذت بين الطرفين(صك الانتداب) الذي اعطى الإمارة حق الاستقلال بعد مضي خمس سنوات شريطة توفر المقومات اللازمة لذلك بمعنى تثبيت الوضع الدستوري للامارة.
مصاعب وعقبات
حيث واجه تأسيس الأمارة بعض المستجدات كان على الأمير وحكومته مواجهتها تدور حول التمرد والعصيان والاعتداءات وامخاطر الخارجية أذكر منها :
1. ثورة الكورة 1921-1922 2. مهاجمة المجاهدين السوريين الجنرال غورو 1921 3. تمرد عشائر الصماويه في جمهوريه صما 1923 4. غزوات الإخوان الوهابيين 1922-1924 5. تمرد عشائر بني حسن 1922
الاستقلال الأول 15 ايار 1923
في 15 ايار 1923 م أقيم حفل رسمي شارك فيه رجالات الأردن وفلسطين وأيضا السير هربرت صموئيل ومعه الجنرال كلايتون الذي يعمل في المكتب العربي في القاهرة والذي كان له دور كبير خلال عمليات الثورة العربية الكبرى، وقد ألقى سمو أمير البلاد خطبة طويلة استهلها بمقدمة تاريخية عن مجد الأمة العربية وما اصاب هذه الأمة بعد العهد العباسي من تغييب وطمس، حيث قال سموه" فوقعت النهضة العربية المباركة على يد من اختاره الله سبحانه وتعالى قواما لها وقائدا لأمورها". ويتحدث سمو أمير البلاد عن مفاوضاته مع جلالة ملك بريطانيا مثمناً اعتراف جلالته باستقلال هذا القسم من المملكة العربية وان الحكومة ستشرع بتعديل قانون الانتخاب ووضع القانون الأساسي لشرق الأردن.
وشكر سموه كل الذين ساهموا في إنجاز المعاهدة أو في خطوات الاستقلال وارساء قواعد الدولة، وخص بالشكر المندوب السامي في فلسطين وكبير المعتمدين المستر فلبي (Velbi) وتناول فرنسا في حديثهِ حيث يقول: " اني لآمل ان يكون موقف الدولة الفرنسية الفخيمة تجاه قضيتنا العربية المقدسة وتجاه القسم الشمالي الباقي من وطننا المحبوب آخذ بها إلى عهد جديد كاف للدلالة على احترام أبناء الثورة الفرنسية لحرية الاقوام واستقلالها...." ويضيف سموه عن يوم الاستقلال: " واني آمل ان يكون هذه اليوم سعيداً للامة تتخذه عيداً تظهر فيه سرورها وحبورها ومنه تعالى نستمد العون ونسأله ان يطيل بقاء وتوفيق جلالة أمير المؤمنين مولانا الحسين بن علي بن محمد بن عون والله ولي التوفيق...."
الإصلاحات السياسية في بدء عهد الإمارة 1923
بعد أن تم تشكيل أول حكومة في عهد الإمارة شهدت الإمارة أول محاولات الإصلاح في نيسان عام 1923 عندما قرر الأمير عبد الله تاليف مجلس أطلق عليه اسم (مجلس الشورى) ومع ان هذا المجلس لم يعبر عن الحياة الديمقراطية والبرلمانية بمفهومها الكامل إلا أنها كانت اللبنة الأولى لإنشاء مجلس نيابي منتخب، واستمر العمل بهذا المجلس حتى عام 1927 وقد تركزت جهود الأمير والقوى السياسية في تلك الفترة على الاستقلال التام ووضع دستور للامارة بعد توفر الشرط الذي طالبت به يريطانيا وهو وجود مجلس نواب وحكومة، لإعطاء حق الاستقلال التام للامارة إلا أن بريطانيا استمرت بوضع العراقيل امام الأمير عبد الله وكان الهدف من وراء ذلك هو كسب الوقت حتى يتسنى لها الحصول على اتفاق مكتوب مع الإمارة يضمن مصالحها وبالمقابل لم تتوقف محاولات الأمير عبد الله بتنظيم الحياة السياسية رغم العراقيل البريطانية لإفشال مشروع دستور 1928، حيث ساد السخط الشعبي، وتم رفع شكوى إلى عصبة الأمم من قبل الوفود الشعبية للمطالبة بايفاد لجنة نزيهة للنظر في تحقق المطالب الوطنية مما دفع بريطانيا إلى الغاء مشروع دستور 1928، وكذلك قانون الانتخاب وتقليص السيادة باتباع القوات العسكرية المحلية لاوامر التفتيش في جيوش الإمبراطورية البريطانية، وكذلك قيامها بسلسلة من الإجراءات وتقييد الحريات السياسية الممنوحة للامارة، وتقليص المساعدات المالية المقدمة للامارة، الأمر الذي وضع البلاد في حالة هياج عام.
حاولت بريطانيا بعدها تهدئة الأمور بطريقة الترهيب والترغيب إلى أن بريطانيا وتحت الضغط الشعبي وافقت على بعض الإصلاحات ومن أهمها منح الإمارة مجلس تشريعي منتخب في عام 1928، والسماح بتشكيل حكومة وطنية ولكن بقاء هذه الحكومة والمجلس كان مرهون بالتوقيع على المعاهدة البريطانية مع الأردن، وهذا ما تم بالفعل في 16/4/1928 ولكن ليس بالسهولة المتوقعة، حيث تمت المساومة أيضاً مقابل التوقيع على انتزاع العديد من الحقوق لصالح البلد وكان من أهمها : أن المعاهدة بينت شرق الأردن دولة ذات كيان معترف به ومستقل، ويتولى السلطة أمير للبلاد، وكذلك تحسين الأوضاع وعلى الاخـص في المجالات التالية :-
أولاً : التعليـم، حيث تم زيادة نفقات التعليم وزيادة عدد المدارس في الإمارة وزيادة عدد المعلمين.
ثانياً : الزراعـة، العمل على توجيه الناس للعمل في الزراعة، وتوسيع الرقعة الزراعية، ومنح القروض للمزارعين، وصرف التعويضات عن الاضرار الناجمة عن مواسم القحط التي مرت بها الإمارة، واستيراد البذور المحسنة وتوزيعها على المزارعين.
ثالثاً: انصاف الأردنييـن في الوظائف العامة مقابل المهاجرين العرب الموجودين في الإمارة وعلى الأخص الذين قدموا بعد معركة ميسلون في سوريا، وكذلك التخلص من الموظفين المعارين من الحكومات المجاورة واستبدالهم بالأردنيين.
إلحاق معان والعقبة إلى الإمارة في حزيران 1925
لقد أخذت الإمارة الأردنية شكلها الجغرافي بعد هذا الحدث حيث، تأخر إلحاق ولاية الطيبة بالإمارة لـ 4 سنوات وذلك لأسباب تعود لثورة عبد الرحمن العلي على الإنجليز إضافة لغزواته على الفرنسيين في حوران، حيث كانت تابعة لسوريا في العهد العثماني، ومن 1918-1920، ولكن وفي زيارة للشريف الحسين أقتنع الأمير بالتنازل عن مبادرته تجاهها، فقبل الشريف بشرط أن يكون التنازل ضمن اتفاق مع الوالي حينها عبد الرحمن العلي، على أن تبقى السيادة لدولة الحجاز، وتم ذلك في 18/3/1924، ولكن بعد الهجوم السعودي على الحجاز في منتصف ايلول 1924 وتنازل الشريف عن العرش ومبايعة نجله الأول علي، ومن جملة نتائج ذلك أن تنازل الملك علي عن المنطقتان للأمير عبد الله في 25/6/1925 ،وبعد 20 وقد تم حينها القضاء على شعلان في زيارة له في عجلون من قبل الإنجليز.
حكومة عبد الله سراج 1931
تم حل مجلس النواب في عام 1931، وانتخاب مجلس جديد في نفس العام وشكل الشيخ عبد الله سراج الحكومة الجديدة، وشهدت الإمارة في تلك الفترة زيادة ملحوظة في عدد السكان، مما حذا بالحكومة تطوير قانون الانتخاب ليتلاءم مع هذه الزيادة، وكانت الإمارة في تلك الفترة مقسمة إلى ثلاث دوائر انتخابية هي الكرك، البلقاء وعجلون، وتضم تلك الدوائر كافة المناطق والالوية الأخرى فيها، وبالمقابل لم يغب عن ذهن الأردنيين في هذه الفترة سواء عبر المجلس المنتخب أو من خلال الضغوط الشعبية كما كان هو عليه الحال سابقاً المطالبة بالغاء المعاهدة البريطانية أو تعديلها في أسوء الأحوال من خلال فتح باب المفاوضات مع الحكومة البريطانية، ولكن كما هي العادة لم تصغ بريطانيا لهذه المطالب بل قامت بالتشدد وتضيق الحريات، حيث عمدت إلى تعطيل الصحف الصادرة بالإمارة أو الداخلة إليها من الأقطار المجاورة لما لها من دور فاعل في إثارة الرأي العام.
ونظراً لمرور البلاد في مواسم قحط فقد أصبحت الحالة سيئة، وزاد التذمر والضغط الشعبي مما حذا بالحكومة البريطانية إلى تخفيف القيود والايعاز للحكومة المشكلة إلى اعفاء المزارعين من من جزء كبير من الضرائب والقروض الزراعية المستحقة عليهم، والقيام بالعديد من المشاريع، وفتح الطرق وقام المجلس المنتخب بالضغط على الحكومة وتعديل العديد من المواد في قانون المطبوعات وبشكل خاص ما يتعلق بإنشاء الصحف.
فصل السلطات
لقد أصبح هناك وعي لدى الأردنيين في مفاهيم الديمقراطية وأهمها الفصل التام بين السلطات الثلاثة وكان ذلك واضحاً في محاولة مجلس النواب إسقاط حكومة عبد الله سراج، إلا أن عدم وجود التجربة الكافية للمجلس جعل الحكومة تكمل مدتها الدستورية عام 1934.
إمارة شرقي الأردن 1934-1942
تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم هاشم في عام 1934، ثم أجريت انتخابات نيابية في نفس العام، وتميز الوضع في تلك الفترة بالهدوء النسبي. إلا أن ما يحدث في فلسطين والخطر الصهيوني طغى على أفكار الناس وعلى الأخص مشروع جوتمبرغ الذي سهل إطلاق يد الصهيونية في الشرق وبشكل خاص في فلسطين.
في أعقاب ذلك طالبت القوى الوطنية الأهالي بعدم بيع أو تأجير أراضيهم دون علم الحكومة، استمر الحال حتى عام 1937 ليتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم هاشم حيث شهدت هذه الفترة زيادة في تعداد سكان الإمارة وهجرة العديد إليها من الدول المجاورة بسبب ظروف الاستعمار في تلك الدول.
أما على الصعيد السياسي فقد تم ترخيص حزب سياسي جديد سُمـي حزب الإخاء الأردني في 1937 واعتبر أول حزب شرق أردني بعد توقف حزب الشعب في 1933 والذي تأسس في عام 1927 برئاسة هاشم خير، وكذلك أحزاب أخرى مثل الحزب المعتدل في 1930، وحزب اللجنة الوطنية للمؤتمر الأردني في 1933، وكذلك حزب الاستقلال والذي كان أغلب اعضاؤه غير أردنيين من الثوار السوريين الذين جاؤا للأردن بعد هزيمة الثورة في سوريا. وعندما نجح الأمير المؤسِّـس عبد الله الأول بن الحسين في إقناع الإنجليز باستثناء شرقي الأردن من وعد بلفور بقي اليهود على قناعتهم بأن شرقي الأردن جزء من أرض إسرائيل المزعومة، فأخذت الوكالة اليهودية التي كانت بمثابة القيادة العامة ليهود العالم تخطط لاختراق شرقي الأردن على أصعدة كثيرة منها شراء الأراضي بواسطة قلة من العملاء والسماسرة، ولكن الصعيد الأهم الذي حاولت الوكالة اليهودية اختراقه كان محاولة اختراق الحياة السياسية وخاصة الأحزاب الأردنية التي كانت ناشطة في تلك المرحلة، وكانت أول محاولة يهودية في هذا المجال محاولة اختراق الحزب الحر المعتدل الذي أعلن عن تأسيسه في 24 يونيو 1930 من خلال تسريب أحد السياسيين الذين كانت تحوم حوله شبهات التعامل مع الوكالة اليهودية ليكون أحد مؤسِّـسي الحزب، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل أمام وعي رجالات الحركة الوطنية الأردنية وخاصة الزعيم الشركسي القبرطاي سعيد المفتي حبجوقة الذي ما أن اكتشف وجود اسم محمد الأنسي بين أسماء المؤسِّـسين حتى بادر في اليوم التالي 25 يونيو إلى الانسحاب من الحزب مُشكـِّكاً بأهداف الحزب ومبدياً خشيته من أن تكون الغاية من تأسيس الحزب محاربة الأحزاب الوطنية بما يخدم أهداف المستعمرين الإنجليز للأردن آنذاك وبما يخدم الأطماع الصهيونية التي كان الوزير الأنسي متهماً بإقامة علاقات مع قيادتها المسمَّاة بالوكالة اليهودية، ولم تلبث أن توالت الانسحابات في نفس اليوم الذي أعلن فيه المفتي انسحابه حيث قدم الشيخ رفيفان المجالي والشيخ هاشم خير والشيخ محمد الحسين العواملة والأستاذ نظمي عبد الهادي استقالاتهم من الحزب الحر المعتدل فانفرط عقد الحزب ولمَّـا يُـكمل اليومين من العمر. ضم حزب الإخاء أهم الزعامات الأردنية في تلك الفترة والتي كان لها أيضاً تجربة نيابية بممارستها للحياة البرلمانية في المجلس سابقاً ومنهم رفيفان المجالي، وماجد العدوان، ومثقال الفايز، واعترف بابن العريض زعيما لولايه صما شمالا وفاز من الحزب في الانتخابات التي عقدت في عام 1937 ثمانية نواب.
شهدت فترة ما بعد عام 1937 توترات داخلية وصدام مع الحكومة المعينة للمطالبة بالمزيد من الحريات العامة ومعارضة الشعب للنفوذ البريطاني وكذلك وهو الأهم كان هناك دعم شعبي حقيقي للثوار في فلسطين، وتطوع العديد للقتال هناك، ونتيجة لهذه الظروف تجاوبت الحكومة في تعديل بعض القوانين ومنها : قانون البلديات، قانون الملكية، الأحوال الشخصية.
على المستوى الدولي
لقد كان دخول امارة شرق الأردن إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية (1945) هو أحد أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة برئاسة إبراهيم هاشم آنذاك، وقامت الحكومة باستخدام قانون الدفاع الصادر في عام 1935 بإعلان الاحكام العرفية واعتبرت ألمانيا وإيطاليا دول معادية، وتم تمديد عمر المجلس المنتخب خمس سنوات أخرى اضافية بمقتضى قانون خاص وقد تجاوبت القوى الوطنية مع وقوف الإمارة في الحرب مع بريطانيا أملاً بان يحتسب هذا الموقف لدى البريطانيين للحصول على الاستقلال التام بعد انتهاء الحرب.
امارة شرق الأردن 1942-1947
تم تشكيل حكومة جديدة عام 1942 برئاسة توفيق أبوالهدى وتم تعديل قانون الانتخاب لتصبح الإمارة أربعة دوائر انتخابية هي (الكرك، البلقاء، معان، اربد)
أهم الأحداث التي واكبت تلك الفترة
على الصعيد الداخلي :-
العمل على رفع مستوى التعليم من خلال زيادة المخصصات المالية للمعارف، وفتح المدارس في أغلب مناطق الإمارة.
دعم القطاع الزراعي وتخفيف أعباء القروض الزراعية.
على الصعيد الخارجي :
استمر وقوف الإمارة إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية على امل حصول الإمارة على الاستقلال من وراء ذلك وقد كان هناك وعود بريطانية سابقه تعد الأردن بالاستقلال بعد انتهاء الحرب.
تأييد الوحدة الشاملة مع الأقطار العربية :- وقد ترافق ذلك مع المفاوضات العربية التي بدأت من أجل إنشاء الجامعة العربية والتي انتهت بتصديق الأردن على ميثاق جامعة الدول العربية بتاريخ 22 اذار 1945 وكان ذلك في عهد رئيس الوزراء آنذاك سمير الرفاعي.
النتائـج
بناءً على موقف الإمارة في الحرب العالمية الثانية ونظراً لضغوط القوى الوطنية بالمطالبة بالاستقلال، فقد تم دعوة الأمير عبد الله إلى لندن والدخول في مفوضات انتهت بعقد معاهدة تحالف جديدة بتاريخ 22 اذار 1946 تلغي معاهدة 1928 واعتراف بريطانيا بالإمارة دولة مستقلة كاملة الاستقلال، والأمير عبد الله ملكاً عليها، ورفع مستوى التمثيل بين البلدين إلى مستوى سفارة، وعلى اثر ذلك تم دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد حيث ألغى العمل بالقانون الأساسي لعام 1928 واعلن الأردن مملكة مستقله ذات سياده في عام 1946 وتم تعديل الدستور، الذي أصبح يعرف فيما بعد بـ دستور 1947.