صاحبة السمو
07-16-2019, 10:41 AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد:
فقد تنوعت الفتن وتفنَّنت في التأثير على الناس، وقد يظن القارئ أني سأكتُب عن فتن عظيمة معروفة؛ مثل فتن الشكوك والشُّبهات والشهوات والحروب، والمال والأولاد والنساء، والقنوات ومواقع التواصل وغيرها، لكني الآن لن أكتُب عنها، إذًا عمَّ سأكتُب؟
سأكتب عن فتنٍ البعض لا يهتم بها، والأدهى أنه قد لا يراها فتنه، فما هي؟
قبل ذِكر هذه الفتن لعله يَحسُن ذكر بعض النصوص في التحذير من الفتن، ومنها قوله سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَد مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ)؛ رواه مسلم.
ومن الآية والحديث يتبيَّن لنا خطورة الفتن ووجوب الحذر منها، والاستعاذة بالله منها، خاصة أنها أحيانًا تأتي في ثوب النصح والإشفاق، وهذه في حد ذاته فتنة.
ومن أنواع من الفتن الملتبسة، أنه حينما يشتهر الإنسان - سواء كان داعية، أو كاتبًا في وسائل التواصل، أو إعلاميًّا - فإنه قد يتعرض لفتنٍ؛ منها:
التساهل مع أهل الأهواء والبدع أو مع عامةٍ من الناس يحبون الرُّخَص، ومن مظاهر ذلك تَمييع بعض الأحكام الشرعية، والبحث عن الرخص فيها، وعدم التعرض لما عند هؤلاء من أخطاء، وعدم بيان الحق فيها.
ومن الفتن تَمييع البعض للمسميات والمصطلحات الشرعية بتأثير من العولمة؛ مثل: عدم تسمية الكفار كفارًا كما سمَّاهم الله، وتسمية الزلازل والفيضانات بظواهر طبيعية، وعدم ذكر الأسباب الشرعية للمصائب والفتن؛ مثل: المعاصي والظلم، وعدم الحث على الوسائل الشرعية لعلاجها؛ مثل: التوبة والاستغفار، والدعاء، وسؤال العلماء، والاكتفاء بالأسباب المادية، وغير ذلك كثير جدًّا.
لماذا كل هذا؟ تارة بزعْم الرغبة في التأثير على المخاطبين، بينما هم يظهرون باطلهم ولا يراعون أحدًا، وتارة بزعم الرغبة في عدم تنفيرهم، فأنصح مَن حصل منه ذلك أن يتَّقي الله، وأن يحاسب نفسه، وأن يستغفر الله كثيرًا، وألا يجعل ذلك وسيلة لتحقيق ما يمليه عليه هواه؛ قال سبحانه: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾[الجاثية: 23]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن التمس رضا الله بسخط الناس، رضِي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، سخِط الله عليه وأسخط عليه الناس)؛ رواه ابن حبان في صحيحه.
وأذكِّره بقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وبقوله سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة: 51].
فليكن قويَّ الإيمان بالقدر، وأن هؤلاء لا يملكون له ضرًّا ولا نفعًا دون توفيق الله سبحانه.
حفِظكم الله، وأعاذَكم من الفتن، وصلِّ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحْبه وسلِّم.
فقد تنوعت الفتن وتفنَّنت في التأثير على الناس، وقد يظن القارئ أني سأكتُب عن فتن عظيمة معروفة؛ مثل فتن الشكوك والشُّبهات والشهوات والحروب، والمال والأولاد والنساء، والقنوات ومواقع التواصل وغيرها، لكني الآن لن أكتُب عنها، إذًا عمَّ سأكتُب؟
سأكتب عن فتنٍ البعض لا يهتم بها، والأدهى أنه قد لا يراها فتنه، فما هي؟
قبل ذِكر هذه الفتن لعله يَحسُن ذكر بعض النصوص في التحذير من الفتن، ومنها قوله سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَد مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ)؛ رواه مسلم.
ومن الآية والحديث يتبيَّن لنا خطورة الفتن ووجوب الحذر منها، والاستعاذة بالله منها، خاصة أنها أحيانًا تأتي في ثوب النصح والإشفاق، وهذه في حد ذاته فتنة.
ومن أنواع من الفتن الملتبسة، أنه حينما يشتهر الإنسان - سواء كان داعية، أو كاتبًا في وسائل التواصل، أو إعلاميًّا - فإنه قد يتعرض لفتنٍ؛ منها:
التساهل مع أهل الأهواء والبدع أو مع عامةٍ من الناس يحبون الرُّخَص، ومن مظاهر ذلك تَمييع بعض الأحكام الشرعية، والبحث عن الرخص فيها، وعدم التعرض لما عند هؤلاء من أخطاء، وعدم بيان الحق فيها.
ومن الفتن تَمييع البعض للمسميات والمصطلحات الشرعية بتأثير من العولمة؛ مثل: عدم تسمية الكفار كفارًا كما سمَّاهم الله، وتسمية الزلازل والفيضانات بظواهر طبيعية، وعدم ذكر الأسباب الشرعية للمصائب والفتن؛ مثل: المعاصي والظلم، وعدم الحث على الوسائل الشرعية لعلاجها؛ مثل: التوبة والاستغفار، والدعاء، وسؤال العلماء، والاكتفاء بالأسباب المادية، وغير ذلك كثير جدًّا.
لماذا كل هذا؟ تارة بزعْم الرغبة في التأثير على المخاطبين، بينما هم يظهرون باطلهم ولا يراعون أحدًا، وتارة بزعم الرغبة في عدم تنفيرهم، فأنصح مَن حصل منه ذلك أن يتَّقي الله، وأن يحاسب نفسه، وأن يستغفر الله كثيرًا، وألا يجعل ذلك وسيلة لتحقيق ما يمليه عليه هواه؛ قال سبحانه: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾[الجاثية: 23]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن التمس رضا الله بسخط الناس، رضِي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، سخِط الله عليه وأسخط عليه الناس)؛ رواه ابن حبان في صحيحه.
وأذكِّره بقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وبقوله سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة: 51].
فليكن قويَّ الإيمان بالقدر، وأن هؤلاء لا يملكون له ضرًّا ولا نفعًا دون توفيق الله سبحانه.
حفِظكم الله، وأعاذَكم من الفتن، وصلِّ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحْبه وسلِّم.