شموع الحب
07-01-2019, 09:08 AM
1
هناك مساحة مهمة في حياة الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه وأرضاه، وهو أحد المبشرين بالجنة، هذه المساحة تتعلق بوالده زيد بن عمرو بن نُفَيل، الذي كان يرفض عبادة الأصنام، ويبحث عن التوحيد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر أنه كان مرَّةً في مكَّة المُكّرَّمَة، وكانت قُرَيْش تحْتفلُ بأحد أعْيادِها، فرأى الرِّجال يلبسون العَمائِم السُّنْدُسِيَّة الغالِيَة، ويَخْتالون بالبُرودِ اليمانِيَّة الثمينة، وأبصر النِّساء والوِلْدان وقد لبِسوا زاهي الثِّياب، وبديع الحُلَل، ونظر إلى الأنعام يقودُها الموسِرون بعد أن حلَّوها بأنواع الزِّينة ليذبحوها بين أيدي الأوثان.
وقف زيد بن عمرو بن نفيل ـ والد سيدنا سعيد بن زيد ـ مُسْنداً ظهره إلى جدار الكعبة، وقال: "يا معشر قريش، الشاة خلقها الله عز وجل، وهو الذي أنزل لها المطر من السماء فَرَوِيَت، وأنبت لها العشب من الأرض فشبعت، ثم تذبحونها على غير اسم الله عز وجل، إني أراكم قوما تجهلون.(رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وراجع سيرة ابن هشام جـ1 صـ207).
إنها الفطرة السوية جعلته ينكر على قومه هذه الأفعال، وقد ذكرت المصادر أنه كان مِمَّنْ فَرَّوا إِلَى اللهِ تعالى مِنْ عِبَادَةِ الأصنام، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشام يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى المسيحيين وَاليهود، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إبراهيم"، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ"، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَنَّهُ: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رأَى النَّبِيَّ وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.
وعن سعيد بن بن زيد أنه قال "فَقُلْتُ: يَا رسول الله! إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ، وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ. قَالَ: (نَعَم، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ) (رواه أبو يعلى والبزار والطبراني، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد).
وكان من نتائج وجود مثل هذا الأب المؤمن بشريعة إبراهيم، وهي شريعة التوحيد أن تأثر سعيد بأبيه فأسْلَمَ قَبْلَ دُخُوْلِ النبي دار الأرقم، وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلها إلا بدرا. وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاّه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من تولى إمرة دمشق من هذه الأمة.
إذن فدور الأب هنا محوري في حياة سعيد بن زيد، حين طبع نفسه على الفطرة السوية، وساعده ليسلك طريق الإيمان بالرغم أنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
ولد الصحابي سعيد بن زيد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي، في مكة قبل الهجرة بـ 22 سنة، وقد كان من السابقين إلى الإسلام؛ فقد أسلم قبل أن يدخل النبي دار الأرقم بن أبي الأرقم، حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، فسارع إليه في لهفةٍ وشوق، وكان من أوائل المسلمين.
تزوج الصحابي الجليل سعيد بن زيد من فاطمة بنت الخطاب ـ رضي الله عنهاـ أخت عمر في مكـة، وتزوج عمر عاتكة أخت سعيد. وكان أبوه "زيد بن عمرو بن نفيل" من الأحناف في الجاهلية كما ذكرنا؛ فلم يسجد لغير الله في جاهليته.
وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم سعيدا بالجنة، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ"(رواه أحمد، وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني وغيره).
كان رضي الله عنه له دور بارز في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج عمر بن الخطاب متقلداً سيفه، فلقيه رجل من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا. قال: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ قال عمر: ما أراك إلا وقد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه. فقال له: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك (أي زوج أختك) وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. فمشى عمر حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب. فلما سمع خباب صوت عمر توارى في البيت. فدخل عمر عليهما فقال: ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرؤون (طه). فقالا: ما عدا حديثاً حدثناه بيننا.
قال عمر: لعلكما قد صبوتما؟ فقال له زوج أخته: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عليه عمر فقيده ووطئه وطئاً شديداً. فجاءت أخته تدافع عن زوجها. فنفحها بيده نفحة فأدمي وجهها. فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، وكان عمر يقرأ ويكتب، فقالت له أخته: لا يمسه إلا المطهرون, فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر وتوضأ ثم أخذ الكتاب، وفيه أوائل سورة طه، وتوالت أحداث إسلام عمر رضي الله عنه.(راجع سيرة ابن هشام 1/294، والرحيق المختوم صـ 118).
وعندما توفي عمر بن الخطاب بكاه سعيد بن زيد بشدة، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: لا يبعد الحق وأهله. اليوم يهن أمر الإسلام. وأخرج ابن سعد في طبقاته قال: بكى سعيد بن زيد عند وفاة عمر، فقال له قائل: يا أبا الأعور ما يبتليك؟ فقال: على الإسلام أبكي، وإن موت عمر ثلم ثلمة لا ترق إلى يوم القيامة.
توفي سعيد بن زيد رضي الله عنه بالعقيق، فغسله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه. توفي سعيد سنة إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، ودفن بـالمدينة المنورة.
هناك مساحة مهمة في حياة الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه وأرضاه، وهو أحد المبشرين بالجنة، هذه المساحة تتعلق بوالده زيد بن عمرو بن نُفَيل، الذي كان يرفض عبادة الأصنام، ويبحث عن التوحيد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر أنه كان مرَّةً في مكَّة المُكّرَّمَة، وكانت قُرَيْش تحْتفلُ بأحد أعْيادِها، فرأى الرِّجال يلبسون العَمائِم السُّنْدُسِيَّة الغالِيَة، ويَخْتالون بالبُرودِ اليمانِيَّة الثمينة، وأبصر النِّساء والوِلْدان وقد لبِسوا زاهي الثِّياب، وبديع الحُلَل، ونظر إلى الأنعام يقودُها الموسِرون بعد أن حلَّوها بأنواع الزِّينة ليذبحوها بين أيدي الأوثان.
وقف زيد بن عمرو بن نفيل ـ والد سيدنا سعيد بن زيد ـ مُسْنداً ظهره إلى جدار الكعبة، وقال: "يا معشر قريش، الشاة خلقها الله عز وجل، وهو الذي أنزل لها المطر من السماء فَرَوِيَت، وأنبت لها العشب من الأرض فشبعت، ثم تذبحونها على غير اسم الله عز وجل، إني أراكم قوما تجهلون.(رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وراجع سيرة ابن هشام جـ1 صـ207).
إنها الفطرة السوية جعلته ينكر على قومه هذه الأفعال، وقد ذكرت المصادر أنه كان مِمَّنْ فَرَّوا إِلَى اللهِ تعالى مِنْ عِبَادَةِ الأصنام، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشام يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى المسيحيين وَاليهود، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إبراهيم"، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ"، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَنَّهُ: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رأَى النَّبِيَّ وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.
وعن سعيد بن بن زيد أنه قال "فَقُلْتُ: يَا رسول الله! إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ، وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ. قَالَ: (نَعَم، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ) (رواه أبو يعلى والبزار والطبراني، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد).
وكان من نتائج وجود مثل هذا الأب المؤمن بشريعة إبراهيم، وهي شريعة التوحيد أن تأثر سعيد بأبيه فأسْلَمَ قَبْلَ دُخُوْلِ النبي دار الأرقم، وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلها إلا بدرا. وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاّه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من تولى إمرة دمشق من هذه الأمة.
إذن فدور الأب هنا محوري في حياة سعيد بن زيد، حين طبع نفسه على الفطرة السوية، وساعده ليسلك طريق الإيمان بالرغم أنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
ولد الصحابي سعيد بن زيد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي، في مكة قبل الهجرة بـ 22 سنة، وقد كان من السابقين إلى الإسلام؛ فقد أسلم قبل أن يدخل النبي دار الأرقم بن أبي الأرقم، حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، فسارع إليه في لهفةٍ وشوق، وكان من أوائل المسلمين.
تزوج الصحابي الجليل سعيد بن زيد من فاطمة بنت الخطاب ـ رضي الله عنهاـ أخت عمر في مكـة، وتزوج عمر عاتكة أخت سعيد. وكان أبوه "زيد بن عمرو بن نفيل" من الأحناف في الجاهلية كما ذكرنا؛ فلم يسجد لغير الله في جاهليته.
وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم سعيدا بالجنة، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ"(رواه أحمد، وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني وغيره).
كان رضي الله عنه له دور بارز في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج عمر بن الخطاب متقلداً سيفه، فلقيه رجل من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا. قال: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ قال عمر: ما أراك إلا وقد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه. فقال له: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك (أي زوج أختك) وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. فمشى عمر حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب. فلما سمع خباب صوت عمر توارى في البيت. فدخل عمر عليهما فقال: ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرؤون (طه). فقالا: ما عدا حديثاً حدثناه بيننا.
قال عمر: لعلكما قد صبوتما؟ فقال له زوج أخته: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عليه عمر فقيده ووطئه وطئاً شديداً. فجاءت أخته تدافع عن زوجها. فنفحها بيده نفحة فأدمي وجهها. فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، وكان عمر يقرأ ويكتب، فقالت له أخته: لا يمسه إلا المطهرون, فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر وتوضأ ثم أخذ الكتاب، وفيه أوائل سورة طه، وتوالت أحداث إسلام عمر رضي الله عنه.(راجع سيرة ابن هشام 1/294، والرحيق المختوم صـ 118).
وعندما توفي عمر بن الخطاب بكاه سعيد بن زيد بشدة، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: لا يبعد الحق وأهله. اليوم يهن أمر الإسلام. وأخرج ابن سعد في طبقاته قال: بكى سعيد بن زيد عند وفاة عمر، فقال له قائل: يا أبا الأعور ما يبتليك؟ فقال: على الإسلام أبكي، وإن موت عمر ثلم ثلمة لا ترق إلى يوم القيامة.
توفي سعيد بن زيد رضي الله عنه بالعقيق، فغسله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه. توفي سعيد سنة إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، ودفن بـالمدينة المنورة.