المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نعرف أن الله تعالى يحبنا


صاحبة السمو
01-12-2019, 09:37 AM
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]
نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار التائبين، ونسأله من فضله العظيم، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ يحب سبحانه من يحبه، ويتبع رسله، ويلتزم دينه، ويأخذ بكتابه
ويعتصم بحبله، ويجزيهم أفضل الجزاء يوم القيامة، ويمقت الكفر وأهله، والنفاق وأربابه، ويملي
لهم في دنياهم، ويجزيهم بأسوأ ما عملوا في أخراهم، ولا يظلم ربك أحداً، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله؛ لا خير إلا دلنا عليه، ولا شر إلا حذرنا منه، تركنا على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها
إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأقيموا له دينكم، وأسلموا له وجوهكم، وأخلصوا له
في أعمالكم، فإن المعول عليه القبول لا كثرة العمل، ولا قبول إلا بإخلاص
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
أيها الناس: ما من مؤمن إلا وهو يسعى جهده لنيل محبة الله تعالى، ولو علم مؤمن أن الله تعالى يحبه
لما وسعته الدنيا من فرحه وحبوره، ولهان عليه كل شيء في سبيل هذه المحبة؛ لأنها محبة من ملك
الملوك لعبد مخلوق، وممن بيده سبحانه دنيا العبد وآخرته، ويملك رزقه وأجله وقلبه
فلا عجب أن يسعى المؤمنون لنيلها سعيا شديداً.
وثمة علامات يُستدل بها على محبة الله تعالى للعبد، وأعمال تستجلبها ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها:
فأصل ذلك الإيمان والعمل الصالح؛ فإن الله تعالى يحب الإيمان، ويحب العمل الصالح لأنه من الإيمان.
وكلما كان العبد أقوى إيماناً وأكثر عملاً ازداد محبة عند الله تعالى. وكل ما يذكر من أسباب محبة الله تعالى
للعبد وعلاماتها فهو راجع إلى هذا الأصل العظيم. والناس متفاوتون في إيمانهم:
فمنهم من يحقق أصل الإيمان لكن لا يبلغ كماله بسبب تفريطه في بعض المأمورات
وارتكابه لبعض المنهيات التي لا تزيل أصل الإيمان، ولكنها تنقصه.
ومنهم من يحقق الإيمان الكامل بفعل كل الواجبات، واجتناب المحرمات، وقد يترقى في إيمانه
إلى درجة الإحسان بخشية الله تعالى بالغيب، ومراقبته في السر والعلن. كما أنهم متفاوتون في العمل
الصالح فمنهم السابقون، ومنهم المقتصدون، ومنهم الباخسون الظالمون لأنفسهم. فمن أراد أن يحبه
الله تعالى فليزدد إيمانا إلى إيمانه بكثرة العمل الصالح، واجتناب ما نهاه الله تعالى عنه.
ومن علامات حب الله تعالى للعبد: اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وعمله بسنته، فكلما كان العبد
أحرص على اتباع السنة والعمل بها؛ كان ذلك دليلاً على أن الله تعالى يحبه؛ لقوله تعالى
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمَ ﴾ [آل عمران: 31]
والإمام أحمد ابن حنبل قد أطبقت الأمة على محبته منذ زمنه إلى يومنا هذا؛ لنصره للسنة
ودحضه للبدعة، وابتلائه في هذا السبيل ابتلاء شديداً عجز عن تحمله غيره، والمؤمنون شهداء الله
تعالى في أرضه، فمحبتهم له علامة على محبة الله تعالى له. وقد جاء عنه رحمه الله تعالى أنه
قال«مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ».
ومن علامات حب الله تعالى للعبد: تسديده وتوفيقه للطاعات، وحجبه عن المحرمات، وحجة ذلك
ما جاء في الحديث القدسي قال الله تعالى: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي
بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ
الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي
لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ... الحديث» رواه البخاري.
ومن علامات حب الله تعالى للعبد: أن يكون متجرداً في حبه وبغضه وولائه وبرائه لله تعالى
لا لأجل دنيا يريدها، أو بشر يرضيهم، فيوالي أولياء الله تعالى، ويعادي أعداءه، وحجة ذلك قول الله تعالى
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].
ويبني علاقاته مع المؤمنين على هذه المحبة الخالصة لله تعالى؛ فإن جالسهم جالسهم لله تعالى
وإن زارهم زارهم لله تعالى، ولا يحبهم أو يجالسهم أو يزورهم لما يرجوه من دنياهم، وقد جاء في الحديث القدسي
«قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ» رواه مالك.
ومن علامات حب الله تعالى للعبد: حب المؤمنين له، وبسط القبول له في الأرض، وبرهان ذلك قول الله تعالى
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96] أي: «محبة في قلوب المؤمنين».
وروى أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ:
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ
ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ» رواه الشيخان. وفي رواية لمسلم عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:
«كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ، فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ إِنِّي
أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنَ الْحُبِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ».
ومن علامات حب الله تعالى للعبد: حلول البلاء به، وصبره عليه. والأصل أن المؤمن لا يتمنى البلاء، ولا يتعرض له
ولا يدعو به. بل يسأل الله تعالى العافية كما هو توجيه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا وقع البلاء عليه في نفسه
أو أهله أو ولده أو ماله صبر واحتسب، ولم يترك شيئًا من دينه ليُرفع بلاؤه؛ فذلك الذي يحبه الله تعالى
ففي حديث مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ
فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» رواه أحمد.
فأحباب الله تعالى من أهل الإيمان يبتلون بالسراء وبالضراء، فإذا ابتلوا بالسراء صبروا عن الدنيا
وفتنتها وشكروا الله تعالى، وإن ابتلوا بالضراء صبروا على ضرائهم وحمدوا الله تعالى إذ ابتلاهم.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ووالدينا من أحبابه وأوليائه
وأن يوفقنا لما يرضيه، وأن يجنبنا ما يسخطه، إنه سميع مجيب.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

شموع الحب
01-12-2019, 10:09 AM
ربى يعافيك ويسلمك

طرح راقى ومميز

لاخلا ولاعدم

صاحبة السمو
01-12-2019, 10:11 AM
تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

صاحبة السمو
01-12-2019, 10:12 AM
تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

ابو الملكات
01-12-2019, 03:26 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

صاحبة السمو
01-12-2019, 03:37 PM
امين وياك
تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

الخل الوفي
01-12-2019, 04:47 PM
انتقاااء راائع ومميز
الله يسعد قلبك
يعطيك العافية

صاحبة السمو
01-12-2019, 05:26 PM
تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

هيبة مشاعر
01-13-2019, 12:50 AM
قلما يبشر بريآح التميز
في انتظآر جديدك
دمت بود
وتقبل مروري
أرق التحآيآ

aksGin
01-13-2019, 05:04 AM
يسلم لنآ ذوقك غلآآتي مميزة و رائعة ق1

صاحبة السمو
01-13-2019, 02:56 PM
قلما يبشر بريآح التميز
في انتظآر جديدك
دمت بود
وتقبل مروري
أرق التحآيآ

تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

صاحبة السمو
01-13-2019, 02:56 PM
يسلم لنآ ذوقك غلآآتي مميزة و رائعة ق1

تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81:

۩۞۩ رآقـيے بطبعيے ۩۞۩
01-18-2019, 01:50 AM
http://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1415669233_691.gif
سلمُ لناهذُآ الذوُوُق..
الذُي يقطفُ لنا..
وسلم لنا هذا القلم المميز
آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ..
ما ننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
ل روحك الجووري
بانتظار جديدكِ بشوق
https://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/2615.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f339.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f1f0-1f1fc.png

صاحبة السمو
01-18-2019, 10:13 PM
تواجدك الراقي عطر متصفحي فــ أهلا بكـ:81: