ملاك الورد
04-12-2018, 04:10 PM
من كتاب / الفقه السياسي في الإسلام
د. اسامه دويدار
***
يحمل الإسلام دائما رسالة كاملة في كل جوانب الحياة بالتوجيه السليم للناس في كل من العبادات والمعاملات، فأوضحت تكاليف العباد ليستقيموا وحددت نظام تعامل الشعوب فيما بينها البين كالتجارة والحكم والإدارة وغيرها على أسس وقواعد قويمة.
وقد كثرت المصطلحات والنظم شرقاً وغرباً التي سعت لتحمي المجتمعات من الفساد إلا أن الشريعة الإسلامية حملت جوهر الأمر وكل صوره ومظاهره وليس فقط القانون الجنائي بما له من مبادئ وشروط يجب تحققها ليتم تنفيذ الحدود التي تسقط في عدم توفر بيئة صالحة لذلك كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة وكان عام جوع وقحط شديدين حين أسقط حد السرقة لمن سرق لئلا يموت جوعاً.
فمن تربية الأفراد تتكون القاعدة الصحيحة في الأسرة وكذا المجتمع ليسير على نهج واضح لا يطغى بعضه على بعض بل تكون إدارة تكاملية تناسقية تقوم على التعاون على البر والتقوى بالتناصح والاحترام والوفاء بالعهود كما لخصها الحديث الذي رواه مسلم عن عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ).
وبهذا وضع قاعدة أساسية ضخمة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأخلاق الفاضلة من صدق وأمانة وخُلُق وكفاءة وإدارة وشجاعة وإيثار وعطاء وغيرها والتي تعتبر الأوتاد لأي حكم رشيد ميزان المفاضلة فيه هو التقوى وطريقة القرار فيه هي الشورى لاختيار الأفضل فالأفضل بالتراضي.
والشورى نظام يعطي حرية القرار لكل فرد في المجتمع دون تجاوز الحدود الإلهية في أي أمر وخصوصاً في سياسات الحكم إذ تترتب عليها مصير أمة بكاملها، فكان اختيار المرشحين مقدم لمن لهم علم ودين وقدرة وأما القرار يكون عبر مراحل حتى يتم الاجماع الكلي كما حدث ذلك في سقيفة بني ساعدة عندما أجمع كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار على اختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه مشكلين بذلك أول برلمان إسلامي، وبعد ذلك تم عرض الأمر على العامة وبايع أهل المدينة في المسجد النبوي.
وتكرر الأمر بصورة أكثر وضوحاً عند اختيار عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة للمسلمين بالتراضي بعد أن استشار أبي بكر الصديق رضي الله عنه كبار الصحابة حول الأمر لما شعر باقتراب أجله وعرضه على المسلمين بعد ثلاثة أيام من طلبهم بترشيح خليفة لثقتهم به.
وهكذا نجد أن الشورى تحمل المعنى الصحيح للديمقراطية التي تطورت صورها في العهد الإسلامي مع توسع المجتمع بالفتوحات الإسلامية باختيار خليفة من بين ستة (٦) مرشحين وهم: عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين.
ثم تم الاختيار لثلاثة منهم وهم: عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان و علي بن أبي طالب رضي الله عنهم؛ ثم تنازل واحد منهم وهو عبد الرحمن بن عوف وأصبح هو حَكما في اختيار واحد منهما عبر استشارة أهل المدينة نساء وأطفال ورجال فرادى وجماعات دون استثناء ولمدة ٣ أيام.
فكان الاختيار هنا لكبار الصحابة وكان القرار عبر فرز الأصوات وكانت النتيجة لصالح عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن حاز غالبية الأصوات وبايع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالتراضي ولم يعترض أحد على البيعة.
د. اسامه دويدار
***
يحمل الإسلام دائما رسالة كاملة في كل جوانب الحياة بالتوجيه السليم للناس في كل من العبادات والمعاملات، فأوضحت تكاليف العباد ليستقيموا وحددت نظام تعامل الشعوب فيما بينها البين كالتجارة والحكم والإدارة وغيرها على أسس وقواعد قويمة.
وقد كثرت المصطلحات والنظم شرقاً وغرباً التي سعت لتحمي المجتمعات من الفساد إلا أن الشريعة الإسلامية حملت جوهر الأمر وكل صوره ومظاهره وليس فقط القانون الجنائي بما له من مبادئ وشروط يجب تحققها ليتم تنفيذ الحدود التي تسقط في عدم توفر بيئة صالحة لذلك كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة وكان عام جوع وقحط شديدين حين أسقط حد السرقة لمن سرق لئلا يموت جوعاً.
فمن تربية الأفراد تتكون القاعدة الصحيحة في الأسرة وكذا المجتمع ليسير على نهج واضح لا يطغى بعضه على بعض بل تكون إدارة تكاملية تناسقية تقوم على التعاون على البر والتقوى بالتناصح والاحترام والوفاء بالعهود كما لخصها الحديث الذي رواه مسلم عن عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ).
وبهذا وضع قاعدة أساسية ضخمة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأخلاق الفاضلة من صدق وأمانة وخُلُق وكفاءة وإدارة وشجاعة وإيثار وعطاء وغيرها والتي تعتبر الأوتاد لأي حكم رشيد ميزان المفاضلة فيه هو التقوى وطريقة القرار فيه هي الشورى لاختيار الأفضل فالأفضل بالتراضي.
والشورى نظام يعطي حرية القرار لكل فرد في المجتمع دون تجاوز الحدود الإلهية في أي أمر وخصوصاً في سياسات الحكم إذ تترتب عليها مصير أمة بكاملها، فكان اختيار المرشحين مقدم لمن لهم علم ودين وقدرة وأما القرار يكون عبر مراحل حتى يتم الاجماع الكلي كما حدث ذلك في سقيفة بني ساعدة عندما أجمع كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار على اختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه مشكلين بذلك أول برلمان إسلامي، وبعد ذلك تم عرض الأمر على العامة وبايع أهل المدينة في المسجد النبوي.
وتكرر الأمر بصورة أكثر وضوحاً عند اختيار عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة للمسلمين بالتراضي بعد أن استشار أبي بكر الصديق رضي الله عنه كبار الصحابة حول الأمر لما شعر باقتراب أجله وعرضه على المسلمين بعد ثلاثة أيام من طلبهم بترشيح خليفة لثقتهم به.
وهكذا نجد أن الشورى تحمل المعنى الصحيح للديمقراطية التي تطورت صورها في العهد الإسلامي مع توسع المجتمع بالفتوحات الإسلامية باختيار خليفة من بين ستة (٦) مرشحين وهم: عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين.
ثم تم الاختيار لثلاثة منهم وهم: عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان و علي بن أبي طالب رضي الله عنهم؛ ثم تنازل واحد منهم وهو عبد الرحمن بن عوف وأصبح هو حَكما في اختيار واحد منهما عبر استشارة أهل المدينة نساء وأطفال ورجال فرادى وجماعات دون استثناء ولمدة ٣ أيام.
فكان الاختيار هنا لكبار الصحابة وكان القرار عبر فرز الأصوات وكانت النتيجة لصالح عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن حاز غالبية الأصوات وبايع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالتراضي ولم يعترض أحد على البيعة.