أيلُول .
08-10-2018, 01:56 AM
https://libral.org/vb/imagehosting/404945b6adf6779b76.jpg
في أحد الأيام ، كنتُ أتسكع فوق رصيف شارع قديم ، في وسط عاصمةٍ عربية .! ومن بين الزحام شاهدتُ بائع كتب يفترش الأرض ، وقد اتخذ من الرصيف رفوفا لعرض كتبه .! وقفتُ
مطأطئ رأسي أبحث في الرفوف الأرضية ، لعل هنالك ما يثير اهتمامي . التقطتُ كتابا ، جذبتني إليه ، صورة محمود درويش التي تملأ غلافه ، وقد حمل عنوانا : الأعمال الكاملة محمود
درويش .
تصفحته بشكل سريع ، واكتشفتُ أنه عبارة عن ثلاثة مجلدات من الحجم المتوسط . رغم أني أحب قراءة الشعر ولدي الكثير من القراءات في هذا الاتجاه ، إلا أنه لم يخطر على بالي أن أقرأ
يوما أعمال درويش الكاملة ، فجل معرفتي به مقتصرة على بعض القصائد المسموعة ، وبعض من لقاءته المنشورة ، ونتفا من أبياته المتداولة .! لا أعرف السبب الذي كان يأخذني بعيدا عن
قراءة أعمال درويش ، ربما لم يكن ثمة سبب محدد ، بقدر ماهي مسألة وقت فقط . ولكن أيا كان السبب ، فإنني وبعد أن اكتشفتُ في تلك اللحظة أنه فعلا ليس لدي معرفة كافية بهذا الشاعر
العربي الثائر ، الذي رقص بشعره بين التناقضات . حيث كان صاخبا حينا وهامسا حينا آخر . فقد قررتُ شراء أعماله الكاملة ، رغم المبالغة في السعر الذي طلبه مني البائع متذرعا : هذا
محمود درويش .!
نقدتُ البائع قيمة الكتب قطعا ورقية من الحجم الصغير ، طبع عليها صورة قائد تلك الدولة . وبالمقابل ناولني هو قطعا ورقية من الحجم المتوسط ، طبع عليها صورة محمود درويش .!
حملتها فغادرتُ . وفي داخلي شك من عدالة تلك المبادلة ، أقصد مبادلة الورق بالورق ، والصورة بالصورة .! إنما كنتُ أشعر بالرضا ، وسهولة في خطواتي .!
في وقت لاحق ، ولما كنتُ قد انهمكتُ في قراءة الأعمال ، والأوراق بين أصابعي تسفر عن القصائد ، بحيث الدلالات تتدفق منها ؛ خطر في ذهني أنه : ليس من الدقة وصف هذه الأوراق
بالأعمال الكاملة .! وأن ثمة الكثير مما لم يقله أو يكتبه درويش . ولكن بوسعنا القول : هذا ما أحس به محمود درويش .!
لقد ترك لنا محمود درويش نفسه مكتوبة على الورق ،أحاسيسه ، أفكاره ، هواجسه ، وساوسه ، كل ما كان يعتلج داخله ويشكل نفسه وجوهره . وغدا الخميس 9 أغسطس ، الذكرى
العاشرة لرحيل جسده عن هذا الوجود . ومن هنا جاءت ذكرى شراء أعماله ، وقد رغبتُ ذكره ولو في كلمة .
" فليس وراءنا إلا الوراء ! "
محمود درويش
في أحد الأيام ، كنتُ أتسكع فوق رصيف شارع قديم ، في وسط عاصمةٍ عربية .! ومن بين الزحام شاهدتُ بائع كتب يفترش الأرض ، وقد اتخذ من الرصيف رفوفا لعرض كتبه .! وقفتُ
مطأطئ رأسي أبحث في الرفوف الأرضية ، لعل هنالك ما يثير اهتمامي . التقطتُ كتابا ، جذبتني إليه ، صورة محمود درويش التي تملأ غلافه ، وقد حمل عنوانا : الأعمال الكاملة محمود
درويش .
تصفحته بشكل سريع ، واكتشفتُ أنه عبارة عن ثلاثة مجلدات من الحجم المتوسط . رغم أني أحب قراءة الشعر ولدي الكثير من القراءات في هذا الاتجاه ، إلا أنه لم يخطر على بالي أن أقرأ
يوما أعمال درويش الكاملة ، فجل معرفتي به مقتصرة على بعض القصائد المسموعة ، وبعض من لقاءته المنشورة ، ونتفا من أبياته المتداولة .! لا أعرف السبب الذي كان يأخذني بعيدا عن
قراءة أعمال درويش ، ربما لم يكن ثمة سبب محدد ، بقدر ماهي مسألة وقت فقط . ولكن أيا كان السبب ، فإنني وبعد أن اكتشفتُ في تلك اللحظة أنه فعلا ليس لدي معرفة كافية بهذا الشاعر
العربي الثائر ، الذي رقص بشعره بين التناقضات . حيث كان صاخبا حينا وهامسا حينا آخر . فقد قررتُ شراء أعماله الكاملة ، رغم المبالغة في السعر الذي طلبه مني البائع متذرعا : هذا
محمود درويش .!
نقدتُ البائع قيمة الكتب قطعا ورقية من الحجم الصغير ، طبع عليها صورة قائد تلك الدولة . وبالمقابل ناولني هو قطعا ورقية من الحجم المتوسط ، طبع عليها صورة محمود درويش .!
حملتها فغادرتُ . وفي داخلي شك من عدالة تلك المبادلة ، أقصد مبادلة الورق بالورق ، والصورة بالصورة .! إنما كنتُ أشعر بالرضا ، وسهولة في خطواتي .!
في وقت لاحق ، ولما كنتُ قد انهمكتُ في قراءة الأعمال ، والأوراق بين أصابعي تسفر عن القصائد ، بحيث الدلالات تتدفق منها ؛ خطر في ذهني أنه : ليس من الدقة وصف هذه الأوراق
بالأعمال الكاملة .! وأن ثمة الكثير مما لم يقله أو يكتبه درويش . ولكن بوسعنا القول : هذا ما أحس به محمود درويش .!
لقد ترك لنا محمود درويش نفسه مكتوبة على الورق ،أحاسيسه ، أفكاره ، هواجسه ، وساوسه ، كل ما كان يعتلج داخله ويشكل نفسه وجوهره . وغدا الخميس 9 أغسطس ، الذكرى
العاشرة لرحيل جسده عن هذا الوجود . ومن هنا جاءت ذكرى شراء أعماله ، وقد رغبتُ ذكره ولو في كلمة .
" فليس وراءنا إلا الوراء ! "
محمود درويش