المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزقة ثملة


MS HMS
02-23-2018, 01:35 AM
فـي الأَزقـة المهجـورة ، على الأرضية المتحجـرة ،كـان يجلـس يحتسـي قَهـوَةً لا يُميـزُ طعمهـا ، حَـواسَـهُ مُعطلـة ، عينـاهُ مُتعبـة ، وَ قلبـه يشتِـم نفسـه باستمـرار ..،

إنسكـب كـوب القهـوة على قميصـه الأبيـض ، دقق فيه قليلًا ، ثُم أشـاح وجهـهُ عن قميصـة بِمـلل ، نظـر إلـى تِلـك الزاويـة المكتسيـة بِـالدمـاء الجافة ، أغلـق نصـف عينيـه ، لِثـواني قليلـة ، ثُـم إنتفـض مَفـزوعـًا !

أغلـق قميصـه أدخـل يـداه في شَعـره ، ثُـم مشـى وَاضِعـًا يـداه في جيبـه بِبـرود !



♫ ♫ ♫

يخطـو سـريعـًا حتى لا يتـأخـر ، يدخـل الزقـاق ، ثُـم يجلـس مكان ما اعتـاد ، وَ كُـوب القهـوة بيـده ، و عينـاه تحـدق بالزاويـة المتشحـة بالـدمـاء ،


شَعـر بِـأحـدٍ يجلـس بِجـانبـه ، إلتفـت بِبُـرود ، كـان عجـوز رَث ، متسخـة ملابسـه ، و يحمـل بيـده عصـا تُحـارب الزمـن ، قال .،
- لِـم تأتـي إلـى هُنـا دائِمـا يا بُنـي ؟!
أَشـاح بِنظـره و عـاد يُحـدق بالـزاويـة ، نظـر العجـوز إلـى الزاويـة ، ثُـم إلي الشاب - أَتعـرف سَـبب هـذهِ الدِمـاء !؟
بِبحـة طُعِنـتْ أَجـاب - غيمتـي !



♫ ♫ ♫




كَـانَـت مقـتـولـة ، هُنـا بالزاويـة ، جسـدُهـا الصغيـر تَلـون بلـونها المُفضـل ، وَ رَضـاضـة يبـدو أنهـا وَقعـت بِغـرامِ قلبهـا ، فاستقـرت فيـه ، باحثـة عَن بعـض الـدفء ، وَجهُهـا مُـزرق ، وَ شفتـاها تُكسـى بِأزهـار البنفسـج ، و عينـاها ، وَ أوّاه مِن عينـاها ، كـانت غافيـة ، لا تَنبـض فيهـا أَي نُـوتـة !

بِحنيـنٍ مَـلائِكـي - كـانْـت ضائِعـة ، كُنـت أَبحـثُ عنهـا لِأيـام وَ أَيـام ، أَقسمـتُ أَن لا أنـام ، إلـى بِسمـاعِ أُغنيـةٍ مِنهـا ، إشتقتُهـا !


- لِـمَ قُتِلـتْ !؟

سكـت لِـوهلـة ، لِسـرقة بعض الهـواء ، بلـع ريقـهُ بصعـوبة وَ لمعـت عينـاه - لا أَعـرِف !

ارتعـش جسـده بِطريقـة فاجـأت العجـوز ، ربـت العجـوز عَلـى كتفـه ، التفـت الشاب ، مرعـوبـًا يرتجـف - مَـن أَنـتْ ؟ أيـن أنـا ؟!

نهـض بسـرعة ، و ركـض خارِجـًا الزقـاق بهستيـريـة مجنـونـة ، لِكُـتلـة بُـرودٍ مِثلـه !

حـاول العجـوز اللحـاق بِـه ، وَ لـم يستطـع !



♫ ♫ ♫




9 . 2 . 1996

فِـي الدُكـان القـريب العجـوز جالِسـًا ، وبيـده بعـض الأَوراق النقـدية ، يهمُ بِعـدِهـا ، وَ أَسمـر كَمـا أَسمـاه يجلـس قريبـًا مِنـه بِبُـرود ، ينتظـرهُ العجـوز ، أَن يُخـرِجَ حَـرفـًا مِن شفتـاه !

قـال العجـوز مُبتسـمًا - هيـا أَيُهـا الشـاب ، أَخبـرني ، لِـم هربـتَ خائِفـًا بالأمـس !؟
رفـع حاجبـه الأيسـر بِـلامُبالاة - أَنـا ! مَتـى ؟!

أمـال العجـوز رأسـه الكبيـر الأبيـض وَ قـال - أجـل يا بُنـي ، هربـت مفزوعـًا ، ألا تـذكُـر ؟!

ارتجفـت شفتـاه ، وَ مسـد شعـره قائِـلًا بِهـزة - ااه أجـل ، طبعـًا ، طبعـًا !
بلـع ريقـه ، ثُـم وجـه نظـره لِلـزقـاق ، تنهـد العجـوز و إلتـزم الصمـت !



♫ ♫ ♫



10 . 4 . 1998


رَكـض العجـوز إلـى ذلـك المكـان المشـؤوم ، تعثـر وَ وقـع ، وَ صديقـته الخشبيـة ، يبـدو أنهـا هربـت بعيـدًا عنـه ، حاول إسنـاد نفسـه على الجـدار ، إلـى أَن وصـل إلـى الزقـاق ،!

زُقـاق حَمـلَ قِصـة رَوتهـا الدِمـاء ، وَ رعتهـا سَمـاءًا نبيـذيـة ، زَقـاق يحمِـل زَهـر اللـوز ، وَ بعـض القَسـوة ، يعبـقُ بالبـرود وَ الرصـاص ، مُلطـخ بِشتـى أَلـوان الربيـع ، يُغنـي آمـلًًا أَن يتحـرر مِـن مُشـرد إتخـذ مِنـه ملجـئـًا !

كـان مُستلقيـًا بِالـزاوِيـة ، وَ يبـدو أَنـهُ نائِـم ، بيـدهِ سِـلاح يتخـذُ صَـدرهُ مـوطـنًا ، لِبـاسَـهُ الأنيـق عانقتـه ذراتُ الغُبـار ، وَ شَعـرهُ يُـراقِصه جبيـنٌ عريض ، مَـرت فيـه رَصـاصة فاتِنـة !

التهـم العجـوز بعـض الهـواء، تقـدم وَ هُـو يُسنـدُ نفسـه للجـدار المتهـالك على نفسـه ، جلـس أَرضـًا ، تنـاولَ رأسِ أَسمـر وَ قـام بتمـرير يـدهِ على وجهـه ، يبـدو فاقِـدًا يائِسـًا لأي شكـلٍ مِن أَشكال الحيـاة ، تمـالكَ رُوحـهُ ، وَ ذِكـرى أَو شِبـه ذِكـرى تقتحـمُ الذاكِـرة ،



♫ ♫ ♫



- أَتُـدرِكُ كيفَ تكـون وحيـد، أَن يكـونَ أعـز صديـق لَك هُـو الظـلام ؟! أَن تكـون واقِعـا بِعشـقٍ قديـم ، إعتـلاه الغُبـار ، فَاختنـق ، أَتُدرِكُ ذلك يا رَفيق ..،


♫ ♫ ♫



مَسـح عينـاه المُتعبـة ، جعل جثـة جميلـة تستلقـي بشكـل أَفضـل ، لفتـه الحـائِـط المنقـوشْ ، بِـرسـالة ، أَو حَـديث أَبـى الخـروج ، فَتـزيـن لاحقـًا بالدمـاء !

♫ ♫ كـانَت تُريـدني خالِـدًا لا أنتهـي ، أُحلـق بِهـا إلى النجـوم ، أغـزل لهـا بعض القصائِـد المُجعـدة ،
أَرسُمهـا بِقصـب سُكـر ، أوَ أَعـزفهـا بِلحـنٍ مُسَّكِــر!
وَ رُبمـا أَكون جُنـدي يَتَخــذُ مِنهـا بـارودة ، إنتهـت هِيَ ، وَ رُفِعـتْ قِصـة مُنْتَحـِر ! ♫ ♫



♫ ♫ ♫




10 . 12 . 2000

- كـان جـدي يُحـبُ قضـاء الوقت معـه ، مَع أَنـه مُنفصـمُ الشخصيـة ،!
قـال صديقـه وَ هـو يرتشـف كُـوب الشـاي أَمـام الدُكـان الصغيـر - يا للمسكيـن ، أكـان يُعاني من إنفصـام الشخصيـة !؟

قـال حفيد العجـوز هازًا رأسـهُ - أجـل ، قُتلـت زوجتـه بِالـزقـاق المهجـور القريـب ، وَ هُـو إنتحـر بعدهـا بسنتـن تقريبـًا ، بنفـس المكـان ،!

هَـز الآخـر رَأسـهُ بِأسـف ، انفجـر الحفيـدُ الشـاب ضحكـًا ، و إمتلـئ المقهـى بضحكاته ثُـم أَردف ،
-أَتعلـم ما المُضحـك وَ المُـؤسِف ؟!

دَمعـت عينـاه ليضـع نهـايَـةً لِضحكـتهِ المُتـلاشيـة لِـيُضيـف بِحُـزن
- أَن جـدي تُـوفي مُتجمـدًا بِنفـس الزاويـة الشتـاء المـاضي !!؟
منقول

غربة الروح
02-23-2018, 12:03 PM
قصة ذات معنى رائع
يعطيك العافيه ياقلبي
مودتي

رحيق الياسمين
02-23-2018, 07:00 PM
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر القادم بشوق
ودي وتقديري

القيصر
02-23-2018, 07:03 PM
سلمت يداك على الطرح الجميل
ننتظر القادم الافضل
ودي وتقديري

ملاك الورد
02-23-2018, 11:20 PM
يعطيك العافيه علي الطرح الرائع
سلمت أناملك لرقي اختيارك وطرحك
ب إنتظآر جديدك وعذب أطروحآتك...
لك ودي وجنائن وردي ,,
http://www.jreee7.com/vb/images/smilies/27.gif

صاحبة السمو
02-23-2018, 11:52 PM
الله يعافيك على ماقدمت
لقلبك السعادة

كبرياء أنثى
02-25-2018, 12:03 AM
انتقاء اكثر من رائع
يعطيك العافيه .. ويسلمو الأيادي
نترقب انتقائك المميز القادم
لروحك السعاده

طلال العمر
02-25-2018, 09:50 PM
طرح رائـع
يعطيك آلف عافيه
وسلمت الأنآمـل المتألقه
على روعة موضوعك الراقي
بإنتظار روائعك القادمه بشوق

لـروحــك الجوري

ضوء القمر
02-25-2018, 11:28 PM
*,


سلمت الآكف ومَاجلبت
إبداع دآئم وتميز مُستمر
لا عدمنَاك /
:137:

شموع الحب
02-28-2018, 10:35 PM
يعطيك العافيه ع الطرح الجميل
ودي وخالص تقديري لك

a7ases
03-02-2018, 12:05 AM
سلمت يدآك..على جميل طرحك وحسن ذآئقتك
يعطيك ربي ألف عافيه..
بإنتظار جديدك بكل شوق.
لك مني جزيل الشكر والتقدير لاعدمناك...

أميرة الورد
03-10-2018, 04:16 AM
يعطيك العافية على مجهودك
تسلم ايدك
تقديري وتحيتي لسموك